ناشطات مغربيات تطالبن بتوسيع التمثيلية السياسية للنساء

شددت مشاركات في ندوة على ضرورة مواصلة العمل على القوانين والحرص على الانخراط في تتبع السياسات العمومية سواء المحلية أو الترابية، لتوسيع التمثيلية السياسية للنساء، وعدم الاكتفاء بـ "الكوتا"، والانتهاء منها باعتبارها بداية فقط لتحقيق المزيد من المكاسب.

رجاء خيرات

مراكش ـ نظم المعهد المغربي للتنمية المحلية "إماديل"، ندوة تحت شعار "القيادة السياسية للنساء المنتخبات على المستوى المحلي: التحديات والآفاق في المغرب والبحر الأبيض المتوسط".

شكلت الندوة التي احتضنتها جمعية النخيل للمرأة والطفل بمراكش، أمس الثلاثاء 8 تشرين الثاني/نوفمبر، فرصة لتبادل التجارب والخبرات والتعاون بين مختلف الناشطات اللواتي تنتمين لـ "وفد من بلدية برشلونة و14 بلدية مغربية و17 بلدية إسبانية".

وقالت رئيسة المعهد المغربي للتنمية المحلية زكية المريني إن هذا المشروع، يهدف إلى تعزيز المساواة بين الجنسين في السياسات الترابية في المغرب، وذلك عبر التمكين السياسي للنساء على المستوى الترابي، من خلال ثلاث مجالات عمل تسعى لتعزيز المشاركة السياسية للمرأة على المستوى المحلي والوطني، ودمج مقاربة النوع الاجتماعي في تطوير وتنفيذ وتقييم السياسات العمومية من خلال تعزيز الآليات البلدية، وكذلك تعزيز روابط التعاون بين البلديات الكتالونية بمقاطعة برشلونة والبلديات المغربية.

وأضافت أنه على الرغم من التدابير التي اتخذها المجتمع المغربي لتعزيز حضور المرأة المنتخبة في مختلف المجالس الترابية، إلا أن الواقع يبرز أن حضورها في مراكز صنع القرار وتأثيرها على السياسات العمومية يظل مرهوناً باعتبارات اجتماعية وثقافية وهو ما يقود إلى طرح السؤال حول سبل الارتقاء  بقدرات المنتخبات لتعزيز فرصهن في المساهمة في إنجاح تدبير الشأن العام.

وأشارت إلى أن المعهد المغربي الذي تأسس في شباط/فبراير 2008، هو ثمرة تعاون وشراكة ما بين جمعية النخيل والمجلس الإقليمي لبرشلونة، بهدف تقوية قدرات النساء في الجماعات الترابية والناشطين/ات على المستوى الوطني، حيث عمل منذ تأسيسه، على مجموعة من البرامج والمشاريع التي تهم تقوية قدرات الناشطات/ين الترابيين والبرلمانيين والأطر الجماعية وممثلي المجتمع المدني ووسائل الإعلام، من خلال تمكينهم من الآليات اللازمة، لجعلهم قادرين على لعب دور أساسي في التنمية الترابية والمساواة بين الجنسين.

وأكدت أن البرنامج ساهم في المرافعة من أجل تأسيس الحكامة الترابية واللاتمركز المبني على النوع الاجتماعي وتعزيز المساواة بين الجنسين، كما ساهم في محاربة العنف ضد النساء.

وعن الفئات المستهدفة، لفتت زكية المريني إلى أن المشروع استهدف أكثر من 14 جماعة ترابية و17 جماعة بإقليم برشلونة، إضافةً لشبكة جسور التي تتكون من خمسة جامعات بإسبانيا وثلاث جماعات بجهة مراكش آسفي.

وأوضحت أن المعطيات والبيانات المختلفة التي أنجزت في إطار هذا المشروع أظهرت أن هناك حضور حقيقي وواقعي للنساء في العمل الترابي، بالإضافة إلى تقوية قدراتهن ومواكبة مجموعة من الهيئات الترابية، وبالتالي تمكين النساء سياسياً، مؤكدةً أن أكثر من 240 امرأة منتخبة استفادت من المشروع في مجال إدماج النوع الاجتماعي لإعداد وتنفيذ السياسات العمومية الترابية.

 

 

بدورها تحدثت نائبة رئيس المجلس الإقليمي لبرشلونة بيلار دياز عن العنف ضد النساء، داعيةً إلى مناهضة هذه الظاهرة، باعتبارها عائقاً حقيقياً أمام تمكين النساء سياسياً واقتصادياً، وطالبت بتكثيف الجهود والتعاون المشترك بين الشركاء بحوض البحر الأبيض المتوسط من أجل إسماع الصوت الذي ما فتئ يطالب بتحقيق المساواة بين الجنسين، وتقلد النساء لمناصب الريادة ومراكز صنع القرار السياسي.

 

 

من جهتها قدمت الناشطة الحقوقية خديجة الرباح تقريراً مفصلاً عن نتائج دراسة تم إنجازها حول إدماج مقاربة النوع الاجتماعي في السياسات العمومية على المستوى الترابي، معتبرةً أن هذه الدراسة هي آلية للعمل مع مختلف الفرقاء، عبر تعزيز قدرات النساء.

وأشارت إلى أنه على الرغم من أن المغرب قطع أشواطاً فيما يخص اللامركزية واللاتمركز، إلا أننا لازلنا بحاجة إلى تقوية الجماعات الترابية وتوسيع التمثيلية النسائية بها.

كما أبرزت أهم المحطات التي شهدها تطور تواجد النساء في المجالس المنتخبة منذ 1993 بالمغرب، حيث لم تكن تمثيلية النساء تتجاوز امرأتين داخل البرلمان، لتصبحن 35 امرأة مستشارة في عام 2002، بحكم أن المغرب لم يكن يتوفر على تدبير التمييز الإيجابي للقوانين، قبل أن تشهد عام 2002 إدماج نظام "الكوتا"، عن طريق اللائحة الوطنية للنساء "وهو ما جعلنا ننتقل فيما يخص تمثيلية النساء في البرلمان من نسبة 0.34% خلال عام 1993، إلى 26.64% في عام 2021، بفضل تظافر جهود القيادات النسائية سواء الحزبيات أو مناضلات الحركة النسائية".

وأوضحت خديجة الرباح أن أغلب النساء لا تعرفن الحروب الطاحنة التي خاضتها الحركات النسائية من أجل الوصول إلى هذه المحطة، معتبرةً أن الطريق لازال طويلاً من أجل تحقيق مبدأ المناصفة الذي ينص عليه دستور المملكة لعام 2011، وذلك عبر توسيع التمثيلية السياسية للنساء التي رغم كل ما تحقق لازالت هشة سواء على المستوى المحلي أو الوطني.

أما سعاد حمضي رئيسة لجنة أشغال جماعة منيهلة وممثلة شبكة النساء المنتخبات التونسيات، فتحدثت عن تجربة المرأة التونسية في الحكم المحلي، مؤكدةً أن التشريعات التونسية كانت سباقة ورائدة في مجال ترسيخ حقوق المرأة.

واعتبرت أن ذلك جاء نتيجة عمل نسوي متناسق ومتقاسم منذ سنوات، سواء على مستوى الأحزاب أو البرلمان، حيث تم التوصل إلى إقرار تناسق أفقي وعمودي في انتخابات المجالس البلدية.

وأوضحت أن "20% هن اليوم رئيسات لبلديات، بالإضافة إلى تجربة اعتبرتها مصدر فخر للنساء التونسيات ويتعلق الأمر برئيسة بلدية العاصمة التونسية والتي يتجاوز عدد سكانها مليون نسمة، حيث كانت عبر التاريخ حكراً على الرجال، إلا أنه بفضل قانون التناسق استطاعت النساء أن تتقلدن مناصب المسؤولية".

ومن جانبها تحدثت البرلمانية والوزيرة السابقة للأسرة والتضامن والتنمية الاجتماعية نزهة الصقلي عن تجربتها كمستشارة في البرلمان ووزيرة للأسرة في عام 2009، وقالت إن "هذه عام 2009 شكل محطة دقيقة جداً، حيث كان هناك غياب تام للنساء في الجماعات، بسبب الاعتقاد الذي كان سائداً آنذاك وهو عدم وجود النساء في العالم القروي".

وأضافت "لولا جهود الحركة النسائية ووجود أصوات داخل المؤسسات التي كانت تنادي بتمثيلية النساء داخل المجالس الترابية، لما تحقق ما وصلنا إليه اليوم"، داعيةً إلى إقرار مبدأ المناصفة في التمثيلية السياسية للنساء داخل المجالس المنتخبة، سواءً المحلية أو الوطنية.

وطالبت المشاركات بتثمين المناصفة التي ينص عليها الدستور المغربي، ليس على مستوى التواجد في المجالس فقط، وإنما على مستوى الولايات واللجان والجماعات والحكومة والبرلمان.

كما شددن على ضرورة تقاسم الثروات مبرزات أهمية التمكين الاقتصادي للنساء، والذي يعد بالغ الأهمية، خاصةً وأن النساء تعتبرن أقل ولوجاً للموارد والثروات مقارنةً بالرجال.