حقوقيات: نطالب بتطبيق القانون داخل السجون والإفراج عن المعتقلات

تطبيق القانون داخل السجون والإفراج عن سجينات الرأي هو مطلب الحقوقيات التونسيات في كل محفل ينظمنه ومناسبة، فضلاً عن الدعوة إلى التضامن النسوي وتجاهل جميع أشكال الاختلاف والتمييز.

تونس ـ تتفق الحقوقيات التونسيات حول ضرب مبدأ الحق في التعبير وإبداء الرأي في تونس، بعرض الحائط ، وضرورة وضع حد لهذه الممارسات والتصدي لها، فوفقاً لهن لا أحد في منأى عنها في الوقت الراهن.

تؤكد الحقوقيات التونسيات في كل مناسبة على أن موقفهن من التمييز واضح ويبرز في اللقاءات التضامنية التي ينظمها المجتمع المدني للتضامن مع السجينات وعائلاتهن، وفي هذا الإطار قالت الحقوقية سهام بن سدرين على هامش الأمسية التي نظمتها جمعية النساء الديمقراطيات تحت عنوان "نساء سجينات في العتمة... أسر في الانتظار"، "اعتبر أن هذا اللقاء التضامني مهم وجاء في الوقت المناسب لأن السجينات اليوم سواء بسجن منوبة أو أي سجن آخر يعشن ظروف قاسية، وقد قلت ذلك واعيدها هن لسن سجينات بل رهائن".

وأوضحت بأن الفرق بين السجين والرهينة هو أن الأول يرتكب فعلاً يعاقب عليه القانون ويتمتع بالمحاكمة العادلة التي تجعله يقضي فترة سجنه طبقاً للأحكام الصادرة ضده، بينما الرهينة هو الشخص الذي يتم توقيفه ويعيش ظروف السجين لكن دون أخذ حقه في الضمانات القانونية للمحاكمة العادلة أو يكون هناك على الأقل ما يبرر هذا الاعتقال، مضيفةً "اعتبر اليوم أن كل السجينات هن رهائن مثلهن مثل الرجال الموقوفين في المرناقية وغيرها من السجون".

وأشارت سهام بن سدرين إلى أنه على النساء اليوم عدم التفكير في الاختلاف مع الأخريات سواء في التفكير أو الانتماء لفكر أو تيار سياسي، مؤكدةً أن "هذا التفكير يجب أن يضمحل لأنه عندما نقبل أن تعاني واحدة منا الظلم فإن الدور سوف يأتي على الأخرى لاحقاً ولن تجد من يقف معها، لأن الظلم ظلم مهما كانت مكانة الظالم، وبالتالي يجب أن تكون ممارسة القيم مضبوطة بمعنى أنه لا نقبل الظلم مهما كانت مكانة الظالم".

وحول تجربتها في السجن قالت "سجنت في جناح العزلة وهو عبارة عن غرفة فيها أربعة سجينات عاديات وسجينة سياسية، معزولات عن باقي السجينات وكلما تم إخراجنا إلى "اللاريا" أو"الكنتينة" يتم إفراغ المكان حتى لا يحدث أي تواصل مع الآخرين، ففي كل سجن يعد كل تواصل بين السجينات فهو نوع من التضامن بين بعضهن البعض، خشية أن تصبحن عائلة واحدة باعتبار أنهن فاقدات لعوائلهن ولكل الروابط الاجتماعية وبالتالي المسؤولين عن السجن يحاولون قطع صلتهن قدر الإمكان مع باقي السجينات وزعزعة صمودهن".

وأضافت "سجنت في نفس السجن سنة 2001 ولاحظت أن الأوضاع المادية تحسنت لكن الممارسات ضد السجينات أصبحت أفظع، فهناك معاملات وانتهاكات غير مباشرة تمس السجينة في كرامتها وإنسانيتها، فعلى سبيل المثال السجينة ليس لديها الحق في ارتداء حذاء ويجب أن ترتدي "شبشب" أو "شلاكة" وتذهب بها إلى المحكمة أو غلى المستشفى، والشلاكة لا يجب أن تكون جميلة عندها يجب نزعها من قدم السجينة".

ولفتت إلى أنه "في السابق أيضاً كانوا يضعوننا في سيارة تتوفر فيها القليل من الظروف الإنسانية فعلى الأقل لا توضع الأصفاد على يديك بينما في الوقت الراهن يتم استعمالها والسيارة مغلقة ليس فيها أي منفذ للتهوية أو أي شيء تمسك به حتى لا تسقط".

وأوضحت أن "المعاملة حالياً تبدو ظاهرياً أفضل لأنه من مكاسب الثورة، حيث أصبح هناك قانون وميثاق شرف يمنعهم من لمس السجينة، لكن أصبحوا يجبرونها على التعري، كما أنهم لا يفقدون السجينة حريتها فقط بل يفقدونها حتى إنسانيتها ويدفعونها إلى قضاء أغلب وقتها مستلقية أي أنه لديها الحق في قضاء نصف ساعة صباحاً ونصف ساعة مساءاً في "اللاريا" أو الخروج لبعض الوقت عند زيارة المحامي، بمعنى أن السجينة تقضي أربع ساعات بعيداً عن الفراش فهو يوم جميل". 

وقالت سهام بن سدرين "تصوروا إنساناً كانت له حياة عادية ثم تتغير أحواله ليبقى مستلقياً على الفراش طيلة 14 ساعة، أنه عنف نفسي ومادي يسلط على السجين يومياً، وبناءً عليه أطالب بأن تغادر السجينات السجن فلا شيء يبرر ذلك، ورفع الظلم عن جميع السجينات اللواتي سجنت معهن مدة سبعة أشهر وعلى جميع السجناء أيضاً، لأن لا شيء يبرر سجنهم ماعدا أنهم خالفوا رأي السلطة القائمة بينما حقهم في الاختلاف مضمون".

وأشارت إلى أن حرية التضامن والتعبير عن الرأي مُجرّمة بينما كل شيء مضمون بالقانون "يجب أن نتحد كلنا لاسترجاع الضمانات التي أخذت منا ظلماً وفي غير وجه حق".

 

 

بدورها قالت المحامية نزيهة ذويب إنه بالنسبة للظروف داخل السجن في حقيقة الأمر هي قاسية جداً بالنسبة للسجينات من حيث الاكتظاظ ومكان الإقامة الذي تغلب عليه الرطوبة وقلة التهوية والحصول على أشعة الشمس وهو يؤثر مع الوقت على الوضع الصحي للسجينات.

 وذكرت أن السجينة سنية الدهماني تعاني من أمراض الجلدية والروماتيزم نتيجة تردي ظروف السجن، فضلاً عن عدم القدرة على ممارسة جميع الحقوق مثل النظافة والصحة والمعالجة الطبية، حيث يسمح بالاستحمام بالماء الدافئ مرة في الأسبوع، مضيفةً أنه يتم إلزامهن بغسل الملابس داخل السجن وليس عن طريق العائلة فتقوم بذلك في دورة المياه المستخدمة لقضاء الحاجة والاستحمام وتغيير وغسل الملابس.

واعتبرت نزيهة ذويب أن هذه الظروف مخلة بالقانون المنظم للسجون والذي يضمن كل الحقوق الحياتية للسجينة والسجين المتعلقة بصحته وغذائه.

وإضافة إلى الظروف الصعبة التي تعيشها السجينة العادية تعيش السجينة الأم سجناً أصعب حيث لم تر السجينة سنية الدهماني ابنتها طيلة سنة كاملة وكذلك عانت السجينة شريفة الرياحي من الحرمان من رؤية أطفالها حتى أن ابنتها لم تعرفها عندما تم السماح لها بذلك في المرة الأولى وفي هذا الإطار قالت محاميتها حياة الجزار في مداخلة لها "حاولت ألا أكون مختصة في القانون الجزائي لأنه يكشف لك عن ظلم وقسوة تجعلك لا تطيق كيانك وإنسانيتك".

وأضافت أن "شريفة الرياحي كانت تقول لي دائماً في كل زيارة "أولادي أولادي" فشعرت بأن رؤية أبنائها هي حاجة حياتية بينما تحقيق ذلك يتطلب موافقة من هيئة السجون ومن المحكمة أيضاً لذلك عملت كثيراً حتى تستطيع رؤيتهم كل 15يوماً وهو إجراء يمكن أن يزيد من صمودها أمام مرارة السجن، فقد قالت في رسالتها للعالم إن السجن صعب لكن الأصعب أن تحرم الأم من أبنائها دون ذنب".