'للمرأة دور محوري في مواجهة التحولات وإحداث التغييرات المنشود'
"للمرأة دور في مقاومة الفساد وصناعة السلام واستعادة الآلفة الوطنية" بهذه الكلمات أكدت النساء الكرديات على ضرورة توحيد الخطاب النسوي وتعزيز التضامن العابر للحدود لمواجهة التحديات السياسية والاجتماعية.

السليمانية ـ بعد نجاح المؤتمرين الوطنيين للنساء الكرديات في آمد وهولير، تنطلق النساء الكرديات من أجزاء كردستان الأربعة ومن أوروبا في تحضيراتهن للمؤتمر الثالث، الذي يُعد محطة مفصلية في مسيرة النضال النسوي الكردي.
لا يقتصر المؤتمر الثالث للنساء الكرديات على كونه تجمعاً تنظيمياً، بل يمثل مساحة لتجديد الرؤية، وتوحيد الخطاب، وتعزيز التضامن العابر للحدود في مواجهة التحديات السياسية والاجتماعية والبيئية التي تعصف بالمنطقة.
وخلال الاجتماع الثاني للمنصة، شددت الناشطة كلستان سعيد، العضوة في الاتحاد الوطني لنساء كردستان، على أن الاتحاد شكل استجابة متكاملة للتحديات السياسية والديموغرافية والجيوسياسية التي تواجه المنطقة، مشيرةً إلى أنه على الرغم من التغيرات المتسارعة وانقسام العالم إلى قوتين رئيسيتين تسيطران على الشرق الأوسط، فإن دور المرأة سيبقى محورياً في مواجهة هذه التحولات وإحداث التغيير المنشود.
وأشارت إلى أن المآسي الكبرى مثل الإبادة الجماعية للإيزيديين ومجزرة حلبجة تُظهر بوضوح أن النساء كنّ أولى الضحايا، حيث أثبتت الوحدة قدرتها على تحقيق الإنجازات "أن المنطقة تعيد إنتاج تاريخها المؤلم، الذي يحمل بصمات العهدين العثماني والصفوي، في مشهد يتطلب الوعي والتكاتف لتجاوزه".
وعن تأسيس جبهة كردستان أوضحت أنها جاءت نتيجة توافق الأحزاب السياسية، وقد لعبت دوراً محورياً في إنقاذ الشعب الكردي من قبضة نظام البعث، مضيفةَ أن إقليم كردستان رغم التزامه بحدوده الجغرافية تعرض لتدخلات في شؤونه الداخلية وقراراته العسكرية، متسائلة عن دوافع الدول التي تسعى لإشعال الحروب في المنطقة.
وأكدت أن الشعب الكردي لا يسعى للصراع، بل يطمح لأنه يُعرف كصانع للسلام، يسعى لضمان الحياة الكريمة وتحقيق الحرية ونيل الحقوق المشروعة كأي أمة أخرى، مشددةً على أن الكرد من حيث عدد السكان لا يقلو شأناً عن أي شعب آخر، مما يستوجب الاعتراف بمكانتهم وحقوقهم "هناك نقص في الود الوطني بين أبناء إقليم كردستان، وللأسف إذا تحدثنا عن شباب هذا العصر، نجد أن الود لديهم قليل وستكون هناك خيبة أمل".
ومنذ عام 2014، يعاني المواطنون من أزمة الرواتب، وهي حق أساسي لا يمكن التنازل عنه، الناس لا يطالبون إلا بما يكفل لهم حياة كريمة لكن استمرار هذه الأزمة يشكل التحدي الأكبر أما التعليم الذي يفترض أن تضمنه الحكومة حتى الصف التاسع فقد أصيب بالشلل نتيجة سنوات من المقاطعة، مما أدى إلى تراجع كبير في مستوى التحصيل العلمي وفي قطاع الصحة، ظهرت مستشفيات خاصة في مختلف المدن، لكنها تعمل بمعزل عن النظام العام، حيث باتت المستشفيات الحكومية مجرد بوابة لتحويل المرضى إلى القطاع الخاص، هذا التوجه يعكس تقاعس الحكومة عن أداء واجبها، أدى إلى خيبة أمل واسعة بين المواطنين الذين فقدوا الثقة في الخدمات الصحية العامة.
وقالت "يجب علينا نحن النساء مواجهة الفساد في منطقتنا وعدم قبول أي شخص يمارس الفساد، وهذا من واجب المنصة لأنه من خلالها يمكننا الدفاع عن حقوقنا الوطنية واستعادة الألفة الوطنية للشعب الكردي، أعلم أنه على المرأة أن تلعب هذا الدور، لذا أقول نعم لحكم المرأة، نعم لوحدة المرأة الكردية، نعم لقوة المرأة وحريتها".
قضايا تستحق النقاش العميق
بدورها أوضحت هالوست عبد الله مديرة منظمة آزادبون، وعضوة المنصة الوطنية للمرأة الكردية "أن العالم اليوم يعيش تحت وطأة نظام رأسمالي أبوي، يتقاطع مع أنظمة احتلال متعددة، لافتةً إلى وجود حركات كبرى تقاوم الاحتلال وتناهض المفاهيم التي تصنف بعض الدول مثل الدول الأفريقية، على أنها فقيرة رغم امتلاكها ثروات طبيعية هائلة كالبترول، بينما تُوصم بأنها دول متخلفة.
وأضافت أن مؤسسات دولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية تعمل بلا حدود واضحة، مما أتاح للشركات العالمية الوصول إلى مناطق مثل جبال كاراداغ واستخراج النفط بحرية تامة، منتقدةً الخطاب الذي يُروّج لفكرة أن هذه الشعوب بلا تاريخ، وأنها بحاجة إلى من "يحررها"، ومؤكدةً أن هذه القضايا تستحق نقاشاً عميقاً وجاداً.
"نتاج هذا النظام هو قتل النساء"
وقالت "نحن نعيش انقساماً عميقاً في الإقليم، مما يدفعنا للتساؤل هل نحن مجرد انعكاس لمصالح الدول الكبرى؟ أم أن هذه القوى نفسها هي نتاج الشركات متعددة الجنسيات التي احتلت أرضنا؟ في ظل هذا الواقع، هل نكتفي بالمراقبة، أم نبدأ خطوات فعلية لمواجهة الاحتلال والنظام القائم من خلال نضال المرأة والنضال البيئي؟، ما نراه اليوم من قتل وإبادة بيئية هو نتيجة مباشرة لهذا النظام، الذي أحرق أشجاراً عمرها أكثر من مئتي عام في محاولة لمحو هويتنا البيئية".
وأكدت أن كل ذلك هو نتاج الدولة القومية والنظام الرأسمالي الأبوي والاحتلال الذي جلب معه الإسلام بأجندات خارجية، تحديداً من قطر وتركيا والمملكة العربية السعودية، هذا الإسلام السياسي، تسبب في اضطرابات داخل مجتمعنا، بينما كان الإسلام في جوهره يحمل رسالة سلام".
ولفتت الانتباه إلى أنه يمكن الاستفادة من تجارب الثورات كما في إقليم شمال وشرق سوريا التي "أراها انعكاساً لنقص خمسة آلاف عام من النظام الأبوي، ومن نضال المرأة في إقليم كردستان، ومن الحراك البيئي، كأدوات فعالة لمواجهة النظام الذي يدمّر أرضنا، ونساءنا، وطبيعتنا".