تحديات كبيرة يواجهها أطفال الحوز تهدد مستقبلهم الدراسي

عانى إقليم الحوز من التهميش والإقصاء، وزاد الزلزال من حدتهما، وهناك العديد من التحديات التي تحتاج لحلول استعجالية وعلى رأسها التعليم.

رجاء خيرات

مراكش ـ نظمت جمعية أفولكي للنساء، بالشراكة مع المبادرة المدنية لدعم المناطق المنكوبة في إقليم الحوز ورشة تفاعلية للتفكير في تحسين جودة التمدرس للأطفال وخاصة الفتيات في الريف، أمس السبت 13 كانون الثاني/يناير بمدينة تحناوت التي تبعد 30 كم عن مراكش.

شارك في الورشة نشطاء المجتمع المدني والتعاونيات وبعض أطر التدريس بالمنطقة، وأجمع المشاركون/ات، على أن بعد المدارس وعدم توفر وسائل النقل المدرسي والفقر عوامل تحد من التحاق الفتيات للمدارس، وتتسبب في انقطاعهن عن الدراسة.   

وعلى هامش الورشة ذكرت رئيسة جمعية أفولكي للنساء زهراء إد علي، أن الفاعلين بالمنطقة مطالبين بإيجاد حلول استعجالية لمشاكل التمدرس خاصة في صفوف الفتيات، نظراً للظروف القاهرة التي يعيشها إقليم الحوز، بعد تداعيات الزلزال الذي ضرب المنطقة في الثامن من أيلول/سبتمبر الماضي.

وأضافت أن جمعية أفولكي واكبت طيلة سنوات عملها 180 فتاة حصلن على شهادة الدراسة الجامعية، وثلاث فتيات حصلن على شهادة الماستر، و20 طالبة وصلن إلى الدكتوراه، فضلاً عن 54 فتاة تتابعن دراستهن بالجامعة الخاصة بمراكش، وهو ما يعكس تفوق الفتيات إذا ما توفرت لهن الظروف الملائمة لمتابعة الدراسة.  

كما أكدت أن هذه الورشة كشفت عن التحديات الحقيقة التي يعاني منها إقليم الحوز والتي تحد من متابعة الأطفال وخاصة الفتيات لدراستهن، لافتةً إلى أن الفقر وضعف الموارد المالية للتكفل بدراسة الأبناء، وكذلك بعد المدارس وغيرها من المشاكل الكثيرة تتسبب في الهدر المدرسي في صفوف الفتيان والفتيات.  

وأوضحت أن مداخلات المشاركين/ات كشفت عن أبرز التحديات التي يواجهها أطفال إقليم الحوز، مؤكدةً أنها ستساعد في إدراج برنامج ترافعي يتضمن اقتراح حلول وتوصيات من شأنها أن تساعد الجهات المعنية في إيجاد حلول لمشكل الهدر المدرسي، خاصة في صفوف الفتيات.

ولفتت إلى أن هذا المعاناة تفاقمت بعد الزلزال، بسبب تضرر البنية التحتية للإقليم وتضرر المدارس، وهو ما جعل نسبة كبيرة من الأطفال ينقطعون عن الدراسة "رغم أن المنطقة لازالت تتخبط في كثير من المشاكل وعلى رأسها مسألة انقطاع الأطفال عن الدراسة، إلا أن أغلب سكان المنطقة بحاجة إلى الدعم النفسي، وهنا أستحضر ما سمعته على لسان إحدى الناجيات من الزلزال والتي تم انتشالها من تحت الأنقاض حين قالت 'حتى وإن بنوا لي بيتا جديداً لن أقدر على الاستقرار فيه أفضل أن أبقى داخل الخيمة لأنها أكثر أمناً".

وعن أهمية التعليم، قالت إنه الركيزة الأساسية التي بدونها لن تتحقق التنمية المستدامة المنشودة، "لا يمكن أن تتقدم الأمم بدون تعليم جيد للأطفال على قدم المساواة، فهو حق ينبغي توعية الأسر والفاعلين بأهميته وضرورة النضال من أجل المطالبة به".

 

 

بدورها أشارت منسقة المبادرة المدنية لدعم المناطق المنكوبة بجهة الرباط، سلا القنيطرة سميرة بوحيا أن هذه الورشة جاءت في إطار خطط المبادرة، نظراً لانهيار المؤسسات التعليمية بإقليم الحوز بسبب الزلزال، موضحةً أن تمدرس الأطفال بالمناطق المنكوبة يعد أولوية، لأن التعليم هو العمود الفقري الذي تقوم عليه المجتمعات التي تنشد التقدم والتطور، والاهتمام به هو شأن يهم العديد من الأطراف، حكومة ومجتمعاً مدنياً وأسرة وباحثين وتربويين وغيرهم.

وأشارت إلى أن الورشة التفاعلية تمت بإشراك نشطاء وناشطات مدنيين/ات بالمنطقة كونهم أدرى بمشاكل التعليم من غيرهم، لافتةً إلى أن الورشة هي بداية لبرنامج يتضمن أنشطة أخرى من أجل بلورة برنامج ترافعي يضمن تمدرساً جيداً.

 

 

من جهتها أرجعت المعلمة ليلى الادريسي الهدر المدرسي في صفوف الفتيات إلى الأعراف والتقاليد والفقر "يحز في نفسي أن أرى طفلات نجيبات ينقطعن عن الدراسة، ويتم تزويجهن في سن مبكر بسبب التقاليد البالية والخوف من إرسالهن بعيداً من أجل متابعة الدراسة".  

وعن هذه المبادرة أكدت أنه يجب تعميمها على المناطق الأخرى، حتى يتم التوعية بأهمية التعليم خاصة بالنسبة للفتيات، مشيرةً إلى أنه بفضل مبادرة من إحدى الجمعيات النشيطة في المنطقة، استطاعت طفلة استكمال دراستها وسافرت إلى فرنسا لدراسة الطب.

واعتبرت أن مثل هذه النماذج ينبغي التعريف بها، لتشجيع العائلات على تدريس بناتهم، ومنحهن فرصة لإثبات تفوقهن بدلاً من تزويجهن قاصرات.

 

 

وعن ظاهرة الهدر المدرسي في صفوف الفتيات، أشارت فردوس العتيتيك إحدى المشاركات في الورشة إلى أن إقليم الحوز يعاني بشدة من انقطاع الفتيات عن الدراسة، وذكرت أن من بين أسباب هذه الظاهرة التي تعاني منها الفتيات أكثر من الفتيان، الهيمنة الذكورية وانعدام المساواة، حيث لازال ينظر للفتيات على أن مكانهن الطبيعي هو البيت، وأنه ليس من الضروري أن يكملن تعليمهن، ويكفي أن يتعلمن القراءة والكتابة.  

كما أوضحت أن عدداً من الآباء والأمهات يخافون على بناتهم من أن يتعرضن للتحرش في الفضاء العام، مؤكدةً على ضرورة بناء المدارس في القرى، حتى لا تضطر الفتيات إلى التنقل بعيداً.

وأكد المشاركين/ات إلى أن الدولة مطالبة بوضع سياسات عمومية تستجيب لحاجيات سكان الريف وعلى رأسها التعليم، الذي يعتبر مؤشراً مهما على تقدم الأمم، معتبرين أن هدم الحضارات رهين بهدم التعليم، وشددوا على ضرورة الالتفات لإقليم الحوز الذي عانى لسنوات من التهميش والإقصاء، وزاد الزلزال من حدتهما، لافتين إلى أن هناك تحديات تحتاج لحلول استعجالية وآنية وعلى رأسها التعليم.