"قمر الظل" فيلم وثائقي عن نساء في الظل

"من سيبني ذاكرتنا الجماعية ولماذا يواجه نصف هذه الذاكرة الجماعية فراغاً، هذا الشعور بالفراغ لدى نصف السكان يخلق شعوراً بالمسؤولية المجنونة في داخلي للبحث دائماً عن قضايا في مجال المرأة".

برجین بریزاد

طهران - تجلس النساء في القاعة لرؤية "قمر الظل" وتضيع نظرتي في نهاية القاعة بين شعر الفتيات المنتظرات، وأعرف من أين تأتي هذه الأوشحة والشالات التي تم نزعها عن شعرهن المرتفع؛ وأبتسم بلا إرادة.

هنا، في زاوية من طهران المزدحمة والصاخبة، يخيم الصمت. أنظر إلى الشاشة لتظهر عليها صورة طفولة "ماه سایه" وأفكر في الأقمار في الظل، كيف عاشت كل واحدة منهن صعوداً وهبوطاً في حياتها الأنثوية في المجتمع التقليدي والأبوي وأين ستنتهي آلاف أمنياتهم ورغباتهم التي لم تتحقق؟

"قمر الظل" رواية ساحرة وشاعرية عن حياة وأعمال امرأة رائدة من منطقة جيلان، وهي مرآة كل نساء الظل، والفيلم لكل النساء في الظل، فرغم أن نسائه في الظل وبدرجة أقل من الرجل في المنزل، إلا أن أصواتهن مسموعة على عكس أصوات الرجال.  

هذه الرواية عن حياة وأعمال فهمية أكبر، والتي تلفت انتباهك لنفسها طوال 80 دقيقة من الفيلم حتى النهاية، وتستطيع أن ترى متواليات جميلة وألحان نسائية ساحرة.

 

تمثل الصوت السحري للمرأة!

"من سيبني ذاكرتنا الجماعية ولماذا يواجه نصف هذه الذاكرة الجماعية فراغاً، هذا الشعور بالفراغ لدى نصف السكان يخلق شعوراً بالمسؤولية المجنونة في داخلي للبحث دائماً عن قضايا في مجال المرأة" هذه الجملة قالتها "أزادة بيزار غيتي" مخرجة هذا الفيلم الوثائقي، والتي بدأت أبحاثها وإنتاجاتها عام 2019.

وهي تكرس معظم أنشطتها السينمائية والبحثية للأفلام الوثائقية الاجتماعية وتمثيل قضايا المرأة في تاريخ إيران والمجموعات العرقية المختلفة، تقول "منذ سنوات عديدة، قرأت كتاباً ورد فيه ذكر فهيمة خانم ومنذ تلك السنوات شغلت تفكيري، وبعد ذلك استمعت إلى صوتها الساحر، واستخدمت هذا الصوت في عملين "نصف عقلي" و"بنات النجار".

وأضافت "كان مرعباً بالنسبة لي أن أفكر في القيام بهذا العمل لأنه كان لدي بعض الصور لفهيمة خانم وتسجيل صوتي، وهذا كل شيء! لكني وقعت في حبها وفكرت في إعادتها إلى ذاكرة المرأة بصوتها الساحر".

وحول السؤال ما إذا كان العمل قد اكتمل بعد عدة سنوات من الجهد بينت "بما أنني نفسي أشد الناقدين لأعمالي، فأنا أبذل قصارى جهدي دائماً لأتمكن من فحص الموضوع من جميع الزوايا، حقاً لا يوجد مكان فارغ في هذا العمل، لكنني لا أنكر أن يكون هناك خلل ففي أي عمل يمكن فحص زاوية مختلفة وصنعه بجودة أفضل".

وتتضمن مسيرة أزادة بيزار غيتي السينمائية أعمالاً مثل "خلف النار الخضراء"، "الستارة الأخيرة"، "ملاك على كتفي الأيمن"، "الفجر الذي تفوح منه رائحة الليمون"، و"النصف المخفي من القمر"، و"أهل الماء، و"بنات النجار/دويتو للحلم" وغيرها الكثير.

وعلى الرغم من أن أعمالها لم تتم الموافقة على عرضها للجمهور في إيران، إلا أنها كانت حاضرة في مهرجانات مرموقة وحصلت على جوائز مهمة.

 

فهيمة فهيم ديار جيلان

فهیمة یمین اسفندیاری، كانت مغنية وكاتبة وباحثة وناشطة اجتماعية، ورغم أنها ولدت في طهران عام 1917، من أصل مازندراني، وأمضت سنوات طفولتها في باكو وواصلت موسيقاها بعد عودتها إلى إيران، إلا أنها لطالما أحبت جيلان وانتمت إليها بعد أن تزوجت في سن الـ 21 من محسن أكبر واختارت اسم عائلة زوجها وأصبحت من سكان جيلان، ولشدة حبها للمنطقة أطلقت على إحدى بناتها اسم جيلان.

وبحثت في موسيقى وعادات جيلان لمدة عشرين عاماً ونشرت أول كتاب طبخ لجيلان بعنوان "طباخي جيلان" عام 1959.

كما أنها تغني بلغة الجيلكي وبأسلوب الأغاني الأوروبية، وتعرف كيف تغني بعدة لغات. كما كانت ناشطة اجتماعية في منظمة الشعب، وعضو في العديد من الجمعيات والمنظمات الخيرية والجمعيات النسائية، ومسؤولة عن اللجنة الفنية لجمعية راه رقم 1، وبعد الثورة الإيرانية عام 1979، هاجرت مع زوجها وأطفالهما الثلاثة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

وفي التسعينات، صدر ألبوم أغاني لها في الولايات المتحدة، والذي ضم 16 أغنية، وهي "جيلان جان"، "زهرة الربيع"، "نوروزي فالس"، "مصرلو"، "القمر الجديد"، "جمعة بازار"، "بوم باز"، "آي بوخوفتي ديل"، "ليلة الربيع تلك"، "أفتابخيزان". و "Shab Boo وDesert Boo وWinter Boo" و"Noshu، Noshu" كانت بعض أغاني هذا الألبوم.

وأعاد مطربون مثل عاشور بور، ومحمد نوري، وبوران، ومنير وكيلي، وفريدون فرخزاد، وباري زنغنه، ومينو جافان غناء بعض أعمال فهيمة أكبر.

واستخدم صوت فهيمة أكبر في أغنية "نوشو نوشو" في نهاية فيلم للمخرج صافي يزدانيان عام 2017، كما لعبت غزل شكري دور فهيمة أكبر في مسلسل بيت خاتون الذي أنتج عام 2021، وتوفيت فهيمة أكبر في أيلول/سبتمبر 2008 عن عمر يناهز 91 عاماً في واشنطن العاصمة.