ندوة علمية تؤكد على ضرورة حوكمة البيانات لضمان حقوق النساء الصحية
سلطت ندوة علمية أقيمت في العاصمة المغربية مراكش، الضوء على حقوق النساء وضرورة النهوض بها، وفهم العراقيل والتحديات التي تواجههن داخل المؤسسات الصحية.
رجاء خيرات
مراكش ـ أكدت المشاركات في ندوة علمية حول الذكاء الاصطناعي وحوكمة البيانات الصحية للنساء، على أن ضعف التوثيق المعلوماتي لمعطيات وبيانات النساء اللواتي تستفدن من الخدمات الصحية لازال مطروحاً، مما يستوجب استراتيجية وطنية لرقمنة تلك الخدمات مع توفير سبل حمايتها وأمنها.
نظم المعهد الدولي للبحث العلمي بمشاركة مركز "إتاحة المعرفة من أجل التنمية"، أمس الجمعة 15 كانون الأول/ديسمبر، ندوة علمية حول موضوع "الذكاء الاصطناعي وحوكمة البيانات الصحية للنساء: المغرب نموذجاً".
وعلى هامش الندوة قالت رئيسة المعهد الدولي للبحث العلمي والخبيرة الدولية في الذكاء الاصطناعي فاطمة رومات أن "التركيز على حقوق النساء والنهوض بها يحيلنا بالضرورة على الحديث عن تسهيل ولوج النساء للخدمات الصحية، والتي لازالت تواجهها العديد من التحديات، سواءً بالنسبة للمريضات أو المهنيين العاملين في القطاع الصحي".
وأوضحت أن هذه الندوة تأتي تتويجاً لمخرجات الدراسة الميدانية التي أنجزها المعهد الدولي للبحث العلمي بمراكش، بالتعاون مع مركز "الوصول إلى المعرفة من أجل التنمية" بهدف تسهيل ولوج النساء للخدمات الصحية، وفهم العراقيل والتحديات التي تواجههن في المؤسسات التي شملتها الدراسة.
ولفتت إلى أن هذه الدراسة هي جزء من مشروع بحثي حمل عنوان "الذكاء الاصطناعي وحوكمة البيانات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا"، بمشاركة مجموعة من الدول كالمغرب، تونس، مصر ولبنان، بهدف تعزيز وتطوير ونشر وحوكمة الذكاء الاصطناعي والبيانات المسؤولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من خلال خلق المعرفة والتواصل ودعم السياسات واللوائح والتعاون متعدد التخصصات وتنمية القدرات، لوضع المنطقة كرائدة في الذكاء الاصطناعي والبيانات المسؤولة على مستوى العالم".
وأوضحت أن الحوكمة تتضمن ثلاث مراحل تخص أولاً تجميع البيانات، ثم أرشفتها ومن ثم حفظها، من خلال استمارات تضمنت أربعين سؤالاً تم توجيهها للمستجوبين وتكييفها بحسب طبيعة عملهم إما أطباء أو الممرضين أو تقنيين أو مرضى، تخص البيانات والمعطيات الخاصة بالمرضى، خاصةً النساء اللواتي تلجن للخدمات الصحية.
وبينت أنه على الرغم من وجود مجموعة من المبادرات التي تضمن الانتقال الرقمي في المغرب، إلا أن الانتقال إلى عصر الذكاء الاصطناعي يطرح ضرورة وضع استراتيجية وطنية له مبنية على النوع الاجتماعي، لافتةً إلى أن الدراسة وقفت على مجموعة من التحديات المرتبطة بالغموض الذي يكتنف مفهوم البيانات الصحية والتي تشمل البيانات الشخصية والسريرية، علاوة على الغموض الذي يعتري الفرق بين المعلومات والبيانات.
وفي هذا السياق، كشفت أن أكثر من 90% من مدراء ورؤساء المؤسسات الصحية، الذين شملتهم الدراسة وأجريت معهم المقابلات في كل من القطاعين العام والخاص، أكدوا أن الاستراتيجيات الوطنية المسطرة يتم تنفيذها، والتي تدخل في إطار المجهودات الوطنية من أجل الانتقال الرقمي بما في ذلك قطاع الصحة.
وأشارت إلى أن مديري المؤسسات الصحية أكدوا على استخدام كل من الأدوات الرقمية و"التقليدية" خلال تجميع وإدارة البيانات وتخزينها وضمان حمايتها وأمنها وذلك في كل من القطاعين العام والخاص بما فيها المناطق القروية مع وجود اختلافات طفيفة بين المجالين.
وقالت أن هذه الأدوات والأنظمة الرقمية تسهل وصول النساء إلى الخدمات الصحية، عبر تنظيم المواعيد، كما أن تزويد المؤسسات الصحية بنظام معلوماتي صحي حديث يُسهل التواصل مع المريضات لكسب ثقتهن، وبهذا الصدد فإن النظام الوطني للمعلومات الصحية، أثبتت الدراسة أنه منظم وقائم على شبكة الرعاية الصحية.
ولفتت إلى أن الدراسة خلصت إلى ضرورة الحرص على جمع بيانات ذات جودة عالية واستخدام تقنيات وأنظمة رقمية تضمن الحوكمة الجيدة للبيانات الصحية ومستوى عالي من الحماية، وتستخدم أنظمة الذكاء الاصطناعي على مستويات مختلفة، مما يضمن خدمات صحية جيدة للنساء.
وعن العراقيل والتحديات والمخاطر قالت فاطمة رومات، أن قطاع الصحة لا يخلو من مخاطر رصدتها الدراسة تخص بالأساس ضعف البنية التحتية التكنولوجية الصحية كنقص تغطية الإنترنت والأجهزة الإلكترونية في بعض المراكز الاستشفائية خاصةً في المناطق القروية، إضافةً إلى تلقي بيانات غير صحيحة من المرضى مع الأخذ في الاعتبار تفشي ظاهرة الأمية، وعائق اللغة، وقلة الموارد البشرية، بالإضافة إلى عدم قابلية واستعداد المريضات للكشف عن معلوماتهن الشخصية.
وأشارت إلى أن نقص التدريب والتكوين المستمر في صفوف أخصائي الرعاية الصحية يحد من وصول الأهالي إلى خدمات الرعاية الصحية، مشددةً على الحاجة إلى رؤية استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي مبنية على المقاربة الحقوقية ومقاربة النوع الاجتماعي والمقاربة المجالية والتشاركية من أجل تجاوز هذه المشاكل.
كما دعت إلى الرفع من التمويل المخصص للصحة العامة بشكل عام ودعم البحث والابتكار ورفع مستوى الوعي بين الأهالي، وتقديم الحوافز للعاملين في مجال الرعاية الصحية، مع توفير البنية التحتية الرقمية إضافةً إلى التوفيق بين الطرق التقليدية لتجميع البيانات وتخزينها وحمايتها والأساليب الرقمية التي يفرضها عصر الذكاء الاصطناعي.
وأشار المشاركون/ات خلال الندوة إلى أن العاملين في قطاع الصحة يعانون من غياب توثيق معلوماتي للمرضى، خاصةً على النساء ومسارات أمراضهن وعلاجاتهن، مما يصعب معه ضبط الحياة الصحية للنساء من قبل الأطباء، حيث تجبر المريضات الحفاظ على الوثائق الورقية المتعلقة بملفاتهن الطبية كالصور الشعاعية، الوصفات الطبية، إضافةً إلى التساؤلات حول كيفية مساهمة النظام المعلوماتي في الحد من هذه المشاكل، مع حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي للمرضى بشكل عام والنساء بشكل خاص.
وتطرقت بعض المشاركات إلى صعوبة ولوج النساء الأمازيغيات إلى الخدمات الصحية، حيث تشكل اللغة عائقاً أمام إعطاء بياناتهن بدقة، مما يجعل استفادتهن من هذه الخدمات بعيدة المنال.