نقابة الصحفيين تنظم وقفة عاجلة لإنقاذ الصحفية المحاصرة مروة مسلم

نظمت نقابة الصحفيين الفلسطينيين وقفة تضامنية عاجلة للمطالبة بإنقاذ حياة الصحفية مروة مسلم المحاصرة منذ ٢٣ يوماً تحت القصف شرق غزة.

نغم كراجة

غزة ـ أصدرت نقابة الصحفيين الفلسطينيين بياناً عاجلاً عبرت فيه عن بالغ قلقها حيال المصير المجهول للصحفية المحاصرة مروة مسلم والتي تُحتجز منذ ثلاثة وعشرين يوماً تحت نيران القصف الإسرائيلي الكثيف في حي "الشعف" شرق مدينة غزة دون طعام أو ماء أو أي وسيلة للنجاة.

أكدت نقابة الصحفيين الفلسطينيين أن المعطيات التي وصلتهم من خلال زملاء ووسائل اتصال محدودة "تشير إلى أن مروة ما زالت على قيد الحياة ولكنها في خطر داهم ومع كل لحظة تمر تزداد احتمالات فقدانها، الأمر الذي يُحتم على الجميع أفراداً ومؤسسات التحرك الفوري لإنقاذ حياتها وحياة عائلتها المحاصرة".

وناشدت النقابة في بيانها الأمم المتحدة ومؤسسات الحماية الدولية وعلى رأسها اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) بالتدخل العاجل لفتح ممر إنساني يتيح لطواقم الدفاع المدني الوصول إلى منزل الصحفية العالق تحت الأنقاض القريبة من مكان القصف في ظل استمرار منع الاحتلال وصول الطواقم الطبية وفرق الإنقاذ إلى المنطقة.

وأمام مقر النقابة مساء أمس الثلاثاء 29 تموز/يوليو، في مدينة غزة، نُظمت وقفة تضامنية شارك بها مجموعة من الصحفيين والصحفيات، رافعين شعارات باسم مروة مسلم تطالب بإنقاذها فوراً.

 

"محاولة ممنهجة لإخماد صوت الصحفيين"

قالت خلالها الصحفية مريم الدعبلة إحدى المنظمات للفعالية "هذه الوقفة لم تكن استعراضية ولا تحمل أي طابع رمزي، إننا هنا اليوم من أجل إنقاذ روح زميلتنا الصحفية مروة مسلم التي حاولت أن توصل لنا إشارات استغاثة رغم ضعف الاتصال وتقطعه، لقد وصلنا أنها على قيد الحياة، تحاول الصراخ من داخل مكانها، تبحث عن بصيص نجاة، فهل ننتظر أن تُدفن تحت الركام بينما نرفع شعار حرية الصحافة؟ لا تتركوا مروة تموت جوعاً وعطشاً تحت الأنقاض، من يملك ذرة ضمير وإنسانية عليه أن يتحرك الآن، لا غداً".

وأضافت بنبرة ممزوجة بالغضب والانكسار "نخوض هذه المعركة المهنية في بيئة يقتل فيها الصحفيون عمداً، يُستهدفون على مرأى من العالم، وتُركت زميلتنا بين أنقاض بيتها دون طعام أو ماء، دون حتى سماح بإخلائها، رغم كل مناشداتنا، هذه ليست حرباً فقط على الحقيقة بل محاولة ممنهجة لإخماد صوتها إلى الأبد".

 

"سياسة قائمة على الإعدام البطيء"

من جهتها، شددت داليا العفيفي الصحفية وعضوة في نقابة الصحفيين الفلسطينيين، على أن ما يتعرض له الصحفيون الفلسطينيون في غزة هو تعذيب ممنهج يتجاوز الاستهداف العشوائي إلى سياسة قائمة على الإعدام البطيء، قائلة "القوات الإسرائيلية يمارس انتقاماً سادياً ضد كل من يحمل كاميرا أو قلماً، الصحفيون لم يعودوا فقط شهوداً على المذبحة بل تحولوا إلى ضحايا مباشرين لها، اليوم زميلتنا مروة مسلم محاصرة في منزلها المتصدع بفعل الغارات الجوية، فيما المنطقة كلها أُخليت بأوامر عسكرية لكن مروة هذه الفتاة المثابرة رفضت النزوح لعدم توفر بدائل آمنة، وبقيت تحت رحمة القصف، واليوم تعيش على قيد الأمل فقط، محرومة من الغذاء والماء والدواء".

وأضافت "القوات الإسرائيلية لا تكتفي بمنع طواقم الدفاع المدني من الدخول بل يستخدم ذريعة التمركز العسكري لحرمان المدنيين من حقوقهم الأساسية في الحياة والنجاة، هذا النهج يُعبر عن تواطؤ دولي مخجل، وعن نظام قتل مُنظم لا يستثني أحداً، لا النساء ولا الصحفيات، ولا حتى الجرحى العالقين تحت الأنقاض، لا نطلب المستحيل فقط نريد إنقاذ زميلتنا، فهل باتت مطالب النجاة عبئاً ثقيلاً على الضمير العالمي؟".

 

"جريمة حرب مكتملة الأركان"

وفي مداخلة، حمّلت الناشطة الحقوقية أسماء الدعبلة المجتمع الدولي بأكمله مسؤولية استمرار الحصار القاتل على مروة مسلم، معتبرة أن ما يجري يمثل جريمة حرب مكتملة الأركان وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني "ما يحدث للزميلة مروة ليس حادثاً معزولاً بل يتجسد فيه حجم الإجرام الممنهج ضد الصحفيات الفلسطينيات، الاتفاقيات الدولية وعلى رأسها اتفاقية جنيف الرابعة تُجرّم منع الوصول للمصابين والمدنيين العالقين، ولكن إسرائيل تضرب بهذه الاتفاقيات عرض الحائط، في ظل إفلاس أخلاقي وتواطؤ فاضح من الدول الكبرى ومؤسسات حقوق الإنسان".

وأضافت "وفقاً لاتفاقية سيداو التي تُلزم بحماية النساء في مناطق النزاع، فإن ما يحدث مع مروة يُعد انتهاكاً جسيماً لحقوق النساء، ويكشف عن فشل المجتمع الدولي في حماية النساء الصحفيات في بيئة النزاع، لا يجوز بأي حال أن نسمح باستمرار هذه الجريمة، هناك فتاة على قيد الحياة تصرخ من تحت الحصار وتنتظر يد إنقاذ واحدة، وكل دقيقة تمر تعني خطوة أقرب للموت، مروة ليست مجرد ضحية بل نموذج حي للمرأة الفلسطينية الصامدة التي تعيل شقيقيها منذ سنوات بعد سفر والديها للعلاج في الخارج، واليوم تواجه الموت وحدها في حي يُقصف بلا توقف".

وأكدت أن كل المحاولات التي جرت للتواصل مع مروة مسلم خلال الأيام الأخيرة باءت بالفشل إلا من ثلاث محاولات اتصال قصيرة أطلقت خلالها صرخات استغاثة.

 

حملة "أنقذوا مروة مسلم"

وفي ختام الوقفة، أصدر المشاركون بياناً موسعاً تضمن سلسلة من المطالب الملحة، كان أبرزها السماح الفوري والعاجل بدخول طواقم الإسعاف والدفاع المدني إلى حي "الشعف" شرق غزة، وتمكينها من الوصول إلى الصحفية المحاصرة مروة مسلم، وتحميل القوات الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن سلامة الصحفية، ومطالبة الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان بإرسال لجنة تقصي حقائق عاجلة، ودعوة المجتمع المدني الدولي ومؤسسات حرية الصحافة إلى رفع الصوت عالياً والضغط على الحكومات من أجل وقف استهداف الإعلاميين في غزة، أيضاً مطالبة اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتفعيل دورها الميداني وعدم الاكتفاء بالمراقبة، والسعي لإجراء اتصال مباشر مع مروة ومحاولة الوصول إليها بأي وسيلة ممكنة، إلى جانب ذلك الدعوة إلى إطلاق حملة دولية تحت عنوان "أنقذوا مروة مسلم" تشارك فيها النقابات الإعلامية العالمية والمؤسسات الحقوقية والهيئات الإنسانية.