أصوات نسائية تطالب بحقوقها من أجل العدالة والمساواة في مؤتمر ندى
في إطار ومحاور جلسات مؤتمر تحالف ندى، اجتمعت أصوات نسائية من مختلف دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتبادل الخبرات ومناقشة التحديات المشتركة، مؤكّدات على دور المرأة المحوري في بناء السلام وتحقيق العدالة والمساواة.

رجاء حميد رشيد
السليمانية ـ أكدت المشاركات في مؤتمر تحالف المنعقد في مدينة السليمانية بإقليم كردستان، على ضرورة أن يكون للمرأة دور فاعل ومؤثر في مختلف المجالات، إلى جانب توظيف الوسائط التكنولوجية الحديثة وغيرها في بناء جسور المعرفة بين النساء.
في اليوم الثاني من مؤتمر تحالف ندى المنعقد في مدينة السليمانية بإقليم كردستان، وفي إطار مناقشة العراقيل والإمكانات الأساسية التي تؤثر في تعزيز العمل النسائي المشترك، أكدت الدكتورة غادة موسى، أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة ونائب رئيس حزب الوعي، على اهتمامها البالغ بكيفية تشكيل تحالفات نسائية محلية، والتركيز على الشبكات المجتمعية على المستوى القاعدي، ويأتي ذلك في إطار السعي إلى خلق منصات تُعنى بالدعم والمناصرة، ودفع المرأة إلى المشاركة الفاعلة في جهود تحقيق الأمن والسلام في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهي منطقة تعاني من العديد من الحروب والنزاعات المسلحة التي تستهدف المرأة في المقام الأول.
وأضافت "إننا نعمل بشكل جماعي على التفكير في سبل بناء خطاب ثقافي سياسي مشترك، من شأنه أن يعزز التوافق بين النساء في المنطقة"، مشددةً على أهمية الاستفادة من الوسائط التكنولوجية الحديثة، لما توفره من أدوات للتواصل وتبادل الخبرات والمعرفة بين النساء من مختلف الدول.
ومن مدينة السليمانية بإقليم كردستان، أكدت دلسوز شفيق زنكنة، رئيسة منظمة دابين للتنمية الديمقراطية وحقوق الإنسان والناشطة في الدفاع عن حقوق المرأة، على أهمية توحيد جهود النساء في المجال السياسي، مشددةً على ضرورة أن يكون للمرأة دور فاعل ومؤثر في الحياة السياسية، لما لهذا المجال من تأثير في حياة المجتمعات.
وأوضحت أن النساء بحاجة إلى التكاتف وبناء روابط قوية فيما بينهن من أجل نيل حقوقهن السياسية والاجتماعية، مشيرةً إلى أن المجالات التي ينبغي أن تعمل فيها المرأة لا تقتصر على السياسة فقط، بل تشمل أيضاً القطاعات الثقافية والاجتماعية والإدارية، ويجب أن يكون للمرأة دور رئيسي وفاعل فيها.
وأبرزت أهمية العمل الجماعي للنساء من خلال شبكات تضمن التواصل المستمر وتعزز من قوة الترابط بينهن، مشددةً على أن هذا الترابط لا ينبغي أن يكون محصوراً بمنطقة واحدة، بل يجب أن يمتد ليشمل النساء في جميع الدول، لافتةً إلى أن هذا التواصل يساهم في تبادل الثقافات والاطلاع على القوانين الخاصة بكل بلد، مما يعزز من فرص التضامن والتنسيق بين النساء على المستويين الإقليمي والدولي، بهدف تحقيق العدالة والمساواة وضمان مشاركة المرأة في الحياة السياسية ومختلف مجالات الحياة العامة.
بدورها تحدثت شهرزاد الجاسم، ممثلة منسقية تجمع نساء زنوبيا وعضو لجنة العلاقات الدبلوماسية في إقليم شمال وشرق سوريا، عن الثورة النسائية باعتبارها رداً على قضايا العصر، لاسيما في مواجهة الأنظمة الأبوية والرأسمالية.
وأشارت إلى أن المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا قادت ثورة جديدة ضد هذه الأنظمة، لتطالب بحقوقها كاملة، ولتثبت أنها صاحبة إرادة حرة وقرار مستقل، وقادرة على خوض غمار الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وأضافت أن المرأة في المنطقة واجهت تحديات كبيرة، منها العنف وزواج القاصرات وتعدد الزوجات، وغيرها من القضايا المعقدة التي تمس حياتها اليومية، مؤكدةً أن المرأة اليوم أصبحت في طليعة العمل السياسي، بل وتمثل الحل لكثير من مشاكل وقضايا الأنظمة والمجتمع في الشرق الأوسط، من خلال ريادتها في مواجهة الأزمات ومقاومة سلطة الهيمنة الأبوية والرأسمالية التي عطلت نهوضها وحرمتها من الكثير من حقوقها.
وأوضحت شهرزاد الجاسم أن المرأة ترد اليوم بكل قوة على هذه التحديات من خلال مشاركتها في التحالفات النسائية، التي تسعى إلى تسليط الضوء على أبرز القضايا والمشكلات التي تعاني منها النساء، وأنها لا تكتفي بالمطالبة بالحقوق، بل تعمل بجد لتكون في موقع صناعة القرار، والمساهمة الفاعلة في صياغة الدساتير، بما يضمن تمثيلها الحقيقي، مؤكدةً على أهمية أن تمتلك المرأة الإرادة السياسية والاجتماعية الكاملة، وأن يكون لها دور ريادي في بناء الأنظمة السياسية الجديدة.
ومن موريتانيا، أعربت لاله المختار، رئيسة جمعية الرائدات لحماية المرأة والطفل، عن سعادتها بالمشاركة في مؤتمر تحالف ندى، الذي تناول مختلف القضايا المتعلقة بالنساء والنضال النسوي، مشيرةً إلى أن هذه الفرصة سمحت بتبادل الخبرات وتسليط الضوء على واقع المرأة في المنطقة.
وقالت "في موريتانيا لدينا نساء مناضلات وحقوقيات يعملن من أجل تحقيق العدالة والمساواة، ويسعين إلى ترسيخ حرية الفرد والمجتمع، فالمرأة هي نصف المجتمع، ومربية النصف الآخر، ولهذا يجب أن تكون على قدر عالٍ من المسؤولية، سواء من الناحية المعرفية أو الاقتصادية، لكي تتمكن من تسيير شؤونها وشؤون بلادها، لأنها تمثل النواة الأولى في بناء الأسرة والمجتمع، فالأولى تحتاج إلى أم واعية، فطنة، ناضجة، ومجاهدة، قادرة على تربية جيل واعٍ يحافظ على استقرار المجتمع وتماسك البلاد".
وأضافت "في موريتانيا، وبعد نضالات متواصلة، استطعنا تحقيق نسبة مشاركة نسائية تصل إلى 25%، ولدينا عشر وزيرات من بين 21 وزارة، كما لدينا برلمانيات، ونساء يخدمن في الحرس الوطني، والجيش الوطني، والشرطة، وقد تحقق كل هذا بفضل النضال المستمر والجهود التي بذلتها المرأة الموريتانية في سبيل انتزاع حقوقها".
ولفتت إلى أن "المرأة الموريتانية، التي كانت في السابق امرأة ريفية مهمشة، استطاعت أن تواجه تحديات العصرنة، وتندمج في المجتمع من خلال التعليم والتأهيل، معتمدة على ذكائها وحنكتها، ومع ذلك، ما زال الفقر يشكل إحدى أبرز المشكلات في موريتانيا".
وأكدت لاله المختار أن النضال مستمر لتحقيق العدالة والسلام والأمان لكل فرد في المجتمع، خاصة للمرأة التي كانت لفترة طويلة على الهامش، لا تكمل تعليمها، وتُجبر على الزواج المبكر، وتبقى فقط مربية في المنزل "اليوم نريد المرأة المثالية، المرأة القائدة، وعلى الجميع أن يكون داعماً لها، لأنها أساس المجتمع، فإذا صلحت المرأة صلح المجتمع، وإذا فسدت فسد المجتمع".