دراسة لاتحاد المرأة التونسية: نسب قتل النساء بارتفاع ولا بد من توصيات للحد منها

كشف الجزء الثاني من الدراسة التي قام بها الاتحاد الوطني للمرأة التونسية لهذا العام عن ارتفاع ظاهرة قتل النساء بنسبة 20% مقارنة بالعام الماضي.

نزيهة بوسعيدي

تونس ـ ضمن فعاليات حملة الـ 16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة، قدم الاتحاد الوطني للمرأة التونسية نتائج الجزء الثاني من دراسة ميدانية قام بها حول ظاهرة قتل النساء.

قدمت كلاً من عربية الأحمر أخصائية اجتماعية بمركز الإحاطة والتوجيه النسائي، وزهرة بركة مكلفة بالشؤون القانونية نتائج الدراسة، فبخصوص الإطار العام قالت عربية الأحمر إنه على الرغم من مرور ست سنوات على دخول القانون عدد 58 حيز التنفيذ إلا أن مظاهر العنف المسلط على النساء قد تفاقمت بشكل غير مسبوق خاصة في السنوات الأخيرة واتخذت الشكل الأفظع، وتتمثل في تفاقم ظاهرة جرائم قتل النساء التي عرفت نسقاً تصاعدياً في السنوات الأخيرة، مضيفةً أنه تم تسجيل 15جريمة قتل عام 2022 و25 أخرى في عام 2023 بالإضافة لتسجيل 20جريمة قتل أواخر أيلول/سبتمبر 2024.

وأوضحت أن هذه الدراسة اعتمدت على عينة مكونة من 179 ضحية للعنف، حيث تعرضن للتهديد ومحاولة القتل بوسائل عديدة، حيث التجأن إلى خلايا الانصات ومراكز الإيواء التابعة للاتحاد طلباً للإحاطة والإرشاد والحماية والتدخل لفائدتهن.

وذكرت أن مؤشرات الدراسة التي قام بها الاتحاد الوطني للمرأة التونسية سلطت الضوء على التهديد حيث أنه في المرتبة الأولى كان على الشريحة العمرية بين 51 و60سنة بنسبة 36% ثم تلاها ما بين 41 و50 سنة بنسبة 22% ثم بين 31 و49 سنة بنسبة 16%.

من جانبها ذكرت زهرة بركة أن أغلب الضحايا أما في وضعية اقتصادية هشة "تبعية اقتصادية للزوج أو الأب أو الأسرة" أو تتقاضى أجراً زهيداً لا يفي بالاحتياجات ولا يسمح بالاستقلالية الذاتية، وأغلبهن تعتقدن أن التضحية من أجل الحفاظ على استقرار أسرهن وأبنائهن واجب مقدس رغم العنف المسلط عليهن ويعود ذلك إلى التنشئة الاجتماعية والموروث الثقافي السائد.

وأضافت أن المؤشرات تبين أيضاً أن النسبة الأكبر للنساء ضحايا العنف ذات مستوى تعليمي محدود، أما في التعليم الثانوي بنسبة 28% أو ابتدائي بنسبة 24% أو أمية بنسبة 17% بإجمالية 69%، ما يعني أن استفحال ظاهرة التهديد ومحاولة القتل ترتبط ارتباطاً وثيقاً بضعف المستوى التعليمي والذي يترتب عن جهل الضحية بالحقوق التي يكفلها لها القانون.

وبينت أن الضحايا ذات المستوى التعليمي الجامعي والبالغة 19% هم أقل عرضة للعنف والمستنتج أنه كلما ارتفع المستوى التعليمي كلما تيسر على المرأة الولوج إلى الهياكل المختصة أو الاجراءات القانونية الكفيلة لحمايتها.

ووفقاً لمؤشرات الوضعية الاجتماعية فإن 61% من الضحايا لا تتمتعن بدخل خاص يوفر لهن الاستقلالية المادية التي تجنبهن التبعية المالية مما يجعلهن عرضة للتهديد أو محاولة القتل، وأن الأرقام بينت أن نسبة التهديد بالقتل ترتفع بالوسط الحضري بنسبة 72% وخاصة الأحياء الشعبية بنسبة 39% وأما الوسط الريفي 28%.

وكشفت الدراسة أن أغلب أشكال العنف والتهديد بالقتل، هي العنف الزوجي بنسبة 81% مقارنة بالعنف الأسري بنسبة 14% والعنف العام بنسبة 5%، وأن 92% من الضحايا تعانين من عنف متواتر ويأخذ منحى تصاعدي بلغ في أغلب الأحيان محاولة أو الشروع بالقتل.

وتتمثل وسائل التهديد بالقتل وفق الضحايا عبر بندقية صيد ومحاولة فقع عيني الضحية ومحاولة دفع الضحية واسقاطها من مكان مرتفع بالسيارة وفتح قارورة غاز منزلي على الضحية.

وحول ردود فعل ضحايا العنف فإن 64% من العينة اخترن الصمت بسبب الخشية من سوء تطبيق القانون 58 وإفلات المعتدي من العقاب والخوف من الضغوطات العائلية والموروث الثقافي باسم "العيب" و"العار" وإلزامها بضرورة الحفاظ على عائلتها من التفكك ورفض فكرة الطلاق لأن نظرة المجتمع غير متسامحة مع المرأة المطلقة.

ومن العقبات التي تواجه الضحية المهددة بمحاولة قتل عدم تمكينها من المناصفة بصفة آلية بعد سبع سنوات من إصدار القانون عدد 58، مع ضرورة تقديم شهادة احتياج من عمدة المنطقة التي تقطن بها وفي هذا الإطار استقبل مركز الإحاطة والتوجيه امرأة في العقد السابع من عمرها تعرضت لمحاولة قتل حرقاً وبعد تدخل الجيران تم القبض على الجاني وعندما توجهت الضحية إلى المحكمة طالبوها بشهادة الاحتياج.

وقالت عربية الأحمر أن قتل النساء امتداد للعنف المسلط ضد المرأة ولكنه اتخذ الشكل الأفظع والأقسى ويعود ذلك إلى عدة عوامل أهمها الجنسانية المتأزمة نتيجة الانعكاسات السلبية على نفسية الرجل الذي أصبح يشكو الخوف من المستقبل وضعف القدرة الشرائية وتلبية احتياجات العائلة مما ولد في نفسه شعوراً بأن جنسه وهويته في تهديد وأصبح يعيش أزمة وجود، وثانياً النظرة الدونية للمرأة بسبب الموروث الثقافي والتنشئة الاجتماعية ما عمق الشعور بالتمييز بين النساء والرجال وساهم في تواتر جرائم قتل النساء.

وعلى هامش الندوة قالت أسماء بالطيب رئيسة رابطة الحقوقيات "اليوم تناولنا الدراسة الميدانية التي قام بها الاتحاد الوطني للمرأة التونسية حول قتل النساء، وهو الجزء الثاني بعد أن تناولنه في الجزء الأول من العام الماضي والتي كان يضم إحصائيات مهمة حول ارتفاع نسب التهديد بالقتل ولاحظنا في الجزء الثاني ارتفاعها بنسبة 20%".

وأضافت "بعد ست سنوات من إصدار القانون عدد 58 نلاحظ أن هناك عدة نقائص في تطبيقه على أرض الواقع وبالتالي يجب التوعية بضرورة تطبيقه، كما يجب الاستعانة بالنيابات الجهوية للاتحاد وكذلك وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام كما يجب ألا تقتصر المسألة على الأيام الدولية فقط بل تكون على مدار السنة لأن النساء بحاجة للإحاطة النفسية والمادية والجسدية وحمايتهن من العنف المسلط عليهن الذي بلغ حالياً حد القتل".

ومن التوصيات الصادرة عن الندوة أيضاً العمل على تغيير العقلية الذكورية في المجتمع وبضرورة التخلص من النظرة الدونية للمرأة والتي تطبع مع ثقافة العنف إلى جانب إيلاء الأهمية القضائية اللازمة للعنف اللفظي والمعنوي وآثارها النفسية وجعل تقارير الطب النفسي كمؤيد لإصدار الأحكام القضائية والعمل على تسهيل ولوج الضحية إلى السلطات الأمنية القضائية المختصة دون الوقوف على الاختصاص الترابي مثل تجربة التبادل الإلكتروني للوثائق الإدارية التي أصبح معمولاً به من 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2024.

 

 

كما قدمت الدراسة حالات من أرض الواقع تم تهديدهن بالقتل ومن بينهن و. ي 24 سنة ربة منزل تعرضت للضرب ولتشويه وجهها بشفرة حلاقة والتهديد بالقتل من قبل زوجها الذي يعج سجله الجنائي بالسوابق وتعيش حالة من الخوف والهلع المستمر بسبب تهديده لها بالقتل وإقدامه على ذلك في مناسبات سابقة رغم تركها المنزل واللجوء إلى عائلتها.