بلوشستان... نساء وفتيات تعانين من فقر الدورة الشهرية ونقص الثقافة
في خضم انهيار اقتصادي متسارع تعاني معظم النساء والفتيات في إيران من صعوبة في تأمين مستلزمات الدورة الشهرية، ما يدفعهن إلى استبدالها بخيارات غير آمنة.
سيما ولي نجاد
دزآب ـ تعاني الكثير من النساء في مدينة دزآب بمحافظة بلوشستان في شرق كردستان من فقر الدورة الشهرية والوصم المجتمعي الذي يلحقهن، في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة.
تعتبر شير أباد وضواحيها واحدة من مناطق دزآب الفقيرة التي تضم المهاجرين بما في ذلك البلوش والأفغان والأوزبك والطاجيك، عدد كبير من سكانها هم من الإيرانيين والأفغان الذين ليس لديهم وثائق هوية، تفتقر هذه المنطقة إلى الحد الأدنى من البنية التحتية اللازمة للمعيشة، بما في ذلك المساحات الخضراء والمراكز الطبية، أي أنها تعد من المناطق النائية.
تواجه النساء في هذه المناطق العديد من المشاكل، وبغض النظر عن المشاكل الاقتصادية التي تؤثر على حياتهن بشكل مباشر، فإنهن تواجهن مشاكل نفسية كبيرة كالاكتئاب والقلق والميول الانتحارية والاضطرابات العقلية الأخرى، وأكدت النساء اللواتي تعشن في هذه المنطقة أن العديد منهن تحاولن الانتحار بسبب الفقر والضغط الأسري والمجتمعي والإقصاء، مشيرات إلى أنهن لا تتمتعن بمكانة في الأسرة والمجتمع، كما أن العديد منهن تتعرضن للعنف الجسدي والنفسي على يد أزواجهن.
ويعد التمييز الجنسي من أبرز ما تعانين منهن، فغالبية النساء في شير أباد والمناطق المجاورة لها لا تتمتعن بإمكانية الوصول إلى منتجات النظافة الخاصة بالحيض، وبسبب المحظورات المتعلقة بالحيض وانخفاض مستوى الدخل، فإن توفير منتجات النظافة الشهرية للمرأة يأتي في المرتبة الأخيرة.
وعلى حد قول النساء فإنهن تستخدمن الملابس متسخة والغير مناسبة بدلاً من الفوط الصحية أثناء الحيض، ووفقاً لإحدى النساء اللواتي تعشن في منطقة نعمة آباد، فإن النساء تستخدمن أي نوع من الأقمشة حتى المطرزة منها.
يؤثر نقص الثقافة الصحية المتعلقة بالدورة الشهرية وصعوبة الحصول على منتجات النظافة الصحية، على صحة المرأة التي تتعرض للنبذ من الأنشطة الحياتية اليومية، وقد أوضحت "كركيج. أ" وهي تعيش في منطقة همت آباد، فإن العديد من الفتيات في سن البلوغ لا تستطعن التعبير عن آلام الدورة الشهرية ولا تطلبن المساعدة من الآخرين بسبب المحرمات الثقافية المتعلقة بالحيض.
ولفتت إلى أن معظم الفتيات لا تستخدمن الأقمشة حتى، مشيرةً إلى أن إحدى الفتيات كانت تستخدم القماش خلال فترة الحيض ولم تتمكن من شراء الملابس الداخلية بسبب مشاكل مالية، وعندما ذهبت إلى المدرسة، تم العثور على قماشها الملطخ بالدماء على الأرض بالقرب من منزلهم، وهو ما تسبب في معاقبتها جسدياً ونفسياً.
وأشارت إلى أن هؤلاء النساء والفتيات تقمن بغسل تلك الأقمشة بعد تلطخها وإعادة استخدامها، لافتةً إلى أن العديد من النساء والفتيات تعانين من عدوى فطرية في الرحم وثآليل في الأعضاء التناسلية، بالإضافة إلى الأمراض التي تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي، ولا تتمكن من إجراء فحوصات تصوير الثدي بالأشعة السينية وفحوصات عنق الرحم بسبب ارتفاع أسعارها مما أدى إلى زيادة عمليات استئصال الرحم ونسب الإصابة بسرطان الثدي في هذه المناطق.
وأوضحت أنه بسبب المعتقدات الثقافية في هذه المناطق لا تستخدم النساء حبوب منع الحمل، فإنجاب الأطفال أمر مهم بالنسبة لهن، ولا سيما لدى اللواتي تخشين من أنه سيتم التخلي عنهن أو تطليقهن والتزوج بأخرى إذا لم يكن لديهن أطفال.
ولا تتحدث النساء والفتيات عن معاناتهن من آلام الدورة الشهرية أو عسر الطمث لأن الحيض يعد من المحرمات هناك، إلا أن عدم الحديث عن مشاكل الدورة الشهرية يمكن أن يؤدي إلى التشخيص المتأخر لأمراض مثل الانتباذ البطاني الرحمي والعضال الغدي أو بالإصابة بورم ليفي رحمي الذي يؤثر على نوعية الحياة والجنس والحمل.
وفي لقاء لوكالتنا مع عائلتها التي تعيش في حي مالك عشتار بدزآب، تبين مدى عمق الكارثة فلا مأوى لهم لعدم قدرتهم على دفع إيجار المنزل، إن نساء العائلة تستخدمن الأقمشة القديمة أو أي قطعة قماش تأتي في متناول أيديهم، حتى أنهن تجدن صعوبة في الغسيل وتنظيم تلك الأقمشة، لأنهم لا يملكون الماء على الإطلاق ويعيدون استخدام نفس الخرق، كما أنه ليس لديهم مرافق صحية.