"قصر نظر" فيلم يسلط الضوء على معاناة النساء القرويات

سلط فيلم "قصر نظر" الضوء على الفئة المهمشة من النساء القرويات اللواتي تعشن في حرمان تام من التعليم ومن أدنى مقومات الحياة.

رجاء خيرات

المغرب ـ أكدت المخرجة والممثلة المغربية سناء عكرود أن المعاناة التي تعيشها النساء القرويات اللواتي لم تحظين بالتعليم ولا بفرص توفر لهن عيشاً كريماً هو ما دفعها لإخراج فيلم "قصر نظر" أو "ميوبيا".

نظمت ندوة صحفية، أمس الخميس 29 أيلول/سبتمبر، بعد عرض فيلم "قصر نظر" للمخرجة سناء عكرود الذي يشارك ضمن المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة بمهرجان سلا الدولي لفيلم المرأة، وعن الفيلم تقول إن هذا العمل هو ثمرة رصيد إنساني ومعرفي راكمته طيلة السنوات التي قضتها في مجال الفن السابع والدراما التلفزيونية.

وأعربت عن رغبتها في التعبير عن تصورها لقضية النساء القرويات المهمشات والدفاع عن حقهن في التمتع بحياة كريمة، وهو ما دفعها لإخراج هذا العمل.

وعن أسباب اختيارها لموضوع فيلمها، أوضحت إن المعاناة والصعوبات التي تواجهها المرأة القروية بأعالي الجبال في ما يسمى بالمغرب العميق أو المنسي هو الدافع وراء إخراج وإنتاج هذا الفيلم.

وحول موضوع فيلمها قالت سناء عكرود إن الشخصية المحورية التي يدور حولها العمل هي امرأة قروية تدعى "فاطم" والتي تعيش رحلة استثنائية عندما غادرت قريتها بأعلى الجبل في اتجاه المدينة، لجلب نظارات أخرى لشيخ القبيلة بعد أن تكسرت نظاراته القديمة، ولم يعد أهل القرية يجدون من يقرأ لهم الرسائل التي تأتي من الضفة الأخرى، وعلى رأسهم "فاطم" التي تنتظر رسالة من زوجها المهاجر، للالتحاق به، فالشيخ وحده يمكنه قراءة الرسالة المنتظرة.

وفي خضم هذه الرحلة تعيش "فاطم" أحداثاً متسارعة ومؤلمة كلفتها فقدان جنينها بعد إجهاض اضطراري قبل أن تعود مجدداً للقرية دون تحقيق الهدف الذي تركت بيتها وابنتها الرضيعة من أجله.

وأوضحت سناء عكرود إن "فاطم" المرأة القروية الساذجة والأمية هي المرآة التي كشفت المعاناة الحقيقية للقرويات، وشرحت البنيات التحتية المختلة للعالم القروي، فالأحداث المتسارعة التي ستعيشها بالمدينة أظهرت أن النساء القرويات اللواتي تفتقرن لأدنى شروط العيش الكريم مضطهدات تعشن خارج الزمن، في حين أن لا أحد يلتفت لهن.

ولفتت إلى محنة النساء القرويات وبحثهن المضني عن المياه واضطرارهن للمحافظة عليه وحسن تدبيره بحكم أنهن تقطعن مسافات بعيدة ولساعات طويلة في بحثهن عن مصادر المياه التي يجلبنها للشرب والاغتسال والتنظيف، كما تخضن معارك طاحنة من أجل جلب الحطب، والذي يصبح عملاً شاقاً بعد تساقط الثلوج، حيث تضطر النساء للتوجه للغابات المجاورة لجمع الحطب من أجل الطهي والتدفئة، دون الحديث عن أعمال البيت الأخرى.

وأشارت إلى أن المرأة القروية تعمل في البيت وفي الحقل ولا تتقاضى أي أجر عن عملها، كما تُحرم الفتيات من ولوج المدارس نظراً لبعدها، أما الحوامل فتلك قصة أخرى تطرق لها الفيلم، حيث كانت "فاطم" تجيب إحدى الناشطات في مجال حقوق الإنسان أنهن تلدن بمفردهن أو بمساعدة "القابلة"، وهي امرأة مسنة ذات خبرة ودراية بأمور الولادة، ومنهن من يتم حملهن على النعوش لقطع المسالك الثلجية الوعرة بحثاً عن أقرب مستوصف، في حين تفارق الحياة العديد منهن عند تعسر الولادة.

ونوهت إلى إن هذا الفيلم الذي قامت بكتابة سيناريوه وأخرجته ولعبت دور البطولة فيه، هو ثمرة تجربتها الإنسانية والمهنية، والهدف منه هو تمرير رسائل مهمة لمن يهمهم الأمر للفت النظر لهذه الفئة المهمشة من النساء القرويات اللواتي تعشن في حرمان تام من التعليم ومن فرص الحياة، معتبرةً أن شخصية "فاطم" كشفت عن معاناة النساء للمجتمع ولكل مكوناته من خلال براءتها وسذاجتها في مواجهة العديد من الأشخاص الذي أبدوا رغبة في استغلال قضيتها وتسييسها دون التفكير في وضعها أو مصلحتها.

ويعد فيلم "قصر نظر" للمخرجة سناء عكرود ثاني فيلم روائي طويل لها بعد فيلمها "خنيفسة الرماد" 2005، وهو إنتاج مغربي وكندي، وحاز على ثلاث جوائز خلال المهرجان السينمائي الدولي.