دعوات للمحافظة على الحقوق السياسية للنساء ومكاسب ثورة تونس
شددت أصوات نسائية وسياسية تونسية، على أهمية احترام الحقوق السياسية للنساء والمحافظة على مكتسبات الثورة من حرية التعبير والديمقراطية وفسح المجال للمجتمع المدني للعمل دون ضغوطات مسلطة عليه بالمراسيم.
زهور المشرقي
تونس ـ ضرورة فهم أفضل الأسس النسوية التقاطعية ومبادئها وكيفية تأثيرها على تجارب النساء ونضالاتهن، والحوار والتواصل بين الأجيال في الحركة النسوية والتعلم المتبادل، من أبرز ما دعت إليه التونسيات خلال إحيائهن يوم المرأة العالمي.
في إطار اليوم الثاني من أعمال الندوة التي عقدتها الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، وتزامناً مع إحياء اليوم العالمي للمرأة تحت شعار "نقاوم، نتقاطع، نتضامن"، تم التطرق إلى المشاركة السياسية للنساء في تونس، ومصاعب وصولهن لمراكز القرار، فضلاً عن سبل العمل لكسر صمت الدولة في مواجهة جرائم قتل النساء وإفقار التونسيات، بالإضافة إلى تسليط الضوء على السياسيات العمومية الكفيلة بوضع حد لمختلف أشكال التهميش والتمييز ضد النساء.
وشددت الندوة على ضرورة فهم أفضل لأسس النسوية التقاطعية ومبادئها عبر التعرف على الميكانيزمات (وسائل دفاع) المعقدة التي تربط بين أنظمة الاضطهاد المختلفة مثل العرق والجنس والطبقة والتوجه الجنسي وغيرها، وكيفية تأثيرها على تجارب النساء ونضالاتهن، مؤكدةً على ضرورة الحوار والتواصل بين الأجيال في الحركة النسوية والتعلم المتبادل، وقد ناقشن ضعف وجود النساء في البرلمان والمجالس المحلية وتأثير القانون الانتخابي وإلغاء المناصفة على ذلك.
وأكدت النسويات المشاركات في الندوة على النهج التقاطعي الذي ميز الحركة النسوية المستقلة في تونس والمنبثقة عن اليسار التونسي في السبعينات من القرن السابق، وجددن التذكير بانخراطها في مواجهة دكتاتورية وشمولية نظام الحكم، ولفتن إلى أن انخراط النسويات في القضايا العادلة أمر حتمي لا جدال فيه.
وقالت المحامية ورئيسة فرع الجمعية في محافظة صفاقس بالجنوب التونسي نعمة النصيري، أن الندوة عبارة عن تواصل لما قام به مجلس نساء والديناميكية النسوية تونس في آذار/مارس 2023، وما الذي يريده من الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي، لافتةً إلى أن الورشة تناولت المبادئ العامة والدولية التي لم تعد موجودة في تونس اليوم والتي تتمثل في الديمقراطية وأساساً المساواة التي استهدفها القانون الانتخابي ومسألة التناصف التي ألغيت كلياً وكانت مشاركة النساء الضعيفة في الانتخابات الأخيرة نتيجتها.
وأوضحت أنه تم التطرق إلى المرسوم 54 الذي يضرب مبادئ حرية التعبير واستقلالية القضاء والمحاكمة العادلة، معتبرةً أن المرسوم جاء للحد من حرية التعبير "حين لا نجد المجال للتعبير عن آرائنا السياسية واختلافاتنا ونقدنا لا يمكن أن نتقدم ونخطو خطوات إيجابية إلى الأمام ولن نحقق النتائج التي نريدها، اليوم عدنا إلى نقطة الصفر وبتنا نراجع مقومات الديمقراطية والحقوق الإنسانية والدستورية كحرية التعبير وحق الاختلاف والمحاكمة العادلة وأيضاً مبدأ التناصف فحين يتم القضاء على هذا الحق يتم المس بكل مكسب ثوري".
وعن دور المجتمع المدني في هذه المرحلة التي تصفها بالصعبة، تقول "حتى مع هذا التذبذب بين مكونات المجتمع المدني والحركة السياسية، الواقع يبين أن المجتمع التقدمي في تونس لازال متمسكاً بمبادئ الديمقراطية والحرية، وهذه القتامة ستخلق الجديد والتغيير وهي من تفرز الحراك النضالي لتغيير الكثير من الأوضاع وسيحدث التماسك بين المجتمع المدني والسياسي لأن المسار الديمقراطي جاء بنضال وكفاح المناضلات/لين والحقوقيات/ين، والتشبث بالديمقراطية هدفنا".
من جانبها أكدت رئيسة جمعية جسور للمواطنة آمال العرباوي على أن الورشة تأتي استكمالاً لأعمال مجلس نساء تونس للعام الماضي وتزامناً مع تخليد اليوم العالمي للمرأة، وقد انخرط في المجلس مجموعة من الجمعيات النسوية وهو مفتوح على الشخصيات الوطنية الناشطة في المجال الحقوقي وحقوق النساء، وطرح على نفسه التقدم بتصورات ونضالات في المجال السياسي والاقتصادي والثقافي وكل ما يتعلق بحقوق المرأة بشكل أفقي.
وأشارت إلى أن المجلس يعالج أيضاً المقاربات بعيون النساء في علاقة بالتغيرات المناخية وكيفية تحقيق العدالة المناخية وعدالة في الضرائب وتمكين اقتصادي يخرج النساء من حلقة العنف الحقيقي.
وخرجت الندوة بتوصيات مهمة، من بينها الإبقاء على المرسوم 88 لعام 2011، المتعلق بتنظيم الجمعيات، والإبقاء على المرسوم 115 لعام 2011، المتعلق بحرية الصحافة والطباعة والنشر والرسوم لعام2011 المتعلق بحرية الاتصال السمعي والبصري واحداث هيئة عليا مستقلة للاتصال السمعي والبصري وضمان التناصف الأفقي والعمودي وضمان تمثيلية الشباب والأشخاص ذوي وذوات الإعاقة وتمثيلية الجهات.
وشددت الندوة في توصياتها على التسريع بإلغاء المرسوم 54 لسنة 2022 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال، وضرورة الإبقاء على مجلة الجماعات المحلية والتسريع في استكمال الأوامر الترتيبية وفصل إدارة الجماعات المحلية عن إشراف وزارة الداخلية.