انطلاق فعاليات الدورة الثانية لمهرجان "جسد" للنساء المخرجات بالرباط
أكدت المشاركات في مهرجان "جسد" الذي أقيم في العاصمة المغربية الرباط أن المهرجان جاء لإسماع صوت محترفات الإخراج، وإظهار إبداعاتهن بالإضافة إلى تعزيز الحضور النسائي في مجالي الفن والثقافي.
رجاء خيرات
المغرب ـ انطلقت الدورة الثانية لمهرجان"جسد" للنساء المخرجات أمس الخميس 25 كانون الثاني/يناير، بالرباط بحضور نسائي كبير من مخرجات وممثلات ومحترفات للمسرح من المغرب، إيطاليا، الكاميرون، اليونان، فرنسا، تونس، إسبانيا ومصر، ألمانيا.
يعود مهرجان "جسد" للنساء المخرجات الذي تنظمه جمعية مسرح "الأكواريوم" في دورته الثانية بالعاصمة الرباط ببرنامج متنوع، بالإضافة إلى العروض المسرحية اليومية.
وعلى هامش المهرجان قالت مديرة المهرجان ورئيسة جمعية مسرح "الأكواريوم" نعيمة زيطان إن فكرة هذا المهرجان الذي يحتفي بالنساء المخرجات في المسرح تبلورت عقب جائحة كورونا التي عطلت مختلف قاعات العرض والأنشطة الثقافية التي اعتاد الجمهور المغربي حضورها، وأسفر التعاون بين كل الشركاء من محترفي المسرح في إخراج هذا المهرجان الذي يعنى بالمحترفات ويسعى إلى إخراجهن للوجود.
وأوضحت أن "جسد" جاء لإسماع صوت محترفات الإخراج وإعطائهن الكلمة، وإظهار إبداعاتهن وإشراك آمالهن وطرح أسئلتهن مع الجمهور، في اتجاه البحث عن حلول تفضي إلى اقتراحات عملية تعزز من مشاركتهن ومساهمتهن في مجال الإخراج، ومختلف مجالات الإبداع والثقافة.
وعن اسم المهرجان "جسد" أشارت إلى أنه جاء نظراً للمكانة المركزية التي يحتلها الجسد في المسرح، باعتباره وسيلة أساسية للتعبير الفني، ينقل من خلالها الممثلون مشاعر وخصائص الشخصيات المسرحية إلى الجمهور المتلقي، إذ من خلال الإيماءات والوضعيات والحركات وكذلك تعبيرات الوجه تتجسد المعاني الكامنة في النصوص المسرحية، مكونة ذلك الاتصال العاطفي مع الجمهور.
ولفتت إلى أن مفهوم "الجسد" لا ينحصر فقط في أجساد الممثلات والممثلين الذين يعبرون فوق خشبة المسرح بلغتهم الجسدية، بل يتجاوز ذلك المعنى لينتقل إلى الجمهور المتفرج نفسه ويشمله.
بدورها أكدت المخرجة والممثلة والمؤلفة المصرية نورا أمين أن عرضها المسرحي "رقصتي" الذي يشارك ضمن المهرجان يحاول أن يستعيد فكرة الرقص كنوع من أنواع الكرامة الإنسانية لجسد المرأة والمجتمع، مضيفةً أنه يشكل فرصة للتعبير عن المشاعر من خلال الجسد، حتى لا يكون هناك فصل بين الاثنين.
وبينت أن العرض يتناول فكرة العنصرية في المجتمعات الغربية ونظرتها للفنون القادمة من العالم العربي على أنها فنون أدنى، بالإضافة إلى نظرتها لجسد المرأة العربية الذي ترى أنه بالإمكان تسليعه، لافتةً إلى أنها تحاول، من خلال مسرحية "رقصتي" تقديم العرض كمقاربة نقدية وحوار مع المتابعين الذين يمكنهن أن يروا أجسادهم كجسد راقصة تبحث عن الحرية.
من جهتها قالت المخرجة المغربية إيمان الزوالي التي تشارك بعرض مسرحي بعنوان "رغبات بدون أعراض" في المهرجان أن المسرح من شأنه أن يصالح الجمهور مع ذاته وليس جسده فقط، موضحةً أن هذا المهرجان، بالإضافة إلى كونه يسلط الضوء على الجسد باعتباره شكلا من أشكال التعبير الفني، فإنه يعتمد عليه كذلك لأن العرض هو جسد يتحرك فوق الركح، سواء كان رجلاً أم امرأة.
وأشارت إلى أن الصورة أخذت حيزاً كبيراً وسرقت الجمهور، بحيث أصبح من الصعب عليه أن يتوجه إلى مسرح لمشاهدة عرض مسرحي، وهو ما اعتبرته إشكالاً معقداً يخص الفن والثقافة بشكل عام، معتبرةً أن تنظيم مهرجان من هذا النوع يحتفي بالنساء المخرجات ومحترفات المسرح يحتاج لثقة كبيرة ليس من السهل توفيرها في ظل ما نعيشه اليوم من تحولات مجتمعية.
وتخلل حفل الافتتاح تكريم للممثلة المسرحية والتلفزيونية حسنة الطمطاوي، نظراً لما قدمته من أعمال متميزة طيلة ثلاثة عقود تقريباً، حيث حصلت على العديد من الجوائز، منها جائزة أحسن أداء نسائي لعام 2004 عن مسرحية "لالة جميلة" وعن مسرحية "تصبحين على خير ماما" وغيرها من العروض المتميزة التي أحبها الجمهور، سواء داخل المغرب أو خارجه.
واختتم حفل الافتتاح بعرض مسرحي للمخرجة والكاتبة المسرحية التونسية وفاء طبوبي بعنوان "آخر مرة" الذي جسدته الممثلة مريم بن حميدة والممثل أسامة كشكار، حيث يحكي عن قصة اثنان من الكائنات البشرية (ذكر وأنثى) بقيا على قيد الحياة، بعد أن اختفت كل الكائنات، بسبب كارثة طبيعية، حيث يدخلان في لعبة لقتل الملل والخوف والشك الذي يسكنهما بعد أن أختفى الإنسان ولم يبق غيرهما، ليتمكنا في الأخير من قتل الوحش الكامن في نفوسهما.
وتشارك مخرجات من المغرب، إيطاليا، الكاميرون، اليونان،، فرنسا، تونس، إسبانيا ومصر، ألمانيا بتسع عروض مسرحية بفضاءات متعددة بمدينة الرباط وعلى رأسها المسرح الوطني محمد الخامس، وقاعة باحنيني، إضافة إلى مسرح "الأكواريوم" وأيضاً قاعة "جيرار فليب" التابعة للمعهد الفرنسي.
وتستمر فعاليات مهرجان "جسد" للنساء المخرجات حتى 29 من الشهر الجاري، حيث يواصل فعالياته بتجسيد الإبداع النسائي المسرحي بشكل خاص والفنون الحية بشكل عام مساهمة منه في تعزيز وتقوية الحضور النسائي في مجالي الفن والثقافي.
تعد جمعية مسرح "الأكواريوم" التي تنظم المهرجان، جمعية نسائية تعنى بنشر ثقافة المساواة من خلال استخدام الفن بشكل عام والمسرح بشكل خاص.
وقد التزم مسرح "الأكواريوم" منذ تأسيسه سنة 1994 من طرف المخرجة المغربية نعيمة زيطان بأسلوب الملتزم بالتطرق للإشكاليات النسائية من خلال الإنتاج المسرحي، حيث راكمت الفرقة المسرحية لـ "الأكواريوم" رصيداً مسرحياً غنياً تناول العديد من المواضيع الاجتماعية والسياسية، ومن خلال تنظيمه للدورة الثانية من مهرجان "جسد" للنساء المخرجات، يؤكد مرة أخرى على دوره في التحفيز الثقافي ونشر الوعي بأهمية النهوض بأوضاع النساء، وقدم مسرح "الأكواريوم" أكثر من 25 عرضاً مسرحياً خلال العقدين الأخيرين، تطرق أغلبها لمختلف المواضيع المتعلقة بالمرأة والمجتمع.