روكسان محمد: قضية المرأة هي أساس التحول الديمقراطي في سوريا
أكدت المتحدثة باسم وحدات حماية المرأة روكسان محمد على أهمية مواصلة النضال والتكاتف "علينا أن نتكاتف ونخوص هذه المعركة المصيرية لأن المرأة ليست مجرد طرف في النزاع بل هي قوة تغيير وصمود في وجه التحديات واساس التحول الديمقراطي".

آفرين نافدار
الحسكة ـ في ظل الصراعات المستمرة في سوريا، تلعب النساء دوراً محورياً في الدفاع عن حقوقهن والمشاركة في العمليات العسكرية والسياسية، ومع استمرار التحديات الأمنية والاضطرابات السياسية في البلاد، يحتم على النساء النضال لتحقيق الاستقرار.
أدى استلام جهاديي هيئة تحرير الشام للسلطة إلى تغييرات جوهرية في المشهد الأمني السوري، حيث فرضت سيطرتها على مناطق واسعة، مما أثار مخاوف من تصاعد التوترات الداخلية وعودة نشاط الجماعات المتطرفة، كما أن إعادة هيكلة المؤسسات الأمنية والإدارية تحت سلطتها قد يؤدي إلى تغييرات في إدارة المناطق الخاضعة لها، مع احتمال فرض سياسات أكثر تشدداً تجاه الفصائل الأخرى.
تأثير الفوضى الأمنية في سوريا على النساء
وبناء على ذلك فتح الباب أمام تساؤلات جوهرية حول وضع المرأة في البلاد، وكيف يُنظر إليها، قالت المتحدثة باسم وحدات حماية المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا روكسان محمد، إنه "بعد وصول هيئة تحرير الشام إلى السلطة في دمشق، شهدت البلاد حالة من عدم الاستقرار الأمني، حيث تواصلت الفوضى وعدم وضوح الرؤية حتى الآن، لا سيما في المناطق الخاضعة لسيطرتها".
وأشارت إلى أن هذا الوضع يؤثر بشكل كبير على النساء، اللواتي تتحملن أعباء الحروب والأزمات والنزاعات المسلحة، بالإضافة إلى تأثيرات الفكر الجهادي المتشدد الذي يرفض الاعتراف بكيان المرأة وهويتها، مما يزيد من تعقيد المشهد السوري.
وأوضحت أن الوضع الأمني المتدهور والفلتان الأمني المستمر يخلق حالة من عدم الارتياح والشكوك، حيث لا تزال الرؤية غير واضحة بشأن المستقبل "العقلية التي ترفض وجود المرأة تشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق مجتمع متوازن، إذ يتم إنكار دورها الحيوي في المجتمع، رغم كونها أحد أعمدته الأساسية، فتحرر المرأة هو تحرر المجتمع، ولهذا فإن هذه العقلية تقيد المرأة وتخضعها لقوانين وأساليب رجعية تعيدها إلى العصور القديمة".
وأكدت أنه رغم جميع المصاعب لعبت المرأة السورية دوراً كبيراً في النضال، ضحت وقاومت في سبيل حقوقها، ولا تزال مستمرة في كفاحها ليس فقط لإثبات ذاتها، بل لتأكيد وجودها وكينونتها في المجتمع "في إقليم شمال وشرق سوريا، تم تحقيق إنجازات ومكتسبات كبيرة، حيث أصبحت المرأة قائدة للثورة التي حملت اسمها، ومن خلال دورها الريادي، تساهم في بناء سوريا ديمقراطية، تعددية، ولا مركزية".
وأوضحت أنه بالمقابل، لا تزال النساء في المناطق الأخرى التي يسيطر عليها جهاديي هيئة تحرير الشام تعانين من انتهاكات خطيرة، بما في ذلك الاختطاف، الأسر، والقتل بطرق بشعة، كما هو الحال في الساحل السوري "قضية المرأة تشكل أولوية في النضال من أجل مستقبل سوريا، حيث لا يمكن السماح بإعادتها إلى عصور القهر والاستعباد بعد أن ناضلت وضحت للوصول إلى هذه المرحلة، إن معركتها من أجل الحرية مستمرة حتى تتمكن من قيادة سوريا نحو مستقبل ديمقراطي تعددي يُعترف فيه بجميع المكونات المجتمعية دون تمييز".
الإخلال ببنود اتفاقية تسليم الأسيرات وتأثيره على الاستقرار
وحول إعلان اللجنة المكلفة بتطبيق بنود الاتفاقية الموقعة بين المجلس العام لحيي الشيخ مقصود والأشرفية والحكومة السورية المؤقتة، والتي ينص البند الثاني عشر منها على "تبادل جميع الأسرى الذين تم أسرهم بعد التحرير"؛ تأجيل تبادل الدفعة الثانية والأسباب الكامنة ورائها تقول "وفقاً لبنود الاتفاقية التي تم توقيعها كان من المقرر تنفيذ المرحلة الثانية من التسليم، حيث تتضمن الاتفاقية 14 بنداً، من بينها تبادل الأسرى وتبييض السجون بالإفراج عن جميع المحتجزين، ومع ذلك، شهدنا مؤخراً إخلالاً بهذه الاتفاقية، حيث تم تعليق عملية تبادل الأسرى في اللحظة الأخيرة".
وأوضحت أن الحكومة المؤقتة تخضع لضغوطات خارجية، حيث تسعى بعض الجهات إلى فرض مطالبها وإخضاع المجلس المحلي لشروطها، مما يعكس محاولة لفرض أمر واقع على المنطقة، من جهة أخرى، كان هناك تجمع للأهالي الذين جاؤوا لاستقبال ذويهم، لكن تعليق التبادل أثار حالة من الاستياء والغضب بينهم، ما قد يؤدي إلى توترات بين المكونات المجتمعية.
وأضافت "يمكن النظر إلى هذا التأجيل من زاوية أخرى، حيث يبدو أن هناك من يسعى إلى زرع الفتنة بين المكونات أو حتى تأجيج النزاعات الداخلية في سوريا، لكن من الواضح أن التأخير الذي حدث، وما نتج عنه من إخلال ببند تبادل الأسرى، جاء من قبل الحكومة المؤقتة وليس المجلس المحلي في حي الشيخ مقصود والأشرفية، من الضروري أن تلتزم الحكومة بتنفيذ بنود الاتفاقية وفق ما تم الاتفاق عليه، لأن أي تجاوز لهذه البنود قد يؤدي إلى تعقيد الأوضاع وزيادة التوتر في المنطقة"، داعيةً الحكومة المؤقتة إلى الالتزام الكامل ببنود الاتفاقية.
وحول ما إذا كان رفض الحكومة المؤقتة لإطلاق سراح مقاتلات وحدات حماية المرأة، يعكس موقفاً أعمق تجاه المرأة كونها حكومة تتمتع بعقلية جهادية لا يمكنها النظر إلى أبعد من ذلك، أم أنه مرتبط بحسابات سياسية تقول "بالنظر إلى هذا الموقف، قد يكون عدم تسليم النساء المقاتلات والمدنيات المحتجزات جزءاً من حسابات سياسية أو ضغوط خارجية تُمارس على الحكومة، رفض تسليم مقاتلات وحدات حماية المرأة يعكس عدم إعطاء الحكومة الأولوية لقضية المرأة، رغم كونها قضية إنسانية ومجتمعية جوهرية".
وبينت أن قضية المرأة ليست مجرد قضية فرعية، بل هي أعمق وأوسع القضايا التي يعاني منها المجتمع السوري، وإن عدم إطلاق سراح النساء المحتجزات يعكس العقلية المتحجرة الذكورية التي لا تقبل الدور الأساسي للمرأة في المجتمع، قائلة أن "النساء اللواتي تم أسرهن، هن من قمن بالدفاع عن الأرض السورية في مواجهة الإرهاب، وكان لهن دور محوري في حماية سوريا والشرق الأوسط وحتى الإنسانية ككل".
وأكدت أنه على الحكومة السورية المؤقتة أن تعي جيداً أن قضية المرأة ليست قابلة للتجاهل، وأن الشعب سيواصل المطالبة بإطلاق سراحهن، وأن عدم الالتزام ببنود الاتفاقية يعرقل تنفيذ باقي البنود، ويؤدي إلى تداعيات سلبية قد تؤثر على مستقبل سوريا واستقرارها "المرأة ليست مجرد رقم أو فئة مهمشة، بل هي العنصر الذي قاد الثورة ويسهم في قيادة المجتمع السوري نحو الديمقراطية والتعددية".
أهمية مشاركة المرأة في بناء سوريا الديمقراطية
وحول التداعيات العسكرية لرفض السلطة إطلاق سراح مقاتلات وحدات حماية المرأة ومدى تأثير ذلك على دور المرأة في العمليات العسكرية والسياسية داخل سوريا، قالت "تشكل هذه الاتفاقية خطوة أولى في العملية السياسية نحو تحقيق الاستقرار في سوريا، فأي إخلال بهذه البنود يعكس عدم الالتزام بالمسار المتفق عليه، مما قد يؤثر على الاتفاقيات المستقبلية".
وترى أن التأخير أو الإخلال ببنود هذه الاتفاقية لا يؤثر فقط على العملية السياسية، بل يهدد أيضاً مستقبل سوريا الديمقراطية التي يسعى الجميع لتحقيقه.
المرأة صمام الأمان وضمان مستقبل مستقر لسوريا
وحول المهام الواقعة على عاتق النساء للاستمرار في النضال رغم التحديات المفروضة عليهن أوضحت أنه "في إقليم شمال وشرق سوريا، يستمر النضال الذي بدأ منذ عام 2011، حيث لم يكن مجرد لحظات متفرقة، بل مسيرة دؤوبة في سبيل تحقيق الحرية والعدالة، كانت المرأة في صدارة هذا النضال، حيث قادت المنطقة، وحمتها، ودافعت عنها، وشاركت في إدارة السياسة وتأمين الاقتصاد، وأثبتت دورها الحيوي في جميع مجالات الحياة، لقد كانت المرأة العنصر الأساسي في بناء المجتمع، ويمتد تأثيرها العميق ليشمل جميع مناطق سوريا، فهي صمام الأمان والاستقرار، وعلى جميع النساء أن يدركن أنهن القوة الحقيقية لحماية الوطن، والدفاع عنه، وتحقيق الأمن والاستقرار".
وأكدت أن المرأة قادرة على فرض الأمن والاستقرار، وعليها أن تواصل نضالها كما فعلت سابقاً، وأن تمضي قدماً في طريق الكفاح، لتتمكن جميع النساء من الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، ومنع أي تدخل خارجي في الشؤون الداخلية للبلاد، وخاصة فيما يتعلق بقضيتها "علينا أن نتكاتف ونخوض هذه المعركة المصيرية، لأن قضية المرأة ليست مجرد قضية فردية، بل هي أساس التحول الديمقراطي في سوريا، فالنضال مستمر حتى تحصل المرأة على المكانة التي تليق بتاريخها ونضالها، المرأة لا يمكن أسرها أو تقييد حريتها، فالحرية هي حقها الأساسي الذي لن تتخلى عنه".
رفع العقوبات عن سوريا بين الأثر الاقتصادي والحاجة إلى الأمن والاستقرار
وحول انعكاس التحركات الدولية والإقليمية فيما يخص ملف سوريا على الوضع الأمني والمستقبلي قالت إن رفع العقوبات عن سوريا مؤخراً يُنظر إليه على أنه خطوة إيجابية نحو تحسين الظروف الاقتصادية والمعيشية في البلاد، ومرحب بها، هذه الخطوة تمنح السوريين فرصة أفضل لمواجهة التحديات الكبيرة، كما أنها قد تساهم في دعم الانتقال السياسي وتحسين الظروف المعيشية في جميع أنحاء البلاد ولكن لن تكون ذو تأثير فعلي إن لم يُرافقه تحقيق الأمن والاستقرار للشعب السوري، وخاصة النساء اللواتي تحملن أعباء الحرب والاضطرابات "لقد عانى السوريون من اقتصاد متردٍ نتيجة العقوبات المفروضة منذ سنوات، لكن رفع هذه العقوبات وحده لا يكفي إذا استمرت مشاهد القتل، والتهجير، والانتهاكات المستمرة".
وأكدت أن الأولوية الآن لتحقيق الأمن والاستقرار في البلاد وضمان عودة الأهالي المهجرين إلى أراضيهم ومدنهم "من دون بيئة آمنة ومستقرة، لن يكون لرفع العقوبات تأثير فعلي على حياة السوريين، ولن يتحقق الانتعاش الاقتصادي بالشكل المطلوب".
وفي ختام حديثها قالت المتحدثة باسم وحدات حماية المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا روكسان محمد إنه لتحقيق الاستقرار الحقيقي يجب أن تبذل جهوداً مستدامة تشمل الإصلاحات الاقتصادية والسياسية، وضمان مشاركة جميع المكونات المجتمعية، وخاصة النساء، في بناء مستقبل سوريا "على الحكومة المؤقتة أن تستمع إلى آراء الشعب السوري، وتعمل على إشراك جميع مكوناته وأطيافه في بناء سوريا الديمقراطية الجديدة، لأن تحقيق العدالة والمساواة هو الخطوة الأولى لضمان مستقبل أفضل، الأمن والاستقرار هما الأساس لأي نهضة اقتصادية واجتماعية، وبدون تحقيقهما، لن يكون لرفع العقوبات أي أثر إيجابي حقيقي".