الحماية الاجتماعية في المغرب... جهود متواصلة وتحديات قائمة
أكدت مشاركات خلال انطلاق أشغال الملتقى الجهوي الثاني لحقوق الطفل بمراكش، على أن الحماية الاجتماعية للنساء والأطفال يعد مطلباً أساسياً ورهاناً حقيقياً للمغرب الذي أطلق ورشاً إصلاحية هامة تهم تحقيق العدالة الاجتماعية.

رجاء خيرات
مراكش ـ في إطار تعزيز جهود الحماية الاجتماعية ودعم الحقوق الإنسانية، سلط منتدى تانسيفت الجهوي لحقوق الطفل الضوء على ضرورة تكريس الحماية الاجتماعية كركيزة أساسية للتنمية المستدامة، مع التركيز على حقوق النساء والأطفال.
نظم منتدى تانسيفت الجهوي لحقوق الطفل، أمس الجمعة 18 نيسان/أبريل، ندوة تحت شعار "دور الفاعل المؤسساتي و الفاعل المدني في تفعيل آليات الحماية الاجتماعية للمرأة و الطفل"، وذلك خلال افتتاح الملتقى الجهوي الثاني لحقوق الطفل الذي يستمر إلى غاية 27 من نفس الشهر.
وسلطت الندوة الضوء على أهمية توفير الحماية الاجتماعية للنساء والأطفال باعتبارها رافعة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة.
وذكر المنظمون أن عمل المنظمات غير الحكومية بالمغرب وعلى امتداد تاريخها الحافل بالمحطات النضالية بأساليب متنوعة ومتعددة، سواء من خلال الجمعيات المهتمة بالشأن الحقوقي أو التربوي أو الثقافي أو غيرها، وكذلك دفاعها المستمر عن حقوق النساء والأطفال في الصحة والتعليم والترفيه والتعبير والعيش الكريم، شكلت قوة ضاغطة لإقناع السلطات الحكومية بجدوى ملف حقوق المرأة والطفل، كما أفضت إلى اتفاقية حقوق الطفل لعام 1993 وما تضمنه دستور 2011 من مواد تعزز الحماية الاجتماعية.
وأكد المداخلات على أنه على الرغم من الجهود المبذولة في مجال الحماية الاجتماعية، إلا أن هناك العديد من التحديات والرهانات التي ما زالت مطروحة، متسائلين عن توفير الآليات والضامنات لحماية الأطفال من الاستغلال الجنسي والتسول والاتجار بهم وتشغيلهم دون السن القانوني، وكذلك الدور الذي يمكن أن تقوم به العديد من المؤسسات لتوفير الحماية الاجتماعية والصحية والبيئية للنساء والأطفال في ظل التعديلات المرتقبة لمدونة الأسرة.
كما طالب المشاركون والمشاركات توفير الحماية الاجتماعية خاصة للفئات الهشة كالنساء والأطفال باعتبارها ركيزة أساسية لضمان الديناميكية التي جاء بها النموذج التنموي الجديد، الذي اعتبروه متقدماً في طرحه لمجموعة من الآراء والمقترحات، وأن هذه الحماية هي في صلب الورش الإصلاحية التي أطلقها المغرب، والتي تروم إلى إدماج الفئات الهشة والفقيرة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية.
وعن دور الناشط المدني ومقاربة النوع في الحماية الاجتماعية للنساء والأطفال، قالت رئيسة فدرالية رابطة حقوق النساء سناء زعيمي إلى أن مقاربة النوع هنا تخص إدماج النساء في مسألة الحماية الاجتماعية، باعتبارهن الفئة الأكثر هشاشة، ومن هنا ينبثق دور الناشطين والناشطات الحقوقيين ضمن المجتمع المدني.
ونوهت إلى أن دستور المغرب أطر دور المجتمع المدني في الدور الاستشاري، وهو دور جد مهم لأنه منح فرصة تقديم الآراء الاستشارية، خاصة بعد تأسيس الهيئات، ومن ضمنها هيئة المساواة ومقاربة النوع التي تمكن الناشطين والناشطات الحقوقيين من إدماج آرائهن ضمن الترافع الذي يقوم به المجتمع المدني.
وفيما يتعلق بكيفية العمل على ذلك، أوضحت أنها مبنية على تراكم مجموعة من وسائل الترافع المستمدة من أرض الواقع، حيث تعمل الهيئات بالاعتماد على حق النساء وتمكنهن من المعلومة الصحية وحقهن في الرعاية والحماية الاجتماعية.
ولفتت إلى أن هناك فئات واسعة من النساء لم تتمكن من الاستفادة من أنظمة تأمين الرعاية الصحية خاصة في المجال القروي، ومن هنا يأتي دور الترافع الذي يستند على شكايات النساء من خلال مراكز الاستماع فيما يخص مجال الحماية الاجتماعية وكذلك الرعاية الصحية.
ومن الأسباب التي تجعل من الصعب على النساء الولوج لتلك الخدمات، الأمية في صفوفهن، خاصة بإقليم الحوز، وهو ما يوضح قوة الفاعلين والفاعلات بجهة مراكش أسفي ودورهم في الترافع، كما نوهت إلى الدور الذي يلعبه المجتمع المدني الذي يعمل ضمن شبكات تعمل وفق خطط واستراتيجيات موحدة ومتضامنة (شبكة نساء متضامنات) للدفاع عن الحقوق الإنسانية للنساء والأطفال.
وعن رهانات وتحديات الحماية الاجتماعية في مجال التعليم، قالت رئيسة مصلحة الارتقاء بتدبير المؤسسات بالأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة مراكش، أسفي عتيقة أزولاي، إن المغرب أطلق ورشاً إصلاحية مهمة في إطار المواكبة والتطور الذي عرفته المدرسة المغربية، والتي تنسجم مع الدينامية التي تعيشها المغرب، لاسيما مع تنزيل النموذج التنموي الجديد، وكذلك الورش الإصلاحية المرتبطة بالحماية الاجتماعية التي تم إطلاقها عام 2021، فضلاً عن الإصلاحات البنيوية التي تهم مجموعة من القطاعات كالصحة والعدالة الاجتماعية وكذلك قطاع التعليم.
وأشارت إلى بروز دور المدرسة باعتبارها ليست فقط فضاءً للتلقين ونقل المعارف، ولكن كرافعة للحماية الاجتماعية، وذلك من خلال الاندماج المجتمعي وكذلك مجموعة من الأبعاد، كالبعد التربوي الذي يبرز في الدور الذي تلعبه المدرسة، لكون مجال التعليم يعتبر مجالاً لبناء العنصر البشري، بالإضافة إلى الدور الاجتماعي المتعلق بالتمكين الاقتصادي من أجل الحد من الفوارق الاجتماعية والمجالية.
وأكدت أن المدرسة تلعب دوراً أساسياً في الحماية الاجتماعية، بالرجوع إلى عدد من المرجعيات، خاصة دستور 2011 الذي ينص على ضرورة الحماية الاجتماعية، ولفتت إلى وجود مرجعيات أخرى كنظرية المقاربة التشاركية، والتي تنص على أن التعليم أصبح شأناً مجتمعياً يتدخل فيه مجموعة من الشركاء والفاعلين كالمجتمع المدني ورئاسة النيابة العامة والسلطات والجماعات الترابية وكذلك المجلس العلمي ووزارة التضامن والأسرة.
وقالت عتيقة أزولاي في ختام حديثها أنه هناك مقاربة مجالية كذلك تخص تسليط الضوء على التفاوتات الاجتماعية، حيث لم يكتفى بالتركيز على المجال الحضري بل على المجال القروي كذلك، وذلك من خلال إحداث مؤسسات جماعاتية مثل الداخليات والنقل المدرسي.