تحالفات وشبكات نسوية تطالب توفير إطار قانوني لحماية العراقيات من العنف

شددت الشبكات والتحالفات والمنظمات النسوية والمدنية العراقية، تزامناً مع اليوم العالمي للمرأة، على ضرورة توفير إطار قانوني لحماية النساء والفتيات من العنف، والتصدي لنتائج تعديل قانون الأحوال الشخصية لعام 2025.

بغداد ـ عبرت مجموعة من الشبكات والتحالفات والمنظمات النسوية والمدنية خلال مؤتمر صحفي في العراق عقد بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، عن تضامنها مع المناضلات في كافة أنحاء العالم من أجل الكرامة والحرية والديمقراطية والمساواة والعدالة.

عقدت ممثلات الشبكات والتحالفات والمنظمات النسوية والمدنية اليوم السبت الثامن من آذار/مارس، الذي يصادف يوم المرأة العالمي، مؤتمر صحفي مشترك، جددن من خلاله العهد على مواصلة النضال لتحقيق المساواة في الحقوق والفرص من احترام لكرامة المرأة وانسانيتها وتكوينها البيولوجي كواهبة للحياة والجنس البشري، والإقرار بكونها مواطنة تشكل نصف المجتمع، وكفل الدستور العراقي حقوقها المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لأنها تشكل طاقة خلاقة في بناء الأسرة وتماسكها، وفي تحقيق الاستقرار والأمن والسلام والتنمية للعراق.

وأوضح البيان الذي ألقي خلال المؤتمر، كيف واجهت النساء خلال السنوات السابقة تحديات، مع تفاقم الأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية، وكيف تم اقصائها وتهميشها من الحياة العامة مما زاد من وتيرة العنف الجنسي وخطاب الكراهية والتنمر ضدهن، وانتشار الفقر والأميّة والبؤس بين صفوفهن، في ظل إرادة سياسية محكومة بعقلية ذكورية وأعراف عشائرية ومصالح حزبية ضيقة، رافضة تشريع قانون مناهضة العنف الأسري، والتلكؤ في تعديل قانون العقوبات بما يتماشى مع الدستور والتزامات العراق الدولية لحقوق الإنسان، مع فتح المجال لتنامي ظاهرة تزويج الطفلات والزواج خارج المحكمة، والإفلات من العقاب لجرائم الاعتداء على النساء، مع ضعف آليات الحماية لضحايا العنف الأسري وغالبيتهن من النساء والأطفال، وغياب دور المجلس الأعلى لشؤون المرأة في متابعة تنفيذ السياسات والخطط والبرامج الوطنية للمرأة وتقييم الأثر في الحد من مظاهر التمييز والتفرقة ضد النساء وتحسين أحوالهن وأدوارهن، وكذلك ضبابية هيكلية هذا الجهاز وفقدان التواصل والتعاون مع المنظمات النسوية الفعالة.

وأوضح البيان أن تـشريع التعديل على قانون الأحوال الشخصية الذي جاء منافياً للدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب، يأتي ضمن مسار تقويض النظام المدني واستقلالية السلطة القضائية بربط محاكم الأحوال الشخصية بديوان الوقف الشيعي، وهو جهاز تنفيذي إداري لا علاقة له بالأحوال الشخصية، الأمر الذي يهدد الاستقرار الأسري ووحدة النسيج والتعايش المجتمعي القائم على الزيجات المختلطة، والتراجع عن الحقوق المكفولة للنساء والأطفال في الزواج والطلاق والحضانة والميراث التي كفلها قانون الأحوال الشخصية رقم 188 النافذ.

وأشار البيان إلى أن كل تلك العوامل كان له الأثر الإيجابي في ترسيخ هوية المواطنة في مجتمع متنوع دينياً ومذهبياً وعرقياً، وجاء التعديل ليضرب في الصميم مبدأ المساواة بين الأهالي أمام القانون الذي نصت عليه المادة 14 من الدستور، بتكريسه التمييز الطائفي من خلال مدونة مذهبية مجهولة المحتوى، والتي ستنعكس تأثيراتها السلبية على المجتمع العراقي ككل، وستقوض التزامات العراق الدولية بضمان المعاملة المتساوية للنساء والفتيات، وتوفير الحماية لحقوق الاطفال.

وأضاف البيان أنه منذ الأسابيع الأولى لتطبيق القانون، ظهرت مثالبه في قيام محاكم الأحوال الشخصية بإصدار حجج تأييد اختيار أحكام المذهب الشيعي الجعفري بناءً على طلب الزوج بدون أخذ علم وموافقة الزوجة، الأمر الذي أثار موجة قلق وسخط  بين النساء على الادعاء المزعوم أن القانون يحقق حرية الأفراد في خياراتهم في الأحوال الشخصية، ويترافق ذلك مع حملة مسمومة منتشرة في مواقع التواصل الافتراضي ووسائل الإعلام والمنابر الدينية والتجمعات العامة من دعاة التعديل في بث خطابات الطائفية والكراهية لحقوق المرأة والمدافعين عنها، مقرونة بنشوة الانتصار والتحريض في إثارة نزعة العداء بين الرجل والمرأة، دون رادع أو مساءلة من أجهزة إنفاذ القانون مما يهدد الأمن الأسري والمجتمعي بمخاطر جسيمة.

وأكد البيان أن المنظمات والشبكات والتحالفات متمسكة بإيمانها بأن حقوق المرأة ومساواتها في الحقوق والفرص، والعمل على تمكينها للاندماج في الحياة العامة تشكل محاور أساسية لاستتباب الأمن والسلام والعدالة والديمقراطية والتنمية المستدامة "سنواصل على هذا النهج بدعم كل الخيرين من القوى السياسية الوطنية والفئات المجتمعية من منظمات وشخصيات، لتحقيق التغيير المنشود، لبناء دولة المواطنة الحاضنة للتنوع والعدالة الاجتماعية".

وشدد البيان على ضرورة توفير الإطار القانوني والآليات الضرورية لحماية النساء والفتيات من العنف بكافة أشكاله، ودعم الضحايا للوصول إلى العدالة، بما يتماشى مع اتفاقية سيداو والقرار 1325 بشأن المرأة وأجندة الأمن والسلام، وسن قوانين تستهدف حماية الطفولة ومكافحة العنف والتمييز وحماية التنوع وإشاعة مفاهيم حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص والتسامح والتماسك الاجتماعي، إضافة إلى التصدي لنتائج تعديل قانون الأحوال الشخصية لعام 2025، من خلال حملات التوعية والمدافعة على صعيد المجتمعات المحلية وصناع القرار ومؤسسات الدولة.

كما أكد البيان على ضرورة تفعيل المجلس الوطني لشؤون المرأة كآلية مستقلة للنهوض بواقع النساء العراقيات، بهيكلية واضحة لها تأثيرها وامتداداتها في جميع المؤسسات الرسمية، بمشاركة فعالة من منظمات المجتمع المدني، ووضع معايير ملتزمة بحقوق المرأة في اختيار من يكلف للعمل في تشكيلاتها، وتوفير الموارد البشرية والمالية اللازمة لأداء دورها الفعال في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية الشاملة للمرأة للحد من التمييز والعنف ضد النساء وتطوير مشاركتهن في بناء السلام والامن والعدالة والتنمية المستدامة، وتوسيع مشاركة النساء المؤهلات في مواقع صنع القرار في جميع القطاعات، وتوفير برامج التمكين السياسي والاقتصادي والثقافي للنساء والشباب لتوظيف خبراتهم العلمية والعملية لإنقاذ البلاد من آفات الفساد والمخدرات والفقر والبطالة والجهل، إضافة إلى  ضمان المساءلة القانونية لمروجي خطابات الكراهية والعنف والابتزاز ضد المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين في المجتمع المدني وحماية حرية التعبير والتجمع السلمي وحق الوصول للمعلومة.

وعبرت ممثلات الشبكات والتحالفات والمنظمات النسوية والمدنية عن تضامنها الكامل مع نساء العالم المناضلات من أجل الكرامة والحرية والديمقراطية والمساواة والعدالة، من بينهن النساء الفلسطينيات والسودانيات واليمنيات والسوريات واللبنانيات والليبيات.