تحالف 188 يعلن عن موقفه الموحد الرافض لمشروع تعديل قانون الاحوال الشخصية
أعلن "تحالف 188" عن موقف مُوحد رافض لمشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية والذي يعد من أهم القوانين التي ساهمت باستقرار المجتمع العراقي.
نور المرسومي
بغداد ـ يشهد البرلمان العراقي والمجتمع في العراق جدلاً واسعاً بشأن تعديل قانون الأحوال الشخصية 188 الصادر عام 1995 والذي يسمح بتزويج القاصرات أو سلب حضانة الأطفال من الأم، أو حرمان الزوجة من النفقة، وحرمان البنت من الميراث في العقارات.
أصدر تحالف 188 أثناء مؤتمره الوطني الرافض لتعديل قانون الأحوال الشخصية أمس الجمعة الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر، بياناً جاء فيه "اجتمعنا اليوم في هذا المؤتمر، كممثلين لقوى سياسية وبرلمانية ومدنية وشبكات نسوية، ومنظمات المجتمع المدني ومدافعي حقوق الانسان، لنعلن عن موقف مُوَحد رافض لمشروع تعديل قانون الاحوال الشخصية النافذ رقم 188 لعام 1959، والذي يعد من أهم القوانين التي ساهمت باستقرار المجتمع العراقي، والحفاظ على وحدة نسيجه المتنوع دينياً ومذهبياً وقومياً على مدى ستة عقود".
وأشار البيان إلى تلك التعديلات جاءت بخلفيات مذهبية طائفية، والتي تتنافى مع مبادئ الدستور العراقي الذي يؤكد على المواطنة المتساوية أمام القانون وعلى حفظ كرامة المرأة والطفل وحماية الأسرة والمجتمع من التفتت والتشرذم، كما تهدد ولاية القضاء كسلطة عليا لا سلطان عليها سوى القانون نفسه.
وأكد البيان أن كل المحاولات السابقة لتعديل القانون النافذ منذ عام 2003 ولحد الأن قوبلت باستياء ورفض مجتمعي وسياسي وبرلماني واسع النطاق، وتم التراجع عنه في حينها "نرى اليوم اصراراً من بعض الكتل البرلمانية، على المضي بالتصويت عليها رغم كل الاعتراضات والتحذيرات من المخاطر التي ستتولد عن ذلك، ناهيكم عن الخروقات الدستورية المتمثلة بالتصويت على مدونات لم يطلع عليها مجلس النواب الذي يعدها قانوناً ساري المفعول قبل التعرف إلى محتواها ومناقشته وهذه سابقة خطيرة، تخرج عن السياقات التشريعية المعروفة".
ولفت البيان إلى أن قانون الاحوال الشخصية 188 لعام 1959 استند على أحكام الشريعة الإسلامية، بانتقاء ما يتلاءم منها مع قيم التعددية والمساواة بين مكونات المجتمع العراقي المتنوع، وهو يحمي بنفس الوقت حقوق المرأة والطفل، مع مساحة مناسبة من الاختيار الحر للمذهب الذي يتم عليه عقد الزواج باتفاق الطرفين، ولكن التعديلات المقترحة تنسف كل هذه الأسس لتستبدلها بمدونات مذهبية مجهولة المحتوى، لكنها تفتح الأبواب لتفسيرات فقهية مختلفة منذ عقود تتعارض مع مبادئ حقوق الأنسان خصوصاً المرأة.
وأضاف التحالف في بيانه أن العراق يمر اليوم بمخاض وظروف صعبة تتطلب تعزيز الجهود من أجل الوحدة والتماسك المجتمعي، لمواجهة التحديات التي يمر بها العراق والمنطقة والعالم أجمع، والتي تتطلب العمل على توفير البيئة التشريعية والآليات المناسبة والموارد اللازمة لمكافحة الفساد والفقر، والنهوض بالتعليم والصحة، وتحسين الظروف المعيشية والبيئية، ضمن الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، التي لن تتحقق ألا بمشاركة النساء الفعالة في خلق حياة أسرية أمنة، وزيادة مساهمتهن في الفضاء العام كطاقة خلاقة في عملية البناء والتطور وتحقيق الاستقرار المجتمعي، وكل هذا يتطلب الاهتمام بحماية حقوقها الأساسية التي أقرها الدستور العراقي الدائم، وكذلك المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها العراق.
وأوضح البيان أن المؤتمر طرح العديد من القضايا التي تسلط الضوء على الأثار السلبية المترتبة على تشريع هذه التعديلات، والتي تهدد بمخاطر العودة إلى مراحل ما قبل الدولة، مما يستوجب التصدي بجدية لهذه المحاولات، حيث قامت العديد من المنظمات المجتمعية والأحزاب السياسية والعديد من ممثلي الشعب في البرلمان، بالإضافة إلى الاتحادات والمؤسسات المهنية والشخصيات الحقوقية والقضاة بالعمل على رفع الأصوات المحذرة بقوة من المضي بهذه التعديلات، مما استوجب تشكيل تحالف وطني واسع باسم تحالف 188 لرفض تعديل قانون الأحوال الشخصية النافذ، والذي جمع كل هذه المنظمات والأحزاب والمؤسسات التي نظمت هذا المؤتمر.
وشدد البيان على ضرورة السحب الفوري لقانون التعديلات على القانون النافذ، وعدم التصويت عليه لاسيما وأنه يأتي ضمن صفقة سياسية لتمرير قوانين هامة مثل قانون العفو العام الذي يتطلب أيضاً رؤية قانونية حيادية وموضوعية بعيداً عن الأغراض السياسية الطائفية، إضافة لإفساح المجال لنقاشات موسعة وجادة لمراجعة القضايا العقدية في القانون الحالي، على المستوى الوطني والمجتمعي الواسع، وبمشاركة السلطات الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية، وفق نصوص الدستور العراقي بضمان مساواة جميع العراقيين أمام القانون بدون تمييز، وكفالة المعاملة المتساوية للنساء والفتيات، وتوفير الحماية لحقوق الأطفال، للخروج بتعديلات رصينة قابلة للتطبيق، تعزز الأمان الأسري والمجتمعي، واحترام حقوق الإنسان، ورعاية الأمومة والطفولة، وتقوية وحدة النسيج المجتمعي المتنوع دينياً ومذهبياً وعرقياً وفكرياً.
وأكد التحالف خلال البيان أنه في حال الإصرار على التصويت على التعديلات المقترحة الحالية، يؤكد المشاركون في المؤتمر على أهمية حث النواب على مقاطعة التصويت أو التصويت بلا وفي حال تمريرها، السعي للطعن بها على المستوى الوطني والدولي.
ونوه البيان أن المؤتمر الوطني يشدد اليوم على أن الدفاع عن القانون الحالي هو الدفاع عن الدستور العراقي الدائم وعن الدولة المدنية وعن المواطنة المتساوية ضد التفتت والتخندق والانعزال الطائفي والمذهبي، الذي أضعف البلاد والمجتمع على مدى العقدين الماضيين.
واستنكر البيان ممارسات تكميم أفواه المعارضين لمقترح التعديلات بذرائع غير قانونية، وفي الوقت نفسه يؤكد على ضرورة احترام حرية الرأي والتعبير في مختلف وسائل الاعلام وحرية التجمع والتظاهر السلمي كما نصت عليه المادة 38 من الدستور، مطالباً السلطات المعنية بإنفاذ القانون والعدالة إلى اتخاذ اجراءات المساءلة بحق الأشخاص والمؤسسات الذين يطلقون اتهامات باطلة ويمارسون التهديد وتشويه سمعة الناشطين المعارضين.
وأكد البيان في ختامه أن المؤتمر الوطني الرافض لتعديل قانون الأحوال الشخصية يدعم تحالف 188، ويخوله للاستمرار بالعمل وتنظيم كل الفعاليات المطلوبة لتحقيق ما تم الاتفاق عليه في هذا المؤتمر بما فيها مخاطبة الجهات الرسمية الوطنية والدولية وعلى الصعد كافة.