حملات داعمة لقضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية

رفعت جمهورية جنوب أفريقيا دعوى لدى محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل، تزامناً مع رسالة من أكثر من 1500 منظمة وجمعية، لاعتبار الاعتداءات على غزة إبادة جماعية ولوقف فوري لإطلاق النار.

بيروت ـ تقدمت جمهورية جنوب أفريقيا بدعوى لدى محكمة العدل الدولية يوم الجمعة 29 كانون الأول/ديسمبر 2023، حيث ضم ملف الدعوة 84 صفحة طالبت فيها بتفعيل المادة 9 من اتفاقية الإبادة الجماعية، وباتخاذ إجراءات مؤقتة ضد إسرائيل فيما يتعلق بحرب الإبادة الجماعية التي تشنها ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.

وفقاً للفريق القانوني لجمهورية جنوب أفريقيا فإنه يمكن إثبات نية ارتكاب الإبادة الجماعية من خلال الأفعال والترسانة العسكرية التي دمرت المدنيين وعدد القتلى والوحشية في إبادتهم، ومن خلال التصريحات التي يدلي بها رؤساء الدول أو مرتكبو الجريمة، فالتصريحات التحريضية التي أدلى بها العديد من المسؤولين الصهاينة الكبار بينهم وزير "التراث" الإسرائيلي، والذي دعا في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي لقصف قطاع غزة بقنبلة نووية الأمر الذي شكل إبادة جماعية وأظهر دليلاً على النوايا بالإبادة الجماعية.

وقد وصفت جنوب أفريقيا في الدعوى التي قدمتها إلى المحكمة تصرفات إسرائيل في غزة بأنها "إبادة جماعية في طابعها لأنها تهدف إلى تدمير جزء كبير من الهوية الوطنية والعرقية وإرساء للعنصرية"، في إشارة إلى وصف المحكمة الدولية لمعاهدة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بأنها "الأفعال المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو أثنية أو عنصرية أو دينية"، وجاء في الطلب أن الأفعال المعنية تشمل "قتل الفلسطينيين في غزة، وإلحاق أذى جسدي وعقلي خطير بهم، وفرض ظروف معيشية عليهم تهدف إلى تدميرهم جسدياً".

وأكد وزير العدل في جنوب إفريقيا، أن إسرائيل تحاصر غزة، كما أكد المتحدث الرسمي باسم الفريق القانوني لجنوب إفريقيا أنه سيكون من الصعب على القضاة تجاهل الأدلة ضد إسرائيل وثقته في نزاهة القضاة بشأن القضية المقدمة ضد إسرائيل.

كما شجبت المفوضة السامية لحقوق الإنسان "الخطر المتزايد للجرائم الفظيعة"، ووفقاً لمحكمة العدل الدولية، فإن التزام الدول بمنع الإبادة الجماعية له نطاق يتجاوز الحدود الإقليمية، وأن فشل الدول في الوفاء بالتزاماتها يشكل مساعدة وتحريضاً على جريمة الإبادة الجماعية.

 

شبكة النساء العربيات

ودعت شبكة النساء العربيات التي تضم أكثر من 65 منظمة نسائية من مختلف الدول العربية إلى توقيع رسالة موجهة من منظمات ومؤسسات ومجموعات حقوقية من المجتمع المدني حول العالم في 30 كانون الأول/ديسمبر لدعم جنوب أفريقيا في الدعوى المقدمة ضد إسرائيل 2023، وقد بلغ عدد الموقعين على الرسالة 1277، علماً أن هذه الرسالة موجهة للمنظمات والحركات والنقابات والمجموعات الأخرى وليس الأفراد.

كما تم نشر عريضة للأفراد للتوقيع عليها منذ حوالي شهر لدعم هذه القضية تحث على دعم "إحالة جنوب أفريقيا إسرائيل إلى محكمة العدل الدولية بسبب جرائم الإبادة الجماعية"، ويأمل منظمو العريضة "أن يؤدي هذا الإجراء إلى شكل من أشكال العمل الدولي الذي يضع حداً لمعاناة سكان غزة، وإلى تحقيق العدالة بعد أكثر من شهرين من جرائم الحرب المتواصلة التي ترتكبها إسرائيل والتي أدت إلى مقتل أكثر من 21 ألف شخص".

وقد وصل عدد الموقعين على العريضة حتى لحظة كتابة هذا المقال حوالي 358 ألف توقيع من كافة أنحاء العالم على أمل الوصول إلى نصف مليون (500 ألف) توقيع.

 

الضفة الغربية

وقد نظم مئات المواطنين يوم الأربعاء 10 كانون الثاني/يناير الجاري، وقفات في رام الله ونابلس وبلدة يطا جنوب الخليل دعماً لموقف جنوب أفريقيا، وتظاهر مواطنون من رام الله أمام تمثال نيلسون مانديلا.

وبالإضافة إلى ارتفاع عدد الضحايا إلى أكثر من 23 ألفاً والجرحى إلى أكثر من 59 ألفاً معظمهم من النساء والأطفال، نزح أكثر من 85% من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، مع تحذير وكالات الإغاثة من خطر المجاعة وتفشي الأمراض، ويخضع القطاع الذي تبلغ مساحته 365 كيلومتراً مربعاً لحصار إسرائيلي منذ عام 2007.

هذا وتستمر المرافعات في المحكمة على مدى يومين، اليوم الأول مخصص لمرافعة مجموعة قانونية ممثلة لجنوب أفريقيا وبحضور وفد فلسطيني، بالإضافة لمرافعة من جانب قانوني تونسي، أما اليوم الثاني فخصص لمجموعة قانونية لإسرائيل، ومن المرجح أن يستغرق صدور حكم كامل من المحكمة، يحدد ما إذا كانت إسرائيل قد ارتكبت إبادة جماعية. على سبيل المثال، لا تزال القضية التي رفعتها غامبيا ضد ميانمار في عام 2019 بسبب حملتها العسكرية على اللاجئين الروهينجا قيد المحاكمة، بعد مرور أكثر من أربع سنوات على بدئها.

وقد يصدر القرار الأولي خلال أيام ومن المتوقع أن تحكم المحكمة في إجراءات الطوارئ المحتملة في وقت لاحق من هذا الشهر، ومنها إدخال المساعدات دون شروط وقرار المحكمة ملزم لجميع من وقع على الاتفاقية، كما يمكن تحويل الأمر إلى مجلس الأمن، حيث ستكون الإدارة الأميركية محرجة جداً، كون قرار الفيتو إن قررت اعتماده لن يكون ضد دولة أو ضد الفلسطينيين بل ضد أعلى هيئة قضائية في العالم، وستبدأ عملية العزلة ومساءلة إسرائيل، وقد يتجه فريق الدفاع الإسرائيلي للضغط على الدول التي لديها قضاة وعلى القضاة أنفسهم في محكمة العدل الدولية وبطرق الترهيب والترغيب ما يمكن أن يؤثر على قراراتهم، ولكن وفق المحامين المحايدين فإن كل أدلة الجرائم ثابتة، بما في ذلك وجود النية، وهناك دلائل لا حصر لها من تصريحات لوزراء ومسؤولين سياسيين وعسكريين ورجال دين وأعضاء في الكنيست.

 

الدفاع الإسرائيلي

وتتجه أنظار شعوب العالم اليوم الجمعة إلى جلسة الاستماع الثانية بمحكمة العدل الدولية في مدينة لاهاي الهولندية والتي تقدم فيها إسرائيل دفاعها عن اتهام جنوب أفريقيا لها بارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة، وقد تظاهر العشرات من المناصرين للقضية الفلسطينية تزامناً مع مثول إسرائيل أمام المحكمة بتهمة ارتكاب الإبادة الجماعية في قطاع غزة.

وقد أشار وكيل إسرائيل أمام المحكمة الدولية في مرافعته، أن "دعوى جنوب أفريقيا قدمت صورة مشوهة للأحداث"، وبأن عملياتها العسكرية في قطاع غزة كانت "ضرورية لحماية" مواطنيها من "الهجمات الصاروخية التي أطلقتها حركة حماس الذين تسللوا إلى إسرائيل وقتلوا وأعدموا وذبحوا واغتصبوا واختطفوا مواطنين إسرائيليين"، وأن "الحركة كانت تستخدم المدنيين في قطاع غزة دروعاً بشرية، وقد بذلت إسرائيل قصارى جهدها لتجنب وقوع إصابات بين المدنيين".

من جهة ثانية، زعمت إسرائيل أن محكمة العدل الدولية ليس لديها اختصاص للنظر في الدعوى، لأن المدعي ليس طرفاً في اتفاقية روما المنشئة للمحكمة الجنائية الدولية، وأن الدعوى لن تؤدي إلى تحقيق أي هدف، وأنها لن تؤدي إلا إلى مزيد من التصعيد في النزاع.

 

لبنان

كما أعلنت وزارة الخارجية اللبنانية في بيان عن تقديم شكوى أمام مجلس الأمن الدولي ضد إسرائيل لـ "خرقها القرار 1701" بالإضافة إلى "الأعمال العدائية التي تقوم بها القوات الإسرائيلية منذ 7 تشرين الأول الماضي ضد لبنان تزامناً مع حربها على غزة".

وجاءت هذه الشكوى رداً على شكوى كانت قدمتها إسرائيل ضد لبنان وتتهمه بعدم الالتزام بالقرار 1701.

هذا وصدر القرار 1701 عن مجلس الأمن في آب/أغسطس 2006، ودعا لوقف "الأعمال الحربية بين حزب الله والجيش الإسرائيلي"، كما يدعو إسرائيل لسحب قواتها من جنوب لبنان وإلى نشر قوات الجيش اللبناني واليونيفيل في الجنوب.

وتضمن البيان "أدلة موثقة حول خرق إسرائيل للقرار 1701، وقلب الحقائق من خلال تحميل لبنان مسؤولية تعدياتها السافرة على سيادته وسلامة أراضيه"، وأن "إسرائيل أطلقت قذائف فوسفورية محرمة دولياً مستهدفة عدة مناطق في خراج بلدات عيترون وميس الجبل وبليدا بجنوب البلاد، ما أدى إلى اندلاع حرائق في الأحراج".

ولفت البيان إلى أن "طائرة مسيرة إسرائيلية استهدفت فريقاً صحفياً بصاروخين موجهين، ما أدى إلى وفاتهما ووفاة مدني آخر تصادف وجوده في المكان بتاريخ 21 تشرين الثاني 2023".

كما تقدم لبنان بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي ضد إسرائيل، بشأن قصف نفذته مسيرة إسرائيلية في ضاحية بيروت الجنوبية وأودى بحياة نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري و6 من مرافقيه.