كوليجهان شيمشك: دعوة القائد أوجلان تحثنا على تحمل المسؤولية

حول أهمية نشر صورة القائد عبد الله أوجلان بعد 26 عاماً ورسالته، قالت عضوة حركة المرأة الحرة (TJA) ُكوليجهان شيمشك "الصورة أظهرت أحقية نضال القرن الأخير، دعوة القائد أوجلان تحثنا على تحمل المسؤولية".

أرجين ديلاك أونجِل

 آمد ـ بعد دعوة "السلام والمجتمع الديمقراطي"، أطلق القائد عبد الله أوجلان نداءً تاريخياً في 9 تموز/يوليو الجاري ضمن إطار "عملية السلام والمجتمع الديمقراطي"، حيث قال فيها "أنا أؤمن بقوة السياسة والسلام المجتمعي وليس السلاح، وأدعوكم إلى تطبيق هذا المبدأ على أرض الواقع".

عقب النداء الثاني، توجهت الأنظار هذه المرة نحو حزب العمال الكردستاني (PKK)، الذي استجاب للنداء عبر تنظيم مراسم في 11 تموز/يوليو الجاري بالقرب من جبل قنديل في مدينة السليمانية بإقليم كردستان، قام فيها بإتلاف الأسلحة، وقد لاقت هذه الصور صدى واسعاً ليس فقط في كردستان، بل في العالم كله.

عضوة حركة المرأة الحرة (TJA) كولجيهان شيمشك، قيّمت تأثير نشر صورة القائد عبد الله أوجلان بعد 26 عاماً، وإتلاف الأسلحة من قبل حزب العمال الكردستاني، وسير العملية.

بدأت غُلكيهان شيمشك، حديثها عن عملية اعتقال القائد عبد الله أوجلان في تركيا عام 1999 والتطورات التي تلتها، قائلة أن "سياسات الإنكار والرفض التي طُبقت بحق الكرد قد انهارت بالكامل، لأن نضال الشعب الكردي العادل والمشروع كان نضالاً من أجل الوجود، ومن أجل إثبات هويته ولغته ووجوده، ما جرى منذ تلك الفترة حتى اليوم يكشف حجم الإنكار والرفض الموجه للكرد. خلال 26 عاماً، فُرضت عزلة شديدة على السيد أوجلان دون تطبيق أي دستور أو قانون. ونُظمت نضالات كبيرة لإنهاء هذه العزلة. ولذلك فإن نشر الصورة قبل أيام كان بمثابة تجسيد لشعور الوجود، ونتيجة لنضالنا العادل".

 

"هذه المرحلة لها قيمة كبيرة"

وأوضحت كولجيهان شيمشك أنه منذ تأسيس الجمهورية التركية، تصاعدت الضغوط والمجازر ضد الكرد، مشيرةً إلى أن مفهوم الدولة القومية فرض على الكرد العيش متفرقين في أربعة أجزاء "لهذا السبب، ينبغي النظر في دوافع هذا النضال ونتائجه، لقد تحوّل النضال العادل الذي أثبت وجود الشعب الكردي إلى دعوة مشروعة، عادلة، وديمقراطية".

وشددت على أنه "يجب توثيق ما عانته جميع الشعوب في تركيا خلال خمسين عاماً بشكل دقيق، وما تعرضت له على المستوى الاجتماعي والسياسي والاقتصادي فهو أمر غير مقبول، واليوم يقدّم القائد أوجلان تصوراً حول كيف يمكن العيش معاً بأخوّة، وهذه مرحلة ذات قيمة كبيرة، علينا جميعاً أن نتمسك بهذه المرحلة".

 

"صورة تكشف أحقية نضال القرن"

وفي تعليقها على أهمية الصورة التي نُشرت للقائد عبد الله أوجلان بعد 26 عاماً ورسائله المصاحبة، قالت كولجيهان شيمشك "الصورة تعكس أحقية نضال القرن الأخير، ودعوته، إذا نظرنا إليها ضمن سياق المرحلة الممتدة من الماضي إلى الحاضر، هي دعوة لتحمل المسؤولية".

وأوضحت أنه "بعد الحرب العالمية الأولى تغيرت الأنظمة، إذ كان من المنتظر أن تتحول هذه المرحلة إلى نظام جمهوري ديمقراطي أو مجتمع ديمقراطي، فلا بد من خوض هذا النضال والسير في هذا الطريق، لأننا نرى ما قامت به الدول القومية في الشرق الأوسط باتباع نظام جعل جميع الشعوب خاسرة، يبعدها عن بعضها، ويقسم الهويات، ويزرع الصراع بين الأديان، ولهذا السبب، فإن فلسفة القائد أوجلان ومنظوره حول الأمة الديمقراطية يجب أن يحظى بتأييد قوي، في هذه المرحلة، يجب على كل من يقع عليه دور أن يتحمل مسؤوليته".

 

"فلسفة الحياة ليست فردية بل مجتمعية"

وأكّدت كولجيهان شيمشك أن القائد عبد الله أوجلان لا يُحمّل الحرية الفردية أي دلالة خاصة، وقد عبّر عن ذلك في ندائه الأخير "تم عزله داخل غرفة لا تتجاوز متراً واحداً، لكن فلسفته في الحياة لا تتمحور حول الحرية الفردية، بل المجتمعية، ولا توجد لديه نظرة ترى الحرية محصورة في مكان أو فضاء محدود، وقد رأينا هذا على مدار 26 عاماً، فهو يقدم رسائل للشعوب، للهويات، للاختلافات، ويُظهر أن المطلوب ليس حرية الفرد، بل حرية المجتمع".

وأضافت "لديه فلسفة قوية تحدد كيف يجب أن تعيش الشعوب، وإنه مفكر، فيلسوف، شخصية تجيب على سؤال (كيف يجب أن نعيش؟)، في الواقع، نلاحظ أن القائد أوجلان فتح باباً جديداً أيضاً لشعوب تركيا، فقد قدم تحليلات حول النزعة الأحادية، القومية، الدينية، والتمييز على أساس الجنس، وكشف أن هذه النزعات لم تُقدّم شيئاً إيجابياً للمجتمع الذي اختبر هذا خلال المئة عام الماضية، فمثلاً، اليوم، بعد الحروب العالمية، وصلنا إلى نقطة تفجّر فيها الأزمة، هناك أزمة رأسمالية عالمية، والتكنولوجيا جعلت البشر سلعة، وعندما ننظر إلى نمط النضال الذي ظهر في هذا السياق، نجد أن هذا النضال كشف لنا كيف يمكن العيش بصورة جماعية، ولهذا فإن فلسفة القائد أوجلان ترسم طريق التعايش بين الأتراك، والكرد، وأصحاب المعتقدات والهويات المختلفة".

 

"يجب أن تصل العملية إلى نقطة تفيد المجتمع"

وقالت كولجيهان شيمشك إنه بعد النداء الأول الذي أُطلق في 27 شباط/فبراير الماضي، بدأ الناس يشعرون بالأمل تجاه السلام، ولكن كانت هناك أيضاً انتقادات "يجب أن تصل العملية إلى نقطة تكون مفيدة للمجتمع، ولأن نضال الشعب الكردي هو نضال عادل خاص به، هناك واقع حقوقي يتمثل في النضال من أجل الهوية واللغة، ولهذا يجب أن تكون هناك خطوات ملموسة كالاعتراف بوضع الكرد، توفير ضمان دستوري، الإفراج عن رفاقنا الموجودين في السجون، تأمين عودة المنفيين في الخارج، وإجراء تعديلات دستورية في هذا السياق، والتأكيد على ضمان الهوية واللغة الكردية، وهناك توقعات في هذا الاتجاه، كما توجد توقعات بشأن نيل القائد أوجلان حريته".

وأوضحت "لقد شهدنا صعوبات كبيرة ناتجة عن سنوات طويلة من المعاناة، وحدثت خسائر جسيمة، لذلك، من أجل تجاوز هذه المرحلة، يجب اتخاذ خطوات عملية. الشعب يثق بالقائد عبد الله أوجلان، وقد انخرط في العملية بدافع الثقة التي منحها لهم".

 

"أزمة الشرق الأوسط وقضية الكرد"

وأكدت كولجيهان شيمشك أن الأزمات المتصاعدة في الشرق الأوسط تبرز أهمية الإسراع في حل القضية الكردية "الأزمة في الشرق الأوسط تتفاقم، فالحرب بين إسرائيل وإيران، والتطورات في سوريا، تشير إلى وجود إعادة تشكيل جديدة في المنطقة، لذلك يمكننا القول إن الكرد بدأوا بتنظيم وجودهم من خلال مراقبة هذا المسار وتطوراته، أما من منظور تركيا، فهناك قلق واضح، فقد انتهى قرن على اتفاقية لوزان، وهذا يدفع تركيا إلى إعادة تحديد موقعها والتوجه في المرحلة القادمة، فحين نقول "الأتراك والكرد إخوة"، يجب أن توجّه تركيا وجهها نحو الكرد".

وبينت أن "هدف الحرب الجارية في الشرق الأوسط معروف للجميع، لا يجب النظر للأمور من جانب واحد، يجب أن يكون الفائز في هذه المرحلة هي الشعوب، أما القوى الدولية وتجار السلاح والطرف الذي يسعى لتحويل الثروات الباطنية والسطحية إلى استعمار، فلا ينبغي أن يكونوا المستفيدين، هذه المرحلة مهمة لكل شعوب الشرق الأوسط، فالحرب لم تتوقف في هذه الأراضي منذ مئة عام، وإذا نظرنا إلى هذه الحروب من زاوية الدولة القومية، نرى حالة انهيار، كما في سوريا والعراق، فهذه الأنظمة لم تصل إلى مستوى يخدم شعوبها، فتخيلوا دولة من المفترض أن تكون اجتماعية، لكنها تتحول إلى دولة أحادية، دولة يفترض أن تضمن حرية التعدد داخلياً، لكنها تتحول إلى دولة قومية تقصي اللغة والهوية وتهمّش النساء، لهذا السبب، يجب بناء نظام أكثر ديمقراطية والدفاع عنه، علينا أن نقف إلى جانب نضال الشعب الكردي ونكون من المدافعين عنه".

وحول مرحلة "عملية السلام والمجتمع الديمقراطي" التي بدأت في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، قالت "بعد هذه التطورات، يجب أن تبدأ مرحلة جديدة تُسرّع فيها هذه العملية، والآن تبدأ المعركة الحقيقية لنضال المجتمع الديمقراطي".

وأوضحت أن آلاف الأرواح فُقدت من كلا الشعبين الكردي والتركي على مدار سنوات، ما خلف صدمات نفسية تحتاج إلى التضميد "لذلك، خلال إدارة هذه العملية، يجب على جميع الأطراف أن تقدم مساهمتها في هذا النضال، الوقوف ضد هذه العملية والرغبة في العودة إلى الحرب يعد ظلماً لهذا الشعب، وظلماً لمطالبه المشروعة، لذا، يجب تنظيم هذه العملية بأكثر الطرق ديمقراطية، يجب الوصول إلى كل منظمات المجتمع المدني، وكل التنظيمات الجماهيرية الديمقراطية التي لم تُزر بعد أو تُجرى معها الحوارات".

 

"الأهم هو تبني المرحلة القادمة"

"لقد تم فتح الطريق نحو السلام"، مشيرةً إلى أن المرحلة التي تلت إتلاف الأسلحة مهمة جداً "قضية إتلاف السلاح ليست مجرد مسألة مرئية، الأهم هو تبني المرحلة التالية، إذا لم نتمسك بالسلام في هذه العملية ولم نرسِ السلام المجتمعي، فسيكون من الصعب جداً احتواء ما قد يحدث من سلبيات في المستقبل".

 

"النساء جزء من العملية"

واختتمت كولجيهان شيمشك حديثها بالقول "ربما تسير العملية الآن عبر حزب DEM، وهذا أمر ذو قيمة كبيرة، ولكن ينبغي أن تكون النساء أيضاً جزءاً منها، وهن بالفعل جزءٌ منها، كما أن الشباب جزء منها، والكثير من منظمات الحقوقية والمنظمات الجماهيرية الديمقراطية المختلفة، إنها مرحلة بالغة الأهمية بالنسبة للنساء، نحن نعيش تاريخ نضال يتقاطع مع تاريخ نضال المرأة، وهذا يحمل قيمة كبيرة، 80% من ضحايا الحروب هن من النساء، في مواجهة هذه الحقيقة، يجري بناء مجتمع جديد، ويجب أن تتبنى النساء هذا العملية، لذلك علينا تنظيم حياة ديمقراطية، ويجب التأكيد على أن أحد أوجه هذا النضال هو النضال النسوي، والمجتمع يزداد حرية مع المرأة، ومن هذا المنطلق، يجب أن ندعم نضال النساء".