جلسة دعم نفسي في شهبا... نساء تحولن الألم إلى قوة مشتركة

في إطار الجهود المستمرة لتعزيز دور المرأة في مواجهة التحديات، اجتمعت نساء من مختلف بلدات مدينة السويداء في جلسة حوارية، للتأكيد على قدرة النساء على الصمود وإعادة بناء حياتهن رغم قسوة التجربة.

روشيل جونيور

السويداء ـ أكدت المشاركات أن اللقاء شكّل مساحة للتضامن وتقاسم الأعباء، مما ساهم في رفع المعنويات وتعزيز الشعور بالقوة الجماعية، مشددات على أهمية تمكين المرأة نفسياً وعملياً لضمان قدرتها على حماية نفسها وأسرتها في مواجهة الأزمات.

قامت رابطة "المرأة للتوعية والتمكين" بالتعاون مع مجلس المرأة السورية أمس الأحد 17آب/أغسطس بزيارة مراكز الإيواء في مدينة شهبا، حيث التقت مجموعة من النساء القادمات من مختلف قرى وبلدات مدينة السويداء، وجمعت الجلسة حوارية بين مشاعر الألم العميق والأمل المتجدد.

وجاءت الجلسة بالدرجة الأولى لتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للنساء اللواتي عانين من التهجير والعنف، مع توفير بيئة آمنة تتيح لهن التعبير بحرية عن مشاعرهن وتجاربهن الشخصية، ومساعدتهن على استعادة بعض من القوة والطمأنينة في ظل الظروف القاسية.

ولم تقتصر الجلسة على الدعم العاطفي فقط، بل تحولت إلى منصة للتأكيد على أن المرأة هي مصدر القوة الحقيقي داخل الأسرة والمجتمع، وأنها ليست متلقية للمعاناة فحسب بل شريكة أساسية في صناعة الصمود، وشددت المشاركات على أن تماسك المرأة هو الضمانة لبقاء الأسرة، وأنه طالما كانت المرأة بخير فالعائلة كلها بخير.

كما ركز النقاش على قضايا حساسة مثل العنف والاغتصاب، حيث طرحت معاناة بعض النساء اللواتي تعرضن لهذه التجارب المريرة، وأكدت المشرفات على أن هناك مختصين نفسيين سيتولون متابعة الحالات بسرية تامة، حفاظاً على كرامة النساء وصوناً لمشاعرهن.

ومن بين الأهداف التي شددت عليها المشاركات أيضاً، ضرورة أن تتعلم النساء الدفاع عن أنفسهن، إذ أجمعت الأصوات على أن تجربة السويداء الأخيرة علمتهم درساً قاسياً، وهو أن السلاح والمعرفة بكيفية استخدامه قد يشكلان خط الدفاع الأول لحماية البيوت والأطفال، وهنا استحضرت بعض النساء تجارب نساء من مناطق إقليم شمال وشرق سوريا اللواتي حملن السلاح دفاعاً عن أرضهن وكرامتهن، ورأين في ذلك نموذجاً ملهماً يمكن الاستفادة منه.

 

"المرأة قادرة على النهوض من جديد"

وقالت غصينة صلاح إحدى المشاركات من رابطة المرأة للتوعية والتمكين "تمكنا خلال هذه الجلسة من الاستماع إلى قصص مؤلمة لنساء وفتيات تم تهجيرهن قسراً من منازلهم ومعاناة النزوح والألم والفقد الذي عشنها، لكن الشيء اللافت أن معنوياتهن كانت عالية، شعرنا بقوتهن وصمودهن وكيف تخطيهن جميع ما مررنا به، وهذا يؤكد أن المرأة قادرة على النهوض من جديد وإعادة إدارة حياتها بعد الأزمات".

 

"نقدم الدعم النفسي للنساء"

وأشارت بثينة شلغين وهي إحدى المشرفات على مركز الضيافة "كمال مسعود" ومراكز أخرى مخصصة للنساء والنازحين، إلى أن الدور الأساسي لهذه المراكز يتمثل في تقديم الدعم النفسي للنساء خلال الفترات الصعبة التي مررنا بها، مؤكدةً أن وجود الفريق إلى جانب النساء يهدف إلى تعزيز شعورهن بالأمان والمساندة، انطلاقاً من قناعة أن المرأة هي الركيزة الأساسية للأسرة، وأن استقرارها ينعكس إيجاباً على الجميع، مؤكدةً أن الدعم النفسي مهم حتى تتمكن المرأة من امتلاك المهارات اللازمة لحماية نفسها ومواجهة أي خطر محتمل في المستقبل خاصةً في حال تكرار مثل هذه الظروف الصعبة.

 

"لا يجب تنظيم دورات تدريبية خاصة للنساء"

واستعرضت هلا ذياب إحدى المشاركات تجربتها الشخصية مع التهجير، قائلة إنها اضطرت لمغادرة منزلها في ساعات الليل المتأخرة وسط حالة من الخوف الشديد، والتي كانت من أشد اللحظات رعباً في حياتها، ومع مرور الوقت استطاعت أن تستعيد قوتها وتدعم أطفالها نفسياً، مؤكدة أن الخوف لا يجب أن يسيطر على النساء بل يجب أن يتحول إلى دافع للصمود.

وأوضحت أن "التجربة التي مررنا بها كشفت للنساء في المدينة أهمية امتلاك النساء للمهارات الدفاعية"، معتبرةً أن تعلم استخدام السلاح ليس أمراً معيباً، بل ضرورة لحماية النفس والأسرة في ظل الظروف الأمنية الصعبة، داعيةً إلى تنظيم دورات تدريبية خاصة للنساء في هذا المجال "أن الاعتماد على الذات والعزيمة هما الوسيلتان الأساسيتان للحماية".

 

اللقاء تجاوز كونه مجرد مساحة للتعبير عن المشاعر

وفي ختام الجلسة، أجمعت المشاركات على أن اللقاء تجاوز كونه مجرد مساحة للتعبير عن المشاعر، ليصبح منصة حقيقية لتقاسم الأعباء ومشاركة الهموم، وقد عبّرت العديد من النساء عن شعورهن بأن معاناتهن لم تعد محمولة وحدهن، بل شاركتهن فيها الأخريات، مما ساهم في التخفيف من وطأة الألم ورفع المعنويات بشكل ملموس، مؤكدات أن هذا التضامن النسوي جعل الألم أهون والقوة أوضح، وأعاد للنساء يقينا بأنهن قادرات على النهوض مهما اشتدت الظروف، حيث تحول الخوف إلى عزيمة، والجرح إلى درس، والهموم إلى قوة مشتركة، وهكذا خرجت النساء من الجلسة وهن أكثر إصراراً على حماية أنفسهن وعائلاتهن، وعلى أن يبنين معاً مستقبلاً أكثر أملاً وأماناً.