هل الديمقراطية في ليبيا تعني... الرجاء استشارة الرجال أولًا!

لا تزال المرأة الليبية تترنح بين حجج "الولاية" والوصاية، ورغم ذلك مستمرة في التحدي والمقاومة وتسعى لتحقيق الديمقراطية في وقت ترهن فيه بمزاجية الرافضين لها.

مقال بقلم الصحفية منى توكا

 

في مشهد يعيدنا إلى حقبة يبدو أننا لم نغادرها بعد، تبرز قضية الزائرة المقطوف، أول عميدة بلدية منتخبة في تاريخ ليبيا عن مدينة زلطن، كمرآة تعكس الصراع الأزلي بين التغيير والجمود. فرغم الفوز المستحق عبر صناديق الاقتراع، تواجه الزائرة المقطوف تهديدات صريحة بعدم تمكينها من منصبها بذريعة كونها امرأة، مما يعكس تحديات خطيرة تواجهها المرأة الليبية في تحقيق العدالة والمساواة، حتى عندما تحظى بدعم شعبي وديمقراطي.

 

حجج "الولاية" والوصاية... العذر أقبح من الذنب

من بين الحجج التي خرجت بصعوبة من بين سطور التحريض والرفض، نجد خطاباً دينياً مبتذلاً يستخدم أحاديث ونصوصاً دينية خارج سياقها لشرعنة الإقصاء "لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة"، و"كيف تسمح لأختك أو زوجتك باستقبال الضيوف؟"، كانت أبرز الأسئلة التي أطلقها الرافضون لتولي الزائرة المقطوف منصبها أولهم عميد البلدية السابق، وكأنهم يناقشون حضورها في اجتماع عائلي لا مسؤوليتها كقيادية منتخبة. السخرية هنا تكمن في أن ذات الأصوات التي تستشهد بالدين، تتجاهل قيم العدل والمساواة التي ينادي بها.

 

الخوف عليها أم الخوف منها؟!!

لم يكتفِ المعارضون بتحقير كفاءتها، بل لجأوا إلى ترهيبها باستخدام أمثلة مرعبة عن مصير نساء سبقنها في الساحة السياسية، مثل النائبة سهام سرقيوة، محذرين من احتمال تعرضها للخطف أو القتل. وبطابع أشبه بالمسرحي، زعم أحد الرافضين أنه "خائف عليها"، وكأن هذا التخوف يمنحه الحق في تعطيل إرادة ناخبي زلطن. الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن "الخوف عليها" ليس إلا ستاراً يخفي خوفهم من تغيير يهدد مصالحهم.

 

الديمقراطية المرهونة بمزاجية الرافضين

التحريض ضد الزائرة المقطوف لم يتوقف عند خطاب الكراهية، بل تعداه إلى رفض تسليمها السلطة من قبل العميد السابق "عمر الصغير". والذي خرج بتصريحات مثل "امتى يقولوا لي شعب زلطن نسلم، توا نسلم" تعكس ازدراءً واضحاً لإرادة الشعب، وكأن الديمقراطية أصبحت رهينة لرضى مجموعة معينة! .

 

المرأة الليبية بين التحدي والمقاومة

قضية الزائرة المقطوف ليست مجرد صراع على منصب، بل هي اختبار لمدى جدية المجتمع الليبي في تبني قيم الديمقراطية والمساواة. المطلوب اليوم هو أن يقف أهل زلطن والمجتمع الليبي عامةً في وجه هذه الممارسات الذكورية التي تتناقض مع قيم التقدم. كما أنه على الدولة والجهات المسؤولة، بما في ذلك المفوضية العليا للانتخابات، حماية الخيار الديمقراطي من أي عرقلة أو تلاعب، ومحاسبة كل من يسعى لعرقلة إرادة الشعب.

قد تكون المعركة شرسة، لكن إرادة التغيير أقوى. وما قصة الزائرة المقطوف إلا فصل جديد في كتاب نضال المرأة الليبية نحو بناء وطن يساوي بين جميع أبنائه وبناته ولكن هل ستصل!