تونس تسجل أكثر من 26 ألف قضية عنف ضد النساء منذ بداية عام 2023

بلغ عدد قضايا العنف ضد المرأة والطفل المسجلة خلال السداسي الأول من العام الجاري حوالي الـ 26 ألف و956 قضية.

إخلاص حمروني

تونس ـ بالرغم من أن القانون عدد 58 الخاص بالقضاء على العنف ضد المرأة، يعد مكسباً إلا أن تطبيقه على أرض الواقع "محتشم" وهو "غير معروف" لدى الكثير من النساء، وهو ما اتضح من خلال تقارير رسمية سجلت ارتفاعاً في نسب العنف في البلاد والتي بلغت حد القتل حيث ارتكبت 9 جرائم قتل بحق النساء في تونس منذ مطلع عام 2023.

نظمت الشبكة الأورومتوسطية للحقوق مؤخراً طاولة مستديرة في أحد نزل محافظة القيروان الواقعة في الوسط الغربي من تونس، تحت عنوان "ظاهرة العنف المسلط على النساء في القيروان: الوقاية، الدعم، التنسيق"، بهدف مناقشة أسباب انتشار هذه الظاهرة وتسليط الضوء على التحديات التي يواجهها القانون الأساسي عدد 58 لعام 2017، المعني بالقضاء على العنف ضد النساء، بالإضافة إلى تقييم مدى نجاعة عمل التنسيقية الجهوية لمناهضة العنف ونوعية الخدمات المسندة للنساء المعنفات في القيروان.

وأوضحت الحقوقية والمسؤولة عن الشبكة الأورومتوسطية للحقوق في القيروان سوسن الجعبدي أن عدد القضايا المتعلقة بالعنف ضد المرأة في تونس، ارتفعت بنسبة 4.3% خلال النصف الأول من عام 2023، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، مشيرةً إلى أن 70% من العنف المسلط على المرأة هن العنف الزوجي.

وأشارت إلى أن ظاهرة العنف المسلط على النساء ما فتئت تتنامى في تونس سنوياً حتى أنها أصبحت تشكل خطورة كبيرة على النسيج الاجتماعي نظراً لتواتر حوادث قتل النساء من قبل أزواجهن والتي بلغت خلال العام الجاري 4 جرائم قتل في القيروان فقط.

 

 

 

من جهتها لفتت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات فرع القيروان ليليا علويني إلى أن ظاهرة العنف ضد النساء لا تمس فقط المرأة ككيان بشري بل تمس المجتمع وهي ليس حكراً على تونس وإنما تكاد تكون ظاهرة عالمية تعيشها جميع النساء أينما كنّ.

وترى أن ظاهرة العنف تبدأ من المحيط الصغير ألا وهي العائلة لتتسع الدائرة ويتم ممارستها في المدرسة أو الأماكن العامة أو في العمل، ويندرج ضمنها العنف المادي والجسدي والجنسي واللفظي وغيرها، مشيرةً إلى أن العنف الزوجي بات يمثل أعلى نسبة من أشكال العنف المسجلة في تونس.

ولفتت إلى أن تنامي ظاهرة العنف ضد النساء والفتيات في محافظة القيروان، مرتبط بالوضع الاقتصادي في المنطقة الريفية المهمشة وهو ما تم ملاحظته في مركز الإنصات التابع للجمعية.

 

 

 

أما المحامية بالفرع الجهوي للمحامين بالقيروان سميرة بوعلاق فقد تطرقت إلى أهمية القانون عدد 58 الخاص بالقضاء على ظاهرة العنف المرأة مشيرةً إلى أن "أهمية تشريع هذا القانون تتجلى في تطبيقه على أرض الواقع وليس في بقائه على المستوى النظري"، موضحةً أن هذا القانون غير معروف لدى العديد من النساء ضحايا العنف.

ونوهت إلى أن المرأة فور تعرضها للعنف تتوجه إلى المستشفى للحصول على تقرير طبي يفيد بتعرضها للعنف، وهي وسيلة لإثبات ما لحق بها، لافتةً إلى أنه في حال كان به نقص على سبيل المثال إن لم يكن هناك تاريخ أو ختم أو اسم الطبيب فإنها تفقد حقها في التتبع بسبب الطعن في مصدر الشهادة الطبية.

ووفقاً لتقرير الإدارة العامة للأمن الوطني فإن تونس قد سجلت خلال السداسي الأول من عام 2023، ما يقارب من 27 ألف قضية عنف ضد المرأة والطفل، وقد احتدت هذه الظاهرة مؤخراً وصلت إلى حد القتل المتعمد، إذ بلغ عدد جرائم قتل النساء في تونس منذ مطلع العام الجاري وإلى غاية 15 نيسان/أبريل الماضي، 9 جرائم قتل.

وقد نددت جمعيات نسوية بتفشي ظاهرة القتل المتعمد للنساء معتبرات ما وصفوه بـ "الرقم المفزع" أنه ناتج عن تقصير السلطات في حماية مواطناتها وتواطؤها مع حلقات العنف المتكررة، مؤكدات أن جل النساء الضحايا كنّ قد لجأن قبل لقاء حتفهن إلى السلطات المعنية طلباً للحماية ولكن لم يتم توفير الإحاطة والحماية اللازمة لهنّ، الأمر الذي عرض حياتهن للخطر وأتاح الفرصة لمعنفيهن للنيل منهن، مشيرات إلى أن هذا التقصير تسبب في عزوف النساء اللواتي تتعرضن للعنف عن تقديم الشكاوي وممارسة حقوقهن.