مقررة أممية: وضع حقوق الإنسان في إيران وصل إلى أسوأ مستوياته في التاريخ

كشفت المقررة الخاصة للأمم المتحدة ماي ساتو، عن تدهور غير مسبوق في حقوق الإنسان في إيران، محذرةً من أن الجمهورية الإسلامية تتجه نحو "جرائم ضد الإنسانية" بعد الهجوم الإسرائيلي، مع زيادة عمليات الإعدام والاعتقالات الجماعية وقمع المجتمع المدني.

مركز الأخبار ـ تشهد إيران تدهوراً متسارعاً في أوضاع حقوق الإنسان، في ظل تصاعد القمع السياسي والانتهاكات الممنهجة التي تطال مختلف فئات المجتمع حيث اعتمدت السلطات بشكل متزايد على أدوات القمع بما في ذلك الاعتقالات التعسفية، والتعذيب، والمحاكمات غير العادلة.

قدمت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في إيران ماي ساتو، أمس الخميس 30 نوفمبر/تشرين الثاني، تقريراً شاملاً عن التدهور غير المسبوق لحالة حقوق الإنسان في إيران خلال اجتماع اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

وأشارت إلى أن السطات الإيرانية بعد الهجمات العسكرية الإسرائيلية والأمريكية على البلاد في حزيران/يونيو الماضي من هذا العام، لجأت بدلاً من التركيز على حماية المواطنين إلى موجة جديدة من القمع الداخلي، والإعدامات الجماعية، وتبني القوانين التقييدية، والضغط على المجتمع المدني، وهي العملية التي وصفتها بأنها "مسار محتمل نحو الجرائم ضد الإنسانية".

وأكد التقرير إن الشعب الإيراني ضحية جبهتين من ناحية الهجمات العسكرية الأجنبية، ومن ناحية أخرى القمع الداخلي من قبل السلطات، منتقدةً عمليات الإعدام واسعة النطاق وإقرار "قانون التجسس الجديد" و"زيادة الاعتقالات الجماعية" في إيران، ووصف وضع حقوق الإنسان في البلاد بأنه "أسوأ من أي وقت مضى".

ولفت التقرير إلى إن الغارات الجوية الإسرائيلية والأمريكية على إيران في حزيران/يونيو الماضي، على الرغم من عدم قانونيتها لا ينبغي أن "تجعلنا ننسى القمع الداخلي المنهجي من قبل الحكومة الإيرانية".

وفي إشارة إلى هجمات إسرائيل على المنشآت العسكرية والنووية الإيرانية، أوضحت المقررة الخاصة في تقريرها "إن هذه الهجمات على منشآت كانت تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية كان من الممكن أن تؤدي إلى كارثة إنسانية وبيئية في المنطقة بأكملها.

ووفقاً للإحصاءات الواردة في التقرير، نقلاً عن مسؤولين في الجمهورية الإسلامية قُتل نحو 1100 شخص، بينهم نساء وأطفال وأصيب أكثر من 5600 آخرين، واستُهدفت المستشفيات والمدارس والبنية التحتية المدنية، حتى سجن إيفين تعرض للقصف أثناء زيارات العائلات.

 

المعاناة الإنسانية بعد الحرب

وقالت "انتهت الحرب لكن معاناة الشعب الإيراني لا تزال مستمرة"، مضيفةً أن السلطات الإيرانية ردّت على الحرب باللجوء إلى الاعتقالات الجماعية بدلاً من حماية شعبها، موضحةً أن أكثر من 21 ألف شخص بينهم صحفيون وناشطون ومستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي وأقليات عرقية، اعتُقلوا في الأشهر الأخيرة.

وأشار التقرير إلى معاناة ملايين النازحين داخلياً، مضيفاً أن العديد من النساء الحوامل والمرضى يفتقرون إلى الخدمات الطبية والإغاثية، كما واجهت الأقليات العرقية موجة جديدة من التمييز والاعتقالات والتهديدات، لافتاً إلى إن السلطات الإيرانية اعتقلت أكثر من 21 ألف شخص، بينهم صحفيون ونشطاء في المجتمع المدني ومستخدمو وسائل التواصل الافتراضي وأفراد من جماعات عرقية، في الأشهر التي أعقبت الهجمات.

وانتقدت ماي ساتو في تقريريها إقرار قانون جديد للتجسس في إيران قائلة، إن القانون وسع تعريف "التجسس" إلى حد أن مجرد التواصل مع وسائل الإعلام الأجنبية أو نشر المعلومات العامة في الفضاء الإلكتروني قد يؤدي إلى عقوبة الإعدام "في الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري تم إعدام أكثر من 1200 شخص في إيران، بمعدل أربعة أشخاص يومياً".

وأضاف التقرير أن ثمانية بالمائة فقط من عمليات الإعدام تُبلّغ عنها رسمياً، وأن الرقم الحقيقي أعلى من ذلك بكثير على الأرجح، مؤكداً أنه لا يوجد دليل على أن عقوبة الإعدام لها أثر رادع، وأن العقوبة تُستخدم ببساطة كأداة لبث الخوف والسيطرة في المجتمع.

وتتواصل المضايقات والتهديدات التي تطال عائلات الصحفيين، كما تستمر الضغوط الموجهة إلى أسر ضحايا الطائرة الأوكرانية PS752، وكشفت المقررة عن استمرار ممارسات التعذيب في السجون الإيرانية، بما في ذلك انتزاع الاعترافات تحت الإكراه وتطبيق العقوبات الجسدية، ومن بين الانتهاكات الموثقة الجلد، وبتر الأصابع باستخدام المقصلة، والاعتداء بالضرب على السجناء.

وحذرت ماي ساتو من استمرار الوفيات المشبوهة في مراكز الاحتجاز، حيث يموت العديد من السجناء بسبب حرمانهم من العلاج الطبي، في كثير من الأحيان تضطر الأسر إلى قبول أسباب رسمية غير واقعية للوفاة من أجل استلام جثث أحبائهم والامتناع عن اتخاذ إجراءات قانونية لتجنب الانتقام.

وأشارت إلى الانسحاب الرسمي لمشروع قانون العنف ضد المرأة في يونيو/حزيران الماضي، ووصفت ماي ساتو القرار بأنه "خطوة واضحة إلى الوراء في حماية المرأة"، مضيفة أنه على الرغم من تخفيف تطبيق الحجاب الإلزامي في بعض المناطق، فإن قانون الحجاب الإلزامي لا يزال قائماً، والنساء اللواتي لا يرتدين الحجاب معرضات لخطر الاعتقال أو السجن أو الغرامات بموجب المادة 638 من قانون العقوبات الإسلامي.

 

المساءلة أمام المجتمع الدولي

ورداً على أسئلة ممثلي الدول، أكدت ماي ساتو أن مهمتها مستقلة وتستند إلى أدلة موثوقة، داعيةً السلطات الإيرانية إلى السماح لبعثات تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة بدخول إيران دون عوائق للتحقيق في أوضاع مراكز الاحتجاز وضحايا القمع .

وعن العقوبات قالت إن العقوبات فرضت ضغوطاً على الاقتصاد الإيراني، لكن قمع الحريات المدنية وانتهاكات حقوق الإنسان هي نتيجة لقرارات داخلية تتخذها السلطات، وليس ضغوطاً خارجية، محذرةً من أن إيران عالقة بين مطرقة العدوان الخارجي وسندان القمع الداخلي "ينبغي أن تكون نهاية الحرب فرصة للمصالحة الوطنية والإصلاح لا ذريعة لاستمرار الإعدامات والقمع".

ودعت إلى وقف فوري لعمليات الإعدام، وإلغاء القوانين التمييزية ضد المرأة، وضمانات حرية التعبير والتجمع السلمي، وأضافت "إن الشعب الإيراني يستحق السلام والكرامة والعدالة، ويجب على المجتمع الدولي أن يقف إلى جانبه" .

وفي الاجتماع نفسه، قدمت رئيسة بعثة الأمم المتحدة المستقلة لتقصي الحقائق في إيران سارة حسين، تقريراً منفصلاً لفتت فيه الانتباه إلى الغارة الجوية التي استهدفت سجن إيفين في حزيران/يونيو  الماضي "الهجوم الذي أسفر عن مقتل 80 شخصاً على الأقل ربما تم تنفيذه بشكل متعمد، مستهدفاً المباني المدنية".

وأضافت سارة حسين أنه بعد الهجوم أبقت السلطات الإيرانية عائلات السجناء في حالة جهل تام لأسابيع، وتعرض بعض المعتقلين للضرب، وتوفيت امرأة واحدة على الأقل في سجن قرتشك بسبب نقص الرعاية الطبية، داعية السلطات إلى إجراء تحقيق مستقل وشفاف ومسؤول في الهجمات والانتهاكات اللاحقة، وضمان محاسبة المسؤولين عن هذه المآسي.