نسويات تونسيات: القضايا النسوية تتقاطع مع القضايا الإنسانية
تؤكد نسويات تونسيات على أن النضال والمقاومة من أجل الأرض قضية مشتركة وجب أن تتشاركن فيها لمحاربة منتزعها محتلاً كان أو سلطة.
زهور المشرقي
تونس ـ تستمر فعاليات التظاهرة الثقافية التي نظمتها جمعية أصوات نساء، بمناسبة حملة الـ 16 يوماً العالمية للقضاء على العنف ضد النساء.
سلطت فعاليات التظاهرة الثقافية أمس الجمعة 8 كانون الأول/ديسمبر، الضوء على المقاومة النسائية الفلسطينية والعاملات في القطاع الفلاحي في تونس.
وعلى هامش التظاهرة التي انطلقت الخميس 7 كانون الأول/ديسمبر في العاصمة تونس، وتختتم اليوم السبت 9 كانون الأول/ديسمبر، قالت المديرة التنفيذية لأصوات نساء سارة بن سعيد أن "التظاهرة هي رسالة من نساء تونس إلى نساء فلسطين اللواتي تقاومن الاحتلال والعنف وتعشن حرب إبادة أمام العالم"، لافتةً إلى أن الجمعية كمنظمة تونسية تقاطعية من واجبها توعية الشباب/ات المقبلين عليها بأهمية القضية الأم وأحقية الأرض المسلوبة "تتوافد الفئة الشابة على جمعيتنا ومن واجبنا غرس القضية في وجدانهم لتربيتهم على حب القضية وقضايا التحرر والحرية كما عشنا نحن".
وأكدت على أن القضية الفلسطينية ليست تريند أو تدوينات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بل هي قضية رافقت أجيالاً كثيرة، مشيرة إلى أن "التظاهرة التي تعرض عبرها أفلام هي نوع آخر من المقاومة ورسالة دعم لهن من أجل استعادة الأرض والحرية ومحاربة بطش المحتل الغاصب".
واعتبرت أن "ما شوهد عبر منصات الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي صادم ومخزي يتنافى وما حمله الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومختلف القوانين، ولا خيار لنا غير دعم المقاومة الفلسطينية وإدانة الجرائم ضد الإنسانية في غزة وندعو لمحاسبة إسرائيل أمام المحاكم الدولية بعد ما سجل من إجرام وعنف غير مسبوق في العالم وتعذيب علني دون خشية من المحاكمة، تزعجنا هذه المعايير المزدوجة في معالجة ما تتعرض له غزة".
ومن جانبها أفادت الناشطة بأصوات نساء سحرة حفصة بأن التظاهرة الثقافية جاءت تحت عنوان "من مكافحات تونس إلى مناضلات فلسطين"، حيث يتلاقى الطرفان في ألم الأرض "تناضل الفلسطينيات من أجل استرجاع الأرض المفتكة من المحتل وتكافح العاملات في القطاع الفلاحي من أجل حقوقهن"، لافتةً إلى أن "الدورة التي امتدت ثلاثة أيام متتالية حاولت تقريب القضية عبر الأفلام التي تحاكي النضال النسوي هناك برغم آلة القمع والاعتقال والتعذيب والقتل، وأفلام تتحدث عن مشاركة النسويات في المقاومة ضد الاحتلال".
بدورها أكدت الناشطة الحقوقية غادة شراد والتي شاركت بمداخلة حول المقاومة الفلسطينية في بعدها النسوي وتأصيل تاريخها النضالي منذ الاحتلال البريطاني ومسيرتهن السياسية والاجتماعية وتكوين الجمعيات وغيرها في سبيل مقاومة الاحتلال البريطاني آنذاك أو إسرائيل اليوم فضلاً عن الحديث عن واقع الأسيرات في السجون ومعتقلات إسرائيل، مشيرةً إلى أن النساء في غزة اليوم تعانين وضعاً مأساوياً من ناحية نقص المواد الصحية ومواد النظافة الشخصية وهي أمور تناسب الجميع للحديث عنها.
وقالت إنه وجب التذكير أيضاً بنضالات الفلسطينيات قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، حتى لا تغيب أصواتهن التي كان ثمنها التنكيل بهن وتجويعهن وتهجيرهن قسراً واستهدافهن بشكل همجي.
وفيما يخص الجانب القانوني وتعامل القانون الدولي الإنساني مع الوضع في غزة، اعتبرت أن ما عاشه القطاع أزمة إنسانية شملت الجميع، لافتةً إلى أن القانون الدولي بكل تفرعاته لم يطبق ووضع فقط لحماية الغرب "إن المعايير المزدوجة والنفاق الدولي كشفته الحرب، فخلال الحرب الروسية ـ الأوكرانية هبّ العالم لإنقاذ النساء هناك والتنديد بالانتهاكات ضدهن ونظمت المسيرات الرافضة لتعنيفهن، لم نجد ولم نرى اليوم نسويات العالم تنتفضن على الرغم أن القضية واحدة، وهي قضية الحرية والتحرر والوجود".
وأضافت "في المقابل في أوكرانيا سمح لهن كنساء بحمل السلاح والمقاومة أما في أزمات منطقتنا يسمى إرهاب لا دفاع عن النفس والأرض وهنا تكشف المعايير المزدوجة المُسيسة، حمل الغزاويات مثلاً للسلاح يعتبر إرهاباً عند الغرب وخروجاً عن المواثيق الدولية والاتفاقيات وما هو متعارف عليه دولياً".
وقالت إنه "من المؤسف أن يحرم الفلسطيني من تقرير مصيره ومن أرضه باتفاق دولي أمام مرأى العالم ومسمعه دون تحرك بل بدعم للمحتل على حساب آلام النساء والأطفال".
والجدير بالذكر أن هذه التظاهرة الثقافية تهدف إلى عرض ومناقشة ثلاثة أفلام تجمع بين المقاومة النسائية الفلسطينية ونضال النساء التونسيات من أجل انتزاع حقوقهن في القطاع الفلاحي، وذلك في إطار تقاطع القضية النسوية مع كل القضايا الإنسانية، إذ يظهر أن النضال من أجل الأرض يتجلى بعدة أوجه وأساليب، حيث تقاوم الفلسطينيات الهجمات الإسرائيلية، فيما تقاوم التونسيات الأنظمة الرأسمالية النيوليبرالية وسياسات التقشف وتوجيهات الصناديق الدولية.