انتفاضة إيران... احتجاجات بالداخل والخارج والأمن الإيراني يحاصر الجامعات

لقي العديد من طلاب الجامعات الذين ما زالوا مستمرين بانتفاضتهم ضد النظام الإيراني، مصرعهم أو أصيبوا خلال الاحتجاجات أو نتيجة تعرضهم للضرب والتعذيب أثناء الاحتجاز، وتعرض عدد كبير منهم للاختطاف من قبل قوى الأمن والمخابرات خلال مداهمة المساكن الجامعية.

مركز الأخبار ـ بالتزامن مع اتساع نطاق انتفاضة إيران لتشمل الجامعات في جميع أنحاء البلاد، يزداد الضغط والقمع على طلاب الجامعات في ظل الاعتقالات التعسفية والعنيفة من قبل قوى الأمن.

 

الأمن يحاصر الجامعات

أفادت وسائل الإعلام بأن قوى الأمن تفرض طوقاً أمنياً حول معظم الجامعات الإيرانية في الوقت الذي تواصلت فيه الاحتجاجات في عدة مدن إيرانية.

وأفادت وسائل الِإعلام بأن قوات الأمن وعناصر الباسيج حاصروا بملابس مدنية، الطلاب المتظاهرين في كلية التقنية بجامعة طهران، ومشهد، وسوهانك بطهران، والسكن الجامعي التابع لجامعة أمير كبير في أراك، فيما توجه المتظاهرون في تلك المدن إلى الأحياء المجاورة لمساعدة الطلاب المحاصرين.

وفقا للتقارير، فإن بوابة الجامعة والحرم الجامعي في طهران مكتظة بعناصر الباسيج والقوات الخاصة، بينما قامت قوات الأمن بإطلاق رصاص الصيد ضد الذين جاؤوا لمساعدة الطلاب المحاصرين في الكلية التقنية بمنطقة أمير أباد.

وتشير مقاطع الفيديو المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي إلى أن قوات الأمن الإيرانية أغلقت الشارع المؤدي إلى أزقة الجامعة.

كما حاصر الأمن جامعة "سوهانك" في العاصمة أيضاً، ما دفع الطلاب المعتصمين إلى دعوة المواطنين والأهالي للحضور وكسر الحصار.

أما في كلية التقنية بجامعة طهران، فهتف المحتجون متحدين القمع "صاحب اليد المشلولة قاتل ضحايا هجوم شيراز"، كما تظاهر طلبة في جامعة الخوارزمي بكرج.

وشارك العديد من أهالي مدن أراك وكرمانشاه في مراسم تشييع جنازة الشاب مهرشاد شهيدي وأربعينية مينو مجيدي التي قتلت بعد إصابتها في الرأس برصاص قوات الأمن خلال مظاهرات كرمانشاه غربي البلاد في 20 أيلول/سبتمبر الماضي، مرددين شعار "Jin Jiyan Azadî"، و"إذا قتل شخص، فسيأتي بعده ألف شخص".

 

أطباء يضربون عن العمل

وفي أعقاب الهجوم على تجمع للأطباء يوم الخميس 27 تشرين الأول/أكتوبر ومقتل طبيبة الجراحة العامة بريسا بهمني، تجمع الأطباء مجدداً أمس السبت 29 تشرين الأول/أكتوبر وأضربوا عن العمل في مباني النظام الطبي.

وطالب عدد من الأطباء في رسالة إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والمجتمع الدولي، باهتمام ودعم الرأي العام في جميع أنحاء العالم لمجتمع العلوم الطبية الإيراني.

وفي وقت سابق، ندد أكثر من 170 من أطباء القلب والأوعية الدموية في بيان لهم بقمع وقتل الأبرياء، مطالبين بوقف القمع، وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، ومحاكمة مرتكبي عمليات القتل الأخيرة، والإغلاق التام لدورية الإرشاد، ومنح كامل حق الاحتجاج والتظاهر وحرية تكوين الأحزاب.

كما طالب أعضاء الجمعية العامة ورؤساء منظمات النظام الطبي للبلاد، رداً على الهجوم على مبنى النظام الطبي في طهران، بتشكيل فوري لـ "الجمعية العامة لمنظمة النظام الطبي"، فيما أعلن المساعدون الجراحيون في شرق كردستان، إلى إضراب عن العمل احتجاجاً على مهاجمة الشرطة على السكن الطلابي بجامعة كردستان للعلوم الطبية.

 

فنانون يدعمون الاحتجاجات

ودعم المئات من الفنانين والكتاب وأساتذة الجامعات والنقاد ومنظمي المعارض وغيرهم من أعضاء المجتمع الفني الإيراني الاحتجاجات المستمرة لطلاب الفنون في بيان مشترك، وأدانوا بشدة أي اعتقالات وأعمال عنف وقمع وتهديدات حكومية ضد الطلاب.

وجاء في البيان المشترك "في انسجام مع بعضنا البعض وبدون أدنى تردد، نعلن دعمنا الثابت لطلاب الفنون"، داعين إلى ضرورة الإفراج عن جميع الطلاب الموقوفين في أسرع وقت ممكن ودون قيد أو شرط.

 

دعم خارجي للانتفاضة

هذا وتتواصل الاحتجاجات الداعمة للشعب الإيراني في مدن عدة خارج إيران، وذلك تنديداً بمقتل الشابة جينا أميني، ففي كندا نظمت تجمعات في عدة مدن منها فانكوفر ومونتريال ووينيبيغ وتورنتو حيث شكل المتظاهرون سلاسل بشرية، كما تجمع الآلاف أمس السبت 29 تشرين الأول/أكتوبر في باريس ومدن فرنسية أخرى.

كما تجمع الآلاف في العاصمة الألمانية للتعبير عن تضامنهم مع المتظاهرين المناهضين للحكومة الإيرانية رافعين لافتات تنتقد قادة إيران، وتضمن الكثير منها شعار "Jin Jiyan Azadî"، باللغتين الإنجليزية والألمانية.

وشهدت العاصمة الإيطالية روما احتشاد مئات الأشخاص من الجنسية الإيرانية والإيطالية للاحتجاج على القمع الذي تمارسه طهران بحق المحتجين.

 

إيران تتهم صحفيتين بـ "العمالة"

واتهمت السلطات الإيرانية صحفيتين، كان لهما دور بارز في تغطية وفاة جينا أميني بالعمالة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، ووجهت اتهامات إلى نيلوفار حميدي وإيلاهي محمدي، اللتان اعتقلتا بعد وقت قصير من وفاة جينا أميني، وتفيد تقارير بأنهما محتجزتان في سجن إيفين سيء السمعة في إيران.

ووصف البيان نيلوفار حميدي وهي أول صحفية تقوم بتغطية حالة جينا أميني من المستشفى، بعد نقلها إثر تدهور حالتها عقب احتجازها لدي شرطة الأخلاق، وإيلاهي محمدي بأنهما كانتا "مصدراً رئيسياً للأخبار لوسائل الإعلام الأجنبية". واتهمت نيلوفار حميدي بانتحال شخصية صحفية، و"إجبار" عائلة جينا أميني على الكشف عن معلومات بشأن وفاتها، وفق صحيفة "الغارديان" البريطانية.

أما إيلاهي محمدي التي اعتقلت في 22 أيلول/سبتمبر فقد اتهمت من قبل الحرس الثوري الإيراني ووزارة المخابرات، بتلقي تدريبات كعميلة أجنبية وذلك إثر تقريرها عن وقائع جنازة جينا أميني في مسقط رأسها سقز.

واعتقلت السلطات الإيرانية أكثر من 40 صحفياً منذ اندلاع الاحتجاجات في البلاد، بينما تقدر وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان الإيرانية "هرانا"، أن أكثر من 220 شخصاً قتلوا على أيدي قوات الأمن منذ بدء المظاهرات، قبل أكثر من ستة أسابيع.

وأدانت "مراسلون بلا حدود" سعي النظام الإيراني لإسكات وسائل الإعلام الناطقة باللغة الفارسية في الخارج، معربة عن قلقها بشأن الحظر المفروض على تلك الوسائل، بما في ذلك بريطانيا وفرنسا وألمانيا، "لا يمكن لمراسلي وسائل الإعلام هذه السفر بشكل قانوني إلى إيران الآن، وقد تتأثر أصولهم الشخصية في إيران".

ووصفت "مراسلون بلا حدود" عقوبات النظام الإيراني الأخيرة ضد وسائل الإعلام الناطقة بالفارسية بأنها مؤشر على اشتداد القمع ضد الصحفيين الذين يغطون ضد النظام الإيراني، مشيراً إلى أنه "بالنظر إلى سجن 43 صحفياً في إيران، فإن هذا البلد هو ثالث أكبر سجن للصحفيين في العالم بعد الصين وميانمار".