مع اقتراب عيدهن... شهادات لعاملات أجنبيات في لبنان توثق معاناتهن المستمرة
أقام قسم مناهضة الإتجار بالبشر في منظمة "كفى" شكلاً غير تقليدياً للاحتفال بعيد العمال حيث شمل شهادات حية وصور لعدد من قصص العاملات بهدف التوعية بالواقع المرير الذي تعانين منه.
سوزان أبو سعيد
بيروت ـ بمشاركة عاملات أجنبيات من جنسيات متعددة وناشطين/ات وإعلاميين/ات، أقامت منظمة "كفى" وفريق لجنة مناهضة المتاجرة بالبشر في المنظمة أمس الأحد 28 نيسان/أبريل، معرضاً لمجموعات صور لثماني عاملات أجنبيات في لبنان، بالإضافة إلى شهادات سبع منهن على المسرح حول ما عانين منه أو تجارب غيرهن في شكل غير تقليدي للاحتفال بعيد العمال.
قسم مناهضة الاتجار بالبشر
وقالت منسقة البرامج في قسم مناهضة الاتجار بالبشر في منظمة "كفى" جولي الخوري "نظام الكفالة هو عبارة عن نظام عبودي، وهو شكل من أشكال العبودية الحديثة لأن جاء هذا النظام نتيجة غياب الحماية القانونية تحت قانون العمل لعاملات المنازل، وجاء لينظم العلاقة بين صاحب العمل والعاملة المهاجرة على مستوى العمل المنزلي، ولكن أعطى كل الصلاحية وكل السلطة لصاحب العمل على حساب العاملات، ونظام الكفالة هذا لا يسمح بشكل سهل ومتاح للعاملات بفسخ عقد العمل في حال ما ارتاحت العاملة بعلاقة العمل، أو في حصول أي مشكلة في عقد العمل".
وأضافت "من هنا، نجد أن نظام الكفالة لا يتيح للمجتمع أن يعترف بالعمل المنزلي كعمل مثله مثل أي عمل آخر، ونرى من خلاله ممارسات تنتهك حقوقهن كعاملات، ومنها حقوقهن بالأجر، الحق بالحرية والدخول والخروج من مكان العمل، حتى أوراقهن تحتجز، وظروف العمل تكون صعبة كثيراً تشبه ظروف العبودية".
وقالت مسؤولة التواصل والتعبئة في قسم مناهضة الاتجار غنى العنداري "هذه المناسبة للعمال ليتحدثوا عن مطالبهم وقضاياهم، وإذا كانت هناك أحداث فالمسؤول عنها ليس العمال والعاملات، وإنما المسؤول عنها الحكومة وهي لا تضع أي إطار حِمائي لهؤلاء العاملات ما يتسبب في مشكلات كثيرة".
وأضافت "في جمعية "كفى" نعمل منذ عام 2010 مع عاملات المنازل، وهو سبب اطلاعنا الشامل على أحوالهن ومتابعتهن، ولدينا متابعة دائمة لحالات معينة، ونعمل عن قرب مع أشخاص يدافعون عن حقوق العاملات، ولا شك إن الأزمة الاقتصادية التي نشهدها منذ سنوات عدة أثّرت على عاملات المنازل، وفي بعض الأحيان استخدمت كتبرير لانتهاكات ضدهن، لكن الأزمة الاقتصادية ليست السبب الوحيد لهذه الانتهاكات، قبل الأزمة الاقتصادية كانت تحصل انتهاكات وما تزال مستمرة".
وقد أدت الأزمة الاقتصادية إلى هجرة الآلاف من لبنان، حيث كان يقدر عدد العمال في لبنان 250 ألف عامل/ة في 2020 وفقاً لـ هيومن رايتس ووتش، وحالياً ووفق وكالة الأمم المتحدة للهجرة في 2022، فهناك حوالي 135 ألف عامل/ة، أما الأمن العام اللبناني فأرقامه حول حركة دخول وخروج العمال من وإلى لبنان بين عامي 2020 ـ 2022، فقد بلغ عدد المهاجرين نحو 106844 بينما عدد الذين دخلوا إليه نحو 24377.
ولكن وعلى الرغم من وجود هذه الأرقام، إلا أنه لا يمكن تحديد أرقام دقيقة لعدد العمال والعاملات الموجودين/ات بصورة قانونية، أي يملكون إقامة وإجازة عمل صالحة.
روايات سعيدة وحزينة
وتنوعت الروايات بين السعيدة والحزينة، وروت كثيرات لوكالتنا ما يعانينه من الحرمان من السفر بعد الاستحواذ على جوازات سفرهن، وخصوصاً كبيرات السن منهن وقالت برنسي كارونانيكا من سريلانكا "منذ 40 عاماً أتيت إلى لبنان، وأعاني من أعراض صحية تتطلب العلاج والإقامة في المستشفى ومبالغ طائلة، وقد تم إنهاء خدماتي بعد كورونا وأنا حالياً بدون جواز سفر، وليس لدي أي تأمين أو ضمان صحي، ولا يمكنني الرحيل ولا البقاء، وحالياً أقيم لدى ابنتي".
وقالت ميريام بريدو من الفليبين "أنا موجودة في لبنان منذ 31 عاماً ولا زلت تحت نظام الكفالة ولكن ليس لدي أي مشاكل مع أصحاب العمل، وأنا عاملة منزلية ولا زلت أعمل في هذا المجال، وإحدى قائدات مجتمع العاملات المنزليات المهاجرات، حيث نعمل على رفع الوعي خصوصاً حول نظام الكفالة وما تعانينه النساء في هذا المجتمع من أوضاع العمل وغيره، ومن الجيد أن بعض العاملات أصبحن مطلعات على هذا النظام وحقوقهن والتنظيم ضمن المجتمع وغيره من المهام، وقد شاركت بصوري في هذا المعرض لتعرض قصتي وكفاحي في عملي وكيف تمكنت بعملي من تعليم أولادي والمساهمة في توفير مستقبل أفضل لهم".
وقالت إندرا غوروك من النيبال "هذه الصور لشقيقتي التي لم تحضر اليوم، وهي أم ومعيلة لولدين دون مساعدة من أحد، وسأوضح هذه الصور، وهي تستمتع بهواية الطبخ وتحاول أن تطبق هذه الهواية خلال عملها هنا في الخدمة المنزلية وفي الوقت نفسه ترفه عن نفسها وتستمتع بهذه الهواية".
أما نانات ابيبي من إثيوبيا فقالت "أعمل في لبنان منذ 17 عاماً، وهناك الكثير من الأمور السيئة التي تعرضت لها وتعذبت كثيراً وخصوصاً العاملات في المنازل حيث تم حرماننا من معاشاتنا، وأحاول حالياً العودة إلى بلدي حيث لدي ابنة لكن لا أستطيع العودة"، وقد رفضت التعريف عن مشكلتها تماماً خوفاً من الملاحقة.
وقالت هيلين أليمو من إثيوبيا "هذه الصور التي أعبر فيها عن نفسي وقصتي وكما ترون فأنا أعيش حلماً فعندما كنت في إثيوبيا كنت أجد أشخاصاً لديهم سيارة ومنزلاً وغيره لأنهم عملوا خارج البلاد، واعتقدت أنهم لم يتعبوا للحصول على هذه الأمور لذا قمت بالسفر وكان عمري 17 عاماً لأحقق هذا الحلم، ولكن للأسف كان الثمن غالياً ومتعباً للغاية من ناحية العمل الشاق وعدم النوم وغيرها".
وعرضت ديلفين كواكو من ساحل العاج أقمشة تقليدية تبيعها يوم عطلتها الأسبوعية وقالت "أنا عاملة منزل لدى امرأة منذ أكثر من 29 عاماً، وأقوم في يوم عطلتي وهو يوم الأحد ببيع الأقمشة التراثية من بلدي للأصدقاء واللبنانيين الذين يهتمون بهذا النوع ويستخدمونه لألبسة مميزة، وأتمتع بحريتي ولست ممنوعة من الخروج مثل الكثيرات، وأنا سعيدة وممتنة للغاية".
وقالت لطفة ميزان الرحمن "منذ 12 عاماً وصلت إلى لبنان، وكان الوضع في السابق جيداً بالمجمل، إلا أنه منذ جائحة كورونا لم يتم دفع مستحقاتنا، وحالياً نضطر للدفع بدلاً من الإيجار والطعام وعدم وجود مياه وكهرباء وكله باهظ للغاية، كما أنني لم أرى عائلتي وأولادي منذ 12 عاماً، وأعاني من عدم وجود أموال كافية لتأمين مستلزماتي اليومية، كما وأنه ليس لدي جواز سفر فقط لدي صورة عنه".
قصص وقصيدة على المسرح
وقدمت العديدات تجاربهن الخاصة على المسرح تضمنت حكاياتهن الخاصة وروايات لناشطات في مجتمعات العاملات المنزليات وكيف ساعدن النساء خلال حياتهن في لبنان، ومنها قصيدة لإحدى الناشطات باللغة الفرنسية بعنوان "أنا أكتب" لتعبر عن المعاناة في عملها بدلاً من البكاء، وإحدى الناشطات من الكاميرون، تحدثت عن تجربتها الخاصة والتي أدت إلى تأسيس لجنة لدعم العاملات المنزليات وحملات المناصرة لهن، حيث عملت على خدمة أسرة لمدة 4 سنوات من تنظيف المنزل والطبخ وغيره، وكذلك العناية والخدمة الرعائية الكاملة بأحد أفرادها الذي يعاني من شلل نصفي، وكانت لا تنام إلا ثلاث ساعات خلال اليوم، وتأكل وهي واقفة حتى لا تأخذ وقتاً طويلاً، وأخرى من سريلانكا تحدثت عما عانته من معاملة سيئة منها جز شعرها وهو أمر تعتبره من أبشع الممارسات بحقها، وطالبت بعودتها إلى مكتب التوظيف حيث تم تعنيفها لفظياً وجسدياً لتقوم بدعم العاملات المنزليات وخصوصاً اللواتي عانين من التعديات والتجاوزات المختلفة.