عامان على سيطرة طالبان... انتهاكات جسيمة بحق النساء

يصادف اليوم الثلاثاء 15آب/أغسطس الذكرى الثانية لسيطرة طالبان على أفغانستان، عامان من السيطرة مارست فيها طالبان انتهاكات جسيمة بحق النساء وحرمتهن من كافة حقوقهن وحياتهن الاجتماعية.

ساريا دنيز

مركز الأخبار ـ مضى عامان على سيطرة طالبان على أفغانستان، حُرمت خلالها النساء بشكل خاص من جميع حقوقهن خلال هذه الفترة، فبعد وصول طالبان إلى السلطة، تم إعلان الحظر على جميع الأماكن العامة تقريباً، ومورست انتهاكات أمام مرأى العالم أجمع، لكن تلك الممارسات لم تحبط من عزيمة النساء المستمرات في النضال والمقاومة.

بقيت أفغانستان على جدول الأعمال العالمي منذ ١٩٨٠، ودخلت في مرحلة جديدة عندما انتهى الاحتلال السوفييتي عام ١٩٨٩، ووصفت هذه الفترة بأنها فترة صعود واستيلاء طالبان، وسميت بنقطة التحول في أفغانستان، وظلت أفغانستان تحت سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية لسنوات عديدة، وخلال هذه الفترة، حصلت النساء على بعض حقوقهن وتم الاعتراف بهن، لكن مع انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من البلاد، في ١٥آب/ أغسطس عام ٢٠٢١، عادت حركة طالبان واستولت على السلطة هناك، وتحاول تحقيق الاعتراف بها على الساحة الدولية.

 

تم استهداف النساء قبل أي شيء

حركة طالبان التي أدلت بتصريحات خاصة بشأن النساء والفتيات بعد سيطرتها على البلاد، لم تكن ممارساتها العملية على هذا النحو على أرض الواقع، فهي تصرح بأنها خففت من ممارساتها الصارمة تجاه النساء، لكن حياة النساء هناك باتت أكثر تعقيداً.

 

تم إغلاق وزارة المرأة

بعد شهر واحد فقط من سيطرتها، أغلقت طالبان وزارة شؤون المرأة واستبدلتها بوزارة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، وعملت الوزارة الجديدة على نشر "شرطة الأخلاق"، والتي كانت تقوم بضرب النساء اللواتي يرتدين ثياب غير شرعية على حد قولهم، في الشوارع أو تخرجن للشارع دون "محرم".

 

إلزام المذيعات بتغطية وجوههن

في ٢١ أيار/مايو عام ٢٠٢٢، طلب من مذيعات التلفزيون الظهور على الشاشة بشرط أن تغطين وجوههن، كما تم فصل العديد من النساء العاملات في مجال التلفزيون قبل هذا القرار، كاحتجاج على هذا القرار ظهر بعض المذيعين في البلاد على الشاشة وهم يرتدون أقنعة.

 

منع الصحفيات من العمل

أعلن الاتحاد الدولي للصحفيين عن منع قسم كبير من الصحفيات من العمل في البلاد، ووردت معلومات بأن أكثر من ١٥٠ وسيلة إعلامية، بما في ذلك الصحف والإذاعات والقنوات التلفزيونية والمواقع الإلكترونية، قد أغلقت مع حكم طالبان، وبالإضافة إلى ذلك، أُجبر العديد من الصحفيين على مغادرة البلاد بعد استيلاء طالبان على السلطة.

 

ارتداء النقاب

طُلب من النساء تغطية وجوههن في الأماكن العامة، أُجبرت النساء لأول مرة منذ عقود، على ارتداء النقاب، كما تم منعهن من مغادرة منازلهن إلا في الحالات الضرورية، وفي حال لم تلتزم النساء بهذه القواعد سيتم معاقبة الرجال المقربين لهن، ومع صدور القرار عملت طالبان على نشر قواتها في جميع الأماكن، كما أجرت عمليات تفتيش في محلات بيع الملابس النسائية.

 

حُظر على النساء السفر بمفردهن

وأصدرت طالبان قرار بمنع الأفغانيات من السفر لمسافات طويلة دون "محرم"، وأوضحت أن المرأة التي تسافر أكثر من ٧٢ كيلومتراً يجب أن تكون برفقة أحد من أفراد الأسرة الذكور، كما يجب على أصحاب المركبات أن يرفضون ركوب النساء الكاشفات للوجه والرأس.

 

منشورات في الشوارع

وعلقت وزارة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" منشورات في أجزاء مختلفة من كابول تحث النساء على تغطية وجوههن وارتداء الحجاب الأسود، وكتبت في تلك المنشورات "يجب على النساء أن تكن محتشمات وفق الشريعة وعليهن ارتداء الحجاب الأسود وتغطية الوجه، أو ارتداء حجاب أزرق".

 

القيود المفروضة على السائقات

تم فرض قيود على السائقات في جميع أنحاء البلاد، حيث أمر مسؤولو طالبان في مدينة هيرات بوقف مدارس وتعليم القيادة، ودورات تعليم النساء، وإصدار رخص القيادة للنساء، وتم تطبيق هذه القيود بشكل تدريجي في العديد من الأماكن.

 

إلغاء التعليم الثانوي

وفي إحدى أكثر القيود صرامة تم استبعاد الفتيات من التعليم خطوة بخطوة، في بداية الأمر، تم اتخاذ القرارات في مجال التعليم الثانوي، حيث منعت وزارة التربية والتعليم بشكل مفاجئ الفتيات من الالتحاق بالتعليم الثانوي في آذار/مارس عام ٢٠٢٢، وكان هذا قبل يوم واحد من بدء العام الدراسي الجديد، ومع هذا القرار، بدأت الاحتجاجات في كابول.

 

فصول منفصلة في الجامعة

وبعد التعليم الثانوي تم اتخاذ نفس القرارات التقييدية في الجامعة، أعيد فتح العديد من الجامعات العامة للطلاب والطالبات على حد سواء، وتم تقسيم الطلاب والطالبات في فصول مختلفة، ففي هيرات طلب من الذكور والإناث حضور الدروس في أوقات مختلفة، بينما طلبت السلطات من الطالبات تغطية أنفسهن، وأعلنت أن المنهاج سوف يصاغ وفقاً لمبادئ الشريعة الإسلامية.

 

منعهن من الجامعات والمدارس الثانوية

وتم افتتاح الجامعات هذا العام دون السماح للطالبات بالارتياد إليها. منعت وزارة التعليم العالي في طالبان من خلال إصدار بيان مكتوب النساء من الذهاب إلى الجامعة، بالإضافة إلى ذلك، أغلقت المدارس الثانوية أيضاً أبوابها في وجه الطالبات، على الرغم من أن السلطات أوضحت أن الحظر جاء بحجج مثل انتهاك قواعد اللباس ونقص الميزانية، ولكن هذا الحظر تحول لأمر دائم يوماً بعد يوم.

 

لم تتمكن النساء التقدم لامتحان التخصص

كما حظرت طالبان على النساء التقدم لوظائف تتطلب خبرة في مشافي الدولة، وتم الإعلان في العديد من المدن عن أن الرجال فقط هم من يمكنهم التقدم للوظائف المفتوحة التابعة لأقسام المستشفيات التي تتطلب التخصص، وبينما تفاعل العديد من الأشخاص مع هذا الموضوع في وسائل الإعلام الرقمية وأظهروا ردود فعلهم، تمت الإشارة إلى عدم تمكن النساء من التواجد حتى في أقسام أمراض النساء، ومن جهة أخرى تم إلزام النساء العاملات في المستشفيات من إجراء "امتحان ديني" من أجل الحصول على رخصة طبيب وتمريض.

 

إرسال موظفات الخدمة المدنية في كابول إلى منازلهن

طلبت إدارة طالبان من موظفات الخدمة المدنية العاملات في كابول البقاء في المنزل، وصرحت بأن الموظفات اللواتي لا يمكن استبدالها بذكور يمكنهن العودة إلى العمل بشكل مؤقت، ومن بين النساء اللواتي لم يكن من الممكن استبدالهن بعض الموظفات في قسم التصميم والهندسة والموظفات العاملات في دورات المياه النسائية العامة،  تم حظر عمل المرأة في البلاد وكذلك في المؤسسات الدولية.

 

ليس بإمكان النساء ممارسة الرياضة

يوماً بعد يوم، زادت طالبان من انتهاكاتها وممارساتها اللاإنسانية بحق النساء للسيطرة على الحياة الاجتماعية للمرأة بشكل شامل، وصرحت بأن الرياضة النسائية غير ضرورية، كما حظرت على النساء الأفغانيات المشاركة في المسابقات الرياضية، حيث تحدث أحمد الله واثق، رئيس اللجنة الثقافية في طالبان، عن الرياضة النسائية، قائلاً "ليست ضرورية ولا مناسبة، فمثلاً في لعبة الكريكيت، قد يواجهون مواقف لا يستطيعون فيها تغطية أجسادهم ووجوههم، وأضاف "الإسلام لا يسمح للمرأة أن تظهر هكذا"، وكان فريق الكريكيت النسائي الأفغاني في أعلى المستويات في جميع أنحاء العالم، من المعروف أن العديد من لاعبي الفريق موجودون في الخارج الآن.

 

حرق الآلات الموسيقية

احرقت آلات موسيقية في مدينة هرات الواقعة غربي البلاد، وأوضح عضو طالبان أن الاستماع إلى الموسيقى ممنوع ولهذا قامت السلطات بجمع وحرق الآلات الموسيقية، كما أكد أن الترويج للموسيقى "فساد" وأنه يتسبب في "تضليل الشباب وتدمير المجتمع"، ونشر في المدينة صورة تظهر فيها مجموعة من الآلات الموسيقية ومكبرات الصوت تحترق.

 

إغلاق صالونات التجميل

تم إغلاق صالونات التجميل وتصفيف الشعر في البلاد، يذكر أن عدد المحلات التي أغلقت أبوابها بلغ ١٢ ألف محلاً، وتشير التقديرات إلى أن أكثر من ٦٠ ألف امرأة أصبحت عاطلة عن العمل بعد قرار الإغلاق.

وبالإضافة إلى ذلك، هناك لوحات مجموعة من الرسامات في أفغانستان من ضمنهن طالبات يدرسن في قسم الرسم، يسمين أنفسهن بـ "شيفكرد"، وبالرغم من أنهن واجهن صعوبات اقتصادية إلا أنهن قمن باقتناء الطلاء بوسائلهن الخاصة ورسمن لوحات جدارية للنساء الرائدات، ولكن طالبان قامت بحذف كل لوحاتهن تلك، وقامت بإغلاق المقاهي أيضاً وأعلنت أنه بالإمكان إعادة فتح المقاهي لكن بشرط عدم دخول النساء إليها.

 

الصمت على الجرائم ضد الإنسانية

قامت منظمة حقوق الإنسان الدولية بتحديد انتهاكات عديدة لحقوق الإنسان بعد سيطرة طالبان على البلاد، وفي تلك الانتهاكات التي تعرف على أنها جرائم ضد الإنسانية ، كانت النساء الفئة الأكثر استهدافاً وكدن أن ينقطعن عن الحياة، وصلت عمليات الإعدام والتعذيب وسوء المعاملة والاعتقالات الخارجة عن نطاق القضاء إلى أعلى مستوى في البلاد منذ عامين، واوضحت المؤسسات الدولية والمنظمات الغير حكومية، بما في ذلك الأمم المتحدة بالإثباتات الانتهاكات التي تمارس على النساء في البلاد، ولم يتم تطبيق أي عقوبات لإنهاء الممارسات اللاإنسانية التي تم تطبيقها ضد المرأة، مئات الآلاف من الناس غادروا بلادهم بسبب الضغوط والمخاوف التي عاشوها هناك.

 

تواصل المرأة الأفغانية نضالها بلا توقف

لم تتراجع المرأة عن النضال ضد الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية في أفغانستان، فالنساء اللواتي لم تتركن الشوارع من أجل تعليمهن وحقوقهن، تواصلن المطالبة بحقوقهن على الرغم من التهديدات بالقتل والاعتقال والضرب، أن النساء اللواتي قمن بإنشاء دورات تدريبية  سرية، تخاطرن بحياتهن من أجل تعليم بناتهن، والنساء اللواتي تعترضن على اعتراف المؤسسات الدولية والدول بطالبان وإرسال المساعدات لها، قمن بوصف هذا الوضع على أنه "خيانة لشعب أفغانستان"، فالنساء الأفغانيات اللواتي تناضلن وتتلقين الدعم من الحركة النسائية الكردية على وجه الخصوص تواصلن ندائهن من أجل النضال المشترك للمرأة في بلادهن وفي كافة أنحاء العالم، ودعت كافة النساء لإظهار قوتهن بصوت واحد، بقولهن "فلنبدأ معاً باتخاذ إجراءات ضد طالبان".