ندوة في بغداد تبحث واقع المرأة العراقية ضمن مؤشرات الصحة الجيدة والرفاه
أجمعت المشاركات في ندوة مشروع "تاء" على أن صحة المرأة تمثل أساس التنمية والاستقرار، مؤكدات أن تحسن واقعها الصحي ضرورة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وتعزيز استقرار المجتمع ونموه.
رجاء حميد رشيد
العراق ـ تعد مؤشرات الصحة والرفاه من أبرز أهداف التنمية المستدامة وتكشف الإحصاءات في العراق عن تحديات صحية تواجه المرأة، رغم تحسن العمر المتوقع وارتفاع نسب الولادات تحت إشراف طبي، ما يستدعي استراتيجيات شاملة لتعزيز النظام الصحي وضمان حق الجميع في الرعاية.
عقد مشروع "تاء" لتعزيز دور المرأة أمس الاثنين الأول من كانون الأول/ديسمبر، ندوة في العاصمة بغداد تناولت واقع المرأة العراقية ضمن مؤشرات الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة (الصحة الجيدة والرفاه)، واستضافت الندوة التي أدارتها الدكتورة شهد الربيعي مديرة المشروع كلًّا من الباحثة الأكاديمية الدكتورة سالي سعد محمد، والدكتورة طيف مكي رئيسة أبحاث في قسم سياسات تمكين المرأة بوزارة التخطيط.
صحة المرأة أساس التنمية
وأكدت الدكتورة سالي سعد محمد أن الحديث عن المرأة ليس ترفاً فكرياً، بل هو ضرورة تنموية ترتبط بشكل مباشر بقدرة العراق على تحقيق الاستقرار والنمو، فالمرأة تمثل أكثر من نصف المجتمع، وصحتها أساس لصحة الأسرة والتعليم وتماسك المجتمع، مما يجعل الاستثمار في خدماتها الصحية استثماراً في التنمية الوطنية.
وأوضحت أن الواقع الصحي في العراق تأثر بعقود من الحروب والأزمات والنزاعات وتدهور البنى التحتية، وهو ما خلّف فجوة كبيرة بين الاحتياجات الصحية الفعلية والخدمات المتاحة، وكانت المرأة الأكثر تأثراً بذلك.
وبيّنت أن النساء ما زلن يواجهن تحديات عديدة في تحقيق مؤشرات الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة، أهمها تفاوت الخدمات بين المدن، ضعف التمويل الصحي، نقص الكوادر النسائية، الحواجز الاجتماعية والثقافية، الوصمة الاجتماعية، ارتفاع العنف الأسري، تأثير النزوح، ضعف البيانات الصحية، غياب الكشف المبكر، إضافة لعدم استقرار الإمدادات الدوائية، إضافة إلى الزواج المبكر والأعباء الاقتصادية التي تعيق وصول النساء للرعاية.
واختتمت حديثها بالتأكيد على أن معالجة هذه التحديات تتطلب استجابة شاملة تشمل تقوية النظام الصحي، وتمكين المرأة اقتصادياً، ورفع الوعي، وتوفير حماية قانونية، وزيادة الكوادر النسائية، ودمج الصحة النفسية في الرعاية الأساسية، فصحة المرأة هي أساس بناء مجتمع مستقر واقتصاد قوي واستثمار مستدام لمستقبل العراق ورؤيته لعام 2030.
التحديات الصحية للمرأة
من جانبها استعرضت الدكتورة طيف مكي العزاوي، مؤشرات الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة استناداً إلى النسب والإحصائيات السنوية الصادرة عن هيئة الإحصاء ونظم المعلومات الجغرافية في وزارة التخطيط و أيضا مؤشرات وزارة الصحة والبيئة للفترة الممتدة ما بين عام 2015 ـ 2023 والمتعلقة بالعمر المتوقع عند الولادة، ونسبة وفيات الأمهات، ونسبة الولادات تحت إشراف طبي، إضافة إلى مؤشر الخصوبة، وبعض الأمراض.
وأكدت أن الصحة والرفاه ليست رفاهية، بل هي حق أساسي لجميع الأفراد، يتطلب توفير خدمات صحية ذات جودة عالية من مستشفيات ومراكز رعاية، مشيرةً إلى أن نسبة السكان توزعت بواقع 50.22 % للذكور مقابل 49.78% للإناث، وبحسب بيانات التعداد السكاني لعام 2024 بلغ عدد سكان العراق 46.118.793 نسمة.
وفيما يتعلق بالعمر المتوقع عند الولادة، أشارت إلى ارتفاع معدل عمر النساء مقارنة بالرجال، إذ بلغ بالنسبة للنساء في عام 2022 نحو 76.8 % وهو أعلى من المعدل العالمي البالغ 73 %، مما يعكس تقدماً في هذا المؤشر ضمن أهداف التنمية المستدامة.
وأوضحت أن نسبة وفيات الأمهات قد شهدت تفاوتاً بين سنوات البحث، حيث سجلت عام 2022 ارتفاعاً لتصل إلى 46.1 % بسبب تداعيات جائحة كورونا وما بعدها، إضافة إلى العادات والتقاليد التي تعيق وصول المرأة إلى المستشفيات خلال فترات الحظر الصحي، إلا أن النسبة بدأت بالانخفاض في السنوات اللاحقة، وهو مؤشر إيجابي يعكس أثر السياسات العامة الحكومية والاستراتيجيات الصحية، بالرغم من أن المعدل العالمي يبلغ 15% ما يجعل النسبة المسجلة في العراق مرتفعة مقارنة به.
وبخصوص نسبة الولادات تحت إشراف طبي، قالت طيف مكي العزاوي، إنها حافظت على مستويات جيدة، إذ بقيت ثابتة عند 96 % لعدة سنوات، وارتفعت لتصل إلى 98 % في عام 2023 وهي نسبة تُعد ممتازة.
وفي مؤشر الخصوبة، الذي يقيس معدل الإنجاب لدى النساء، بلغ المعدل في العراق 2.9 وهو أعلى من المعدل العالمي البالغ 2.1، الأمر الذي يستدعي العمل على تحقيق توازن بين معدلات النمو السكاني والموارد المتاحة.
أما بشأن بعض الأمراض التي تعاني منها النساء، أكدت انه تم تسجيل ارتفاع في حالات العوز المناعي (الايدز) ما بين الإناث والذكور، كما سجل سرطان الثدي أعلى معدلاته في عام 2022 بواقع 34.8 نتيجة لتداعيات ما بعد كورونا، قبل أن تبدأ النسبة بالانخفاض، لتصل إلى 20.5% عام 2023 الا أنها ما تزال مرتفعة مقارنة بالمؤشر العالمي، كما ارتفعت نسبة الوفيات بين النساء لتكون أعلى من نسبتها لدى الرجال. وفيما يتعلق بحالات الإجهاض، بلغت النسبة نحو 5 % عام 2023 وبدأت هذه النسبة بالانخفاض مقارنة بالسنوات السابقة وفقاً لحديثها.
ولفتت الانتباه إلى ارتفاع نسب الانتحار لعام 2023 خصوصاً في مدينة كركوك، بينما سجلت مدينة بابل أدنى نسب، وهذه الظاهرة تشمل كلا الجنسين، مضيفةً أن هناك تزايداً في حالات الإدمان بين النساء، إلا أن العديد منهن يواجهن صعوبات في الوصول إلى المراكز المتخصصة، سواءً كان الإدمان دوائياً أو كحولياً، بسبب الأعراف الاجتماعية ووصمة العار المرتبطة بهذا الموضوع، مما يبرز الحاجة إلى تعزيز جهود التوعية والتثقيف الصحي الموجهة للنساء.
واختتمت الندوة بعدد من المداخلات والمناقشات التي أغنت الجلسة بالمعلومات القيمة، وأسهمت في تعزيز الموضوعات المطروحة.