مشاركات في الندوة الحوارية: العنف الرقمي انعكاس لما يحدث في الواقع

بمشاركة مجموعة من القانونيين وممثلي الجمعيات الأهلية والمبادرات الشبابية والإعلاميين، عقدت مؤسسة قضايا المرأة المصرية مائدة حوارية تحت عنوان "جرائم العنف الرقمي وإشكاليات الإبلاغ" لتسليط الضوء على أشكال العنف الرقمي وصوره وآليات الحماية.

أسماء فتحي

القاهرة ـ يعد العنف الرقمي أحد القضايا الشائكة التي تتطلب تكاتف المجتمع المدني وتحديداً النسوي لمواجهتها كونها تهدد حياة الكثيرات ممن تقبعن في قبضة الاستغلال والابتزاز والخوف من هذا المجهول المستتر في فضاء واسع قد يصعب الوصول إليه.

عقدت مؤسسة قضايا المرأة المصرية، أمس الثلاثاء 28 آب/أغسطس، ندوة حوارية لمناقشة الانتهاكات التي تتعرض لها النساء والفتيات من الفضاء الإلكتروني.

عدد ليس بالقليل من النساء وقعن ضحايا الاستخدام الخاطئ لمنصات مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة أن هناك غياب للثقافة الرقمية التي تحمي الأفراد من الاختراقات والتصيد العشوائي والموجه عبر الفضاء الإلكتروني، وهو الأمر الذي جعل تلك المساحة غير آمنة لتواجد النساء وأصبح العزوف عنها أحد آليات الحماية.

ولأسباب متعددة منها الوصمة المجتمعية صمتت الكثيرات، بل أن بعضهن قررن الانتحار هرباً من ردة فعل المحيطين بهن، وهو الأمر الذي جعل مؤسسة قضايا المرأة المصرية تحمل على عاتقها العمل على مدار عام في هذا الملف، معلنة عن وجود عيادة رقمية لديهن يمكن للنساء اللجوء لها للتعامل مع ما قد تتعرضن لهن من انتهاكات، وقدمت عدد من الجلسات التوعوية، وتستعد قريباً لإطلاق حملة إلكترونية في ذات الملف من أجل نشر ثقافة يمكنها أن تحمي النساء وتغير نظرة المجتمع لمثل هذه الجرائم.

 

الانتهاكات التي تحدث تتسبب في الابتعاد عن الفضاء الرقمي

وعلى هامش الندوة الحوارية، قالت مديرة برنامج مناهضة العنف ضد المرأة بمؤسسة قضايا المرأة المصرية نورا محمد "إن عدد من النساء تعزفن عن التواجد في الفضاء الإلكتروني بسبب ما تتعرضن له من عنف وانتهاكات تصل لحد الابتزاز أحياناً"، مبينة أن "المائدة الحوارية تأتي ضمن برنامج استمر على مدار عام يناقش قضايا العنف الرقمي التي تستهدف النساء، حيث قاموا بطرح عدد من الإشكاليات منها تأثير الذكاء الاصطناعي على معدلات العنف الممارس ضد النساء والفتيات".

وأشارت إلى أنه "في الآونة الأخيرة تم رصد أشكال مختلفة من العنف الإلكتروني والاستخدام خاطئ لمنصات التواصل الاجتماعي"، مؤكدة أن زيادة التطور التكنولوجي يصاحبه ارتفاع في معدل استغلال الفتيات والنساء بسبب صعوبة تحديد الجناة لأن الجريمة تتم في فضاء ومساحات واسعة يصعب أحياناً الوصول لها.

ولفتت إلى أن "الكثيرات ترفضن البوح بما تتعرضن له من عنف رقمي نتيجة الوصم المجتمعي من جهة ولوم الضحية من الجانب الآخر"، موضحة أنه تم التطرق في المائدة الحوارية للفرص التي تمكن النساء من الحصول على حقوقهن.

واعتبرت نورا محمد العادات والتقاليد المتوارثة توجه اللوم للمرأة باعتبارها مصدر الشر وترى أن موافقتها على التعامل مع الجاني سبب فيما يمارس عليهن من اعتداءات.

 

 

من جانبها أوضحت استشارية الجندر وبناء القدرات وحقوق المرأة عزة الجزار أن "العنف الرقمي انعكاس لما يحدث في الواقع سواء كان تحرش أو تمييز أو حرمان واستبعاد وغير ذلك من الصور المختلفة وشديدة التعقيد له"، مؤكدة أنه "كلما تغيرت أفكار المجتمع تجاه المرأة كلما انسحب ذلك على الفضاء الرقمي، كما أن العادات والتقاليد لها تأثير كبير في النظرة التي تقع على المرأة حتى وإن كانت هي الضحية".

ولفتت إلى أن المائدة الحوارية التي عقدتها مؤسسة قضايا المرأة المصرية استهدفت تسليط الضوء على إشكاليات العنف الرقمي وصوره وآليات الحماية منه من خلال مختصين سواء في الجانب التقني أو التشريعي، والوقوف على توصيات من شأنها أن تساهم في خلق بيئة رقمية آمنة للنساء خاصة الجانب المتعلق بالحماية والحصول على الحقوق في مثل هذه الانتهاكات.

ونوهت إلى أن "توصيات المائدة ستكون موجهة للعاملين في المجتمع المدني وكذلك المعنيين بالتشريعات لكونها تتعلق بما يمكن تطويره في هذا الملف ويتماشى مع التطور التكنولوجي الكبير والذي بات مهدداً للنساء".

 

 

أسباب عدم تبليغ النساء عن جرائم العنف الالكتروني

وبدورها، قالت دكتورة نسرين الصواف استشارية التدريب والتنمية إن "عقيدة المجتمع تذهب نحو لوم المرأة على ما يقع عليها من انتهاكات وأن المجتمع المدني قام بعقد الكثير من جلسات التوعية بأهمية مطالبة النساء بحقوقهن واللجوء للقضاء بغية الحصول عليها".

وأشارت إلى أن أحد أهم الأزمات تتمثل في الثقافة الرقمية التي تكاد لا تتوفر لدى أغلب مستخدمات الفضاء الرقمي والكثيرات منهن لا تنتبهن لمسألة إصلاح الهاتف وتركه مع الغير دون حماية مما يعرضهن للاختراق والتجسس وفيما بعد الابتزاز بصوره المتعددة.

وأوضحت أنه "هناك حالات معقدة تقع فيها النساء ضحية الابتزاز الرقمي خاصة في النزاعات الزوجية وهو الأمر الذي عادة ما يصادف المحاميين في العمل"، لافتةً إلى أن غياب التوعية واحدة من أهم الأزمات التي تقف عائقاً أمام النساء في سعيهن للحصول على حقوقهن أو التواجد الرقمي الآمن.

وأكدت أن التوعية في هذا الملف لم تعد رفاهية ولكن ضرورة لحماية أرواح النساء التي أصبحت معرضة فعلياً للخطر في مساحات مجهولة يصعب تحديد الجناة فيها ومحاكمتهم.