من قارة إلى قارة... نضال المرأة قديماً وحديثاً (6)
في الهند التي يعتبر فيها الاغتصاب قضية تشغل الرأي العام، فإن قصة المرأة المتمردة ديفي فولان المعروفة بـ "ملكة المتمردين" والتي تحولت حياتها وقصص الانتقام إلى أسطورة شعبية، تختصر نمط حياة الهند القائم على التمرد والانتفاضة
الهند: من ملكة المتمردين إلى التنظيم الوردي
مركز الأخبارـ . أجبرت فولان على الزواج وهي في عمر الحادية عشرة، ثم تعرضت للاغتصاب، مما اضطرها للجوء إلى الجبال، وانتقمت من مغتصبيها، تعرضت للاعتقال وأمضت 11 عاماً في السجن، ومن ثم انتخبت إلى عضوية البرلمان، وفي النهاية قتلت في عملية اغتيال. في هذا البلد تحولت حوادث القتل والاغتصاب إلى نمط للحياة، يضاف إليها العنف الذي تتعرض له النساء من عمر العشرة أشهر وحتى عمر 65 عاماً. فيما النساء تسلكن نهج ودرب ديفي فولان في مناهضة النظام الذكوري، تمتشقن السلاح وتناضلن تحت راية تنظيم "غولابي" أو التنظيم الوردي.
في الهند التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 1.2 مليار نسمة وهي ثاني أكبر دولة بعد الصين من حيث عدد السكان، تتعرض امرأة واحدة على الأقل للاغتصاب والتحرش كل 15 ساعة. وتكافح النساء الهنديات بشكل متواصل ضد خطر الاغتصاب والخوف من القتل. وتتعرض النساء للتحرش والاغتصاب في الشوارع وأزقة القرى، وفي حافلات النقل، في المدارس وأثناء العودة إلى منازلهن وفي كل مكان تذهبن إليه، ولا تتمكن من حماية أنفسهن من الاغتصاب. ويشير نشطاء حقوق المرأة الهنود إلى هذه الحالة المتردية، ويؤكدون إن القوانين المتشددة والصارمة لن تكون مفيدة طالما لم يتم القضاء على الذهنية التي تعتبر المرأة ناقصة وأدنى مستوى، ويطالبون بالعمل بداية على تغيير هذا النمط من التفكير. حادثة طالبة كلية الطب التي تعرضت لاغتصاب جماعي في الحافلة ومن ثم فقدت حياتها جراء جروحها أثارت سخطاً اجتماعياً كبيراً ولفتت أنظار الرأي العام إلى ظاهرة الاغتصاب والجرائم الجنسية الأخرى.
المرأة في نضال متواصل
يشير الرصد العام وكذلك الإحصائيات إضافة إلى حوادث الاغتصاب المتكررة بشكل دائم، تشير بشكل واضح إلى أن المجتمع الذكوري في الهند ينطوي على نسبة كبيرة من التمييز والعنف ضد النساء. وتتضافر جملة عوامل لتساهم في استمرار ظاهرة الاغتصاب في الهند، الحالة الدونية للنساء، التمييز الاجتماعي الجنسي، النظام الذكوري والأبوي، ضعف الإجراءات القانونية والحقوقية، جملة العادات والتقاليد والطقوس المحلية مثل "ستي" (وهو طقس ديني عند بعض الهندوسيين، تقوم فيه المتوفى زوجها طوعًا أو كرهًا بحرق نفسها مع جثة زوجها المتوفي. و"كوريمار" والتي تعني قتل الأجنة الإناث. وطقس "دووده بتي) والذي يفرض قتل الأجنة الإناث بغمرهن بالحليب. وبحسب ازدياد ظاهرة التحرش والاغتصاب في هذا البلد، تسعى النساء إلى تأسيس الجمعيات والانضمام إلى منظمات حماية المرأة.
حالات اغتصاب تم نسيانها
لا يكاد يمر يوم دون أن تكتب الصحف الهندية عن حادثة تحرش ضد الفتيات أو النساء. تعرضت رضيعة تبلغ من العمر عشرة أشهر للاغتصاب من قبل جارها، كما تعرضت طفلة تبلغ من العمر 18 شهراً للاغتصاب ورميت في شوارع كالكوتا، وفي مركز الشرطة في مدينة أوترار براديش قتلت طفلة تبلغ من العمر 14 عاماً بعد أن تعرضت للاغتصاب، وفي مدينة هوفرا تعرضت امرأة للاغتصاب الجماعي بمساعدة زوجها، وفي مدينة هاراكبور تعرضت امرأة تبلغ من العمر 65 عاماً للاغتصاب. جميع هذه الحوادث البالغة الوحشية تصبح خلال فترة قصيرة في طي النسيان سوى في ذاكرة الضحايا وعدد قليل من الأقرباء المحيطين بهن.
لجان القرى: لتقييم أوضاع النساء!
في أرياف الهند توجد لجان باسم لجان القرى، وتصدر هذه اللجان غالباً أوامر القتل بحق النساء والرجال المتزوجين بحجة الخروج عن العادات والتقاليد. في إحدى قرى منطقة بنغال الغربية في الهند، أقدم 13 شخصاً على اغتصاب امرأة بشكل جماعي بناء على قرار من لجنة القرية، بتهمة التواصل مع شخص ينتمي إلى مجموعة اجتماعية أخرى. وبحسب المعلومات التي أوردتها الشرطة فإن المرأة البالغة من العمر 20 عاماً من قرية سولبابور 240 كم غربي مدينة كالكوتا عاصمة ولاية بنغال الغربية، شوهدت وهي على علاقة مع شخص ينتمي إلى مجموعة اجتماعية أخرى، دعا عمدة القرية على إثرها إلى اجتماع عاجل في لجنة القرية، حيث تم استدعاء المرأة الشابة وصديقها
وأقدم أهالي القرية على ربط كل من الفتاة وصديقها بشجرة ووجهت لهم تهمة "العلاقة الجنسية" وحكم عليهما بدفع مبلغ 25 روبية كغرامة. وبحسب الشرطة أيضاً فإن عائلة الفتاة التي كانت حاضرة في الاجتماع قالت إنها لا تملك مبلغ المال. مما دعا عمدة القرية إلى إصدار قرار بالعقوبة، ونصت العقوبة أن يقدم أهالي القرية باغتصاب الفتاة. وبحسب إفادات ذوي الفتاة فإن لجنة القرية أصدرت تعميماً بحق الفتاة ينص على "إن عائلة الفتاة لا تستطيع دفع مبلغ المال، لذلك اذهبوا واستمتعوا".
لجان القرى التي تضم غالباً المسنين تسيطر بشكل كبير على الحياة الاجتماعية في مناطق جنوب الهند وبشكل خاص على المناطق الريفية. في إحدى قرى منطقة بيربهوم أجبر مجلس القرية ثلاثة نساء على السير عارياً في الشارع أمام الناس بسبب علاقتهم مع أشخاص ينتمون إلى عشيرة أخرى.
حوادث الاغتصاب تبدأ من مؤسسات الدولة
في ولاية كشمير الخاضعة لسلطة الهند وتشهد علاقات متوترة مع الإقليم الجنوبي الشرقي، يتم الحديث عن إجراءات عقابية جماعية ترتكبها قوات الأمن بحق الأهالي حيث يستخدم الاغتصاب كسلاح ضدهم. وفي شهر أيار عام 2009 شهدت ولاية كشمير فعليات احتجاج وإضرابات عن الطعام استمرت 47 يوماً بعد ورود أنباء عن تعرض نساء للاغتصاب في مدينة شوبياني.
سوني سوري وهي امرأة من جاتيزكار، تعرضت للاعتقال عام 2011 بتهمة العمل كمرشدة للماويين ولا تزال قيد الاعتقال. وخلال جلسة المحاكمة قالت سوني سوري أمام المحكمة العليا أنها تعرضت للاغتصاب كما وضعوا الحجارة في عضوها التناسلي. في هذه الأثناء لا يزال الآلاف من ضحايا الاغتصاب ينتظرون منذ سنوات تحقيق العدالة. وتتعمد المحاكم بإصدار عقوبات مخففة ضد مرتكبي جرائم الاغتصاب بحجج مختلفة مثل "كان في حالة سكر"، أو أنه يعيل أسرته، وأحياناً يتم تبرئة المغتصب بحجة أنه من أبناء الطبقة العليا ولا يمكنه اغتصاب امرأة من "طبقة المنبوذين. النظام الاجتماعي في الهند قائم على التمييز الطبقي، مما يشكل شرخاً في النظام القضائي والعدالة، ونظراً للثغرات القانونية فإن الجناة غالباً ما يفلتون من العقاب مما يشكل دعوة لارتكاب جرائم الاغتصاب.
الأجنة الإناث تولدن ميتة
مع تزايد جرائم الاغتصاب ضد النساء وكذلك جرائم القتل، تحول التمييز الجنسي ضد النساء إلى حالة طبيعية في المجتمع. يقول الخبير الاقتصادي الهندي الدكتور آماراتيا سن، إن الإحصاء السكاني في الهند لعام 1986 يشير إلى فقدان 37 مليون امرأة في الهند. وأعلنت الأمم المتحدة عام 2008 أن عدد النساء المفقودات في الهند وصل إلى 62 مليون امرأة. في غالبية دول العالم تتقارب نسبة الذكور مع نسبة الإناث في المجتمع وهي غالباً ما تكون 100 مولود ذكر مقابل 103 أو 106 من الإناث. ولكن في الهند تختلف هذه النسبة كثيراً لتصل إلى 132 بالنسبة للمواليد الذكور، وبمقارنة هذه النسبة مع النسب العالمية نجد أن أكثر من 62 مليون امرأة تمت تصفيتهن أي قتلهن. كما تم قتل حوالي 10 ملايين أجنة إناث خلال السنوات العشرين المنصرمة قبل ولادتهن عبر عمليات الإجهاض.
طقوس "كوريمار" و "دوره بيتي" مجازر بحق النساء
تتعرض النساء في الهند للقتل الممنهج وبغايات معينة وتحت عناوين مختلفة. في شهر كانون الأول من عام 2016 أطلقت ريتا بانرجي حملة تحت شعار "50 مليون امرأة مفقودات". تقول ريتا بانرجي إن تبرير القتل تحول إلى تقليد، تم فرضه وقبوله من قبل المجتمع، حيث تختلط المعتقدات والطقوس الثقافية مع الجريمة. مما يؤدي إلى تحول جرائم القتل ضد المرأة إلى حالة طبيعية في المجتمع. في الهند يتم تفضيل المواليد الذكور على المواليد الإناث، وهذا هو السبب الرئيسي لفقدان وضياع هذا العدد الكبير من الإناث. حيث يعتبر الذكور رمز لاستمرار سلالة العائلة، بينما الإناث تعتبرن ضيوفاً مزعجات تضطر العائلة إلى دفع مهرها. وتنتشر في المجتمع الهندي حكمة قديمة تقول "إن تربية أنثى يشبه سقاية بستان الجيران". لذلك يلجأ العديد من الأشخاص إلى إجهاض الأجنة الإناث. وأطلقت المنظمات النسائية على هذه الظاهرة اسم "جريمة الأجنة". ورغم أن القوانين الهندية حظرت تحديد ومعرفة جنس المولود أثناء فترة الحمل، إلا أن هذا القانون لا يطبق عملياً. ونظراً لارتفاع أسعار عمليات الإجهاض بالنسبة للعوائل الفقيرة فإن هذه العوائل تلجأ إلى قتل المواليد الإناث بعد الولادة. وتسمى عملية قتل ودفن المواليد الإناث في الأرض "كوريمار" بينما تسمى عملية إغراقهن في دلو من الحليب "دووده بيتي".
في الفلسفة الفامينية، جمعية "نساء في محنة"
من المنظمات النسائية المهمة في الهند هي منظمة أو جمعية (Women In Dîstress Unîon) (نساء في محنة)، والتي مقرها العاصمة دلهي. وتمارس منظمة "نساء في محنة" نشاطها على المستوى العالمي والإقليمي، تضم حوالي 1500 منظمة مجتمع مدني من مختلف مناطق الهند. المنظمة التي تأسست عام 1983 تعتمد في فلسفتها على التوجهات النسوية (الفامينية) والأفكار الاجتماعية والديمقراطية. في عام 1990 تبنت الجمعية مصطلح الجنسوية الاجتماعية التي تشمل الجنسين وبدأت بطرحه ونشره. وبناء عليه فإن الجمعية ناضلت على صعيد الجنسوية الاجتماعية وحقوق الإنسان. ومهمة الجمعية الأساسية هي حماية النساء، وتأهيلهن ونيل حقوقهن الأساسية، من خلال مبدأ ومفهوم الجنسوية الاجتماعية، إضافة إلى القضايا الاجتماعية والحقوقية. كما تهتم الجمعية بجولة من القضايا الاجتماعية المهمة مثل العنف الذي يعتبر القضية الأساسية لكل النساء، وكذلك العنف المنزلي، التحرش الجنسي ولاغتصاب، الاعتداءات الجنسية، الزواج المبكر، والاتجار بالبشر، وغيرها من القضايا إضافة إلى القتل بداعي الشرف المترسخ في الثقافة الهندية، وكذلك الحق في تحديد واختيار جنس المولود، وكذلك أعباء مهر الفتيات.
وحدات حماية المرأة: تنظيم غولابي
نساء ترتدين اللباس الوردي وتحملن العصي في أيديهن وتدافعن عن أنفسهن ضد التحرش والاغتصاب، والقتل بداعي الشرف، والعنف والتمييز الجنسي في المجتمع. النساء حملن السلاح وتدافعن عن وجودهن ضد النظام الذكوري، وأحياناً من معاقبة الرجال المغتصبين. وما يجمعهن هو تنظيم كولابي (الوردي) الذي يجمعهن للدفاع عن أنفسهن. تأسست منظمة كولابي عام 2006 من قبل سامبات بال ديفي، وهي أم لديها 5 أولاد وكانت تعمل سابقاً كممرضة وأجبرت على الزواج في سن مبكرة. وتتواصل النساء الأعضاء في منظمة كولابي مع الرجال الذين يعنفون زوجاتهم، ويحذرونهم ويطلبون منهم الكف عن العنف تحت طائلة المعاقبة بالضرب بالعصي. كما تناضل النساء أيضاً ضد تزويج الفتيات في سن مبكرة وأيضاً ضد المهر. كما تنظمن دورات توعوية ودورات محو أمية وتعلم القراءة والكتابة للنساء. ويتعامل الإعلام الهندي بإيجابية مع هذه المجموعة، وفي عام 2008 بلغ عدد المنتسبات إلى المجموعة 20 ألف امرأة، كما يوجد لها ممثلية في العاصمة الفرنسية باريس. منظمة غولابي التي ترتدي أعضاءها الساري الهندي باللون الوردي وقفن حتى الآن بعيداً عن الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وتقول مؤسسة المجموعة سامبات بال ديفي "إذا أردنا أن نقف إلى جانب هؤلاء فإننا بالمقابل سوف نطلب منهم بعض الأمور، هؤلاء لا يقفون إلى جانبنا. المسؤولين في الدولة وقوات الشرطة غارقة في الجرائم ويعادون الفقراء. لذلك فإننا نضطر إلى تحقيق العدالة بأيدينا، وأحياناً نقوم بفضح الأشخاص المذنبين ونكشف أفعالهم".
في الهند حيث تعتبر الجنسوية محرمة، يعتبر بحسب العديد من الدراسات من أسوأ البلدان بالنسبة للمرأة. وبحسب المعطيات الرسمية، تتعرض امرأة واحد للاغتصاب في الهند كل 18 ساعة. وفي العديد من حوادث الاغتصاب لا يتم القبض على الجناة. في عام 2011 تعرضت 567 امرأة للاغتصاب في مدينة نيودلي، فيما بلغ العدد من مدينة مومباي 218 امرأة. ورغم هذه الإحصائيات الرسمية إلا أن المنظمات النسوية تعتقد أن الأعداد أكبر بكثير.
بالإضافة إلى حوادث الاغتصاب التي تم الإعلان عنها، فإن العديد من النساء تتكتمن على الموضوع بسبب الخوف من العقاب والقتل والعزل عن المجتمع. وبحسب بيانات الشرطة فقد بلغ عدد الجنح التي ارتكبت بحق المرأة 256328 جنحة في عام 2011 من أصل 228329 جنحة.
آلهة الزهور "ملكة المتمردين" فولان ديفي.
ولدت فولان ديفي عام 1963، في قرية على ضفاف نهر يامونا المقدس في ولاية أوتار براديش شمال الهند، وهي ابنة لأسرة فقيرة تعتبر الفتيات عبئاً، وبسبب الفقر لم تتلق تعليمها الرسمي في المدرسة. بمرور الوقت، ظهرت طبيعتها المتمردة في رفضها تنصيب أبناء عمومتها عليها والأحكام الأخلاقية التي أطلقوها عليها، حتى تزوجت في الحادية عشر من عمرها من رجل يكبرها بثلاثة أضعاف عمرها، وكان يعنفها باستمرار ويغتصبها ويضربها بوحشية مفرطة.
هربت فولان ديفي من زوجها عائدة إلى منزل أبويها، لكنها لم تنجح في النجاة، فقد تمت معاقبتها على جريمة لم ترتكبها، عندما اتهمها ابن عمها بالسرقة انتقاماً منها، لتقضي ثلاثة أيام في قسم الشرطة تحت التعنيف الشديد. اضطرت بعد تنفيذ العقوبة للعودة إلى قريتها، وهناك خضعت لسلطة المجتمع عليها حتى وقعت ضحية تحت يد مجموعات من المجرمين المنظمين التابعين لشخصيات من الطبقة العليا، اغتصبوها لأسابيع بالتناوب بينهم وبين العصابات المنافسة.
في عمر الـ 18 أصبحت فولان زعيمة عصابة مسلحة، وفي البداية ذهبت إلى قرية زوجها المغتصب، وقتلته مع 10 أشخاص آخرين. وألقت رسالة تحذير لبقية الرجال من مواجهة مصير مماثل إذا حاولوا الزواج بفتيات صغيرات من قريتها.
وفيما بعد توجهت فولان إلى القرية التي ولدت فيها، وقتلت 22 رجلاً ارتكبوا جرائم كبيرة كما قطعت أعضائهم الذكرية.
فولان التي عرفت بين الناس بلقب "ملكة قطاع الطرق" أو "ملكة المتمردين" قدمت نفسها للسلطة في عام 1983، وقضت عقوبتها مدة 11 عامًا بالسجن في 22 قضية قتل و26 قضية أخرى بين الاختطاف والنهب. وتم تبرير الجرائم التي قامت بها فولان ديفي بأنها كانت تسلب من الأثرياء من أجل الفقراء والمضطهدين، وتقتل كل من ساهم في مزيد من القمع الممارس على الفقراء، حتى تم التبشير بها على أنها مجسدة لروح الإلهة الهندوسية دورغا. كما شبهها الإعلام وقتها بشخصية "روبن هود". وقالت فولان عندما سلمت نفسها "هناك رجال مسنون في هذا البلد يتزوجون من فتيات صغيرات، يجب أن يخافوا، فأنا سأراهم وسوف أعاقبهم".
,رفضت أن تعتبر ضحية‘
حتى قبل اعتقال فولان لم يكن قد نشر لها أية صورة، قاطعة الطريق الهندية أثارت استغراب كل من رآها نظراً لصغر عمرها. وفي السجن تعرفت على الكاتب مالا سن، الذي ألف كتاباً عن حياة فولان تحت عنوان "ملكة قطاع الطرق" والتي تحول عام 1990 إلى فيلم، وذاع صيت فولان في جميع أنحاء العالم. رفضت فولان أن تعتبر ضحية اغتصاب، وكانت ترد على الدوام أن إظهار النساء كأنهن ضحايا ومغدورين، يشجع الرجال على اعتبار المرأة ملكية خاصة بهم كما يرون أن حقهم ممارسة الاغتصاب. لقد عانت فولان خلال حياتها سواء من الناحية المعنوية أو الجسدية، تعرضت للتحرش والاغتصاب، لكنها أمضت عمرها في الانتقام لهذا الوضع، فإنها لم تقبل يوماً أن تعتبر "ضحية".
’يجب أن يكون هناك أيادي "قاطعة طريق" مثل يدي‘
في عام 1994 تم تبرئة فولان من عدد من التهم الموجهة إليها، وخرجت من السجن، وانضمت إلى حزب سماجوادي ورشحت لعضوية البرلمان. قضت فولان ديفي 11 عاماً من عمرها في السجن، وكانت أول امرأة من الطبقة المنبوذة ترشح لعضوية البرلمان، رغم كونها امرأة أمية ولا تجيد القراءة والكتابة. كان لها العديد من الأقوال المأثورة التي تختصر تاريخ حياتها، حيث كانت تقول "عندما ولدت كانت قيمتي أدنى من قيمة كلب، أما الآن فأنا ملكة. كان من المفروض أن أموت منذ زمن طويل، لكنني لا زلت حية. يجب ألا يتعرض غيري لما تعرضت له، لتكن معاناتي بمثابة يد طويلة تمتد لمساعدة الفقراء والمضطهدين على سطح المعمورة" في عام 2001 قتلت فولان ديفي من قبل ثلاثة رجال ملثمين أطلقوا عليها النار أمام بيتها وهي تبلغ من العمر 38 عاماً.