في الثورة الكوبية... روح النساء الطليعيات (5)

ولدت المقاتلة الثورية هايدي تامارا بونك بيدر والتي كانت تعرف أيضاً باسم تانيا، في الأرجنتين، وعاشت في جمهورية ألمانيا الديمقراطية. انتقلت إلى كوبا من أجل تأسيس حياة جديدة، وسارت خلف أحلامها حتى وصلت إلى جبال بوليفيا

من على ذرى جبال بوليفيا قصة المقاتلة تانيا

 
مركز الأخبارـ
هايدي تامارا بونك بيدر التي تعرف باسم تانيا، ولدت في الأرجنتين عام 1937، وبعد انهيار النظام النازي تعود مع عائلتها مرة أخرى إلى جمهورية ألمانيا الديمقراطية، وبمساعدة والديها ناضلت مع الشيوعيين. وعندما بلغت الـ 18 من عمرها أصبحت عضوة في الحزب الشيوعي الاشتراكي الألماني الموحد.
 
المقاتلة تانيا
أثناء قيام تشي غيفارا بجولة مع وحدته إلى جمهورية ألمانيا الديمقراطية، تتعرف عليه هايدي تامارا بونك بيدر وتنضم إلى وحدته المقاتلة. وأثناء وجودها ضمن الوحدة المقاتلة تتخذ لنفسها اسم تانيا كاسم حركي، تيمناً بالثورية تانيا. وتانيا هو الاسم الحركي للثورية السوفيتية زويا كوسموديميانسكايا، والتي أعدت مانيفستو المقاومة أثناء الاستعمار النازي، واعتقلت في عام 1971 على يد الفاشيين وتعرضت للتعذيب الشديد. 
عملت تانيا في وزارة التربية الكوبية، وفي معهد صداقة الشعب الكوبي وكذلك في اتحاد النساء الكوبيات. وأنجزت أعمالاً مهمة أثناء نضالها في صفوف اتحاد النساء الكوبيات، وأدت كافة المهام الموكلة إليها بنجاح.
نظراً للتعليم الذي تلقته تانيا خلال حياتها، وكذلك اطلاعها على الثقافات المختلفة التي كانت عاملاً مهماً في نجاحها أثناء نضالها على مختلف الأصعدة. ونظراً لطبيعة النضال السري فقد عرفت تانيا بالعديد من الأسماء المستعارة. ففي كوبا عرفت باسم تامارا بونكي، وفي أوروبا عرفت باسم هايدي بيدل كونزاليس، وفي برلين عرفت باسم مارتا إريارتي، أما في بوليفيا فقد عرفت باسم لورا غوتيريس باور.
 
نضالها في بوليفيا
في عام 1994 وبهدف تعزيز نضال جبهة المقاتلين، تتواصل مع الطبقة الحاكمة ومع ممثلي الجيش البوليفي، ونظراً لنضالها الناجح يتم قبولها كعضوة في الحزب الشيوعي الكوبي في عام 1966. وخلال عملها بين صفوف المقاتلين، تتولى مهمة التوجيه السياسي وكذلك التدريب على التمركز وإنشاء التحصينات للمقاتلين الجدد.
وفيما بعد كُلفت تانيا بمهمة خاصة ستكون فيما بعد سبباً في انطلاق شرارة ثورة أمريكا اللاتينية، كانت سعيدة بهذه المهمة، ولم تنتظر إكمال الفترة المخصصة للتدريب والإعداد للمهمة، بل أكملت جميع التدريبات والتحضيرات خلال فترة قصيرة. وناضلت لوحدها في بوليفيا، وكانت بوليفيا وقتها تعاني الكثير من المشاكل مثلها مثل جميع الدول الرأسمالية.
بتاريخ 31 آب/أغسطس من عام 1967 وبناء على إخبارية من مجموعة من القرويين المحليين، تقع مجموعة تانيا في كمين للجيش البوليفي، حيث قتل جميع أفراد المجموعة عند ضفة نهر ريو غراندي في فادو ديل يسو. 
كانت تانيا تبلغ وقتها 29 عاماً، أثناء الكمين تقترب من النهر وتدخل في مياه النهر، إلا أن أحد الجنود يراها ويطلق عليها النار ويصيب رئتها. أحد أصدقائها وهو طبيب من البيرو يلحق بتانيا ويدخل النهر، وعندما يرى إنها أصيبت يحاول انقاذها، فيسحبها من النهر ويوصلها إلى مكان آمن، لكنها كانت قد فقدت حياتها. وبعد 7 أيام، أي في السادس من شهر أيلول/سبتمبر عام 1967، وخلال عملية تمشيط عسكرية للجيش البوليفي يتم العثور على جثمان تانيا إلى جانب حقيبتها، وفي اليوم التالي تم إرسالها إلى باندو آلاي، ليتم دفنها في مسقط رأسها.
تانيا أصبحت مثالاً للمرأة المناضلة والثورية التي يحتذى بها لدى جميع نساء العالم. في أمريكا اللاتينية حيث يتم التعامل مع المرأة وفق الأطر والمواقف الاقطاعية، تمكنت تانيا من تجاوز تلك الأطر وفتحت آفاقاً واسعة أمام النساء. لقد ضحت بحياتها بشكل بطولي من أجل حرية أمريكا اللاتينية.
لقد كتبت في إحدى قصائدها هذه الأبيات: "يا ترى هل حان وقت رحيلي، كأزهار الاستراحة؟ /لن يبقى شيء مني على وجه البسيطة/ هل يا ترى سيأتي يوم ويصبح اسمي منسياً؟".
والدتها ناديا بونكي التي انتظرتها 31 عاماً تقول: "كنت أعلم أنني سوف أدفن تانيا يوماً ما". وعندما سألت عن المكان الذي ترغب أن تدفن فيه ابنتها، تشير إلى كوبا وتقول لتدفن إلى جانب تشي غيفارا ورفاقها. وعندما سألت عن العلم الذي ترغب أن يلف بها جثمان ابنتها، تقول ناديا بونكي: "ليكن العلم الكوبي، حيث ضحت بحياتها من أجل كوبا وحاربت في سبيلها بصفتها عضوة في الحزب الشيوعي الكوبي". وقد انضم القائد العام للجيش الكوبي راؤول كاسترو إلى مراسم دفن جثمان تانيا و9 من رفاقها الذين فقدوا حياتهم في بوليفيا.
 
غداً: من رائدات الثورة الكوبية فيلما أسبين