تونس... مهرجان يسلط الضوء على أوضاع المهاجرين ومحاربة السياسات القمعية

سلطت الدورة الأولى من مهرجان20/27 الضوء على أهمية محاربة سياسات الحدود القمعية التي بنتها الأنظمة الرأسمالية لتقييد الإنسان وتحديد حركته عبر العالم.

زهور المشرقي

تونس ـ نظمت جمعية لينا بن مهني النسوية، الدورة الأولى لمهرجان 20/27، الذي انطلقت فعالياته منذ 24 كانون الثاني/يناير، واختتمت يوم السبت 28 منه، في دار باش حامبة في العاصمة تونس، تخليداً لروح المناضلة لينا بن مهني السياسية والمدونة.

سلط المهرجان الضوء على عدد من القضايا منها "حرية التنقل والكرامة في مواجهة العنف على الحدود"، كما فسح المجال أمام أصوات ومقاربات نسوية، وتقاطعية، وديكولونيالية، للحديث حول واقع الارتحال جنوب/جنوب، وجنوب/شمال وما يحف بهذه العملية من مخاطر.

وفي هذا الصدد قالت منسقة المهرجان هندة شنتاوي إن المهرجان النضالي سينظم كل عامين تخليداً للراحلة لينا بن مهني التي تعتبر رمزاً من رموز الحرية والكرامة في العالم وليست في تونس فقط، وكانت صوتاً نسوياً وثق أحداث الثورة وأوصلتها للعالم، لافتةً إلى أن هذه الدورة هي لتخليد ذكراها وذكرى جيل كامل ناضل من أجل الحق والمساواة والعدالة الاجتماعية "جيل آمن بالثورة وعمل انتصاراً لقضايا إنسانية وحق الشعوب في تقرير مصيرها".

واعتبرت أن المهرجان اختار في أول دوراته التطرف لقضية طالماً دافعت عنها الراحلة لينا وهي حرية التنقل والكرامة على الحدود لا سيما وأنه موضوع إنساني فرض نفسه الفترة الأخيرة في تونس من خلال قضايا المهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء المقيمين في تونس.

وحول الهدف من المهرجان، أوضحت إن الهدف من إطلاق هذا المهرجان ليس فقط استحضار روح الفقيدة لينا بن مهني التي توفيت قبل ثلاثة أعوام، ولكن للتفكير بشكل جماعي وإنساني وفني في مسألة سياسات الحدود التي وصفتها بالقمعية والدكتاتورية ومن مخلفات الاستعمار.

وبينت أن المهرجان سيتطرق في كل دورة إلى مواضيع مقترنة بحقوق الإنسان مع التركيز بشكلٍ خاص على العدالة الاقتصادية والاجتماعية، وسيحافظ هذا الائتلاف النضالي على نفس المنهج الذي ما انفكت جمعية لينا بن مهني تدافع عنه ألا وهو الدمج بين الفن والنضال في مساحات مشتركة يتظافر فيها الصمود والتضامن، معتبرةً أن قضية الحدود تخص كل دول العالم وخاصة الدول الأفريقية التي تعاني من قيود لاإنسانية تمنعهم من السفر.

وأشارت إلى أن المهرجان أعطى كذلك فرصة للمهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء المقيمين بتونس للحديث ولاحتضانهم وسماع أصواتهم المكتومة ولسماع سرديات لم تحكى من قبل، وذلك من أجل التشبيك وخلق مبادرات نضالية مشتركة كانطلاقة للتضامن المبدئي والفعلي لمعالجة المسألة بشكل أوسع وأبعد.

 

 

ومن جانبها أفادت الناشطة بجمعية لينا بن مهني زينب بلحسن بأن المهرجان الذي تحدث عن مسألة الحدود سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وبيئياً، اختتم فعاليته بمانفيستو وهو عبارة عن ورقة كتبها نشطاء/ات وحركات اجتماعية ومجموعات شبابية وصحفيين/ات نددت بسياسة السيادة الاستعلائية العنصرية، لافتةً إلى أن تلك السياسة تسببت بمصرع 50 ألف شخص على حدود أوروبا.

وتطرقت إلى سياسة الدولة التونسية في مواجهة ما يعرف بالهجرة غير النظامية، مؤكدةً أن الورقة التي تم تحضيرها هدفها الحشد وتوحيد الصفوف للتصدي للسياسات القمعية على الحدود التي تكرس استعمارية مستبطنة.

وأكدت أن المانيفستو يعترض بشدة على مؤسسة القمع والهرمية العنصرية في المنطقة ككل، ويدعو النظام الذي يجرم ويضطهد الأفراد والمجموعات بناءً على العرق والأصول، لا سيما وأن البنى القمعية تولد ظلماً نظامياً يحرم الأشخاص المنتقلين من الولوج إلى العدالة والأمان والرعاية الطبية والتعليم والخدمات الأساسية تحت ذريعة وضعهم غير القانوني.

واستنكرت ذكورية هذا النظام القمعي الذي يساهم في تضاعف العنف ضد الأشخاص المنتقلين ولاسيما النساء ذوات البشرة السمراء ومحاولات إسكات أصوات الناجيات بهدف جعلهن غير قادرات على حماية أنفسهن أو تقديم شكوى.

وعبرت عن رفضها حصر الأشخاص المنتقلين وعلى رأسهم النساء ورفض تجريمهن وتحقيرهن وإقصائهن بسبب ضعفهن وعجزهن، مطالبةً بحرية الحركة والتنقل كحق أساسي لجميع الأشخاص ومنع تجريم التنقل في احترام لإنسانية الإنسان وكرامته أينما كان.

واعتبرت أن الهجرة بكل دوافعها ووسائلها حقاً أساسياً لكل شخص بغض النظر عن لونه وعرقه ودينه وطبقته وهويته على اعتبار أن الحركة هي فعل مقاومة وأمل.

وأكدت الناشطة بجمعية لينا بن مهني زينب بلحسن إنه سيتم العمل على بناء منصات للتبادل والتعاون بين الأشخاص المنتقلين، وإعادة الاعتبار لهم خصوصاً من ذوي البشرة السمراء، لافتةً الى أن النضال ضد العنف الجنسي والذكوري يجب أن يستمر بشكل منظم لمحاربة هذا العنف الاستعماري الأبوي الخطير.