اللغة والتاريخ والثقافة... ثلاث ركائز في مسار طالبات كوباني

تعتز طالبات كوباني بإقليم شمال وشرق سوريا بتعليمهن باللغة الكردية منذ 12 عاماً، مؤكدات أنه فرصة ثمينة لتعزيز هويتهن وثقافتهن "نؤمن بأن التعليم بلغتنا الأم يمنحنا القوة، ونطمح لنشرها عالمياً ومواصلة النضال لبناء مستقبل أفضل".

نورشان عبدي

كوباني ـ انطلق العام الدراسي الجديد 2025ـ2026 في إقليم شمال وشرق سوريا بتاريخ 14 أيلول/سبتمبر الجاري، حيث توجه آلاف الأطفال واليافعين إلى مدارسهم بحماس كبير، متلقين تعليمهم بلغتهم الأم.

في مدينة كوباني التابعة لمقاطعة الفرات بإقليم شمال وشرق سوريا، ذات الغالبية الكردية، تُعتمد اللغة الكردية كلغة أساسية في التعليم، بدءاً من الصف الأول وحتى المرحلة الجامعية، ما يعكس التزام المنطقة بتعزيز التعليم بلغات الشعوب الأصلية وترسيخ الهوية الثقافية.

 

"نتطور بلغتا وثقافتنا وتاريخنا"

عبّرت مريانا أنزا إحدى طالبات مدرسة الشهيد هوكر للمرحلة الإعدادية، عن سعادتها الكبيرة بفرصة التعلم بلغتها الأم "لقد مضت 12 عاماً وأنا أدرس دون انقطاع باللغة الكردية، وهذا بالنسبة لي فرصة عظيمة، أنا الآن في الصف الثاني عشر، وقد درست جميع المواد منذ الصف الأول وحتى اليوم وفق مناهج الإدارة الذاتية وباللغة الكردية، أعتبر هذه التجربة مكسباً ثميناً، ليس لي فقط، بل لشعبنا بأكمله، كي يتمكن الآخرون أيضاً من التعلم بلغتهم".

وتابعت حديثها عن بداية العام الدراسي الجديد "انطلقنا هذا العام بحماس وفرح كبيرين، خاصة أننا على أعتاب المرحلة الجامعية، وهذا يمنحني شعوراً مختلفاً، أمامي عام واحد، ولم أقرر بعد التخصص الذي سأدرسه، لكن الأهم بالنسبة لي هو أن أواصل تعليمي بلغتي".

وأكدت مريانا أنزا أن الشعب الكردي يتطور من خلال لغته وثقافته وتاريخه، مشيرةً إلى أن أبنائه عاماً بعد عام يشعرون بثقل المسؤولية تجاه مجتمعهم، خاصة أولئك الذين نشأوا في ظل هوية ثقافية متجذرة "أنا مؤمنة بأن هذا المسار سيشكل أساساً قوياً لتقدم مجتمعنا وبناء مستقبل أفضل لشعبنا".

 

"أعبر عن ذاتي من خلال لغتي"

ديلا حمي، من إحدى قرى جنوب كوباني، تحدثت عن تجربتها التعليمية "في إقليم شمال وشرق سوريا، يُعتمد منهجان تعليميان، ويختار العديد من الطلاب وأسرهم بينهما، أما أنا، فقد اخترت التعليم باللغة الكردية، وسعيدة جداً بهذا القرار ولم أندم عليه قط".

وأضافت "رغم الضغوط التي تعرضت لها، وسماع عبارات مثل "لا مستقبل لهذه المناهج"، فإن ذلك زاد من إصراري على مواصلة التعليم، وعزز ارتباطي بلغتي الأم".

ديلا حمي تطمح إلى دراسة الأدب الإنجليزي في الجامعة "كي أتمكن من إيصال لغتي، وثقافتي، وتاريخي إلى شعوب وأمم أخرى، ولأجعلهم يتعرفون علينا، أنا مؤمنة بقدرتي على تحقيق أحلامي، وسأسعى بكل جهدي لتحقيق ذلك".

 

"مناهج الإدارة الذاتية تمنحنا فرصة للتعرف على لغتنا"

بدورها، تؤمن فيدان خليل بأن التعليم يمثل ركيزة أساسية في بناء الفرد والمجتمع "لقد مضت 12 عاماً ونحن نتلقى التعليم بلغتنا الأم، المناهج التي ندرسها محتواها غني بالمعلومات، وتمنحنا فرصة ثمينة للتعرف على لغتنا، وثقافتنا، وتاريخنا، وهويتنا، فالتعليم لا يقتصر على اجتياز المراحل الدراسية، بل يشكل أساساً لتطوير المعرفة وبناء الشخصية، ولهذا فإن المدرسة بالنسبة لنا مؤسسة تربوية متكاملة".

وأكدت أن أكثر مادة أثّرت فيها هي مادة علم المرأة "رغم تأثير العديد من المواد في تعليمي، إلا أن مادة الجنولوجي تركت أثراً بالغاً في نفسي، أعتبر هذا العلم الذي قدمه القائد أوجلان علماً جوهرياً، خاصةً أننا كنساء نكتشف أنفسنا من خلاله، ونتعرف على ذاتنا عبر هذا الطريق، ولهذا فإنني أعتبر هذه المادة مصدر إلهام كبير".

وتابعت "شقيقتاي تعملان معلمتين، ووالداي يهتمان بشكل خاص بقضايا اللغة، وهذا شكّل بالنسبة لي قاعدة قوية للاستمرار في هذا المسار التعليمي".