دعوات لكسر جدار الصمت تجاه معاناة التونسيات اللواتي تتعرضن للتعذيب والانتهاكات

تتعرض نساء تونس إلى العديد من الانتهاكات سواءً العنف أو التعذيب في مراكز الإيقاف وداخل السجون أو بين أروقة المحاكم وتختار أغلبهن الصمت على التبليغ خوفاً من المجتمع.

نزيهة بوسعيدي

تونس ـ أكدت المشاركات في الندوة الصحفية، أن عملية تبليغ المرأة عن الانتهاكات التي تطالها أقل من الرجال لاعتبارات تتعلق بالخجل والخوف على سمعتها أو الخوف من ردة فعل محيطها الاجتماعي الذي لن يتعامل معها كضحية، الأمر التي يترك آثار نفسية سلبية عليها.

رغم أن القانون التونسي ينص على عدد من الضمانات ضد التعذيب ويعتبر جريمة يعاقب عليها بالسجن، إلا أن النساء تتعرضن غالباً لهذه الانتهاكات.

عقدت المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب في تونس أمس الخميس 15 شباط/فبراير، ندوة صحفية بالعاصمة التونسية، حول الانتهاكات التي تتعرض لها النساء داخل السجون أو بين أروقة المحاكم.

على هامش الندوة الصحفية قالت مديرة برنامج "سند" التابع لمنظمة التعذيب في تونس نجلاء طالبي أن التونسيات تعانين من الانتهاكات والتعذيب غير أنهن لا تبلغن عن ذلك، مشيرةً إلى أن "النوع الاجتماعي في ملف التعذيب سيكون محور اهتمامنا وتركيزنا كمنظمة خلال العام الجاري".

وأوضحت أن المرأة تعاني من التعذيب المضاعف في تونس وتتعرض إلى جميع أشكال الانتهاكات وسوء المعاملة في أماكن الاحتجاز ومراكز الايقاف وداخل السجون ولكن عملية تبليغ المرأة عن الانتهاكات التي تطالها أقل من الرجال لعدة اعتبارات تتعلق أولا بالخجل والخوف على سمعتها من التشويه والخوف من ردة فعل محيطها الاجتماعي الذي لن يتعامل معها كضحية بل كجانية ويوجه لها كل أشكال الإدانة ويحمّلها مسؤولية ما حدث لها فتخشى أن يقع المس بشرفها.

وأشارت إلى أن المرأة في تونس أن تعرضت إلى العنف أمام أطفالها وتم سحبها إلى مركز الشرطة يحاولوا أن يلفقوا لها التهم، الأمر الذي يترك آثار سلبية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي للضحية لأنه يؤدي إلى فقدانها لعملها وتأثر أولادها ولن تعد قادرة على العودة إلى المرحلة السابقة".

وبخصوص أشكال الانتهاكات التي تعرضت لها الوافدات على مركز سند قالت "تتعرض النساء إلى التعذيب النفسي والهرسلة والتحرش الجنسي كما أنهن لا تقبلن التبليغ كضحايا أساسيين بينما تقبلن على التبليغ كضحايا ثانويين حيث يهم الانتهاك الأب أو الأخ أو الزوج أو الأبن وبالتالي فهي تعاني من تعذيب مضاعف أي من جهة تتحمل كل آثار التعذيب وتصمت عن التبليغ عنه ومن جهة أخرى تتعذب لعذاب من يهمها من الرجال وتنتقل بين مراكز الأمن وأروقة المحاكم والسجون بحثاً عن أثبات التعذيب في حق الضحية".

ولفتت إلى أن النساء تتعرض إلى جميع أشكال الهرسلة البوليسية والإجراءات التعسفية والمضايقات لأن الضحية التي تهتم بمساعدتها مطلوبة لدى العدالة "بشبهة إرهابية".

وأضافت "نقدم في مركز سند المساعدة حسب وضع الضحية ونوع حاجتها، ونستقبل نساء تعشن وضعيات صعبة"، لافتةً إلى أن "هناك العديد من المتدخلين الذين يساعدوننا على تخطي هذه الصعوبات وخاصةً الجمعيات النسائية والتي تقدم دعماً اجتماعياً ونفسياً وطبياً وقانونياً للضحايا كما نجد كل التجاوب من النساء، ولدينا قصص نجاح كثيرة في هذا المجال ووصلنا إلى نتائج إيجابية أفضل من تعاملنا مع الرجال".

وأكدت أنهم حاولوا من خلال برنامج سند إعادة الوضعيات إلى ما كانت عليه قبل التعذيب حتى يعود أصحابها إلى حالتهم الطبيعية، موضحةً أنهم يعملون أيضاً على وضع الأطفال لأنهم ضحايا ثانويين "نعمل على أوضاع المرأة فنهتم بأولادها عندما يكونون في أعمار صغيرة ونساعدها على تجاوز مرحلة الصدمة".

ودعت النساء إلى "الأقبال على المركز والتبليغ عن الانتهاكات التي تتعرضن لها لأن مساعدتهن هدفنا وأن كن لا ترغبن في التقاضي فهن أحرارا ويمكن مساعدتهن نفسياً واجتماعياً".

 

 

صعوبة أثبات التعذيب

من جانبها أكدت المحامية فاتن عباسي أنهم قدموا تقرير المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب على ضوء الأثبات الطبي والطب الشرعي في جرائم التعذيب وحالات سوء المعاملة والمعاملة اللاإنسانية والقاسية والمهينة.

وأوضحت أنه من أصعب أركان جريمة التعذيب هو أثبات وجودها طبعاً هناك التعذيب النفسي والتعذيب المادي المنتشر أكثر ومن أسهل طرق أثباته استعمال الوسائل الطبية "للأسف هناك بعض الإشكاليات التي نتعرض لها على غرار غياب الدقة والمعلومة الطبية الكاملة وتعدد المتدخلين الطبيين لتوثيق تلك الجريمة وعدم السرعة والإنجاز في أجراء الفحص الطبي أو الاختبار".

ولفتت إلى أنه في بعض الأحيان هناك أشخاص يتوفون دون حصولهم عل الاختبار الطبي لمعرفة ما الذي حدث معهم بالضبط هل هو حادث أم اعتداء أو تقصير أو اهمال، مؤكدةً أن هناك وسائل قانونية وطبية ولكن الأشكال يتمثل في البطء وتعدد المتدخلين وأحياناً تغيب الوسائل المادية لتوفيرها للضحايا.

وبخصوص وضع المرأة في هذا المجال قالت "نلاحظ أحيانا وجود تميز ضدها وهناك نوع من التعذيب النفسي يكون وقعه أشد وأقوى على المرأة حتى من خلال التعذيب المباشر عند استبقائها لفترات طويلة في مراكز الأمن فيتعذر عليها التواصل مع عائلتها وأطفالها خاصةً في الروضة وهناك نوع من الهرسلة والضغط لبعض الحالات.

وبينت أن "إحدى النساء تعرضت إلى سوء المعاملة من قبل الطبيب في وحدة صحية تعنى بالمرأة الحامل وجراء الإيقاف وتعرضت إلى نزيف وسقط حملها وتم نقلها إلى المشفى، مشيرةً إلى أنه نظراً إلى التهمة التي كانت تواجهها وهي تهمة الطبيعة الإرهابية تعرضت لسوء المعاملة الكبيرة من دفع وسب وشتائم وكانت هناك خشونة وقسوة في الأعمال الطبية التي قام بها الطبيب".

وأكدت بأن "الواقع ينطق بضرورة التعمق لإيجاد حل قانوني للتصدي لمثل هذه المواقف ومعالجتها وتحقيق طريقة مثلى لتشبيك عمل المتدخلين حتى نتمكن من الحصول على تقارير طبية متكاملة وسريعة"، موضحةً أن هناك وعي بضرورة التكوين التكميلي للمحامين والقضاة لفهم المفاهيم الطبية وتنظيم حلقات نقاش وتفكير من قبل منظمة مناهضة التعذيب في إطار الوعي بضرورة دراسة الحالات وضرورة إيجاد حلول عملية ممكنة.