'رد فعل الشعوب هو الثمن الباهظ لأحكام الإعدام في إيران'

أكدت زهور نوروزي أن أنشطة بخشان عزيزي ووريشة مراي وشريفة محمدي كانت لدعم الفئات الأكثر تهميشاً في المجتمع، وإذا تم تنفيذ أحكام الإعدام بحقهن فإن رد فعل الشعب الإيراني وشرق كردستان سيكون له ثمن باهظ على السلطات الإيرانية.

شهلا محمدي

مركز الأخبار ـ السجينات السياسيات بخشان عزيزي ووريشة مرادي وشريفة محمدي تواجهن عقوبة الإعدام، ومع تأييد المحكمة العليا للحكم الصادر بحق بخشان عزيزي ورفض إعادة محاكمتها، تزايدت المخاوف على حياتهن.

على الرغم من أن عدد عمليات الإعدام والقمع في السجون الإيرانية ارتفع بشكل حاد خلال العام الماضي، يحاول النشطاء منع تنفيذ أحكام الإعدام من خلال إطلاق حملات مختلفة، حيث أطلقت حركة "أنا أيضاً" الفارسية ومجموعة من الناشطين حملة "نحن قلقون" في الأيام الأخيرة، في هذه الحملة، حاولت النساء جذب انتباه المجتمع الإيراني من خلال نشر صور بخشان عزيزي ووريشة مرادي وشريفة محمدي.

تطرقت زهور نوروزي، الناشطة الحقوقية والنسوية، إلى وضع السجينات السياسيات الثلاثة "في نظام القمع الإيراني، الذي تفوق في قمعه على النظام في الصين العام الماضي، من غير المسبوق وضع ثلاث ناشطات سياسيات في انتظار تنفيذ حكم الإعدام، هؤلاء النساء ناشطات في مجال العدالة وعملن لصالح أكثر شرائح المجتمع تهميشاً، حيث يقتصر وجودهن على نطاق جغرافي محدود، وهذه خطوة غريبة، ولا شك أن السلطة الإيرانية تدرك العواقب الوخيمة التي قد تترتب على تنفيذ إحدى هذه الإعدامات بالنسبة لها".

وأشارت إلى أنه "حتى بإعلان هذه الأحكام والإصرار عليها فإن إيران دفعت ثمناً باهظاً، وهذا عمل عدائي من قبلها، ويبدو أنه بسبب الوضع السياسي الخاص وانعدام الأمن الذي تعيشه، فإنها تقوم بتصفية الحسابات حول الأعمال العدائية مثل القضايا المتعلقة بحركة التحرر الكردستانية وحركة المرأة".

وأضافت "في ظل هذه الظروف، تم اتخاذ موقف عدائي تجاه هذه الأحكام الثلاثة، ولكن الأهم من كل هذا هو قلقنا العميق إزاء هذا الوضع، ولا ينبغي لنا أن ننسى، فإذا حمل كل واحد منا هذا القلق بمفرده، فقد ننسى مقدار الألم الذي يتقاسمه الآخرون، لذا فإن أهم شيء هو أن نتذكر مدى القلق الذي يشكله هذا الوضع".

وحول التكلفة التي قد تتحملها السلطة الإيرانية نتيجة تطبيق هذه الأحكام قالت "لقد شهدنا في الأيام الأخيرة دعماً عالمياً واسع النطاق لوريشة مرادي، وبخشان عزيزي، وشريفة محمدي، وتعتبر هذه الأحكام عدائية إلى درجة أنها أثارت ردود فعل دولية ضد السلطة الإيرانية، لم تكن هناك دولة إلا وتفاعلت مع الأحكام الصادرة بحق هؤلاء الناشطات الثلاث، وقد تشكلت صرخة احتجاجية دولية واسعة النطاق، وقد دفعت إيران بالفعل ثمناً باهظاً، حتى في إسبانيا، قرأ ممثلو كتالونية بياناً في أحد أقسام البرلمان للمتظاهرين والمحتجين".

وأوضحت أنه "في البرلمان، أصبح أحد النواب الضامن السياسي لبخشان عزيزي وأعلن أنه يتابع وضعها، وطالبت ممثلة إيران بالاستجابة، وتمثل هذه الإجراءات تكلفة دولية باهظة للسلطة الإيرانية، ولكن في رأيي هذه ليست التكلفة الوحيدة التي تكبدتها إيران".

وقالت "رد فعل الشعب الإيراني وشعب شرق كردستان سيكون أكثر كلفة، ولم يقتصر هذا الرد على اللحظة الراهنة فحسب، بل قد يطال السلطات الإيرانية على نطاق واسع إذا ارتكبت مثل هذا الخطأ"، مشيرةً إلى أنه "رغم اختلاف وجهات النظر داخل الحركات الإيرانية والأحزاب الكردية، إلا أن الجميع متحدون بشأن هذه الأحكام، واتحدوا في معارضتها، هذه النقطة وحدها كافية لكي تدرك السلطة الإيرانية مدى الغضب الذي يمكن أن يتفجر بسبب مثل هذا الإجراء، ولذلك، برأيي، فإن التهديد الأكبر لإيران هو التهديد من قبل الشعب إذا ارتكبت مثل هذا الخطأ".

وحول حملة "نحن قلقون" والهدف من إطلاقها بينت "أطلقنا حملة جماعية كانت نتيجة جهد جميع الناشطين في مجال المساواة بين الجنسين، هذه خطوات صغيرة يجب اتباعها وسيكون لها تأثيرها الخاص، تخيل لو أن كل مجموعة ناشطة أطلقت حملة كل شهر، فكم من الفضاء الإلكتروني والعقول الموجودة فيه سوف تكون مشغولة، وهذا أقل ما يمكننا فعله".

وأكدت أنه "يجب علينا أن نستخدم الفرصة التي يوفرها لنا الفضاء الإلكتروني لتذكيرنا بهذا الخطر، ولكن يجب أن تتوجه هذه الحملات إلى المؤسسات الإيرانية، ليس لدينا أمل في وجود تعامل عادل مع هذه المؤسسات، ولكن من أجل زيادة الضغوط، يمكن لمختلف الفئات الاجتماعية استهداف هذه المؤسسات".

وقالت "يقع جزء من هذه المسؤولية على عاتق وسائل الإعلام، وكل واحد منا ممن لديهم يد في إنتاج المحتوى لديه مسؤولية جعل هذا المحتوى متاحاً للجمهور، وإن الرسائل التي تتمتع بإمكانات كبيرة ويمكن فهم كل جزء منها بشكل أفضل هي أشياء يجب أن نفكر فيها ونخصص لها المزيد من الموارد، وعادةً ما تغطي وسائل الإعلام الرئيسية هذه رسائل السجينات باعتبارها أخباراً فقط وقد لا تنشر محتواها الكامل، وقد تقوم وسائل الإعلام الأصغر حجماً، بسبب قضاياها السياسية وفصائلها، بنشر هذه الرسائل، ولذلك، يتعين علينا أن ننظر إلى وسائل الإعلام المستقلة لدينا، ولا نقلل من شأن أي من هذه المنافذ الإعلامية، حيث إن كل منها قادرة على عكس الرسائل التي تحملها، ويجب علينا استخدام أساليب إبداعية وميسرة لنقل المفاهيم والرسائل المهمة التي تحملها هذه الرسائل إلى الجمهور".

وأوضحت "المؤسسات الإيرانية مبنية على أساس أنها غير خاضعة للمساءلة، وهذا المبدأ يجب قبوله أولاً، وبناءً على هذا المبدأ فقط يمكننا تنظيم أنفسنا ومعرفة ما نعنيه عندما نتحدث عن المساءلة، ولا يمكننا إجبار المؤسسات على الاستجابة أو تغيير أساليبها إلا عندما نولد ما يكفي من القوة للقيام بذلك، وهذه القوة هي مساهماتنا الجماعية، وهذه الأعمال هي نتيجة تضامننا، على سبيل المثال، وقعت خمس عمليات إعدام في بلوشستان دون أي تغطية إخبارية، ولماذا بدون أي تغطية إخبارية؟ أنا أفهم أن السلطة الإيرانية ومصالحها في كل مكان في العالم، بما في ذلك الحكومات الغربية، تحاول الحد من موارد المجموعات الاجتماعية والسياسية التي تفكر حقاً في مستقبل عادل وحر للشرق الأوسط، وإخضاع هذه الموارد للضغط والرقابة، وهذه الضغوط تجعل العمل الجماعي صعباً للغاية في بعض الأحيان، لكن القضية الأهم التي يجب أن نعالجها في العمل السياسي الجماعي هي هذه المشكلة: مواجهة الرقابة والقيود وخلق مساحة للأنشطة المشتركة والفعالة".

وقالت "على الرغم من كل هذه التحديات، فقد حققنا نجاحات كبيرة، وفي الانتفاضات الناجحة، استطاع المجتمع أن يثبت مشاركته وتضامنه، ولكن استناداً إلى هذه الإنجازات، يتعين علينا أن نفكر في الثغرات التي لا تزال بحاجة إلى سدها من أجل العمل الحقيقي، لأنه خلال هذا الأسبوع، تم تنفيذ خمسة عمليات إعدام في صمت".

وأكدت الناشطة الحقوقية والنسوية زهور نوروزي في ختام حديثها أن الطريق الوحيد هو مواصلة التضامن والمشاركة الجماعية.