التغيرات المناخية تؤثر على أمن النساء الغذائي وصحتهن الإنجابية

ركزت نسويات وحقوقيات وباحثات في المجال البيئي على فهم الظواهر المناخية وآثارها على واقع النساء في العالم بشكل عام وتونس بشكل خاص.

زهور المشرقي

تونس ـ أكدت نسويات وحقوقيات وخبيرات في المجال البيئي على أن الفوارق الاجتماعية والثقافية والاقتصادية من الأسباب التي تجعل النساء أكثر عرضة لآثار الأزمات المناخية.

نظمت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، أمس الجمعة 15 كانون الأول/ديسمبر، مائدة مستديرة بالعاصمة تونس، حول اختلال بنية العلاقات القائمة على التمييز الجنسي وتجذر الأنظمة الأبوية في النفاذ للثروات وانتهاك حقوق الإنسان، أبرزها الحق في الحياة والصحة والتعليم والحق في العمل، وكل ما ينتهي تحت الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للنساء والفتيات.

قالت منسقة لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات رجاء الدهماني أن التساؤلات عن علاقة النساء بالتغيرات المناخية لازالت قائمة وهي تشمل كل الفئات الاجتماعية دون استثناء "أطفال، نساء، رجال وشباب"، لافتةً إلى أن العديد من الجمعيات بحثت في مسألة العلاقة بين هذه التغيرات وتأثيراتها على النساء ووقفت على مشاكل كبيرة، وجعلتهن في وضع هش "لقد أثبتت الدراسات أن ما يقارب80% من النازحين اليوم هم من النساء نتيجة الكوارث الطبيعية سواء أوبئة أو أعاصير، ومختلف التغيرات التي أثرت أيضاً على تعليم الفتيات حيث سُجل انسحاباً كبيراً من المدارس نتيجةً لما ذكر".

وأفادت أن تلك التغيرات تؤثر على عمل النساء خاصة تلك الفئة الأكثر هشاشة كالريفيات والعاملات في مجال الفلاحة، حيث تؤثر مثلاً ندرة المياه عليهن بشكل مضاعف ومباشر على الإنتاج وتحرمهن من تحقيق ما يردن بلوغه، مشيرةً إلى أن 80% من العاملين في القطاع الفلاحي هم من النساء وهن مسؤولات على إعالة عائلاتهن، علاوة على تأثيرات تلك التغيرات المناخية على أمنهن الغذائي وعلى صحتهن الإنجابية التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالتغذية السليمة، وتطرقت إلى ارتفاع درجات الحرارة خلال السنوات الأخيرة في تونس وعلاقته بارتفاع نسب الاجهاض.

وحول كيفية تحقيق العدالة المناخية للنساء قالت إنه في ظل النظام الرأسمالي الأبوي هناك تقاطع مع مشاكل أخرى متعلقة بالبيئة "مشاكل تتجاوزنا كنتائج التغيرات المناخية لكنها في صلب المساس بحقوقنا كنساء، إضافة إلى السلطة الأبوية والرأسمالية التي تتدخل في كل ما يتعلق بحياتنا وعملنا ووجودنا، حيث نعاني من عدم المساواة في الأجور والعقلية الذكورية وكل الموروثات التي تشدنا إلى الأسفل ولا تجعلنا متساويات مع الرجل في الحقوق والواجبات".

 

 

ومن جانبها أكدت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات نايلة الزغلامي أن تقاطع النظام الرأسمالي الأبوي وغياب العدالة المناخية عنف مسلط على النساء في ظل نظام بطريركي إضافة إلى أن المناخ بات يخلق أزمات مؤثرة عليهن بشكل مباشر على غرار مسألة شح المياه التدبير اليومي للماء ومعاناة الفلاحات جراء ذلك خاصة مع غياب الحق في ملكية الأرض.

وأشارت إلى أن هذه المسائل الخطيرة التي ستمس باستقرار النساء وتؤثر على مستقبلهن، بحيث وجب معالجتها والتنبيه من خطورتها، سيما وأن المسألة المناخية غير مطروحة على الأجندات السياسية والسياسات العمومية وحتى الأجندات الدولية.

وذكرت أن البحث عن حلول لهذه التغيرات ضرورية لرفع الظلم عن النساء والفئات الهشة التي تعاني من هذه الأزمات، منوهة إلى أن ظلم النساء تضاعف بحوالي 14 مرة إلى التغيرات المناخية على غرار الحرائق والفيضانات والزلازل وغيرها "كلها عوامل تعود سلباً على النساء، فهن مثلاً من تنتقلن كيلومترات لتوفير المياه الصالحة للشراب نتيجة شح المياه، من كل الجهات وجب المطالبة بالعدالة المناخية لهن وتحقيق المساواة التامة بين الجنسين من أجل إرساء نظام مناخي قادر على احترام الأجيال القادمة وإنصاف النساء".

 

 

بدورها قالت عضو لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات مريم جاب الله أن تحقيق العدالة المناخية هو مطلب تحاول النسويات والمجتمع المدني البحث فيه خاصة بعد الصعوبات التي تناولتها قمة المناخ الأخيرة التي احتضنتها الإمارات، وتكرس اللاعدالة المناخية، مشيرةً إلى أن الجمعيات تطالب اليوم بالبحث في مسألة المناخ وعلاقته بحقوق النساء نطمح من خلال عدة فعاليات القيام بالتشبيك مع المجتمع المدني في المنطقة ودولياً بحماية التداعيات الخطيرة على حقوق النساء لاعتبارهن الفئة الأكثر استهدافاً وهشاشة والأكثر عرضة لهذه المشاكل المباشرة على غرار الزلازل والفيضانات والأسباب غير المباشرة تلك التي نعيشها من ضنك الحياة وهشاشة العمل "مسببات تمارس يومياً على المرأة نستطيع أن نجد لها الحلول لأن العلاقة بين المناخ والنساء إلى حد الآن غير واضحة للمجتمع".

 

 

فيما تطرقت باقي المداخلات إلى قهر الأنظمة الرأسمالية والأبوية للنساء من جانب وللطبيعة من جانب آخر،  حيث كان مبدأ التقسيم الجنسي للأدوات سبباً في طمس أدوار النساء وجعلهن في مرتبة ثانية وحرمانهن من حقهن في النفاذ للأرض وللثروات وحقهن في الميراث المتساوي وكل ما يصاحب ذلك من أنظمة قمعية أخرى متعلقة بالتصريح ورهاب الأقليات ومعاداة المهاجرين، وإذا كان المبدأ هو العبث بالعدالة المناخية سيعمق استنزاف جهود النساء واستغلالهن من أجل مراكمة الإنتاج وتحقيق الربح دون اعتبار لآثار التغير المناخي على صحتهن وحياتهن اليومية وظروف عملهن.

وتحدثت المشاركات عن مدى تضرر النساء من الانحباس الحراري ومخاطر الحرائق والجفاف والتصحر وقلة الموارد الاقتصادية والمائية خاصة في الوسط الريفي باعتبارهن من الفئات الأكثر فقراً.