لبنانيات: اعتماد الكوتا ضروري لإشراك النساء في المجال السياسي

أكدت المشاركات في اجتماع لمناقشة اقتراح قانون الكوتا النسائية على المستوى المحلي في استحقاق الانتخابات البلدية التي من المقرر إجراؤها في أيار/مايو المقبل، على ضرورة إقرار الكوتا في قانون البلديات لإشراك النساء في المجال السياسي.

سوزان أبو سعيد

بيروت ـ مع اقتراب استحقاقات الانتخابات البلدية في لبنان، أقامت منظمات محلية وعالمية اجتماعاً لمناقشة اقتراح قانون يتعلق بالكوتا النسائية بهدف زيادة التمثيل النسوي.

عقدت منظمة فيفتي فيفتي ضمن مشروع "نساء في البلديات"، اجتماعاً لمناقشة اقتراح قانون الكوتا النسائية على المستوى المحلي في استحقاق الانتخابات البلدية المقبلة، تحت عنوان "لا أكثرية.. لا أقلية.. مناصفة بالبلدية".

وقالت رئيسة منظمة فيفتي فيفتي جويل أبو فرحات خلال الاجتماع أن "وجود المرأة في المجال السياسي ليس تحدياً بل محفز، يجب تنظيم جلسات لتوعية الرجال بأهمية المرأة ودورها في إدارة البلاد، ومشاركتها في التنمية والإدارة المحلية، وقدرتها على إحداث الفرق".

ودعت إلى إجراء تعديلات على قانون الانتخابات البلدية، مشيرةً إلى أن هذا الاجتماع يذكر بأن مشروع الكوتا المقترح للانتخابات النيابية لا يزال قائماً "سنسعى لإقرار مشروع الكوتا من قبل كافة مراكز القرار، حتى يكون جسر عبور لانخراط المرأة في الحياة السياسية والعامة".

وأشارت مسؤولة التعاون في بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان أليساندرا فيراريز إلى أن "المرأة تكافح يومياً للمشاركة في الحياة السياسية، وكاتحاد أوروبي نفخر بأن تكون المرأة في أعلى المراكز في المؤسسات المختلفة، فرئيسة الاتحاد امرأة، وهناك امرأة على رأس البرلمان، ورئيسة البنك الأوروبي المركزي امرأة، وهو أمر استثنائي في هذا المجال، وهو نتيجة عمل متواصل من المناصرة والتغيير".

من جانبها عرضت رئيسة لجنة حقوق المرأة اللبنانية عايدة نصر الله في مداخلتها التي جاءت تحت عنوان "تحية إلى ليندا مطر"، تاريخ ومحطات النضال من أجل الكوتا النسائية، والمتمثل في سيرة حياة المناضلة ليندا مطر، الذي بدأته بمطالبة الحكومة بحق الاقتراع للنساء عام 1952، ليتم إقراره في العام التالي بشمل كافة النساء وليست المعلمات منهن فقط، وبعد مؤتمرات عدة للمرأة، وإثر مؤتمر كوبنهاجن الذي عقد عام 1995، عادت ليندا مطر لتطالب رئيسة للجنة حقوق المرأة والمجلس النسائي اللبناني بعقد مؤتمر تحت عنوان "الكوتا وإمكانية التطبيق"، تلاه مؤتمر ثانٍ دعا إلى تطبيق هذه النسبة كحل مرحلي، وأملت أن يتم إقرار هذا القانون من قبل اللجان المشتركة والمجلس النيابي وألا يلحق بقانون الكوتا الخاص بالمجلس النيابي.

وشاركت مديرة منظمة المرأة العربية فاديا كيوان بالاجتماع عبر تقنية الفيديو، وهي إحدى المشاركات في إعداد مشروع قانون الكوتا المقترح، معبرةً عن خجلها من مطالبة المنظمات الدولية بحق المرأة في المجال السياسي من خلال اقتراح قانون الكوتا.

وتعجبت من المفارقة من أن المنظومة السياسية تعتمد الكوتا الطائفية بين الرجال، ولا توافق على كوتا تنصف النساء، وعرضت ثلاثة خطوات تزيد من نسبة مشاركة المرأة أولها أن البلديات لا تحكمها بمعظمها الأحزاب، ولا تدخل فيها المعادلات السياسية الخاصة بها، وثانيها أن العمل البلدي يتمحور حول الشؤون الإنمائية أي المتعلقة بالصحة والبيئة وتجميل المحيط وتصنيف الأبنية وغيرها وهي أمور تتعلق بحياة المرأة اليومية، وثالثها أن نسيج الانتخابات البلدية اجتماعي لا تتدخل فيه السياسة كثيراً، لا بل يتم استخدام المرأة للوصول إلى المقاعد دون مشاركتها السياسية الفعالة، وليست كالانتخابات النيابية، مؤكدةً على أن اعتماد الكوتا ضروري لكسر جدار اقصاء النساء عن المشاركة السياسية.

ولوصول النساء إلى مراكز صنع القرار دعت فاديا كيوان إلى "إنشاء تحالف حقوقي قوي وجديد بين الأطياف المختلفة من المجتمع لمواجهة رؤساء الأحزاب وغيرهم، وتمكين النساء لتكن قادرات على المجابهة والصمود وإعداد التقارير والخطط، ودعم ومناصرة وصول النساء عبر استكمال الحملات المتعلقة بمشاركة النساء السياسية والضغط وإعطاء حوافز وتسهيلات اقتصادية لكسر هذا الجدار، والعمل على توحيد النساء أنفسهن وحشد جهودهن للوصول إلى مراكز صنع القرار".

 

"يجب إقرار القانون قبل تنظيم الانتخابات البلدية"

وعلى هامش الاجتماع قالت رئيسة منظمة فيفتي فيفتي جويل أبو فرحات لوكالتنا "اقتراح القانون الذي طورناه بالتعاون مع خبراء ودعم من منظمات عالمية يحتوي على ثلاث نقاط أساسية وهي أولاً، يتطلب أن يكون رئيس البلدية ونائبه من جندرين مختلفين، ثانياً تعطى المقاعد مناصفة في المجالس البلدية، أما البلديات التي تحتوي أعداداً مفردة مثل 9 أو 15 مقعداً، فتعطى النساء الأغلبية أي بواقع 5 مقابل 4 للرجال، و7 مقابل 8 للنساء، وأخيراً، فعند احتساب الأصوات وعلى سبيل المثال مجلس بلدي بتسعة أعضاء، تعطى المقاعد الخمسة الأولى لأعلى 5 نساء في نسب الاقتراع".

وعن التشكيك بأن يصل اقتراح القانون للتطبيق أكدت جويل أبو فرحات أن "هذا القانون سهل التطبيق، طلبنا هذا القانون لأسباب عديدة منها أن المرأة نصف المجتمع ومن الطبيعي والبديهي أن تشغل نصف المقاعد، ولأن البلدية بحاجة لفكر ورأي المرأة وبحاجة للتشارك بين فئات المجتمع المختلفة لتتمكن البلدية من تلبية حاجات سكان البلدة"، مضيفة "نحن على أمل أن يقر هذا القانون، علينا أن نقوم بواجباتنا وأن نطالب بحقوقنا، وبعد هذا الاجتماع، سيتم التباحث مع جميع السياسيين والكتل النيابية، لنرصد ردود الفعل، ونحاورهم للوصول معاً إلى قانون نتفق عليه بغية اقراره في المجلس النيابي، وقد لا نصل إلى 50 بالمئة وربما أقل، المهم أن نصل إلى نتيجة قبل تنظيم الانتخابات البلدية".

 

 

"العادات والتقاليد البالية تقيد النساء"

فيما قالت الناشطة السياسية ورئيسة جمعية عطر الأرز كوثر شيا "شاركت في التدريبات المتعلقة بالانتخابات النيابية والبلدية مع منظمات عدة ومنها فيفتي فيفتي، وقد وجدت مشروع الكوتا في الانتخابات البلدية منصفاً، ولكن ثمة عقبات على المستوى المحلي من تعجب البعض من أن تترشح امرأة لرئاسة البلدية، فضلاً عن العادات والتقاليد البالية التي تقيد النساء، كما أن البلدية ليست مجرد بناء حائط وفتح طريق بل هي إنماء وازدهار".

 

 

من جانبها قالت الناشطة الاجتماعية جمال الداعوق أن "المبادرة التي قامت بها منظمة فيفتي فيفتي مهمة للغاية من حيث عملهم على الكوتا واقتراحات التعديل على القانون، فمثلاً لا يشترط أن يكون لدى رئيس البلدية حد أدنى من المستوى العلمي ويكفي أنه يقرأ أو يكتب، وهذا يشكل ضعفاً ينعكس على العمل البلدي من حيث المهام التي يختص بها المجلس كالأبنية والمياه والسكان وغيرها، وبرأيي يجب أن يخضع رئيس البلدية والأعضاء لامتحان من قبل أشخاص مؤهلين لتحديد كفاءاتهم".

وعن الكوتا النسائية تقول "قبل البحث عن الكوتا، الأهم البحث عن عامل الكفاءة، فإن لم توجد نساء كفؤات فقد ينتهي الأمر بأفراد ليس لهم مؤهلات وهذا ينعكس على العمل البلدي"، مشيرةً إلى أنها اقترحت على المنظمة إيجاد وسيلة إعلامية تخص المرأة وتلقي الضوء على جميع النساء الجامعات للتوعية حول دور المرأة في إحداث التغيير.

 

 

الكفاءة هي المعيار

وقالت رئيسة جمعية هدوء الاجتماعية والناشطة في العمل البلدي والاجتماعي نورا كبول "نحن اليوم نشارك في مثل هذه المؤتمرات والاجتماعات للحصول على معلومات إضافية ونثقف أنفسنا، ولكن هناك أمر مهم ذكر دون التشديد عليه وهو الكفاءة، فاليوم معيار الكفاءة هو الأهم كي نحقق كل ما نريده في المجتمع، إن كان على صعيد بلدية أو على صعيد إدارة أي موضوع، نحن بحاجة إلى الكفاءة وهي المعيار الأساس في نجاح المرأة لدخولها ميادين العمل والمجتمع أو ميادين السياسة والبلديات".

وأضافت "الكفاءة هي المعيار الأنسب والأصح الذي يساعد المرأة على تحقيق ذاتها، وبرأيي القانون العادل يتمثل في أن من يحصل على عدد أصوات أكبر في بلدته يكون رئيساً للبلدية، لا أن ننتظر الأعضاء الفائزين لينتخبوا الرئيس ونائب الرئيس، وهنا أتمنى أن يتم انتخاب رئيس البلدية من قبل أبناء البلدة وليس من قبل الأعضاء". 

 

 

ضد الكوتا!

بينما للرئيسة السابقة لبلدية كفرنبرخ وسام الشامي نصر رأي آخر فيما يتعلق بالكوتا النسائية "اعتبر أنني حققت إنجازاً، لقد ترشحت مرة أخرى للانتخابات البلدية لأن هذا من حقي، قد أكون الوحيدة ضد الكوتا النسائية، لأن من حقنا أن نترشح ونخوض الانتخابات، حتى ولو كنا 12 امرأة في المجلس البلدي، فأين المشكلة؟ أو لو كنا 8 من أصل 10 فأين المشكلة؟ أنا لا أريد أن أحصر نفسي في الكوتا التي نطالب بها منذ عشرين سنة ولم نحصل عليها إلى الآن، ولأننا لم نصل إلى الكوتا فلنقاتل ونقول هنا دورنا وعلينا أن نكمل الطريق معاً".

 

 

الكوتا مرحلة انتقالية

وقالت المرشحة السابقة للانتخابات النيابية المحامية رانيا غيث "انعقد الاجتماع اليوم لمناقشة اقتراح القانون الذي سيرفع إلى مجلس النواب لإقرار الكوتا النسائية في البلديات، وهذا أمر ضروري جداً ومُلِحّ، هذا النضال مستمر منذ سنوات من أجل إقرار هذه الكوتا وتكريس وجود المرأة في مراكز صنع القرار".

أضافت "كما نقول دائماً، فإن الكوتا محطة انتقالية، لأن الانتخابات المحلية مهمة جداً لأن المرأة تكون موجودة ضمن بيئتها، وبالتالي يمكنها أن تتبنى مشاريع وتناضل لخدمة مجتمعها، وبالتالي نقف عند كيفية حصول الانتخابات البلدية، إن كانت عائلية وإن كانت ثمة محسوبيات سياسية معينة، ودائماً هناك توجه نحو الرجل على حساب المرأة، والمرأة صاحبة الكفاءة تحديداً، لذلك ثمة أهمية لإقرار قانون الكوتا النسائية الانتقالية".

وأوضحت أن "الكوتا ليست مطلبنا لأننا نسعى إلى المناصفة، وهذا القانون جيد لأنه يطالب بالمناصفة بين الجنسين في الوصول إلى المجلس البلدي، وسأطلع على مشروع القانون هذا من موقع أنني حقوقية للوقوف على التفاصيل الدقيقة، وبناءً عليه نعود ونقدم ملاحظاتنا عليه، أما بالشكل فهذه مبادرة جداً مهمة، لأنه قبل أن نخوض الاستحقاقات البلدية وبشكل عشوائي، علينا أن نسعى لتطويق الأحزاب وندعوها لقراءة القانون، لاسيما وأن ثمة نساء في صفوفها، نساء كفؤات مفترض أن تكن ممثلات في البلديات".

وطالبت النساء بالترشح وخوض تجربة الانخراط في البلديات "هناك نساء كثيرات قد نجحن فضلاً عن أن لدينا إمكانيات وطاقات نسائية كبيرة لم نرها بعد، والأهم أن الهدف ليس وصول المرأة إلى المجالس البلدية ومراكز صنع فحسب، وإنما تأثيرها الإيجابي على الاقتصاد، لأنه بمجرد تغييب المرأة نكون قد غيَّبنا عنصراً أساسياً في المجتمع".