'بأقلامنا وعلمنا سنصل إلى مجتمع ديمقراطي مثقف بالعلم والمعرفة'
أكدت الطالبات المتخرجات من المعهد "الصحي" ومعهد الشهيدة "فيان أمارا" في مقاطعة عفرين ـ الشهباء أنهن بإصرارهن ومقاومتهن، تحدين جميع الصعوبات التي واجهنها خلال فترة تعليمهن، وبالرغم من النزوح تخرجن بأعلى الدرجات.
روبارين بكر
الشهباء ـ خرج معهد الشهيدة "فيان أمارا" والمعهد الصحي بمقاطعة عفرين ـ الشهباء بإقليم شمال وشرق سوريا، 81 طالباً وطالبة بجميع الفروع المتواجدة ضمن المعهدين من بينهم 60 طالبة حصلن على أعلى الدرجات.
يعد العلم أساس نهضة الأمم وتقدمها، ونور يستضاء به، كما إنه اللبنة الأولى لازدهار المجتمعات، ويحقق التقدم في جميع مجالات، وللمرأة دور هام ضمن تطور العلم والثقافة التي تحافظ على وجود الإنسان وهويته، فهي تحارب وتقاوم من أجل حماية لغتها وثقافتها، ومنهن مهجرات عفرين اللواتي تتعرضن لسياسات تهدف لإنهاء مقاومتهن ووجودهن في منطقة الشهباء بإقليم شمال وشرق سوريا، وبالرغم من ذلك تقاومن لتضمن العودة الأمنة لأرضهن، لهذا تثبتن ذاتهن بكافة المجالات وتعلمن أطفالهن لغتهم الأم.
وعلى الرغم من كافة الصعوبات التي يواجهها أهالي مقاطعة عفرين ـ الشهباء من حصار وهجمات مستمرة من قبل الاحتلال التركي من أجل القضاء على الشعب الكردي المناضل والمقاوم، تخرج حوالي 81 طالباً وطالبة من معهد الشهيدة "فيان أمارا" والمعهد "الصحي" في التاسع عشر من تشرين الثاني/نوفمبر الجاري.
وعن وضع الطلبة في إقليم شمال وشرق سوريا تقول الإدارية في معهد الشهيدة فيان أمارا زاخوجان حسين "عند التحدث عن إنجازات طلبة المنطقة في هذا العصر، في البداية علينا تسليط الضوء إلى المعاناة والصعوبات التي يواجهونها وخاصة في منطقة الشهباء، حيث يعيشون ظروفاً صعبة، تعيق استمرارهم في الدراسة، ولكن عندما يضع الإنسان هدفاً أمامه ويسير عليه لا بد من تحقيق إنجازات ونجاحات في نهاية المطاف".
وأشارت إلى أنه منذ بداية تهجيرهم وتوجههم إلى منطقة الشهباء وحتى الآن، خرج معهد فيان أمارا 4 مجموعات من الطلبة، لافتةً إلى أن المتخرجين يعملون الآن في كافة المؤسسات والمراكز وفقاً لتخصصاتهم "النجاحات التي يحققها الطلاب المهجرين في الشهباء، ما هو ألا رداً على السياسات التي تستهدف إرادة ومقاومة مهجري عفرين، المقاومة التي عجز العدو عن إفشالها أو إنهائها".
وأوضحت أنه في هذا العام تم تخريج 65 طالباً من المعهد من بينهم 51 طالبة "في الواقع عندما ننظر لهذه النسبة نجد أن المرأة تجتهد في سبيل نجاحها وحصولها على حريتها، فهناك العديد من المتخرجات تثبتن أنهن صاحبات إرادة قوية وتكافحن بكافة السبل لكسر قيود العبودية".
وحول دور المعلمين المتدربين والمتخرجين من المعاهد والجامعات أشارت إلى أنه مع اندلاع ثورة روج آفا تم تدريب كوادر من أجل الدراسة باللغة الكردية "مع مرور الوقت تم تخريج طلابنا من معاهد وجامعات تابعة للإدارة الذاتية، وهذا ما سهل علينا تعليم الأجيال من ناحية الفكرية وحتى العلمية"، لافتةً إلى أن الجيل الذي يتلقى تعليماً بلغته الأم منذ صغره وينشأ على الفكر الديمقراطي الحر، سيحقق انتصارات عظيمة.
وعن دور المرأة في مجال التعليم تقول "أن المرأة منذ بداية التاريخ وحتى وقتنا الراهن ما زالت تحقق إنجازات عظيمة بجميع المجالات ومنها الفكري والعلمي، فهي ذات إرادة قوية وذو فكر حر، ولكي تثبت ذاتها ضمن المجتمع تكافح ضد الذهنية السلطوية التي تسعى بشكل مخطط ومدروس للقضاء عليها وعلى وجودها، ولذلك في مدارسنا ومعاهدنا تكون نسبة الطالبات أكثر من الطلاب وهذا يدل على أن المرأة تتسلح بالعلم والفكر لتطور ذاتها وتثبت وجودها في المجتمع".
وبدورها قالت الطالبة المتخرجة من قسم اللغة والأدب نورا محمد عن اختيارها لقسم الأدب واللغة الكردية "إنه يمثل لغتنا ويعرفنا بتاريخ لغتنا الأم، لذلك يقع على عاتقنا نحن الشعب الكردي أن نحمي لغتنا الأم من الاندثار، كون العدو يستهدفه بشكل مباشر".
وأشارت إلى أنه يجب على الفرد أن يكون ذو خبرة بالقراءة والكتابة بلغته الأم "نحن لسنا ضد أي لغة ولكن من حقنا نحن كشعب كردي المحافظة على لغتنا الأم والمحاربة من أجله ونحارب من أجله".
وعن الحصار المفروض على المنطقة وفي ظل ازدياد وتيرة الهجمات وتفاقم معاناة الأهالي أشارت إلى أنه "بهدف حرماننا من التعلم بلغتنا الأم يتم استهدافنا بشكل يومي، لكن على العدو أن يعلم أن إرادتنا قوية وإصرارنا أقوى لمواجهة سياستهم الفاشية والاستبدادية، تلك الاستهدافات لن تؤثر على استمرارنا بالتعلم، تحدينا جميع الظروف وتخرجنا من المعهد بدرجات عالية وبنجاحات عظيمة".
ولفتت إلى أن "حصولنا في منطقة الشهباء على شهادات التخرج أكبر رد للعدو، والذي يثبت أن العدو لا يستطيع القضاء على فكرنا الحر مهما فعل، فنحن من عهدنا شهدائنا وقائدنا بأننا لن ننهزم أمام المعاناة ومقاومتنا ستكون غصة في قلوب كل من يسعى لاستهدافنا".
وأضافت "اليوم عبر أقلامنا سنحارب العدو وسنبقى على هذا العهد لنربي أجيال المستقبل، ونعلمهم على الإخلاص وحب العلم والوطن ولنعرفهم بقضيتنا، وبهذه الطريقة سنصل إلى مجتمع ديمقراطي مثقف بالعلم واللغة".
وأوضحت أن مدينتهم كانت الحضن الآمن لهم "عندما نتحدث عن عفرين لن نستطيع وصف جمالها، وبنزوحنا من أرضنا نزعت أرواحنا من أجسادنا، ومن أجل تحريرها سنستمر بمقاومتنا ونواجه جميع الصعوبات".
واعتبرت نورا محمد أن حصول معظم الطالبات على الدرجات الأولى من بين الطلاب إنجازاً عظيماً للنساء والفتيات، وتطوراً كبيراً لأهمية دور المرأة في المجتمع.
بدورها قالت المتخرجة من المعهد الصحي هيفين رشو "بعد أن تخرجت أصبحت ممرضة بمشفى تل رفعت، واخترت هذه المهنة لأنه عمل إنساني يخدم المجتمع"، موضحةً أنها والأهالي في منطقة الشهباء يتعرضون لهجمات مستمرة.
وأشارت إلى أنه عندما يكون الشخص نازحاً ويعيش بمكان يقاوم فيه من أجل عودته إلى أرضه فإنه سيواجه الكثير من الصعوبات "خلال فترة تعليمنا ضمن المعهد الصحي واجهنا العديد من التحديات، وفي العديد من الأحيان كنا نتوقف عن الدراسة كون منطقة الشهباء المحاصرة تتعرض للقصف المستمر كل هذه الأحداث شكلت عائقاً كبيراً أمام اتمام تعليمنا".
وأكدت على أنه "لن نستسلم أمام معاناة الحياة، فإرادتنا القوية ومقاومتنا، وبإصرارنا أفشلنا جميع مخططات العدو التي كانت تستهدفنا وتستهدف مقاومتنا وسنبقى نستمر بها حتى نصل إلى أهدافنا".
وأوضحت أن المعهد الصحي خرج 16 طالباً وكان من بينهم 9 طالبات "تلك النسبة تثبت قوة المرأة وإرادتها العظيمة بمواجهة الصعوبات وحتى مواجهة عقلية المجتمع الذكوري الذي حرم المرأة من حقوقها، فثورة روج آفا كانت ولادة جديدة للمرأة".