ناشطة نسوية: مساواة المرأة وحريتها مسألة مهمة يجب حمايتها والدفاع عنها

أكدت المتطوعة في منصة المرأة للمساواة أوزكول كابدان على أن انعدام المساواة بين الجنسين في تركيا بلغ حد العداء للنساء "ستفتح النساء باب المساواة والحرية".

روجدا كزكن

مركز الأخبار ـ احتلت تركيا المرتبة 129 من بين 146 دولة، على مؤشر الفجوة العالمية بين الجنسين لعام 2023 الذي صدر من قبل المنتدى الاقتصادي العالمي، وتبعته كل من تشاد والجزائر وإيران وباكستان، بينما جاءت أفغانستان في المركز الأخير.

 

بطء وتيرة التقدم المحرز في تحقيق المساواة بين الجنسين

أصدر المنتدى الاقتصادي العالمي تقريره السنوي حول الفجوة العالمية في مجال المساواة بين الجنسين للعام 2023، في حزيران/يونيو الفائت، استناداً إلى أحدث الإحصاءات من المنظمات الدولية، وتشير المعطيات إلى بطء وتيرة التقدم المحرز في تحقيق المساواة بين الجنسين، بحيث جرى تسجيل نمو بنسبة 0.3% فقط مقارنة بالعام الماضي، ومن المتوقع ألا تحقق النساء المساواة مع الرجال لمدة 131 عاماً أخرى أي حتى عام 2054.

ويقيس مؤشر الفجوة بين الجنسين الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي المساواة بين الجنسين في 146 دولة وعبر أربعة مجالات وهي "المشاركة والفرص الاقتصادية"، "التحصيل التعليمي"، "الصحة والبقاء"، و"التمكين السياسي".

وجاءت تركيا في المرتبة 134 في مؤشر المشاركة في الاقتصاد وتكافؤ الفرص بين الجنسين، والمرتبة ١٠١ في مؤشر المساواة بين الجنسين على مستوى التعليم، والمرتبة ١١٢ في المساواة بين الجنسين في المشاركة في السياسة، والمرتبة ٩٩ في المؤشر الذي يقيس التوازن في مجال الصحة ومتوسط العمر، وبحسب المؤشرات فإن عدم المساواة بين الجنسين مستمر في التراجع في كافة مجالات الحياة في تركيا.

وفي تقييمها لحالة عدم المساواة بين الجنسين في تركيا قالت أوزكول كابدان المتطوعة في منصة المرأة للمساواة "EŞİK"، أن هناك انخفاضاً جسيما في كافة المؤشرات مثل حرية الصحافة وعدم المساواة بين الجنسين "إن مسألة أين نحن وعلى أي مقياس نتواجد مؤلمة حقاً".

 

"هناك ديناميكية عظيمة تحمي الحرية"

وأوضحت أن هناك ديناميكية عظيمة منظمة وغير منظمة تدعو وتحافظ على المساواة والحرية في تركيا ويجب التحدث عنها مع أخذ هذه المؤشرات والقياسات في عين الاعتبار "لأنها هي الضمان الأساسي ولأنها مصدر للأمل، يجب علينا أن نكون متفائلين، هناك العديد من النساء في تركيا تعينَّ الاحترام والمساواة والحرية والحياة التي تستحقنها في المجتمع"، مشيرةً إلى أنها تؤمن بأن المرأة هي من ستفتح باب المساواة والحرية عند تمكنها من الإمساك بنهاية الحبل بشكل ما.

وأضافت "عندما تحمل المرأة المفتاح بيدها، حينها يمكن أن يتغير كل شيء ويمكننا قلب كل هذه المؤشرات رأساً على عقب وأنا أؤمن بهذا، إن عدم المساواة يعرف عن ماهية عدم المساواة أيضاً، إن الاضطهاد والعنف الذي نواجهه في حياتنا اليومية يدفعنا للتعلم والتنظيم والوقوف معاً، وهذا هو سر العمل".

 

"لقد تعرضنا لعنف شامل خلال العملية الانتخابية"

وحول الانتخابات العامة التي أجريت في ١٤ أيار/مايو وعملية الانتخابات الرئاسية تقول "لقد شهدنا عنفاً شاملاً، لقد كان هناك عنف جسدي على صناديق التصويت، بالإضافة إلى الضغوطات، إن أي شخص كان ينظر للعالم بمنظور مختلف وبإمكانه التفكير بالحقوق من وجهة نظر أكثر إنسانية، وبشكل خاص النساء، تعرضوا لقدر كبير من العنف النفسي"، مضيفةً "إني أقول هذا كامرأة في الستينيات من عمرها، ولدت وترعرعت في بلدة صغيرة على البحر الأسود حيث لعب الرجال والنساء جنباً إلى جنب في جزء كبير من طفولتي بعد عام ١٩٦٥ ولحوالي 20 عاماً، والآن لا يوجد أي أثر لأي من هذا، حيث أضيف إقامة مولد إلى حفلات الزفاف، وكان هذا طقساً عرفناه في طقوس الموتى، وبطريقة أو بأخرى استقرت بعض الطقوس ولاقت إقبالاً، تقام حفلات الزفاف بشكل يفصل بين مكان جلوس الرجال والنساء، لا أستطيع أن أنسى الرجل الكبير بالسن في سكاريا حين قال (تثيرني الثياب المكشوفة الأكمام)، ويجعل من الأمر وكأنه طبيعي للغاية، ويكمن الخطر بالأساس هنا، كان هناك رقابة ذاتية في الحركة النسائية لفترة طويلة جداً، وبدون الدخول إلى بعض المفاهيم والمصطلحات، نشهد عملية بالإمكان تسميتها بالتحرر، وهذا من أحد أبعادها الخطرة، والجانب السلبي للضغط والحد الذي أوصلنا إليه".

 

"المنظمات النسائية تحتاج للتطور والمرونة"

وأوضحت أن كيفية تعامل المنظمات النسائية والمنظمات الغير حكومية مع مثل هذا الاضطهاد والتمييز هي مسألة واسعة النطاق "إن المنظمات النسائية بحاجة إلى التطور والمرونة، نشهد هذا الأمر إلى حد ما، في منصة المرأة للمساواة بإمكان مجموعة متنوعة من النساء من كل شريحة اجتماعية وكل فئة عمرية وكل مجموعة تعليمية أن يقوموا بالإنتاج معاً، في بعض الأحيان قد يكون الأمر مملاً للبعضٍ منا، وقد نقول (لماذا نتحدث عن هذا الأمر الغير مهم)، ولكنها عملية مليئة بالمتاعب أيضاً، ليس من السهل أن نجتمع معاً في مثل ظروف دولة كهذه، ولكن من ناحية أخرى هناك طاقة نضال داخلية واعية ومعترف بها في المنصة".

ولفتت إلى أن منصة المرأة للمساواة EŞIK تعد شكلاً مرناً من أشكال التنظيم وبلا أن تقف عند كونها سقفاً أو منصة "يمكن تطوير المنصة من خلال وضع نماذج عمل مرنة، ليست هنالك إمكانية اقتصادية للقاء وجهاً لوجه من كافة أنحاء تركيا والاجتماع معاً، لذا يكون الاجتماع عبر الزوم، فهناك بعض الصعوبات والقيود التي نواجهها عبر برامج التواصل الأخرى، وبالرغم من كل هذا لا نزال نحمل طاقة النضال معاً، يجب أن يتم تبني زيادة التنوع ونقله إلى كافة المجالات المدنية".

 

"إننا ندرك ما يتم محاولة سلبه منا"

وأكدت أوزكول كابدان على أن العملية التي بدأت في عام ٢٠١٠ بشعار "النساء والرجال ليسوا متساوين" لا تزال مستمرة "في كل منعطف نتراجع إلى الوراء قليلاً، ولكن لدينا اختلاف واحد هنا، أن الحركة النسائية تدرك ما يتراجع إلى الوراء وما يتم محاولة سلبه منا، إننا نعلم ما الذي نخسره، وهذا أمر مهم للغاية، لا بأس بأن نخسر الآن، إننا نملك القدرة على بناء الأفضل بالتحدث والتوصل إلى رأي مشترك، وهذه بالذات القوة والطاقة التي ستقلب تلك المؤشرات رأساً على عقب".

 

"بلغت اللامساواة حدود العداء للنساء"

وأشارت إلى أن اللامساواة تجلت بعدة أشكال مختلفة "تحدثت اللامساواة بطرق وبأشكال متعددة، قيل "بإمكان طفلة بعمر الـ ٩ سنوات الزواج " و"لا يجب أن تبحث المرأة عن عمل فبسبب هذا يبقى الرجل عاطلاً عن العمل"، وفقاً للبيانات التي جمعها المجتمع المدني، يتم قتل أكثر من 80% من النساء المطلقات، مع العلم بأنه لا توجد امرأة تطلب الطلاق بلا أن يكون هناك سبباً وجيهاً، تصل هذه الزيجات إلى مرحلة الطلاق نتيجة للعنف، ويحاولون تعقيد الأمر بالنفقة".

وأضافت "لقد كان حظر الإجهاض منعطفاً حرجاً للغاية، كان ذكر حظر الإجهاض كافياً في حد ذاته لتراجع بعض الآليات للخلف، إنه أمر صعب في تركيا وفي العالم ايضاً، وفي الفترة التي شهدناها بعد ذلك وضع حظر فعلي للإجهاض، وكان له انعكاسه على المجتمع، ليس هناك ضمان على أن المرأة التي تريد أن تقوم بالإجهاض ستقتل أم لا وبسبب هذا الاحتمال الوارد، لا تلجئ النساء إلى الإجهاض أو تجرينه سراً"، لافتةً إلى أنه في الفترة ما بين عامي 2014 ـ 2020 ارتفع عدد النساء اللواتي تطلبن دعماً من أجل الإجهاض، في العادة كان بإمكانها أن تحصل على الخدمة اللازمة في المستشفى، كنا نتلقى عدداً كبيراً من الطلبات في المنصة، والآن ربما لا يقومون بهذه الطلبات، الشيء الأكثر أهمية الذي تغير هنا هو ترسيخ وتأكيد فكرة عدم المساواة وشيطنتها لتصل لحد العداء تجاه النساء، إننا لا نبالغ عندما نقول عداء للنساء وكراهية ضدهن، بل إننا نتقدم بشكل سريع وخطير إلى النقطة التي سوف تكون فيها "كل امرأة لا تطيع ولا تركع هي ساحرة، وقتلها واجب".

ولفتت إلى أن منذ عام 2009 تقتل 3 نساء على الأقل خلال يوم واحد "في تركيا تقتل ثلاث نساء يومياً فقط لمجرد كونهن نساء، ولا يتم الحديث عنه في البلاد باعتباره من أحد أكثر القضايا أهمية وهو أمر من الصعب استيعابه حقا، إن قتل امرأة واحدة في اليوم يعني قتل ٣٦٠ امرأة خلال عام واحد، لو كان هذا العدد من النساء قتلن في توقيت واحد لكانوا تحدثوا عنهن لسنوات، حتى أنهم كانوا سيعلنون الحداد".

 

"برنامج الفصل عن العالم مستمر"

وذكرت أوزكول كابدان بأن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "(CEDAW"، التي وقعت عليها تركيا في عام 1985 تتضمن آليات لمناهضة فكرة اللامساواة، إلا أنه تم نسيان الاتفاقية وهي في خطر "إن عملية الانفصال عن قانون حقوق الإنسان في العالم ليس أمراً تم إجراءه فقط لإرضاء بعض الطوائف اللاواعية، بل أن هذا برنامج دخل حيز التنفيذ منذ عام ٢٠٠٢، إنه برنامج سياسي لتركيا من أجل الابتعاد عن القانون الدولي والانتقال به إلى قوانين متعددة، وعندما قامت بإدخال نظام ٤+٤+٤ في نظامها التعليم في عام 2008، أعطت إشارة على ذلك، لقد كان جزءاً مهما من برنامج تعزيز الدين ودمجه في المجال الاجتماعي بأكمله، ولكن للأسف الشديد، فبسبب بعض المشاكل المتعظمة لم يكن بالإمكان مناقشة هذه الأمور بمعناها التام في شرائح المعارضة، شهدنا فترة كاد أن يدان أولئك الذين استخدموا كلمة علمانية بسبب الممارسات والتعليقات الخاطئة، إن كل من العلمانية والمساواة مبدآن عالميان".

 

"يجب حماية كافة الحريات والمساواة"

وأوضحت أنهم في مواجهة فرض دستوري تم تقديمه للمجتمع على أنه "حرية الحجاب"، وتابعت "نحن في مرحلة خطرة للغاية، لقد تحدثت منصة المرأة للمساواة كثيراً عن الهدف الأساسي للقيام بتعديل الدستور، وآمل ألا يقوم البرلمان بتأييدها، فهو يحرص على تسميم حياة كافة النساء المحجبات والغير محجبات، ستكون مهمتنا صعبة جداً في مجلس 80% من أعضاءه رجال، وقسم كبير منهم لا يؤمنون بالمساواة بين الجنسين، ولكن ليس أمامنا خيار سوى النجاح".

وشددت في ختام حديثها على ضرورة حماية كافة الحريات والمساواة "مساواة المرأة وحريتها مسألة مهمة بالنسبة للجميع، والانفصال عن هذه النقطة يعني مجتمعاً كئيباً وخال من السعادة، ولهذا السبب يجب أن نقف في وجه كافة أنواع الاستغلال".