أفين جمعة: سياسة إنكار دور النساء تهدد مستقبل المجتمع السوري
بلغ عدد السوريين النازحين 12.3 مليون شخص حتى نهاية 2025، حيث تتحمل النساء والأطفال العبء الأكبر من المعاناة، فاستمرار سياسات إنكار دور النساء والانتهاكات بحقهن يهدد مستقبل المجتمع السوري، وهناك ضرورة لوجود ضمانات دولية لعودة آمنة وكريمة للنازحين.
رونيدا حاجي
الحسكة ـ منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011، شهد العالم واحدة من أكبر موجات النزوح في تاريخه الحديث، حيث اضطر ملايين السوريين إلى مغادرة البلاد بحثاً عن الأمان، ووفقاً لبيانات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، بلغ عدد اللاجئين والنازحين السوريين حتى نهاية عام 2025 نحو 12.3 مليون شخص.
في تعليقها على واحدة من أكبر موجات النزوح في تاريخ العالم الحديث، أكدت مديرة منظمة حقوق الإنسان، أفين جمعة، أن هذه الأرقام تعكس حجم الكارثة التي ما زالت تلقي بظلالها على الشعب السوري والمجتمع الدولي "النساء والأطفال هم الفئة الأكثر معاناة من آثار النزوح"، موضحةً أن من أصل 12.3 مليون لاجئ ونازح سوري، يشكّل النساء والأطفال النسبة الأكبر، حيث يُقدَّر عدد النساء وحدهن بنحو 4 ملايين".
وأوضحت أن كثيراً من هؤلاء النساء يتحملن مسؤولية إعالة أسرهن بعد فقدان أو غياب الأزواج، مما يضاعف حجم التحديات التي يواجهنها "للنساء اللاجئات حق أصيل في العودة الآمنة والطوعية إلى مناطقهن، وهو حق لا يمكن ضمانه إلا عبر التزامات دولية واضحة تكفل الحماية من الاضطهاد والعنف والتمييز، وضمان استعادة الممتلكات والحقوق المدنية، إضافة إلى توفير الدعم النفسي والاجتماعي، بما يمكّنهن من إعادة الاندماج في المجتمع من جديد".
وقالت إنّ الحكومة السورية المؤقتة لم تضع حدّاً لسياسة إنكار وجود النساء، بل على العكس، فقد استمرت هذه السياسة بشكل أكثر حدّة "بعد سقوط النظام السوري السابق، كان هناك أمل بأن تنتهي الأزمة السورية وأن يتحسن الوضع العام، خاصة بالنسبة للنساء، لكن ما حدث فعلياً هو أن السياسات التي برزت استهدفت النساء بشكل مباشر، لتصبح امتداداً للأزمة التي جرى فيها استهداف المجتمع عبر النساء".
وبينت أنه "في المرحلة الراهنة، لا تزال سياسة إنكار دور النساء تُمارس بقوة، حيث تُبذل محاولات لإقصائهن عن مختلف المجالات، لقد شهدنا مجازر وانتهاكات ارتُكبت بحق النساء، وكان الهدف منها تفكيك المجتمع والحد من تقدّم ودور النساء في إقليم شمال وشرق سوريا، في محاولة لإضعاف نضالهن المستمر منذ سنوات".
وأكدت أفين جمعة أهمية اتفاق 10 آذار/مارس باعتبارها محطة أساسية لمستقبل الشعب السوري، وأن استهداف النساء في هذه المرحلة يندرج ضمن سياسة إنكار تهدف إلى إضعاف المجتمع بأسره "إن توقيع الاتفاق من شأنه أن يُحدث تحولاً شاملاً ويُعيد الاستقرار، ولا سيما في أوضاع السوريات، بما يضمن حمايتهن، فبعد سقوط النظام السابق وتشكيل الحكومة المؤقتة، كان هناك نحو 12 مليون نازح يأملون بالعودة، لكن للأسف ما شهدناه هو بداية مرحلة جديدة من الانتهاكات ضد الشعب السوري، الأمر الذي بدّد آمال السوريين في مستقبل أفضل".
وفي ختام حديثها، شددت أفين جمعة على ضرورة ضمان عودة آمنة للنازحين، مؤكدةً أن غياب الضمانات حتى الآن يحول دون عودتهم إلى ديارهم "إن استمرار الانتهاكات حتى اليوم يجعل من الضروري أن تكون عودة النازحين مشروطة بضمانات دولية واضحة تكفل حمايتهم من أي اعتداءات، إلى جانب محاسبة المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات المرتكبة في سوريا، باعتبار ذلك خطوة أساسية لا يمكن الاستغناء عنها".