'العقد الاجتماعي يساهم في تشكيل برلمان للمرأة يناقش قضاياها'

عقد مؤتمر ستار ندوة رقمية تناولت مناقشة العقد الاجتماعي الذي تمت المصادقة عليه أواخر العام الماضي من قبل الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا، والذي اشتمل مواد تؤكد على القيم المشتركة التي رسختها الثورة التي تحققت بقيادة المرأة وإرادة الشعوب.

سوزان أبو سعيد
مركز الأخبار ـ
عقد مؤتمر ستار مساء يوم أمس الخميس 29 شباط/فبراير، ندوة رقمية تمت فيها مناقشة العقد الاجتماعي للإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا، وشارك فيها ناشطين/ات من الإقليم ومن دول شرق المتوسط، بحيث يتم توضيح البنود أمام المشاركين/ات ومناقشتها والتعريف بها.
شاركت في تسطير بنود العقد الاجتماعي الجديد كافة مكونات إقليم شمال وشرق سوريا والأحزاب السياسية، وممثلين للشباب والأديان والمعتقدات ومنظمات المجتمع المدني وشكلت النساء 50 بالمئة منهم، وتضمن أربعة أبواب و134 مادة، وقام المجلس العام بالمصادقة على هذا العقد بتاريخ 12 كانون الأول/ديسمبر 2023، وبعد مناقشات واجتماعات كثيرة على مدى أكثر من عام، ليؤكد العقد الاجتماعي الجديد على الوحدة الطوعية للمكونات لسكان الإقليم والعمل على تساويهم نساء ورجالاً في الحقوق والواجبات. 
ونص العقد الجديد في مواده على أن "الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا جزء من جمهورية سوريا الديمقراطية، وأن اللغات المعتمدة الرسمية هي العربية، الكردية، السريانية، وعلى مبدأ استقلالية القضاء، والالتزام بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان وجميع لوائح حقوق الإنسان ذات الصلة، كما تم تغيير التسمية من روج آفا (غرب كردستان) إلى شمال وشرق سوريا".
وأشارت عضو لجنة العلاقات الدبلوماسية لمؤتمر ستار روكن أحمد إلى أن "العقد الاجتماعي يعتبر بريق أمل لشعوب سوريا بعد اثنا عشر عاماً من عمر الأزمة السورية، وفشل كافة المفاوضات والاجتماعات والمؤتمرات التي عقدت برعاية دولية، وتسعى الإدارة الذاتية لرسم منظومتها الأخلاقية، والحقوقية كقضية ملحة، سيما وأن طبيعة القضايا التي يواجهها المجتمع من خلال مقاربة الإنقاذ اليوم، بل تتطلب حلولاً جذرية تتطلب التوافق بين القوى المدنية والسياسية بغية التصدي للقضايا البنيوية واحترام المبادئ الحقوقية العامة".
وأضافت "بعد أن تم العمل على العقد الاجتماعي لأكثر من عام، صادقت الإدارة الذاتية على بنود العقد الاجتماعي الجديد، والذي يرى العديد من المحللين السياسيين أنه سيخلق تغييراً ملحوظاً لشعوب الإقليم، ويكون حجر الأساس للتعايش بين جميع شعوب المنطقة، ويضمن حرية الفرد فكرياً وثقافياً وسياسياً ودينياً واقتصادياً".
وحول تأثير العقد الاجتماعي على سير الحياة الخدمية والاقتصادية والاجتماعية، وعن تقييمها لهذه الخطوة النوعية والهامة بعد مصادقة العقد، قالت عضو اللجنة المصغرة لكتابة العقد الاجتماعي فوزة يوسف إن "العقد الاجتماعي بقدر ما هو انجاز لشعوب المنطقة فهو إنجاز لنضال المرأة، لأنه كان نتيجة مشاركة فعالة لها، حيث بلغت نسبة مشاركة النساء في صياغته 50 بالمئة، وكان لديهن دوراً فعالاً في المشاركات والنقاشات خلال الاجتماعات التي تجاوزت المئة اجتماع".
وأضافت "المعيار الأساسي هو التركيز على حقوق المرأة لأن أي عقد أو دستور لا يشدد على حرية المرأة يعتبر منقوصاً، ولن يكون ديمقراطياً، فلا يجب تأجيل قضايا المرأة والقول الأولوية للقضايا العامة والوطنية، فقضية المرأة وطنية ويجب أن تحرر نفسها، وهي قضية استراتيجية وعالمية، وهو ما تمت الموافقة عليه من قبل المشاركين في الصياغة، وقد ركزنا على الرئاسة المشتركة في جميع المؤسسات وأن يكون هناك 50 بالمئة من النساء في المجالس والتنظيمات والكومين".
وأشارت إلى أنه "في مجال الدفاع الذاتي فلأول مرة يكون للمرأة كياناً عسكرياً وجيشاً خاصاً بها، سواء لوحدة حماية المرأة وضمن وحدة حماية المجتمع، وبالتالي فإنه في مواد العقد الاجتماعي هناك مواد تاريخية وتحقيق إنجازات لا يوجد منها في أي دستور في العالم، ويمكن أن يكون نموذجاً للنساء في كثير من الدول".
وحول المبادئ التي تبناها العقد الاجتماعي الجديد من تعايش مشترك وحماية البيئة ومجتمع ديمقراطي، وعن الفروق بين العقد الاجتماعي في عام 2014 والذي تم تعديله في عام 2016، وبين العقد الاجتماعي الجديد، أوضحت فوزة يوسف أن "عقد 2014 كان مقتصراً على مقاطعة الجزيرة وفي 2016 كان على 3 مقاطعات الجزيرة وعفرين وكوباني تحت اسم فيدرالية شمال سوريا، أي أنها كانت مقتصرة على بعض المناطق ونتيجة لحالة طارئة، والفرق في العقد الاجتماعي الجديد أن مجلس المرأة سيوازي مجلس الشعوب، أي أن المرأة ستشكل برلماناً سيناقش يومياً قضاياها، أي سيكون للمرأة تمثيلاً أوسع ومؤثراً أكثر، بحيث يمكن لها طرح أفكارها ومشاريعها وفي تغيير الحياة الاجتماعية بطريقة إيجابية، أما الأمر الآخر فهو إمكانية قيام المرأة صياغة عقد اجتماعي خاص بالمرأة وحقها بتنظيم وتحقيق حقها الفيدرالي".
وحول الانتخابات المنتظرة، قالت فوزة يوسف إن "تنظم هيئة عليا مستقلة للانتخابات الجدول الزمني وآلية الانتخابات، ووفقاً للعقد الاجتماعي فهي انتخابات شفافة ونظيفة ومفتوحة للمنظمات الدولية لمراقبتها، وفي السابق وبسبب الوضع السياسي والأمني فقد كانت المؤسسات الموجودة تعمل للخدمات الطارئة، ولكن مع الحالة الانتخابية فسيكون هناك تغيير سياسي وإداري وخدماتي ديمقراطي عن طريق الانتخاب لا التعيين".

وحول ما يشاع بأن هذا العقد الاجتماعي هو مشروع انفصالي، قالت إن "هناك تأويلات كثيرة في هذا المجال، فهذه دعايات وسياسات ممنهجة تعمل على تشويه صورة الإدارة الذاتية، في الحقيقة فالإدارة الذاتية هي ضمان لوحدة سوريا وأراضيها، فلم تقطع الإدارة الذاتية علاقاتها مع المدن السورية، بغض النظر عن المناطق المحتلة من قبل الدولة التركية، ولكن على الرغم من تلك الادعاءات إلا أننا أكدنا في المواقف المبدئية للإدارة الذاتية على وحدة الأراضي السورية، ونريد حل كل القضايا داخل سوريا، وبينما اتجهت كل المعارضة للخارج إلى جنيف وسويسرا وتركيا وغيرها، تابعت الإدارة الذاتية التشديد أن الحل يجب أن يكون سوريا، والدليل أن أول اجتماع تناول الحوار السوري السوري في عام 2016 وكان في مناطقنا". 
وفي ختام حديثها، لفتت إلى أنه "شهدنا تحول المجتمع من مجتمع مضطهد بشكل دائم تحت منظومات وسلطات قمعية، إلى الديمقراطية، ولكن لا زلنا لم نتخلص من هذه الذهنية، وهو تحد داخلي لتغييرها لتطبيق المواد العقد الاجتماعي بشكل سليم، والتحضير للانتخابات، ولكن الناحية الأمنية المتمثلة بالاعتداءات التركية والتحديات الخارجية وتجاوزها تشكل حائلاً أمام المتابعة".