233 انتهاك في عام... تونس تدخل مرحلة قمع الحريات
اعتبر تقرير حقوقي أن تونس دخلت فعلياً في مرحلة القمع بعد ضرب حرية الصحافة والرأي التي تعتبر أبرز وأهم مكسب للثورة التونسية، مسجلاً 233 انتهاك في عام.

تونس ـ شهدت تونس خلال عام 2024 بحسب تقارير حقوقية، عدداً من انتهاكات حقوق الإنسان، كان القسط الأكبر منها موجهاً للحقوق المدنية والسياسية.
قدمت جمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات، اليوم الثلاثاء 15 نيسان/أبريل، تقريرها السنوي لعام 2024، تحت عنوان "انتبه... لقد بدأ القمع"، ويعتبر التقرير وثيقة رصد شاملة لانتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة من قبل الحكومة التونسية في عام واحد، وبلغ عدد الانتهاكات 233 حالة.
وسلط التقرير الضوء على عمليات الإيقاف وما انجرَّ عنها من تجاوزات وانتهاكات لحقوق الموقوفين، ونوع القضايا التي تم إحالتها إلى المحاكم، مشيراً إلى استمرار استهداف الحق في حرية التعبير خاصة القضايا على معنى الفصل 24 من المرسوم عدد 54 وتم رصد 32 حالة انتهاك بسبب هذا المرسوم.
وانتقد التقرير ما اسماه بالتضييق على الحريات السياسية من قبل الحكومة، ورصد جملة من حالات الانتهاك والتي تعلقت بـ 17 فرداً كانوا من المرشحين المحتملين للانتخابات الرئاسية الأخيرة حيث تم حرمان جزء منهم عبر عدم تمكينهم من الوثائق الإدارية اللازمة، وأهمها البطاقة عدد 3 الخاصة بالسوابق العدلية، إضافة إلى تعديل القانون الانتخابي قبل أشهر فقط من الانتخابات.
واستعرض انتهاك الحكومة للحق في حرية التعبير ومختلف الحقوق المرتبطة به، مثل الحق في حرية الإعلام والصحافة حيث يشير التقرير إلى تعرض أكثر من 9 صحفيين إلى محاكمات تعسفية.
وعلى مدار عام تم التحقيق مع أكثر من 40 فرداً واعتقال ناشطين ومدافعين عن حقوق المهاجرين، إلى جانب ما تعرضوا له من إجراءات تعسفية وتهم وُصفت بالكيدية، علاوة على الاعتقالات والبقاء في السجون لفترات طويلة دون وجود أي إدانة حقيقية أو مسار محاكمة يتوفر على جميع مقومات المحاكمة العادلة.
ولفت التقرير إلى استمرار سجن النساء الناشطات في المجتمع المدني والحقوقي نتيجة مواقفهن ونشاطاتهن في انتهاك واضح للحق في العمل الجمعياتي وحرية التعبير والرأي، حيث سجنت المحامية والإعلامية سنية الدهماني بناءً على الفصل 24 من المرسوم المتعلق بمكافحة الجرائم الإلكترونية على خلفية تواجدها في برنامج تلفزيون تناول موضوع الهجرة غير النظامية في تونس، كانت قد عبرت عن رأيها من هذه المسألة وفي إطار الحوار حينها جاء في ردها على أحد الضيوف الحاضرين جملة يتم تداولها بشكل واسع في تونس تعبيراً عن السخط من قضية "ما تشوف هاك البلاد الهايلة"، علاوة على استمرار اعتماد الصحفية شذى بن مبارك والناشطة شريفة الرياحي وسعدية بن مصباح اللتين عرفتا بدفاعهما عن المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء.
وقالت المكلفة بالاتصال والإعلام والناشطة الحقوقية بجمعية تقاطع مي العبيدي، إن التقرير سنوي رصدي يشمل انتهاكات السلطة على حقوق الإنسان، لافتة إلى أنه تم رصد 232 حالة تجاوز في عام فقط مقارنة بتقرير عام 2023 الذي كان تحت عنوان "آخر أيام الحرية" الذي رصد فيه 99 حالة انتهاك، في تضاعف واضح ومفجع.
وأفادت بأن الانتهاكات المرتكبة بحق النساء غير مسبوقة منذ 2011 حتى بداية 2025، حيث ارتفع عدد الملاحقات أمنياً بسبب مواقف من السلطة وقضايا مختلفة خاصة سياسية وحقوقية، على غرار المحامية سنية الدهماني والصحفية شذى بلحاج مبارك التي تعاني داخل السجن من وضع صحي صعب وتحتجز وكأنها تمثل خطراً على الحكومة والشعب مثلها مثل بقية الناشطات "كان من الأجدر إطلاق سراحهن وتتبعهن دون إيقافهن، خاصة مع التدهور الصحي لهن وخصوصية وضعهن الاجتماعي، إذ حرمت شريفة الرياحي من عيش تجربة الأمومة بعد أن أوقفت بعد شهر فقط من ولادتها لابنها".
ودعت إلى مراعاة الاحتياجات النسائية وعدم التعامل معهن بشكل يتنافى مع ما تنص عليه القوانين الدولية والمحلية، مبينةً أن كل البوادر تؤكد أن تونس تعيش تحت سلطة قمعية لا تراعي الحق في التعبير والرأي ولا تحمي حرية الصحافة بل تنتهكها، منتقدة ما حدث أمس في معتمدة المزونة بولاية سيدي بوزيد مهد الثورة بعد سقوط حائط بمعهد على تلاميذ توفي منهم ثلاثة، حيث لم يتمكن الصحفيين من النفاذ للمعلومة ومعرفة ما حصل فقد مُنعت وسائل الإعلام من الوصول للحادثة وامتناع المسؤولين بالجهة من الإدلاء بتصريحات حول الفاجعة التي هزت تونس "هذا يفسر أن حرية الصحافة باتت شعارات وعلى أرض الواقع خسرن هذا الحق الدستوري".
وأكدت مي العبيدي أن المواطن تمكن بمفرده من تصوير وتوثيق انتهاكات الأمن في الاحتجاج السلمي ليلة أمس فيما فشل الإعلام في ذلك بسبب حواجز السلطة، معبرة عن أسفها مما آلت إليه الأوضاع في تونس من تراجع وتجاوزات وقتل لحرية الصحافة والرأي بعد تكبيلها بالمراسيم القمعية.