مغربيات تحتفين بمسار عائشة الشنا وتستعرضن أهم محطات الحركة النسائية

تم تقديم شريط مصور عن مسار الراحلة عائشة الشنا قام بإنجازه مجموعة من الطلبة الباحثين بمركز التعليم الدامج والمسؤولية الاجتماعية، محور النوع الاجتماعي، وتطرق إلى أهم المحطات في حياة امرأة نذرت حياتها للعمل الاجتماعي.

رجاء خيرات

مراكش ـ نظم مركز التعليم الدامج والمسؤولية الاجتماعية، محور النوع الاجتماعي، التابع لجامعة القاضي عياض بمراكش يوماً دراسياً تكريماً لروح الناشطة عائشة الشنا تحت شعار "عائشة الشنا رمز للنضال والصمود".

شكل اللقاء الذي نظم مساء أمس الثلاثاء 25 تشرين الأول/أكتوبر بمراكش، مناسبة للاحتفال بمسار عائشة الشنا أيقونة العمل الاجتماعي والحاضنة للنساء، لما يزيد عن أربعة عقود، قضتها الراحلة في الدفاع عن الحقوق الإنسانية للمطلقات من أجل الاحتفاظ بأبنائهن، كما استعرضت المشاركات محطات هامة من نضالات الحركة النسائية بجميع مكوناتها منذ عقود، باعتبارها مشاركاً أساسياً في كل المحطات الإصلاحية التي شهدها المغرب.

وقالت الأستاذة والباحثة في النوع الاجتماعي بجامعة القاضي عياض فاطمة الزهراء إفلاحن إن هذا اللقاء يعد حلقة من سلسلة سوف تنظمها الجامعة للاحتفال بنساء ساهمن في النهوض بأوضاع النساء بمراكش، في العديد من المجالات كنوع من الاعتراف لما قدمنه من إسهامات للنهوض بأوضاع النساء وتحقيق المساواة.

وأشارت إلى إن هذا اللقاء الذي يحتفي بمسار عائشة الشنا جاء في شهر تحتفل فيه المرأة المغربية بيومها الوطني 10 تشرين الأول/أكتوبر واليوم العالمي للمرأة القروية 15 تشرين الأول/أكتوبر.   

وأوضحت إن هناك أسئلة تتطلب إجابات، خاصة فيما يرتبط بالريادة النسائية وتواجد النساء في مراكز القرار، حيث تعتبر نسبة النساء المتواجدات على رأس المختبرات والشعب بجامعة القاضي عياض ضعيفة جداً، إذ لم يتجاوز عدد العميدات ثلاث نساء فقط، في حين أن نائبات رؤساء الجامعة لم يتجاوز عددهن اثنتين فقط‫، وذلك منذ 45 عام‫، وهو تاريخ إنشاء الجامعة.

وتساءلت عن مدى التغيير الذي عرفه المغرب وإلى أي حد انعكس على واقع النساء خلال العشرينية الأخيرة، لتستخلص أن أوضاع النساء لازالت على حالها، بل إنها سجلت عدداً من التراجعات عن المكتسبات والحقوق التي كانت تتمتع بها النساء في وقت سابق.

وعن حال القرويات أشارت رئيسة جمعية ‫"أمال للتربية والتكوين‫" بمنطقة ‫تامصلوحت‫ بضواحي مراكش زهرة البكوري أن الوضع الذي تعيشه القرويات أصعب وأعقد من مثيلاتهن في المدينة، خاصة في ظل الأمية والانقطاع عن الدراسة في مراحل مبكرة من حياتهن‫.

وأكدت أن الجمعية التي ترأسها ساهمت إلى حد كبير في إخراج نساء المنطقة من عزلتهن، كما ساهمت في مساعدتهن على خلق مشاريع مدرة للدخل، مكنتهن من تحقيق الاستقلالية عن الأزواج‫، خاصة مع إنشاء التعاونيات الفلاحية.

 

 

من جهتها أكدت الناشطة الحقوقية ورئيسة فيدرالية رابطة حقوق النساء بمراكش أسفي، زهرة صديق على انفتاح الجامعة على محيطها السوسيو ثقافي خاصة الحركة النسائية، التي تحتاج للجامعة كمجال للبحث في القضايا الإنسانية، كما تحتاج الجامعة بدورها للحركة النسائية كرافد للعمل الميداني والتوعية في صفوف النساء‫.

وأوضحت أن هذا اللقاء يأتي في سياق حراك مطلبي بإصلاح شامل للمنظومة القانونية سواء في شقها الجنائي أو المتعلق بمدونة الأسرة ‫ (قانون الأسرة‫).

وطالبت بملاءمة جميع التشريعات ‫للمواثيق الدولية ودستور 2011‫ بالقوانين الوطنية، مشيرةً إلى أنه حان الوقت للحسم مع ازدواجية المرجعية، التي تتأرجح بين ‫"الديني‫" والحكومي.

كما اعتبرت أن هذه الازدواجية تعد سبباً رئيساً في شد البلاد إلى الخلف، ليس داخل الحركة النسائية التي تعد حركة مطلبية تراجعية، ولكن داخل الأحزاب السياسية والقوى الأخرى التي يفترض بها أنها تؤمن بهذه القيم الكونية‫.

وانتقدت المتحدثة القانون الجنائي الذي يكيف العلاقات الرضائية بين الراشدين إلى جنح ‫"فساد‫"، كما يميز في جريمة الاغتصاب بين المتزوجة والعازبة والعذراء وغير العذراء، وغيرها من التكيفيات التي تبرز التمييز ضد النساء‫.

 

.

 

وبدورها أشارت عضو الجمعية الديموقراطية لنساء المغرب بجهة مراكش مرية الزويني، إلى الحركة المطلبية التي واكبتها الجمعية من أجل إقرار حقوق النساء في الميراث، حيث كانت السباقة إلى تفجير قضية عانت منها النساء في كل مناطق المغرب وهي قضية ميراث النساء.  

وأوضحت أن الجمعية أطلقت حركة مناصرة لهن، بسبب الظلم الكبير الذي طالهن إثر إقصائهن للاستفادة من أراضي الجموع التي يستغلها رجال القبيلة، في حين أنهن لا تحصلن على شيء، خاصة بعد التمدد العمراني الذي عرفته بعض المناطق الفلاحية، حيث ارتفع ثمن الأرض، ما دفع عدداً من النساء للاحتجاج مطالبات بنصيبهن في هذه الأراضي‫.

وأبرزت أن الجمعية قامت بتنظيم دورات تكوينية لفائدة هؤلاء النساء من أجل الترافع حول مطالبهن وانخراطهن في الحركة، وكذا توسيع دائرة التحالف، وهي المعركة التي انتهت باعتراف الوزارة الوصية ‫ (وزارة الداخلية‫)  بهذه الحقوق‫، وإن كن لم تنتزعن حقهن إلا بعد اللجوء إلى القضاء بعد أن خضن معارك لا حصر لها من خلال تنظيم وقفات ومسيرات متعددة.  

 

 

أما الشاعرة والناشطة الحقوقية باتحاد العمل النسائي فوزية رفيق الحيضوري فاستعرضت أهم المحطات التي قطعتها الحركة النسائية، خاصة اتحاد العمل النسائي‫.

وعن الراحلة عائشة الشنا، قالت إن "هذه المناضلة نذرت حياتها للدفاع عن النساء في وضعية هشة وعن الأمهات العازبات والمغتصبات وحقهن في الاحتفاظ بأبنائهن، من خلال تقديم الدعم لهن للعيش بكرامة".

 وأكدت أن الراحلة لم تأبه، في حياتها، لكل المضايقات والحملات المغرضة التي طالتها من التيار المحافظ، وهو ما بوأها مكانة متميزة وطنياً وحكومياً.  

وقالت إن الحديث عن الحركة النسائية المغربية هو الحديث عن المعارك الصعبة والمستميتة التي خاضتها المرأة المغربية من أجل الحرية والكرامة والمساواة في مختلف المواقع، سواء كسياسية أو نقابية أو مدنية‫، موضحةً  أن الحركة النسائية كانت تندرج ضمن برنامج الأحزاب السياسية، لتجد نفسها خاضعة لملابسات وحيثيات الحقل السياسي الوطني الذي لم يكن يعتبر قضية المرأة نقطة مركزية في جدول أعمالها، وهو ما جعل هذه الحركة تنتظر إلى غاية بداية الثمانينيات من القرن الماضي، لكي تعيش طفرة تميزت باحتضان الأحزاب اليسارية للحركة النسائية التقدمية‫، من خلال تأسيس قطاعات نسائية برؤية واضحة وآليات تنظيمية فاعلة، جعلت من قضية المرأة نقطة أساسية في جدول أعمال المجتمع المغربي.

وأكدت أن هذا المناخ أدى إلى ظهور جريدة "8 مارس" معلنة بداية مسلسل نضالي جديد، حيث تعد أول جريدة نسائية بالمغرب احتضنت هموم النساء ومثلت آمالهن بالقضاء على كل أشكال التمييز‫، كما أطلقت دينامية عبرت من خلالها نساء المغرب عن تحدرهن وتموقعهن في صلب قضايا المجتمع المغربي برؤية حداثية تتوجه نحو المستقبل‫.  

من جهتها اعتبرت الباحثة والعميدة السابقة بجامعة القاضي عياض وداد البواب أن الحركة النسائية هي ضرورة مجتمعية وليست ترفاً، كما يعتقد البعض ممن ينعتون الناشطات بـ ‫"الملحدات‫" و‫"العانسات‫" وغيرها من الصفات التي تعتبر الغاية منها كسر عزيمة النساء.  

وأكدت على أن العنف والتمييز ضد النساء منبعه هو العقلية الأبوية التي تغذيه عبر قنوات التمرير والمتمثلة في الإعلام والمدرسة والأسرة‫، دون استثناء القوانين التي تشرعن هذا العنف أحياناً.  

وأشارت إلى في المغرب دستور متميز (دستور 2011) في بعض بنوده المتعلقة بحقوق النساء، حيث هناك إقرار في الكثير من فصوله بالمساواة في الحقوق بجميع أشكالها ‫(سياسية، اقتصادية، اجتماعية وبيئية‫)، لكن يلاحظ أن هناك تناقض صارخ بينها وبين بعض القوانين الوطنية، كمدونة الأسرة والقانون الجنائي وقانون الأوقاف ‫(الحبوس‫) والتي توجد فيها عدة ثغرات‫.   

ولم تنفي وجود تقدم ملموس في هذا الباب بفضل نضال الحركات النسائية والحقوقية المغربية، لكن مع ذلك، تؤكد بالقول إن القوانين الوطنية لازالت تعاني من عدم ملاءمتها مع الدستور والمواثيق الدولية‫، وهو ما يؤدي إلى انعكاسات وخيمة على وضع النساء وواقعهن الصعب.

وتخلل اللقاء تقديم شريط مصور عن مسار الراحلة عائشة الشنا قام بإنجازه مجموعة من الطلبة الباحثين بمركز التعليم الدامج والمسؤولية الاجتماعية، محور النوع الاجتماعي، تطرق لأهم المحطات في حياة امرأة نذرت حياتها للعمل الاجتماعي ولم تلتفت للهجوم الذي طالها، كما قدمت للمشاركات شواهد تقديرية عرفاناً على ما قدمنه للحركة النسائية بالمغرب.