'النساء تواجهن العنف والمجتمع لا يزال يبرر القتل باسم الشرف'
أكدت نساء قامشلو بإقليم شمال وشرق سوريا، على أن العنف ضد المرأة مستمر رغم القوانين، ويرتكب غالباً باسم الشرف والدين، مطالبات بتوعية المجتمع، وتفعيل دور الإعلام، وتفسير النصوص الدينية بشكل صحيح، ورفض القتل كحل، وتعزيز مشاركة النساء في صنع القرار.

نغم جاجان
قامشلو ـ يتزايد العنف ضد النساء في جميع أنحاء العالم والشرق الأوسط، ويُعد من أخطر الظواهر الاجتماعية التي تُهدد حياتهن وأمن المجتمعات، لذلك بات من الضروري الإسراع في سنّ قوانين وقائية واتخاذ خطوات عملية لحماية حقوقهن وضمانها.
عبّرت نساء مدينة قامشلو بإقليم شمال وشرق سوريا، عن قلقهن إزاء تصاعد العنف والقمع الممارس ضدهن، بما في ذلك جرائم القتل التي تُرتكب تحت غطاء العادات والتقاليد البالية.
"دار المرأة منبر للعدالة في وجه التقاليد البالية"
بهية مراد، مديرة دار المرأة في المدينة، أكدت أن "الحاجة إلى تأسيس هذا المركز جاءت نتيجة انتشار ظواهر مثل زواج الأطفال، وتعدد الزوجات، وزواج التبادل، التي تُسهم في ترسيخ العنف ضد النساء، ورغم وجود دار المرأة، لا تزال كثيرات يشعرن بالخوف والخجل من الإفصاح عن معاناتهن، ما يستدعي تدخلات مباشرة من المركز لتوعية الأسر ومواجهة هذه الانتهاكات".
وأضافت أن "المجتمع بدأ يدرك أهمية دار المرأة كمكان للعدالة والحلول"، مشيرةً إلى أن جرائم القتل باسم "الشرف" لا تزال تُرتكب، وأن "النساء في إقليم شمال وشرق وسوريا يتعرضن للاستغلال من قبل أشخاص عبر الإنترنت، في ظل محاولات لنشر أفكار مضللة في المنطقة، إلا أن قوات الأسايش قامت باعتقال عدد من المتورطين في هذه الانتهاكات، في خطوة نحو الحد من هذه الظواهر المقلقة".
وأكدت بهية مراد، على أهمية إطلاق برامج خاصة تُعنى بالنساء، مشيرةً إلى أن "العديد من الفتيات في سنّ مبكرة يتعرضن للتضليل ويقعن في أخطاء لا تستدعي العقاب بالقتل".
ولفتت إلى أن "الإعلام يلعب دوراً محورياً في التوعية المجتمعية، داعيةً إلى إنتاج برامج وقصص تُعرض عبر التلفزيون، والاستفادة من "كومين السينما" لطرح القضايا الاجتماعية ومعالجتها".
وأضافت أن "دار المرأة تستقبل العديد من الحالات التي تعكس مشكلات اجتماعية عميقة، وأن وضع حد لجرائم القتل تبدأ بالتثقيف وتوفير برامج مخصصة للنساء، وعلى الأُسر تحمّل مسؤولياتها تجاه أبنائها، والتحلي باليقظة، خاصةً في ظل انتشار الإدمان بين الرجال، والذي يؤدي في كثير من الحالات إلى ارتكاب جرائم بحق النساء، والحلول موجودة، تبدأ من الوعي والمسؤولية".
"الدين لا يبرر قتل النساء بل يُحرّف لخدمة السلطة"
بدورها، أكدت مريم محمد، عضوة مجلس المرأة في المؤتمر الإسلامي الديمقراطي، أن "العديد من النساء في الشرق الأوسط يُقتلن ظلماً باسم الدين، إلا أن تعاليم الأديان، وعلى رأسها الإسلام، لا تبرر قتل النساء بل تدعو إلى المساواة والعدالة بين الجنسين، لكن بعض رجال الدين يفسرون النصوص الدينية بما يخدم مصالح السلطة، ويحرّفون مضامينها لتبرير قمع المرأة".
وأضافت أن "معظم جرائم القتل تُرتكب تحت ذريعة "الشرف"، حيث يُحمّل المجتمع المرأة وحدها مسؤولية شرف الأسرة، مما يؤدي إلى ممارسات عنيفة بحقها"، مشددةً على أن الحل يكمن في تصحيح المفاهيم المغلوطة المنتشرة في المجتمع، وتقديم تفسيرات دينية سليمة تعكس جوهر الأديان التي دخلت المجتمعات عبر السلام، ويجب أن تُفهم اليوم بنفس الروح"، داعيةً النساء إلى تعميق وعيهن ومواجهة هذه التفسيرات الظالمة من خلال المعرفة والوعي.
"رغم القوانين النساء يُقتلن والعدالة غائبة"
وشددت آرزو تمو، مديرة منظمة سارة لمناهضة العنف ضد المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا، على أن النساء لا يزلن يتعرضن للقتل رغم صدور العديد من القوانين التي تهدف إلى حمايتهن، وإن "جرائم القتل باسم "الشرف" تشهد تصاعداً مقلقاً في منطقة الشرق الأوسط، إلا أن الإدارة الذاتية أقرّت مجموعة من القوانين الرادعة، وفرضت عقوبات صارمة بحق مرتكبي هذه الجرائم".
وأضافت أن "الوضع قبل صدور هذه القوانين كان أكثر خطورة، حيث كانت تُعقد تسويات بين العائلات مقابل مبالغ مالية بعد قتل المرأة، دون أي مساءلة قانونية حقيقية، ومع تدخل المجلس التشريعي، أصبح من الضروري إشراك منظمة سارا كطرف أساسي في قضايا القتل، لضمان تحقيق العدالة".
وأكدت على أن "المجتمع لا يزال يربط مفاهيم الشرف بالمرأة وحدها، وهو ما يُسهم في استمرار العنف ضدها، ولا بد من وضع حد لهذه الانتهاكات، وتغيير النظرة المجتمعية التي تبرر العنف باسم الشرف".