لبنانيات تطالبن بالحد من العنف الأسري وقانون أحوال شخصية موحد

تسعى منظمة "كفى عنف واستغلال" من سلسلة محاضرات تعقدها إلى توعية النساء وتعريفهن بآليات التبليغ عن العنف الأسري، وانعكاس قوانين الأحوال الشخصية وتأثيره على ضعف مشاركة المرأة السياسية.

سوزان أبو سعيد

بيروت ـ ضمن حملة التوعية بالعنف الأسري وقوانين الأحوال الشخصية في لبنان، عقدت منظمة "كفى عنف واستغلال" سلسلة من المحاضرات التوعوية في مختلف المناطق اللبنانية.

عقدت منظمة "كفى عنف واستغلال" أمس الثلاثاء 14 أيار/مايو، محاضرة حول العنف الأسري وقوانين الأحوال الشخصية بالتعاون مع رابطة "سيدات فالوغا" ضمن مشروع "بناء" الذي يشمل حملة توعية ومناصرة على مواقع التواصل الاجتماعي وسلسلة محاضرات بهدف عرض خدمات منظمة كفى الاجتماعية والقانونية والنفسية، فضلاً عن آليات التبليغ عن أي شكل من أشكال العنف الأسري، وانعكاس قوانين الأحوال الشخصية على العنف ضد المرأة في الأسرة وتأثيره على ضعف مشاركتها السياسية.

وسلطت المحاضرة الضوء على العنف ضد النساء في المجتمع الذكوري والقوانين والحقوق والتقاليد المجتمعية البالية التي تساهم بإضعاف قدرات المرأة واستقلاليتها، بالإضافة إلى التطرق لحملة المناصرة على مواقع التواصل الاجتماعي والخط الساخن للتواصل مع الجمعية، ومع الأمن الداخلي والمخصص للعنف الأسري، كما تم التطرق إلى خطط العمل الخاصة بكل حالة تصل الجمعية من علاج نفسي شخصي وجماعي وخدمات قانونية وآليات تدخل وجهوزية وفقاً لكل حالة مثل الطلاق والحضانة والنفقة وتمكين النساء.

أما المحاضرة الثانية فكانت للمحامية فاطمة الحاج التي تطرقت إلى الجانب القانوني في مواجهة العنف ضد النساء، وخلال مسيرتها التي استمرت منذ نشأة منظمة كفى منذ 20 عاماً، وإلى قوانين الأحوال الشخصية التي تتحكم فيها الطوائف وهي 18 طائفة لديها 15 قانوناً، مشيرةً إلى أن منظمة كفى تطالب بقانون أحوال شخصية موحد للعدل في هذه القضايا، وأن مبدأ بيت الطاعة أو الإطاعة هو المبدأ المشترك بين جميع قوانين الأحوال الشخصية للطوائف جميعاً، وأن المادة التاسعة من الدستور هي التي جعلت هذه القوانين المذهبية واقعاً متبعاً ولديها المكاسب والسلطة منذ الانتداب الفرنسي.

وأشارت إلى الولاية الجبرية للرجل (الأب، الجد، العم) التي تمنع النساء من ممارسة حقوقهن تجاه أطفالهن، وتطرقت إلى حوادث العنف الأخيرة التي ارتفعت نسبتها في الآونة الأخيرة، والحقيقة أن الوعي أصبح أكبر، وبالتالي التبليغ عن هذه القضايا أكثر، حيث بلغت حالات العنف ضد النساء الـ 23 خلال عام 2023، ويعود السبب في ازديادها إلى التساهل في معاقبة الجناة.

وتطرقت فاطمة الحاج إلى القوانين التي تمكنت المنظمة من إقرارها عبر سنوات من العمل ومنها قانون الأحوال الشخصية الموحد الذي وقعه 14 نائباً ليتم عرضه على اللجان وتوقيعه، وإلى المحاكم التي تبت بقضايا العنف، وإلى قرار الحماية الذي يقدمه قاضي الأمور المستعجلة دون اللجوء إلى القاضي الجزائي والذي يبت فيه خلال 48 ساعة.

وفي هذا السياق، قالت العاملة الاجتماعية ريما حمزة "يهمنا جداً في منظمة كفى أن نقيم حملات توعية حول موضوع العنف الذي تتعرض له النساء والتمييز كذلك في مجتمعنا الذكوري، إن الحملات التي نقوم بها اليوم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو على أرض الواقع، لها صدى إيجابي، حيث أصبح هناك تبليغ أكثر، والنساء ما عدن تسكتن عما تتعرض له وتشجعن بعضهن أيضاً على الإبلاغ، وبالتأكيد نحن مستمرون ونخطو إلى الأمام لنشر الوعي أكثر".

 

 

وقالت رئيسة جمعية "رابطة سيدات فالوغا" نسرين الحلبي "عندما نتحدث عن العنف أول ما يتبادر إلى أذهاننا هي القوة الجسدية أو الفكرية أو النفسية، بمعنى أن هناك أشكالاً عديدة للعنف، يمكن ألا تمارس فقط على المرأة، يمكن أن يكون عنفاً ضد الأطفال والمسنين"، مؤكدةً رفضها ممارسة العنف على أي شخص وضرورة مواجهته.

وأضافت "قدمت جمعيتنا سلسلة محاضرات توعوية بالإضافة إلى دورات لتشجيع النساء من أجل أن يكون لديهن استقلالاً مالياً، مثل تدوير الملابس وتجفيف الفواكه والخضار، وغيرها من دورات التمكين الاقتصادي يمكن للنساء أن تستفدن منها.

 

 

من جانبها قالت جنان الأعور إحدى المشاركات في المحاضرة "بالتأكيد، بعد هذه المحاضرة أصبح لدي اندفاع لتوعية النساء اللواتي تتعرضن للعنف، من أجل عدم السكوت والمطالبة بحقهن، ومثل هذه الندوات مهمة جداً في مجتمعنا الذكوري، فهي تبث الوعي حيال حقوق النساء، لا سيما وأننا نرى في المجتمع ونسمع عن نساء تتعرضن للعنف بكافة أشكاله، والندوة حفزتني للمواجهة في ما لو رأيت امرأة تعنف فلن أتردد في مساعدتها والاتصال بالجهات المعنية والتقدم بشكوى ضد المعنِّف، أو تقديم بلاغ إلى السلطات الأمنية، المهم ألا نبقى ملتزمات الصمت حيال ما تتعرض له المرأة، وهو أمر مهم جداً لتطوير مجتمعنا وتحقيق المساواة بين الجنسين".

 

 

بدورها أكدت المسؤولة الإعلامية في منظمة "كفى" زينة الأعور على ازدياد حالات العنف الأسري في لبنان "فعلياً ليس لدينا رقماً دقيقاً يمكن اعتماده في هذا المجال، ولكن ما يمكن تأكيده هو أن حالات التبليغ ازدادت كثيراً ويعود ذلك إلى الوعي المجتمعي"، مضيفةً "كنا نعمل مؤخرا على تطبيق "نفس" الذي يهدف إلى تقديم وسيلة وصول جديدة للنساء لتتمكن من خلال التطبيق التبليغ في حال شهدن حالة عنف أو سمعن عن حالة عنف، كما أن جزء من التطبيق مخصص للعنف السياسي، فأي امرأة تتعرض لعنف سياسي يمكنها تبليغنا، ونحن لدينا شراكة مع عدد من الجمعيات ويمكن أن نساعدها لمواجهة العنف الذي تتعرض له".

وأشارت إلى أن منظمة "كفى" تركز على توعية النساء بحقوقهن في القانون، وتوعية المجتمع حول ظاهرة العنف، وكيف يمكن للمرأة التبليغ في حال تعرضت للعنف أو شهدت على أي حالة عنف، لافتةً إلى أن قوانين الأحوال الشخصية التمييزية بحق النساء تمنح السلطة داخل الأسرة للرجل، بحيث يسمح الأخير لنفسه بتعنيف المرأة في حال لم تنفذ ما يريده.

 

 

ودعت نائبة رئيس الاتحاد النسائي التقدمي - فرع صليما ألفت سعيد جميع النساء وخاصة اللواتي تجلسن في منازلهن، إلى المشاركة في هكذا محاضرات "نريد رؤية وجوهاً جديدة، نريد النساء المقموعات في بيوتهن أن تعرفن ما هي حقوقهن، اللواتي يتم هضم حقوقهن تحت مسمى "العيب"، وبرأيي هذه هي المشكلة الأكبر".

وأوضحت أن "هناك حدود للمرأة ضمن بيئتها الاجتماعية في الأدب والأخلاق، ولكن من غير المقبول أن تظل تلتزم الصمت لخوفها من المجتمع، استفدت من هذه الندوة، لأنني في عائلتي تربيت على كلمة "العيب"، ولكنه ليس كما تربينا عليه، لذا لا بد أن نخرج من عقدة العيب".

 

 

وعن مشاركتها قالت الناشطة الاجتماعية وأمينة سر "رابطة سيدات فالوغا" أمل المغربي "أنا مشاركة دائمة في النشاطات التي تدعم النساء، والتي تناهض العنف ضدهن، لقد لفت انتباهي أن هناك خطاً ساخناً للمعنفين يساعدهم في التخلص من هذه الممارسة فمن المهم جداً أن ندعم المرأة المعنفة، ومن المهم أيضاً أن ندعم المعنِّف لأنه أحياناً يمارس العنف دون إرادته، وإذا كان هناك من يساعده، بالتأكيد سنسدي خدمة للمجتمع".

وأضافت "لنغير قوانيننا كأفراد ومواطنين، هذا الأمر يتطلب تشريعات في مجلس النواب، لكن نحن كجمعيات وأفراد مجتمع مدني، من خلال الضغط والمطالبة وإيصال صوتنا لممثلينا في البرلمان يمكننا أن نساهم في تغيير وتعديل القوانين"، مطالبة جميع النساء بكسر حاجز الصمت وعدم مراعات العادات والتقاليد البالية "لنتخلص من العنف علينا أن نتعلم كيف نكسر الصمت، ونواجه المجتمع الذي يحكمنا بعاداته وتقاليده، يجب ألا نشعر بعد اليوم أننا نساء العنصر الضعيف في المجتمع غير القادر على اتخاذ القرارات دون وجود الرجل".

 

 

وشددت عضوة رابطة سيدات فالوغا سميرة الأعور على ضرورة إطلاع الفتيات والنساء على حقوقهن والمطالبة بها "هناك خطاً ساخناً يمكن الاتصال به والتبليغ عن أي حالة تعنيف في محيطنا، كما هناك محامية بإمكانها المتابعة واستعادة حقوق المعنفة، ولا يقتصر الأمر على المعنفات فحسب، وإنما يشمل الفتيات الصغيرات المعنفات واللواتي تتعرضن للاغتصاب، وكذلك الأطفال".