'البلديات أساس مشروع الأمة الديمقراطية'
رغم التحديات التي تواجه البلديات إلا أنها سعت لتطوير عملها وركزت على تحسين الخدمات الأساسية، موليةً اهتماماً كبيراً لتمكين المرأة عبر مشاريع ومجالس نسائية مستقلة.

نغم جاجان
قامشلو ـ مع انطلاق ثورة روج آفا، شيّدت مؤسسات خدمية متعددة، كان أبرزها بلدية الشعب التي حملت على عاتقها مهمة تلبية احتياجات الأهالي رغم التحديات والصعوبات الجسيمة التي يمر بها إقليم شمال وشرق سوريا.
في نهاية أيلول/سبتمبر عام 2012، تأسست بلدية الشعب في مدينة قامشلو بإقليم شمال وشرق سوريا، بهدف تقديم خدمات نوعية للمواطنين، ومنذ ذلك الحين، توسعت أنشطتها بشكل متواصل يوماً بعد يوم، ورغم الهجمات التي تعرضت لها المنطقة، إلى جانب الظروف الاقتصادية القاسية، استمرت البلدية في أداء دورها الحيوي، مقدمةً خدمات مجتمعية شملت مجالات البيئة، النظافة، وصيانة وتطوير شبكة الطرق في المدينة وريفها، كما نفذت عشرات المشاريع الخدمية التي ساهمت في تحسين الواقع المعيشي للأهالي، مؤكدةً التزامها الثابت بخدمة المجتمع وتعزيز صموده.
بيريفان عمر، الرئيسة المشتركة لبلدية الشعب في مدينة قامشلو والمتحدثة باسم اتحاد البلديات في مقاطعة الجزيرة، تحدثت لوكالتنا عن أبرز المشاريع والأنشطة التي تنفذها بلدية الشعب في قامشلو، مشيرةً إلى تطورها المستمر منذ تأسيسها.
تأسيس أول بلدية في قامشلو
وأوضحت بيريفان عمر أنه مع إعلان تأسيس بلدية الشعب بمدينة قامشلو بادر الأهالي لتشكيل لجان محلية في الأحياء لتولي مهام حيوية مثل التنظيف وتوفير المياه، وكانت هذه اللجان النواة الأولى لتأسيس البلديات، وفي الأول من كانون الأول 2012، تم الإعلان رسمياً عن تأسيس البلديات، وبدأت بتقديم خدماتها في مختلف المناطق، وفي عام 2014، أُعلن عن تأسيس الإدارة الذاتية، وبدأ العمل على إعداد قانون خاص بالبلديات.
انتخابات بلدية وتمثيل شعبي
وأشارت إلى أن عام 2015 شهد أول انتخابات بلدية في إقليم شمال وشرق سوريا، حيث انتُخب أعضاء المجالس والرؤساء المشتركون مباشرةً من أبناء المنطقة، في خطوة عززت من المشاركة الشعبية، وأصبحت البلدية جزءاً من مجالس الشعب.
وأضافت أنه في عام 2024، صدر قانون جديد للبلديات يمنحها استقلالية إدارية واقتصادية، ويعزز قدرتها على بناء علاقات مع الإدارات والكومينات، لتكون صوت الشعب الحقيقي وممثلة لإرادته، مؤكدةً أن البلدية تُعد ركناً أساسياً في نظام الأمة الديمقراطية.
مشاريع المياه والخدمات الأساسية
وقدّمت بيريفان عمر شرحاً مفصلاً حول المشاريع الخدمية التي تنفذها بلدية قامشلو، وأبرز التحديات التي تواجهها، لا سيما انقطاع المياه الناتج بشكل رئيسي عن أزمة الكهرباء.
وأكدت أن البلدية منذ تأسيسها تركز على خدمات تعبيد الطرق، الصرف الصحي، إمدادات المياه، افتتاح الحدائق، زراعة الأشجار، وتنظيم المدينة وفق خريطة عمرانية تضمن عدم التعدي على الشوارع، ومن بين أبرز المشاريع التي نُفذت، نقل مكب النفايات الذي كان يشكل مشكلة مزمنة في المدينة، وتحويله إلى غابة خضراء.
وبينت أن البلدية أولت هذا العام اهتماماً خاصاً بمشاريع المياه، حيث قامت بحفر 20 بئراً جديداً لتلبية احتياجات السكان، بعد تحديد الأحياء التي تعاني من نقص المياه، فمعظم محطات المياه تعتمد على الكهرباء، ومع انخفاض منسوب المياه في سد الفرات نتيجة سياسات الاحتلال التركي التي تحرم المنطقة من حصتها المائية، انقطعت الكهرباء عن مقاطعة الجزيرة، مما فاقم أزمة المياه.
وأوضحت بيريفان عمر أن مشكلة المياه تتفاقم بشكل خاص خلال فصل الصيف، نظراً لزيادة الحاجة إلى المياه وارتفاع درجات الحرارة، مشيرةً إلى أن البلدية عملت بالتنسيق مع هيئة الطاقة على زيادة ساعات الكهرباء، مما ساهم إلى حدّ ما في التخفيف من أزمة المياه.
وأكدت أن البلدية نجحت في حلّ مشاكل خطوط الإمداد داخل المدينة، كما أنجزت أعمال تزفيت للشوارع الرئيسية، وتواصل حالياً تزفيت الطرق الفرعية بين الأحياء لتحسين الواقع الخدمي.
"للمرأة دور فاعل في البلدية"
وأشارت بيريفان عمر إلى وجود مشاريع نسائية فاعلة ضمن البلدية، موضحة أن مجلس المرأة يخصص سنوياً 10% من موارده لدعم هذه المشاريع، في إطار تعزيز دور المرأة في المجتمع "هدفنا هو تشجيع النساء على إنشاء مشاريع خاصة بهن، وليس الاكتفاء بالمشاريع العامة فقط".
وبينت أن البلدية تنظم لقاءات دورية في المدن، تجمع أعضاء البلديات والمجالس والمنظمات النسائية، بهدف تبادل الأفكار وتحديد الاحتياجات، ومن بين المبادرات التي تم تنفيذها، بناء مركز نسائي في مدينة ديريك لتعليم المهارات التقنية والتكنولوجية، مع التأكيد على أن إنشاء هذه المراكز يتم وفقاً لاحتياجات كل مدينة، كما يجري حالياً تجهيز ملعب نسائي مخصص للرياضة النسائية، في خطوة تهدف إلى دعم النساء في المجال الرياضي أيضاً.
وأكدت بيريفان عمر على أهمية الدور الذي تؤديه المرأة في البلدية، مشيرة إلى أن نظام الرئاسة المشتركة المعتمد يضمن وجود رئيسة مشتركة في كل بلدية، ما يعكس التزاماً حقيقياً بمبدأ المساواة.
وأضافت أن مكتباً خاصاً بالمرأة أُنشئ منذ تأسيس البلدية، ويضم المجلس العام للبلدية 50 امرأة و50 رجلاً، في خطوة تهدف إلى تحقيق التوازن في التمثيل، ومع صدور القانون الجديد، تم تأسيس مجالس نسائية في جميع البلديات، تتولى مسؤولية اتخاذ القرارات المتعلقة بالمرأة، كما تم تعيين متحدثة رسمية باسم مجلس المرأة في كل بلدية، مما يعزز حضورها في عملية صنع القرار ويدعم تقدم مشاريعها.
"كان من الصعب تطبيق بعض أنظمة البلدية"
وأوضحت أن قامشلو كانت مسرحاً للهجمات المتكررة على مدى سنوات، حيث تعرضت مرافقها الحيوية للقصف والتدمير، مما جعل من الصعب تطبيق بعض الأنظمة بالشكل المطلوب.
وأكدت أن البلدية تسعى إلى تجديد البنية التحتية تدريجياً، رغم الصعوبات الكبيرة التي تواجهها، لافتةً إلى أن عدد السيارات في المدينة يفوق قدرتها الاستيعابية، وهو ما دفع البلدية إلى إعداد خطة جديدة لتوسيع الشوارع وتحسين حركة المرور.
ورغم كل هذه التحديات، أكدت الرئيسة المشتركة لبلدية الشعب في قامشلو بيريفان عمر على أن عمل البلدية مستمر، معربةً عن أملها في أن تحظى مراكز الخدمات، التي تعمل بالتعاون مع الأهالي والبلدية، باهتمام أكبر لدورها الحيوي في تحسين الواقع الخدمي.