كاتبات المغرب تكرمن الكلمة الحرة
اختتم المعرض الدولي للنشر والكتاب في الرباط فعاليات دورته الثلاثين، بمشاركة بارزة من رابطة كاتبات المغرب.

حنان حارت
المغرب ـ في عالم ما يزال فيه صوت المرأة المبدعة بحاجة إلى المزيد من الاعتراف والدعم، تواصل رابطة كاتبات المغرب جهودها لإبراز مسارات نسائية حفرت أسماءها في ذاكرة الإبداع.
اختتمت أمس الأحد 28نيسان/أبريل فعاليات الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب، الذي احتضنته مدينة الرباط على مدى عشرة أيام، وشكل رواق رابطة كاتبات المغرب محطة ثقافية بارزة ضمن البرنامج، حيث نظم سلسلة لقاءات جمعت بين الإبداع الأدبي والنقاش الفكري.
وخلال فعاليات المعرض، قدمت كاتبات مغربيات مؤلفاتهن أمام جمهور غفير من المهتمين بالشأن الثقافي، ومن بين هذه الإصدارات، وقعت الكاتبة لبابة لعلج كتابها الجديد "أيقونات التشكيل بصيغة المؤنث"، الذي سلط الضوء على مسارات فنانات تشكيليات تركن بصمات بارزة في المشهد الفني، من خلال مقاربات تمزج بين الإبداع والتوثيق.
وفي لقاء توقيع كتابها، أوضحت الكاتبة لبابة لعلج أن العمل يمثل احتفاءً بمسارات نسائية ملهمة، مشددةً على أهمية إبراز مساهمات النساء في الفن عبر العصور والثقافات المختلفة.
وتوقفت لبابة لعلج عند عدد من الأيقونات النسائية التي تناولتها في كتابها معتبرةً أن "الميزة الأساسية لهؤلاء الفنانات تكمن في قدرتهن على تحويل الألم إلى فن خالد" مضيفةَ أنه "عندما نتحدث عن المرأة المبدعة، نحن لا نروي قصة نجاح فقط، بل نحكي حكاية مقاومة وعناد ضد الهزيمة".
واستحضرت في هذا السياق تجربة الفنانة المكسيكية الشهيرة فريدا كالو التي رغم معاناتها من شلل الأطفال وحادث مأساوي تسبب لها في كسور معقدة، استطاعت أن تحوّل الألم إلى لوحات خالدة "رغم الكسور التي طالت عظامها، لم تنكسر روحها".
كما توقفت عند مسار النحاتة الفرنسية كامي كلوديل، التي عانت من استغلال موهبتها من قبل النحات أوغست رودان، قبل أن تدخل في دوامة من الألم النفسي انتهت بها إلى العزلة، كما استحضرت أيضا تجربة الفنانة نيكي دو سانفال، التي حولت معاناتها النفسية إلى صرخة فنية ضد الظلم عبر أعمالها الفنية.
وختمت لبابة لعلج حديثها بالقول "كل لوحة رسمتها هؤلاء النساء، وكل منحوتة أبدعنها، كانت بمثابة إعلان انتصار جديد للمرأة على قوى الانكسار".
من جانبها أكدت بديعة الراضي رئيسة رابطة كاتبات المغرب، أن الأدب النسائي في المغرب يشهد تطوراً ملحوظاً من حيث الكم والتنوع، ولم يعد مقتصراً على الأجناس الأدبية التقليدية، بل امتد إلى مجالات فكرية وعلمية مثل علم الاجتماع، الفلسفة، الدراسات التاريخية والجغرافية، والبحوث التكنولوجية.
ولفتت إلى أن تصنيفات مثل "الكتابة النسائية" أو "الكتابة النسوية" لا يجب أن تحجب جوهر العملية الإبداعية، قائلة "الأساس هو جودة الإبداع وقوة الإنتاج، ومدى إسهام الكاتبة في إثراء المعرفة الإنسانية".
وفيما يتعلق بالتضامن بين الكاتبات، قالت إن الرابطة حرصت على تحويله من مجرد شعار إلى ممارسة ميدانية عبر دعم الكاتبات في مختلف جهات المغرب، وتشجيعهن على الاستمرار في النشر والمشاركة الفعالة في الحركة الثقافية.
وأكدت أن الرابطة تعمل على تحفيز المؤسسات الجهوية والإقليمية للانفتاح على الإنتاج الأدبي النسائي، معتبرةً أن الدفاع عن الثقافة وقضايا الكاتبات جزء لا يتجزأ من الرؤية الشاملة للتنمية، وأن الاستثمار في الطاقات الثقافية النسائية هو استثمار مباشر في مستقبل المغرب.
واختتمت بديعة الراضي حديثها بالتأكيد على ضرورة تعزيز العمل التضامني وتوسيعه ليشمل الكاتبات الشابات، بما يضمن استدامة العمل الثقافي النسائي وتعزيز تأثيره في مسار التنمية المجتمعية.