المرأة العراقية... بصمة وتأثير في مختلف الحضارات والأزمنة (12)
تحديات كبيرة تواجه النساء منها ما هو مرتبط بالمجتمع ومنها ما هو مرتبط بأوضاع البلاد الاقتصادية أو الأمنية، فالحروب التي تشنها الدول الرأسمالية على الأنظمة القوموية تكون النساء ضحية لها
انتهاكات لحقوق الإنسان... المرأة ضحية الحروب والعادات
مركز الأخبار ـ وكذلك الحروب الإرهابية. فما بين سندان العادات والتقاليد ومطرقة الحروب والعقوبات عانت نساء العراق لكنهن ما زلن يكافحن لتغيير الواقع.
في العراق تعاني النساء من ممارسات عديدة. موروثات شعبية كالختان والعنف الأسري وتزويج القاصرات والحرمان من الميراث وحتى الحريات الشخصية مستهدفة. النساء عانين من الحصار، ومن الحرب وتداعياتها، فقبل الغزو الأمريكي تعرضت البلاد لعقوبات اقتصادية كانت المرأة والأطفال من أبرز ضحاياها، فالنساء اللواتي تحملن مسؤولية إعالة أسرهن بعد فقدانهن لأزواجهن لم يكن لديهن مصدر دخل ثابت، وتعاني قرابة 3 مليون أرملة من الفقر والعوز بحسب المفوضية العليا لحقوق الإنسان العراقية. كما أشارت وزارة شؤون المرأة في عام 2016 إلى أن هناك حوالي 300 ألف أرملة في بغداد وحدها وتشكل الأرامل نسبة 35 بالمئة من عدد سكان العراق.
منذ الثمانينات وحتى الحصار الذي بدأ عام 1990 شكلت المرأة 40 بالمئة من موظفي القطاع العام أي أنهن مستقلات اقتصادياً، كما عرفت نساء العراق بأنهن الأكثر ثقافة بين نساء الشرق الأوسط، لكن عزل البلاد عن المحيط الخارجي أدى لارتفاع نسبة البطالة بين النساء، وانتشرت الأمية بين مختلف فئات المجتمع والذي بلغ ذروته عام 1994.
في عام 2020 احتل العراق مراكز متأخرة في تقرير البنك الدولي الذي يقيس أوضاع المرأة في مجال العمل والقانون حيث وقع في المركز 179 من أصل 190.
العنف الأسري
العنف الأسري من أكثر أشكال العنف الممارسة ضد المرأة، بل لعله المظلة التي تستظل بها مختلف أشكال العنف الموجه ضد المرأة بمختلف أشكاله من التعنيف الجسدي والختان إلى التعنيف النفسي وحتى القتل.
إقليم كردستان ورغم أنه من المناطق الأكثر تطوراً فيما يخص مجال حقوق الإنسان والمرأة خاصة بعد تشريع قانون العنف الأسري عام 2011 تعاني فيه النساء من التعنيف الأسري.
أما في مناطق العراق الخاضعة لسيطرة الحكومة الاتحادية فلا يوجد قانون يجرم العنف الأسري. القانون الخاص بمكافحة هذه الظاهرة جاهز وتم عرضه على البرلمان عدة مرات لكن وبحسب نشطاء في المجتمع المدني فإن بعض المرجعيات تعارضه بدعوى أنه يخالف الدين وتقاليد المجتمع، والكتل السياسية شريكة في المماطلة بتبني القانون المدرج على جدول أعمال مجلس النواب منذ عام 2015.
وترتفع نسب التعنيف الأسري وربما لا تسلم فتاة منه ولكن تختلف النسب، بعض المعنفات يقدمن على الانتحار. وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ومديرية مكافحة العنف ضد المرأة كشفتا أن 333 امرأة حاولت الانتحار جراء تعرضهن للتعنيف من قبل أسرهن في عام 2008، أما في عام 2006 كشفت دراسة لـ "مسح الأسرة العراقية" أن خُمس نساء العراق يتعرضن للعنف الجسدي، وفي عام 2012 وجدت دراسة لوزارة التخطيط أن 36 بالمئة من النساء المتزوجات يتعرضن للعنف من قبل أزواجهن بمختلف أشكاله سواء كان بشكل إساءة لفظية أو جسدية وكذلك العنف الجنسي.
في نيسان/أبريل 2020 انتشرت قصة ملاك محمد الزبيدي في النجف وكانت قد أحرقت نفسها بعد ضرب الزوج لها دون رحمة، وتوفيت بعد أيام من الحادثة، وأحيلت القضية إلى السلطات، لكن الزوج حصل على البراءة بعد حل القضية عشائرياً وأغلق ملف القضية.
يجرم القانون العراقي الاعتداء الجسدي لكنه لا يذكر العنف الأسري صراحة، إضافة لكون المادة 41 تعطي الزوج حق "تأديب" الزوجة والأولاد، وهو ما يعارض نص القانون الذي يمنع "كل أشكال العنف والتعسف في الأسرة".
في العامين الأخيرين لم تفلح جهود البرلمان العراقي لتمرير مشروع قانون مناهض للعنف الأسري بسبب اعتراض بعض النواب معتبرين أنه شأن أسري ولا دخل للدولة به، وحتى هذا المشروع يواجه مشكلة حيث أنه يعطي الأولوية للمصالحة وهو ما يكرس العنف في المجتمع.
يشمل العنف الأسري تزويج الفتيات بسن صغيرة، فثلث المتزوجات في العراق قاصرات، وتشهد مخيمات النزوح نسب كبيرة في تزوج الفتيات دون سن الخامسة عشرة حتى، وتجد الفتيات وعائلاتهن في الزواج فرصة للخلاص من المسؤوليات المادية والمجتمعية في ظل النزوح.
يشير ناشطون وناشطات في مجال حقوق النساء والأطفال إلى أن أعداد النساء ضحايا الزواج المبكر تقدر بعشرات الآلاف في مختلف مناطق العراق وخاصة في المخيمات.
ولم تكن الأرقام قليلة قبل سيطرة داعش حيث أنها وصلت لـ 5.4 بالمئة في عام 2011 بحسب الجهاز المركزي للإحصاء هؤلاء الفتيات لم يكن يبلغن 15 عاماً. في عام 2013 كشفت وزارة التخطيط أن 11 بالمئة من حالات الزواج هي لقاصرات، هذا ما عدا عقود الزواج خارج المحكمة.
يساهم قانون الأحوال الشخصية في ارتفاع نسبة زواج القاصرات، والقانون رقم 188 ينص على بلوغ المتزوجين 18 عاماً لكنه يسمح بتزويج من هم دون ذلك بشروط، وتشير المادة 8 من القانون على أنه "إذا طلب من أكمل الخامسة عشرة من العمر الزواج فللقاضي أن يأذن بذلك".
جرائم الشرف الشكل الأكثر قسوة
قتل النساء تحت مسمى الشرف تقليد منتشر في المجتمع العراقي، تموت عشرات النساء في كل عام مع العلم أن أكثر هذه الجرائم لا تصل إلى الإعلام.
هذه الممارسة مدعومة بالقوانين فباستطاعة القاتل التملص من العقوبة كونه يدافع عن شرف العائلة والذي هو بمفهومهم مختزل بجسد المرأة، فالمادة 409 من قانون العقوبات تنص على عقوبة لا تزيد عن ثلاث سنوات للقاتل.
يتمتع القتلة بالحماية الكافية من العادات والتقاليد والتطرف الديني كذلك، ونسب الجرائم مرتفعة بشكل كبير في إقليم كردستان، وصل عددها لأكثر من 350 جريمة خلال النصف الأول فقط من عام 2007.
ومن الجرائم التي أثارت الرأي العام قتل "دنيا" ذات الـ 14 ربيعاً على يد زوجها الذي يكبرها بثمانية وثلاثين عاماً، فالمجرم لم يكتفي بالقتل بل سحل جثتها بسيارته وألقى بها في أحد الشوارع. كذلك دعاء الفتاة الإيزيدية والتي تبلغ من العمر 17 ربيعاً من بين الضحايا اللواتي قتلن بطريقة بشعة، حيث رجمت بالحجارة حتى الموت.
في المناطق الريفية تزداد حالات القتل، أما قوانين مكافحة العنف والتي تجرم أي شكل من أشكال العنف ضد المرأة تقف عاجزة أمام ذلك، فلم تستطع إنهاء هذه الممارسة. على مدى سنوات تقتل آلاف الفتيات ويحصل القاتل على أعذار مخففة، وأحياناً كثيرة يتم إلصاق الجريمة بطفل قاصر وبذلك يتملص الكبار من فعلتهم.
جنوبي العراق وتحديداً في محافظة ذي قار تدفن ضحايا جرائم الشرف، وتشهد المنطقة التي تحوي تلال أثرية عديدة على ممارسة لا إنسانية بحق هؤلاء النساء، حيث يقوم القتلة وبشكل سري بالتخلص من الجثث معتبرين أنه ليس من حقهن أن يُدفنَ في المقابر.
ويُطلق أهالي المنطقة عليها اسم "إيشانات غسل العار" أو "تلال المخطئات"، من بين النساء اللواتي تم دفنهن هناك وقد أصبحت جريمة قتلهن قضية رأي عام شقيقتين قتلتا في أيار/مايو 2020 فقط لأنهما هربتا خارج محافظة ذي قار. وبين مدينة الصدر ومنطقة الشماعية في بغداد جثث نساء تم إلقائهن في الوادي الذي أطلق عليه ظلماً اسم "وادي الزانيات".
لا يتدخل الأمن في ملف جرائم الشرف كما ولا توجد إحصائية دقيقة حوله بل إنها وبحسب مصادر أمنية تندرج ضمن قضايا الانتحار حتى وإن كانت جريمة مكتملة الأركان وواضحة المعالم.
التجريم لا يوقف عمليات الختان في إقليم كردستان
ينتشر الختان في إقليم كردستان بشكل خاص وتزيد الحالات في الأرياف بشكل كبير، مع أن هذه الممارسة مدرجة ضمن المواد التي يجرمها قانون العنف الأسري في الإقليم.
وأفاد عدد من التقارير بتعرض عدد ليس بقليل من النساء في مناطق العراق كافة للختان، ومنظمة وادي العراقية أكدت على ذلك وقالت إن النساء في إقليم كردستان هن الأكثر تعرضاً له بنسبة 65.4 بالمئة، بينما تجري العمليات بسرية تامة بين مكونات العراق الأخرى فنسبة النساء العربيات تبلغ 25.7 بالمئة، وبين التركمانيات بنسبة 12.3 بالمئة بحسب بيانات المنظمة الصادرة عام 2012.
كما أن المادة 412 من قانون العقوبات العراقي نصت على تجريم "بتر الأعضاء الإنسانية بقصد الإيذاء والتشويه"، إلا أنها لم تطبق بحق أي شخص قام بالختان.
وفي عام 2007 كشفت منظمة ألمانية أن 98 بالمئة من بنات السليمانية وفي 54 قرية تعرضن للختان. في إحصائية أخرى عام 2015، بلغت نسبة الختان في العراق 8 بالمئة، تتركز معظمها في المحافظات التابعة لإقليم كردستان على الحدود مع تركيا وإيران وتزداد حالات الختان في فصل الربيع.
وفق إحصائيات لمنظمة وادي الألمانية أجرتها بين أيلول/سبتمبر 2007، وأيار/مايو 2008 في بعض مدارس إقليم كردستان كانت نسبة الفتيات المختونات في مدرسة متوسطة كيوة رش 88 بالمئة، وفي متوسطة دروازي 92 بالمئة، وفي المدارس الثانوية (كزنك، وهريم، كسين، رشوشنبيري، هيوا) كانت النسبة صادمة حيث وصلت لـ 100 بالمئة.
وأظهرت المسحات التي شملت 700 قرية وناحية في إقليم كردستان أن 72 بالمئة من العينات التي اختيرت كن مختونات، كانت 77.9 منها في السليمانية، 81.2 في كرميان، و63 في قرى أربيل، التي تشهد انحساراً في عدد عمليات الختان.
كما أن هناك نسبة ضئيلة جداً في منطقة بهدينان التي تضم محافظة دهوك وأجزاء من محافظة أربيل، وسجلت منطقتي رانية وكرميان أعلى نسبة ختان في الإحصائية.
وبدأت تتراجع حالات الختان منذ عام 2005، بفضل حملات التوعية المشتركة بين وزارة الصحة والمؤسسة الدينية، وتقوم الأخيرة بالتأكيد على أن الختان ليس فرضاً دينياً، فيما تعمل وزارة الصحة على شرح مخاطر الختان، وتتولى منظمات المجتمع المدني مهمة تثقيف الناس لترك العادة، لكنها تبقى دون المأمول.
في عام 2014 بلغت نسبة النساء اللواتي تعرضن للختان 58 بالمئة في إقليم كردستان، فيما قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسيف عام 2019 أن النسبة في انخفاض، حيث أنه يطال 37 بالمئة من النساء من المكون الكردي تتراوح أعمارهن ما بين (15ـ49 عاماً).
زواج المتعة... اتجار بالنساء باسم الدين
أفرزت الحرب التي ما يزال يعاني العراق من تبعاتها منذ ربيع 2003 أشكال مختلفة من الممارسات التي تستهدف المرأة بشكل خاص لعل أسوأها ما يعرف بزواج المتعة المعروف عند الطائفة الشيعية، وهو الزواج الذي يتفق فيه الطرفان على الاستمتاع الجسدي بينهما لفترة محددة من الزمن، قد تكون مدته دقائق أو ساعات أو أيام أو شهور.
بعد سيطرة الشيعة على الحكم في العراق بعد 2003 انتشر زواج المتعة في المدن العراقية الشيعية كالنجف وكربلاء، وبشكل كبير في الجامعات والمعاهد وتقتصر ممارسته على المسلمين الشيعة الذي يشكلون الجزء الأكبر من سكان العراق. هذا الزواج لا يلزم الرجل بأي مسؤوليات، إضافة لكونه يبيح زواج القاصرات من عمر تسع سنوات.
الزواج المؤقت غير قانوني في العراق والمجتمع العراقي ينظر إليه بعين الريبة ويرفضه، إلا أن أعداد ليست بقليلة تمارسه تحت غطاء شرعي وهو الفتاوى، نظراً لضعف مؤسسات الدولة، والأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد وارتفاع نسبة الأرامل والمطلقات وغير المتزوجات.
تنتشر مكاتب مختصة بذلك في بعض المناطق، ويقول المشرفين على الزواج أنه لا يحق للمرأة إنهاء الزواج قبل انتهاء المدة المتفق عليها.
التحرش والاغتصاب
لعل المادة التي أرقت النساء والحقوقيات في دول الشرق الأوسط وخاصة المجتمعات العربية والتي تعمل على لملمة الاغتصاب (الفضيحة) عن طريق تزويج الضحية من المغتصب ما يزال يُعمل بها في العراق حيث لا يختلف الوضع فيه كثيراً عن باقي الدول العربية، ففي المادة 398 تندرج أحد أكثر الانتهاكات قساوة بحق المرأة وهي إفلات المجرم من العقاب وإجبار الضحية بالزواج ممن اعتدى عليها أو الموت بداعي الشرف.
تعرضت العديد من النساء للاغتصاب من قبل جنود الاحتلال الامريكي، وقد ورد ذلك في جزء سابق أما عن حالات الاغتصاب التي حدثت بشكل عام فأنها لا تعتبر ظاهرة بالمعنى الحقيقي، كما يتعرض الأطفال أيضاً للتحرش والاغتصاب، لا توجد إحصائيات حول ذلك، إحدى المنظمات أشارت إلى أن النسبة تتراوح ما بين (5ـ10) بالمئة ويقع التحرش في كل مكان حتى في المؤسسات العامة والخاصة وحتى المؤسسات الإعلامية، وتبلغ النسبة حوالي 70 بالمئة بحسب حقوقيات.
أما التحرش الآفة المنتشرة في كافة أنحاء العالم لم يسلم منها العراق، حيث لا توجد امرأة لم تتعرض للتحرش، خاصة في الأسواق حتى أنه يأخذ شكلاً عنيفاً في بعض الأحيان ولا يكتفي المتحرشين بالألفاظ البذيئة.
يتضمن الدستور العراقي قانوناً عن التحرش وتصل عقوبته للحبس مدة ثلاثة أشهر في مصح للأمراض العقلية، لكنه اليوم غير مفعل أي لا تتم محاسبة المتحرشين. والمادة 10 من قانون العمل تنص على حظر التحرش في أماكن العمل "التحرش الجنسي في الاستخدام والمهنة سواء كان على صعيد البحث عن العمل أو التدريب المهني أو التشغيل أو شروط وظروف العمل، كما يحظر أي سلوك آخر يؤدي إلى إنشاء بيئة عمل ترهيبية أو معادية أو مهينة لمن يوجه إليه هذا السلوك".
حتى وزيرة المرأة ابتهال الزبيدي والتي استلمت الوزارة (2011ـ2014) قالت إن معدلات التحرش في ارتفاع، حتى في المؤسسات الحكومية مشيرة في الوقت ذاته إلى أن النساء يتعرضن للمساومة لقاء حصولهن على وظيفة، وزيرة المرأة قالت إن العديد من الشكاوى تصل إلى الوزارة جميعها حول تعرض نساء للتحرش الجنسي في الشارع والمؤسسات الحكومية والقطاع الخاص من بين هؤلاء ناشطات وإعلاميات.
إبراهيم السراجي وهو رئيس الجمعية العراقية لحقوق الصحفيين قال إن الصحفيات يتعرض للتحرش داخل المؤسسات الإعلامية لكنهن يفضلن عدم الكشف عن اسمائهن خوفاً على سمعتهن وعملهن في مجتمع يلقي باللوم على المرأة.
الملفت للانتباه أنه وخلال الاحتجاجات التي عمت البلاد أواخر العام 2019 لم تحدث إلا حالات قليلة من التحرش.
سيطرة داعش... انتهاكات جسيمة بحق النساء
منذ عام 2014 بدأ مرتزقة داعش بالسيطرة على مناطق من العراق بما فيها مناطق من إقليم كردستان، وارتكبوا انتهاكات ومجازر بحق الشعب العراقي، وأفظع تلك الجرائم ارتكبت بحق الشعب الإيزيدي.
النساء وعلى اختلاف دياناتهن ومذاهبهن لم يسلمن من انتهاكات مرتزقة داعش لكن لعل أكثر المتضررين من ممارسات داعش هي المرأة الإيزيدية التي نالت نصيب الأسد من الانتهاكات، فالنساء تعرضن للتهجير والخطف والقتل والاغتصاب والاستعباد الجنسي والبيع.
في الثالث من آب/أغسطس 2014 هاجم المرتزقة قضاء شنكال وارتكب عناصره إبادة تعد الأفظع في العصر الحديث، قُتل الرجال وسُبيت النساء. من المجازر التي ارتكبها المرتزقة مجزرة قرية كوجو حيث قتل المئات من الناس وتم دفن النساء المسنات وهن على قيد الحياة وتم سبي الأخريات.
وصل عدد المختطفات للآلاف، أجبرت العديد منهن على الزواج من عناصر لداعش، كما قالت وزارة حقوق الإنسان في العراق أن المرتزقة انشؤوا سوق نخاسة في مدينة الفلوجة لبيع السبايا من النساء الإيزيديات منهن من يحملن الجنسية السورية. وانتشرت أسواق لبيعهن في مناطق سيطرة المرتزقة في الموصل وسوريا أيضاً.
نادية مراد (1993) ابنة قرية كوجو إحدى ضحايا مرتزقة داعش، قُتل جميع أفراد عائلتها خلال المجزرة وأخذت كسبية، وتعرضت للاغتصاب والعنف والتنكيل، وبعد فترة استطاعت الهروب ثم نقلت إلى ألمانيا لتلقي العلاج.
تحولت إلى ناشطة حقوقية، وألقت كلمة حول انتهاكات داعش في مجلس الأمن، وزارت العديد من الدول وطالبت خلالها بتحرير المختطفات وحماية حقوق المرأة والطفل في كافة أنحاء العالم.
التقت شخصيات معروفة منها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس اليونان بروكوبيس بافلوبولوس، وشيخ الأزهر أحمد الطيب، وزارت تل أبيب عام 2017 وطالبت الكنيست الإسرائيلي بالاعتراف بالإبادة التي تعرض لها الإيزيديين.
واختيرت عام 2016 سفيرة للأمم المتحدة للنوايا الحسنة، وحصلت على جائزة نوبل للسلام في الخامس من تشرين الأول/أكتوبر 2018.
النساء في مناطق العراق الأخرى فرضت عليهن قيوداً عديدة، منعن من الخروج، وأولئك اللواتي يضطررن للخروج يجبرن على التحاف السواد من الرأس حتى أخمص القدمين يرافقهن أحد رجال العائلة، أما اللواتي لم يقبلن بشروط التنظيم تعرضن للجلد والعض والوخز بعصي معدنية تشرف على هذه الممارسات شرطة نسائية تابعة للمرتزقة.
ختاماً لا بد من القول إن ظروف الحجر الصحي التي فرضتها الاحتياطات المتخذة لمنع انتشار فايروس كورونا استطاعت إيقاف الحراك العراقي الشعبي بريادة المرأة لكنها لم تستطع الغاءه، وما يزال الأمل موجوداً والإرادة لدى نساء العراق لإنهاء هذه الفترة الأسوأ في تاريخهن والارتقاء بالمرأة، أيماناً منهن بأن منح المرأة كامل حقوقها حتى الوصول للمساواة الحقيقية هو السبيل الوحيد لإنقاذ العراق مما هو فيه، فعراق جديد يعني امرأة تملك كامل حقوقها.