سوريا تحت حكم هيئة تحرير الشام... نهاية البعث وبداية عهد الإقصاء

بعد سقوط نظام البعث في سوريا، فرضت هيئة تحرير الشام سيطرة قائمة على الإقصاء والعنف، مستهدفة النساء والمكونات، مما ينذر بمستقبل مظلم للبلاد تحت حكم جهادي متشدد.

مركز الأخبار ـ يستولي جهاديي هيئة تحرير الشام، التي تتلقى دعماً من الدولة التركية، على الحكم المركزي في سوريا وتقيم نظاماً يقصي النساء ومكونات المجتمع السوري الأخرى.

في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، تمكنت هيئة تحرير الشام، التي نشأت من تنظيم القاعدة وكانت تُعرف سابقاً بجبهة النصرة، من السيطرة على مدينتي حلب ودمشق، بعد تحركها من مناطق إدلب وعفرين التي تخضع لسيطرة فصائل مدعومة من الدولة التركية، وقد جاء هذا التقدم بدعم من جهات دفاعية بريطانية والدولة التركية.

وبذلك انتهى عهد نظام البعث الذي استمر 61 عاماً، ونظام الأسد الذي دام 50 عاماً، لتنتقل السلطة إلى هيئة تحرير الشام، التي أسست نظام حكم غير ديمقراطي قائم على تحالفات بين جماعات جهادية.

بعد السيطرة على دمشق، اتبعت هيئة تحرير الشام سياسة مركزية لا تعترف بمكونات سوريا، وسعت خلال عام إلى ترسيخ الشريعة والأيديولوجيا الجهادية، وارتكبت مجازر بحق الطائفتين العلوية والدروز، واتبعت سياسات تنكر وجود الكرد وتسعى لإمحاء هويتهم، كما تجاهلت النساء والتنوع المجتمعي الذي يشكل البنية الأساسية لسوريا، وعمقت هذا التجاهل من خلال فرض أيديولوجيا تهمش النساء وتشرعن الاختطاف والاغتصاب، مما جعل شرعيتها محل جدل دائم بين الشعب.

تتألف الحكومة المؤقتة التي أنشأتها جهاديي هيئة تحرير الشام بشكل رئيسي من قادة جماعات متهمة بالتورط في انتهاكات جسيمة، بما في ذلك أعمال عنف ضد النساء. في ظل هذا النظام، تُفرض قيود صارمة على النساء ضمن إطار قوانين الشريعة، ولا تضم الإدارة المؤقتة بقيادة أحمد الشرع "أبو محمد الجولاني" سوى امرأة واحدة، بصلاحيات محدودة.

الدستور المؤقت الذي أُقر يتضمن مواد غير ديمقراطية، تحد من حقوق النساء ولا تعترف بوحدة الأراضي السورية، كما تدار الوزارات من قبل شخصيات متهمة بالمشاركة في جرائم إبادة جماعية ضد الإيزيديين، من بينهم أفراد ارتكبوا فظائع في الموصل، مثل حرق نساء إيزيديات داخل أقفاص حديدية وبيعهن في الأسواق.

بالإضافة إلى تورطهم في انتهاكات واسعة في مناطق مثل كوباني، الرقة، عفرين، سري كانيه/رأس العين، ودير الزور، كما يُذكر أن أحد المتهمين بقتل هفرين خلف الأمينة العامة لحزب سوريا المستقبل، هو جزء من هذا التشكيل الحاكم.

هذا التكوين يعكس عداءً شديداً للنساء وارتكاب إبادة جماعية بحق الشعوب، مما يجعل مصير إدارة هيئة تحرير الشام مشابهاً لمصير نظام البعث.

من المقرر أن تُجرى الانتخابات البرلمانية في سوريا في الخامس من تشرين الأول/أكتوبر 2025، تحت إشراف الإدارة التي تقودها جهاديي هيئة تحرير الشام، والتي تصف نفسها بأنها "حكومة مؤقتة"، وبحسب ما ورد، فإن الانتخابات ستشمل 131 مقعداً من أصل 210، في حين سيتم تعيين 70 مقعداً بشكل مباشر من قبل أحمد الشرع
(الجولاني).

هذا التعيين المباشر، الذي يفتقر إلى الشرعية الديمقراطية، سيؤدي إلى تشكيل ما يقارب ثلث البرلمان دون المرور بعملية انتخابية، مما يثير مخاوف بشأن نزاهة التمثيل السياسي وشرعية العملية الانتخابية في ظل غياب آليات رقابة مستقلة.

لن تُجرى الانتخابات في بعض المناطق لأسباب أمنية، مثل الحسكة والرقة ذات الأغلبية الكردية، والسويداء ذات الأغلبية الدرزية، وتشير بعض المصادر إلى أن شيوخ العشائر سيتم إشراكهم سراً في هذه المناطق. بهذا الشكل، يتم استبعاد الكرد والنساء من العملية السياسية.

رغم تحديد نسبة تمثيل النساء في البرلمان بـ20%، إلا أن هناك قيوداً صارمة على ترشيح النساء. على سبيل المثال، لا يوجد أي مرشحة في منبج الخاضعة لسيطرة مرتزقة الدولة التركية. وفي درعا، تقدمت 50 امرأة فقط مقابل 300 رجل، معظمهم من الجماعات الجهادية. في إدلب وأعزاز، يتم رفض ترشيحات النساء بشكل كبير، وتُوجه لهن تهديدات مثل "ماذا ستفعلين بين كل هؤلاء الرجال؟ عودي إلى بيتك، وإلا فلن نتحمل مسؤولية ما سيحدث لك".

 

رسالة من امرأة تم إقصائها

إحدى تلك النساء التي تم إقصائها من البرنامج الانتخابي من مدينة حماة وجهت رسالة قالت فيها ما يلي:

نعم. كنت أرغب في أن أكون في الهيئة الناخبة، ونعم كنت أريد أن أترشح لمجلس الشعب!

ليس طمعاً بالمنصب ولكن استشعاراً بالمسؤولية وثقة بقدرتي على أن أخدم بلدي وأن أكون صوتاً لشريحةٍ من شعبنا في سوريا.  

لقد كنت صوتاً سورياً عن عائلات المعتقلين والمفقودين في مجلس الأمن وقد مثلت بلدي في كثير من المحافل الدولية، ولدي القدرة على أن أمثل شعبي وأهل مدينتي حماة التي حرمت من رؤيتها أربعة عشر عاماً كنت مهجرة فيها من بلدٍ إلى بلد ومن مدينةٍ إلى أخرى.

لقد تفاجأت بحذف اسمي من الهيئة الناخبة لمدينة حماة دون أي مبرّرات مقنعة. وربما لو لم يُقبل في الهيئة ابتداءً لكان الأمر أقل وطأةً، ولكن وبعد أن تم قبوله تم حذفه، فأعتقد أن الأمر فيه طعن باسمي وهذا ما لا أقبله، وأخشى أن لا يكون لدى الهيئة العليا للانتخابات القدرة على تبرير ما حدث.

ما حدث لا يجب أن يمر دون توضيح ومراجعة للحيثيات، فإسمي ليس الوحيد الذي تم استبعاده وإنما هناك الكثير تم حذف أسمائهم بعد ورودها في القوائم الأولية، وبالمقابل تم إضافة أسماء لا تمت لا للثورة ولا للكفاءة بصلة ولا حتى ساهمت بالشأن العام سابقاً، وهذا يدلّ على نهج غير عادل في التعاطي مع من يريدون حمل الأمانة وهم أهل لها.

أدعو كل زميلاتي وزملائي الذين تم حذف أسماءهم من دون مبررات وأسباب منطقية، للتواصل معي من أجل متابعة القضية كجزء من ممارسة حقوقنا السياسية والذي يكفله الإعلان الدستوري.