جمعيات تونسية تندد بمقتل مهسا أميني وناشطات تطالبن بضرورة التحرك الدولي

اتسعت موجة التنديد بجريمة قتل الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني بحجة عدم الالتزام بارتداء الحجاب، حيث طالبت جمعيات تونسيات وناشطات بضرورة التحرك الدولي للحد من ظاهرة قتل النساء.

نزيهة بوسعيدي

تونس ـ نددت نساء وناشطات في المجتمع المدني وكذلك منظمات وجمعيات في تونس بمقتل مهسا أميني، لعدم ارتداءها الحجاب بشكل جيد، معتبرين أن اللباس يدخل في باب الحريات الشخصية.

قالت عضو الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات فتحية حيزم لوكالتنا "ما حدث للشابة مهسا أميني خطير جداً وأشعل جميع الأضواء الحمراء على مستوى عالمي لأنه يؤكد مرة أخرى حجم العنف المسلط ضد النساء ووحشيته ويؤكد تغلغل العقلية الأبوية والمس من الحرية الشخصية التي تتعلق بارتداء اللباس".

وأوضحت أن قتل النساء واغتيالهن في تونس والعالم ناتج عن سيطرة الفكر الرجعي الذي يجعل النساء حاملة مآسي كل الشعوب، معتبرةً أن عدم ارتدائها الحجاب يدخل في إطار الحريات الشخصية نظراً أن اللباس هو مسألة خاصة وشخصية.

وأشارت إلى أن المرأة معرضة للعنف في جميع البلدان لدرجة تصل إلى القتل والتنكيل ما يدفع العالم إلى التحرك محلياً وإقليمياً ودولياً من أجل وضع حد لهذه المهزلة، لافتةً إلى أن القوانين التي تم وضعها على غرار القانون عدد 58 لمكافحة العنف ضد المرأة في تونس لا يطبق والقاضي لازال يحتكم إلى العقلية الأبوية المتغلغلة في داخله.

ونوهت إلى أن ما حدث لمهسا أميني هو عنف مؤسساتي مرتبط بالعقلية الأبوية وبثقافة دولة بحاجة إلى التغيير والتصويب وبالتالي يحتاج إلى تضامن دولي من النساء والرجال والحكومات أيضاً حتى يتم سن ميثاق عالمي يلزم الدول بمكافحة العنف ضد المرأة.

وفي ختام حديثها قالت فتحية حيزم أن الإيرانيين خرجوا الى الشوارع احتجاجاً على مقتل مهسا أميني رجالاً ونساء، كما احتجت بلدان عديدة على هذه الممارسات من خلال تنظيم مسيرات، ويجب تكرار مثل هذه التحركات.

وبدورها قالت عضو الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان نجاة زموري "قدمنا الكثير من برامج التوعية بخطورة ظاهرة العنف ضد المرأة وأخذها الطابع الوحشي من خلال الإقدام على قتل النساء، ولكن دون جدوى".

وقالت "كفى وصاية على النساء واعتبارهن ناقصات والرجل أفضل منهن وبالتالي يمكنه أن يملي عليهن أن تفعلن ما يراه صالحاً لهن"، مضيفةً "ما حدث في إيران لم استغربه لأن الحركة النسوية في إيران وقع التعتيم عليها إعلامياً وتم السعي لإفشالها رغم أنها بدأت منذ سنوات، وقتل الشابة مهسا أميني تسبب في احتقان كبير في المجتمع الإيراني".

وشددت على ضرورة معالجة الظاهرة عالمياً وتطبيق اتفاقية "سيداو" التي تتضمن فصولاً مرنة، لكن لم تلتزم البلدان المتعهدة بذلك، وبالتالي يجب امضاء اتفاقية ملزمة للجميع.

وأكدت على ضرورة "تطوير التشريعات الداخلية وعدم الإفلات من العقاب والوقاية عبر التربية والتعليم من الطفولة إلى المؤسسات التربوية والمحيط واحترام المساواة بين الجنسين وتغيير المناهج التربوية وتدريب كل من هم في الخط الأول للتعهد بالنساء ضحايا العنف، إلى جانب مسألة التمويل وهي ضرورية جداً مثلاً اتفاقية "سيداو"، والتأكيد على الإحصائيات حول العنف ضد المرأة حتى تكون دورية وشاملة".

ومن جانبها تساءلت عضو المكتب التنفيذي للاتحاد الوطني للمرأة التونسية صالحة داوة "هل فعلاً تحتاج المرأة لثورة دائمة؟ وإلى متى قتل النساء وسلب حرياتهن من طرف ما يسمى بشرطة الأخلاق؟"، مضيفةً "ما حدث مؤخراً في إيران للشابة الكردية مهسا أميني ذات 22 ربيعاً لمجرد ظهور خصلات من شعرها، يندرج ضمن سلسلة من الانتهاكات والتعدي على حقوق الإنسان والحق في الحياة واحترام الحرية الشخصية".

وأشارت إلى أنه إزاء هذا الوضع المزري لوضع المرأة فإن الدعوة تتجدد دائماً إلى التنصيص على الحقوق وضمانها والحسم فيها كما يجب معاقبة كل من يتسبب في جرائم قتل النساء.

وفي ختام حديثها قالت صالحة داوة "لا للوصاية على حرية المرأة ولا للتجارة بآلامها ومعاناتها فهي ليست كائناً ضعيفاً يستحق الوصاية بل هي إنسان كامل الحقوق والواجبات، ويجب توحيد كل الجهود ونقل خبرات بعضنا البعض للاستفادة منها".

جمعيات تندد بمقتل مهسا أميني

ونددت جمعيات تونسية من خلال إصدار بيانات بمقتل مهسا أميني، وجاء في بيان صادر عن الاتحاد الوطني للمرأة التونسية "على إثر وفاة الشابة الإيرانية مهسا أميني عقب اعتقالها من قبل "شرطة الأخلاق" في إيران بسبب "عدم التزامها بمعايير الحجاب"، أثيرت موجة غضب واحتجاجات واسعة".

وأضاف البيان "يؤلمنا أن نؤكد مرة أخرى أن النساء والفتيات اليوم وفي العديد من دول العالم لا تزلن تعانين من وطأة شتى أشكال الترويع والعنف والرعب وتتعرضن يومياً إلى سلب حقوقهن وحرياتهن وهو ما يتنافى قطعاً  مع المعايير الدولية لحماية حقوق الإنسان".

وأكد البيان على أنه "من الضروري أن ندعو إلى التنصيص على هذا الحق وضمانه والحسم فيه في كل التشريعات والقوانين حتى لا تظل مسألة خلافية تندلع بسببها الأزمات الاجتماعية والاخلاقية والحقوقية وتفتح الباب أمام المزيد من الاعتداءات على النساء والمس من حقوقهن".

وأصدرت جمعية أصوات نساء بياناً جاء فيه "مهسا أميني ليست المرأة الأولى التي تقتل على يد شرطة الأخلاق الإيرانية، ولكن بوفاتها فجرت ثورة نسوية في إيران لتتجاوز حدوده ولو افتراضياً نحو كامل البلدان التي مازالت تنصب نفسها وصية على أجساد النساء".

 وأضاف البيان "مهسا أميني قتلت لأنها رفضت أن تكون مجرد شيء متبعثر بلا قيمة في اغواء العقلية الأبوية وقتلت لأنها رفضت الانصياع للقواعد البالية التي لا تحمل من الأخلاق والإنسانية شيئاً ولأنها تاقت إلى الحرية وأبت أن تكون رعية من الدرجة الثانية".

وأكد البيان على أن "مهسا أميني قتلتها الدولة الإيرانية وهي ليست المرأة الأولى ولكنها لن تكون الأخيرة إذا لم تتغير الأنظمة الرجعية الفاشلة".